10 مارس، 2024 3:42 م
Search
Close this search box.

تأخير المساعدات العسكرية لـ”بيروت” .. هل تنجح سياسة “الأسلحة مقابل النفوذ” في شراء لبنان ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – لميس السيد :

يوم الإثنين الماضي، وبعد حوالي ثلاثة أشهر من التأخير غير المبرر، صدقّت إدارة “ترامب” على منح أكثر من 100 مليون دولار كمساعدات عسكرية لـ”لبنان”. على الرغم من أن المساعدات قد حصلت بالفعل على موافقة “الكونغرس” ودعمها من (البنتاغون)، إلا أنها لا تزال محتجزة في مكتب الإدارة والميزانية منذ أيلول/سبتمبر الماضي.

منذ عام 2006؛ قدمت “الولايات المتحدة” أكثر من 1.7 مليار دولار للقوات المسلحة اللبنانية. وقد زودت هذه الأموال، الجيش اللبناني، بالطائرات الأميركية والمدفعية والأسلحة الصغيرة والذخيرة، وقدمت التدريب والدعم الاستشاري للقوات اللبنانية.

تسعى السياسة الأميركية في “لبنان” إلى مواجهة نفوذ “سوريا” و”إيران” و”حزب الله”، وذلك في المقام الأول من خلال تعزيز القوات المسلحة اللبنانية وغيرها من مؤسسات الدولة اللبنانية.

أكدت صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية أن الإستراتيجية جذبت كلًا من المؤيدين، الذين يجادلون بأن القوات المسلحة اللبنانية تمثل حصن ضد “حزب الله”، والمنتقدين؛ الذين يزعمون أن المساعدات الأميركية مهددة إما بالسقوط في أيدي “حزب الله” أو دعم الحكومة ذات العلاقات الوثيقة، والقائمة منذ أمد بعيد، مع المجموعة التي تدرجها “الولايات المتحدة” كـ”إرهابية”.

بين مؤيد ومعارض، إذاً ما هي توقعات “الولايات المتحدة” حول عواقب استمرار أو حجب المساعدات العسكرية عن “لبنان” ؟

حدود تأثير المساعدات العسكرية..

تُعتبر المساعدات العسكرية أداة مهمة للسياسة الخارجية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية. في كل عام، يُخصص “الكونغرس” مليارات الدولارات للحلفاء والشركاء في “أميركا” لتمويل شراءهم للتدريب والمعدات العسكرية الأميركية. وفي المقابل، تتوقع إدارات “الولايات المتحدة” عمومًا إمتثال الدولة المستلمة للمساعدات لأهداف سياسية معينة.

يُعرف هذا النوع من العلاقة بين التمويل العسكري وتعاون البلد المتلقي بنموذج “الأسلحة مقابل النفوذ”. وتشير المنحة الحالية إلى أن المساعدات العسكرية مقابل فرض النفوذ هي إستراتيجية معيبة. في الواقع، بين عامي 1990 و2004، كانت الدول التي تلقت مساعدة عسكرية أميركية أقل تعاونًا مع “الولايات المتحدة” خلال نفس الفترة.

أكدت الصحيفة الأميركية أن الجهود التي بذلتها “الولايات المتحدة” لاستخدام المساعدات العسكرية الحالية كمصدر للقوة التفاوضية مع المتلقين؛ لم تنجح. وعلقت إدارة “أوباما” قدرًا كبيرًا من المساعدات العسكرية لـ”مصر”، بعد انقلاب 2013؛ الذي أطاح بالرئيس المنتخب، “محمد مرسي”، لدفع “مصر” إلى إحراز “تقدم موثوق” نحو الإصلاحات الديمقراطية. وفشل سحب المساعدات العسكرية في تحفيز الإصلاحات، واستأنفت “الولايات المتحدة” التمويل العسكري المنتظم لـ”مصر”، في عام 2015.

السبب الثاني في أن “الولايات المتحