29 مارس، 2024 3:05 م
Search
Close this search box.

تبدأ إقتصادية في أغلب التكهنات .. الحرب العالمية الثالثة تنطلق من أعماق المحيط الهادئ

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – رضا خليل :

لعلنا لازلنا نتسائل عن الموعد الذى ستنتهى فيه الحروب داخل المنطقة العربية، ولم نجد حتى الآن أية إجابة قاطعة.. ذلك على الرغم من بساطة تلك الإجابة التي تتلخص في أنه عندما تجد القوى الكبرى حربًا جديدة، ستمل حربها القديمة وتنتقل إلى النزاع الجديد على طريقة هجر  الرجل لزوجته الأولى عندما يتزوج بآخرى.

لكن لا أحد منا بات يعرف ما هي ساحة الحرب التي ستنال إعجاب قيادة “البنتاغون” الأميركي هذه المرة.. هل ستكون بلدًا عربيًا آخر.. أم ستذهب لشرق أوروبا التي تتسلسل إليه “روسيا” رويداً رويداً من جديد، لاسيما وأن الأزمة الأوكرانية لا تزال لغماً يمكن تفجيره في أي وقت مضى.. لكن التقارب الروسي الأميركي بعد زيارة وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف”  يشير لعكس ذلك.

لذلك فإن الصراع يبدو أنه سيذهب إلى محطته الكبرى، في المحيط الهادي، وهي المنطقة التي كانت محل صراع إبان الحرب العالمية الثانية، بين كلاً من اليابان والولايات المتحدة.

هذا ما تؤكده التحركات والتكهنات السابقة والحالية، والتي كان آخرها ما تنبأت به جماعة الهاكرز الشهيرة “أنونيموس” بعدما أصدرت فيديو حذرت فيه من أن اندلاع الحرب العالمية الثالثة بات وشيكاً، على خلفية تصاعد التوترات مع “كوريا الشمالية” وقوى عالمية عظمى.

على كل حال فسواء قررت أميركا بدأ الحرب على كوريا الشمالية، أو تراجعت، فهناك من قد  يبادر بها، كما فعلها من قبل عدة مرات، فخلال الفترة الأخيرة لم يعد يخفى على أحد أن اليابان تتأهب للحرب، وهذه باتت حقيقة واضحة تبرهن عليها الخطوات المتلاحقة التي أقبل عليها  مقاتلي “الساموراي”.

فخلال الثلاث سنوات الأخيرة، وقبل اعتلاء “دونالد ترامب” سدة الحكم في الولايات المتحدة، وقبل تصعيد لهجته ضد “كوريا الشمالية” وإرساله لحاملة الطائرات “كار فينسون” إلى شبه الجزيرة الكورية.

سينزو آبى

واليابان تتحرك نحو الخروج من حالة السلمية، التي فرضت عليها بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية، والتي يعتبرها حزب رئيس الوزراء اليابانى الحالي “سينزو آبى” سلمية القهر.

“الساموراي” تستعين بسيرة هتلر..

لعل أبرز الخطوات التي اتخذتها اليابان مؤخراً، كان قرار تدريس كتاب “كفاحي” للزعيم النازى “آدولف هتلر” كمادة  تعليمية أساسية في المدارس، تلك الخطوة التي تشير بشكل لا يحتمل أي لبس أن “الساموراي” يعلنها صراحة أنه أصبح لا بديل عن الحرب لوقف الزحف الصيني نحوه، والذي يعتبره محاولة لفرض سياسة الموت البطئ عليه، وذلك على غرار ما  قامت به قبلها الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية عندما منعت تصدير الحديد والبترول اليابان، والذي دفعها إلى مهاجة ميناء “هارل بيرل” واعلان الحرب على أميركا.

ولم يكن قرار تدريس كتاب “كفاحي” للزعيم النازى هتلر، هو الخطوة الأولى التي تقوم بها  اليابان في هذا الشأن، حيث وافقت الحكومة اليابانية بداية الشهر الماضي على إدراج المرسوم الإمبراطوري حول التعليم، والذي صدر في القرن التاسع عشر، كمادة تعليمية في المدارس، وهذا المرسوم الذي يعتبره المؤرخين سببًا أساسيًا في دخول اليابان الحرب العالمية الثانية، إذ أنه كان بمثابة عقيدة عسكرية توسعية، شكلت روؤية الأمبراطورية اليابانية الحديثة.

ويركز نص هذا المرسوم على الولاء للإمبراطور الياباني، وهو نفس المرسوم الذي صدر في عام 1890، والذي كان واحداً من المصادر الرئيسة التي زرعت مفاهيم الطاعة والصدق الأخلاقي الذي أدى إلى تعزيز النزعة العسكرية في اليابان.

والذي أعقب أصداره انخراط طوكيو في حربين مع كلاً من الامبراطورية الصينية في عام 1895، فيما عرفت بالحرب اليابانية الصينية الأولى، ومن بعدها الدخول في حرب مع الامبراطورية الروسية في عام 1904.

وظل هذا المرسوم “العقيدة  العسكرية” لليابان حتى هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، بعد اطلاق الولايات المتحدة القنبلتين الذريتين على “هيروشيما” و”ناغازاكي”.

وبجانب تدريس كتاب “كفاحي” وإعادة المرسوم الإمبراطوري، دعا وزير الدفاع الياباني “تومومي إينادا”، قبل أيام، المدارس اليابانية لإحياء أغاني الحرب، التي كانت أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، وكذلك دعا لتطبيق نظام التعليم الذي كان يستخدم قبل الحرب وتلاوة رسالة ملكية عن التعليم من الإمبراطور الياباني السابق، “هيروهيتو”.

وزادت اليابان من ميزانية الدفاع المخصصة لعام 2017 بواقع 1.4% لتصل إلى 43.7 ملياردولار، وارتفعت نفقات اليابان العسكرية بشكل مطرد خلال السنوات الخمس الماضية، وفي نهاية آذار/مارس الماضي دخلت حاملة الطائرات اليابانية “كاجو” الخدمة في القوات البحرية، وتعد “كاجو” الحاملة الثانية التي تدخل الخدمة خلال العامين الماضيين، حيث كانت قد سبقها قبل عامين دخول حاملة الطائرات “ايزومو” والتي أعدت كأكبر حاملة طائرات يابانية منذ الحرب العالمية الثانية.

وتأتي زيادة النفقات العسكرية اليابانية بالتزامن مع المساعي التي يقودها رئيس الوزراء الياباني الحالي “سينزو آبي” منذ عام 2014 لتعديل الدستور السلمي الياباني، الذي وضع عقب هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، وهو الدستور الذي تمنع فيه المادة التاسعة الجيش الياباني من لعب دور خارج حدوده، ويطلق “الحزب الديمقراطي الليبرالي” الذي يرآسه “آبي” على هذا الدستور “دستور القهر”، لذلك يقترح تعديله ليكون لليابان جيش يمكن نشره في الداخل والخارج.

وبالفعل أصبح لدى “آبى” القدرة على تغيير الدستور بعد أن حقق حزبه وشريكه الاصغر في الحزب الحاكم “حزب كوميتو” الأغلبية في مجلسي البرلمان، بعد أن حققا فوزاً ساحقاً في مجلس المستشارين في الانتخابات التي أجريت قبل عام، ليتمتع بأغلبية تصل لثلثين في مجلسي البرلمان تؤهله من تمرير التعديلات المطلوبة.

“الصين” تحشد جيشها على حدود “كوريا الشمالية”.. 

تدرك “الصين” تمامًا أن كل ما تفعله “اليابان”، ليس بسبب مخاوفها من القدرات العسكرية لكوريا الشمالية، ولكن كل ذلك رسائل صريحة لها لحملها عن التوقف عن الاخلال بالتوازن  العسكري في المنطقة.

ولعل ما أعربت عنه الخارجية الصينية نهاية آذار/مارس الماضي، من مخاوف أن يكون دخول حاملة الطائرات اليابانية “كاجا” للخدمة مرة آخرى، بعد أن تم اغراقها خلال الحرب العالمية الثانية، تكرار لماضي اليابان العسكري، هو أوضح دليل على ذلك.

وترى اليابان خلال السنوات العشر الاخيرة أن الصين تسعى إلى تغيير الوضع الأقليمي من خلال بناء جزر صناعية وشعاب مرجانية في بحر الصين الجنوبي. 

لذلك فمع تزايد التوتر في شبه الجزيرة الكورية بعد توجه حاملة الطائرات الأميركية “كارل وينسون”، ترافقها مجموعة من السفن الحربية لسواحل كوريا الجنوبية، نشر الجيش الصيني مزيداً من قواته على الحدود مع “بيونغ يانغ”، حيث أرسل نحو 100 ألف جندي إضافي إلى هناك الاسبوع الماضي.

وتبع ذلك بالاعلان عن تدشين أول حاملة للطائرات محلية الصنع وذلك بعد شهر تقريبًا من دخول حاملة الطائرات اليابانية “كاجا” الخدمة، بما يؤكد على أن الأمر يتعدى قضية البرنامج النووي والصاروخي لكوريا الشمالية، وأنه بات يتعلق بالصراع التاريخي بين الصين واليابان  والذي تحول لحرب اقتصادية منذ أكثر من عقدين من الزمن وصلت حالياً للحد الذي قد يحولها لصراع عسكري واسع.

كما أن الصين قامت في كانون ثان/يناير الماضي بإجلاء مواطنيها في المناطق القريبة من  حدودها مع كوريا الشمالية، بحجة اجراء “بيونغ يانغ” تجربة نووية أدت إلى هزات أرضية عنيفة وفق التبرير الصيني.

حرب إقتصادية انتقامية على “كوريا الجنوبية”..    

تبنت “الصين” مؤخراً برنامجاً أطلق عليه برنامج الانتقام الاقتصادي من شركات “كوريا الجنوبية” العاملة في الصين، وجاء هذا البرنامج كرد على سماح سيئول مؤخرًا بنشر منظومة الدفاع الصاروخية الأميركية “ثاد” على أراضيها.

هذا البرنامج الذي يعد تطورًا لمرحلة جديدة في الحرب الاقتصادية بين النمور الآسيوية، يتضمن تعليق أعمال الشركات الكورية الجنوبية في الصين، إضافة لحظر واضح على مجموعة من الرحلات السياحية الصينية إلى كوريا الجنوبية.

وحث البرلمان الكوري الجنوبي “بكين” على حماية مواطني كوريا الجنوبية في الصين بعد إعلان هذا البرنامج، بالاضافة إلى المشاركة بنشاط في الجهود الدولية لوقف تطوير كوريا الشمالية لبرامجها النووية والصاروخية حتى لا تتطور الامور لمزيد من التدهور.

وتعود الحرب الاقتصادية بين النمور الآسيوية لعقود سابقة، لاسيما خلال الـ25 عامًا الأخيرة، عندما بدأ النمو الاقتصادي الصيني في تحقيق معدلات مرتفعة، أدت في النهاية إلى إزاحة اليابان من مركزها كثاني اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة وذلك في عام 2011.

وبرغم التعاون الاقتصادي بين بلدان شرق آسيا، والذي كان بداية التنمية الاقتصادية فيها، إلا أن التنافس فيما بينها خاصة في الأسواق الخارجية يحتدم عامًا بعد آخر، بسبب الركود الذي أصبحت تعاني منه دول مثل اليابان والتي وصلت ديونها لمرحلة خطيرة، إذ أصبحت تحتل المرتبة الأولى عالمياً في حجم الدين الحكومي الذي بلغ نحو 299% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

بالإضافة للتنافس الإقتصادي فتهدد النزاعات المتعلقة بمشاكل السيادة على الجزر المتنازع عليها، الاستقرار بين القوتين الاقتصاديتين وتعيدهما إلى الوقوع في شرك الصراعات التاريخية من جديد.

ولا تقتصر مشاكل السيادة على الجزر على الصين فقط، فلدى اليابان مشاكل بشأن السيادة على بعض الجزر مع كلاً من كوريا الجنوبية وروسيا، والتي لم تعقد معها منذ الحرب العالمية الثانية وثيقة لانهاء الحرب، بسبب الخلاف حول السيادة على جزر “الكوريل” التي تعتبرها طوكيو جزء من الأراضي اليابانية.

أميركا من مصلحتها نشوب الحرب..

تتحكم الولايات المتحدة في مفاتيح الحرب داخل شبه الجزيرة الكورية، بما تملكه من قوة عسكرية ضخمة في هذه المنطقة، جاءت نتيجة انتصارها بالحرب العالمية الثانية، حيث تمتلك واشنطن عدة قواعد عسكرية في كلاً من اليابان وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى سيطرتها على معظم الممرات البحرية في شرق آسيا والمحيط الهادي من خلال الأسطول الثالث.

ويرى الخبراء أن ترامب يريد أن يتخلص من مشاكله الداخلية، عبر الانخراط في صراع  خارجي واسع، خاصة بعد تصاعد التظاهرات ضده.

كما أن الولايات المتحدة مستفيدة بالطبع، من أية صراعات بين هذه القوى الإقتصادية الكبرى  سواء على مستوى بيع الأسلحة أو ملئ الفراغ الذي ستحدثه غياب منتجات هذه الدول في الأسواق العالمية، ببدائلها الأميركية التي لا تغادر أسواق أميركا بسبب ارتفاع تكلفتها.

في النهاية فإننا أمام استعدادات وخطوات تنم على أن هناك صراعًا قادم لا محالة لكن لا أحد يمكن أن يتوقع توقيته، خاصة أن هذه الخطوات تأتي من دول تقع في منطقة تسعى كل الدول العظمى والصاعدة أن تكون لها الكلمة العليا فيها في عالم تغيرت فيه موازين وتوازنات القوى  إلى حد كبير خلال السنوات الـ10 الأخيرة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب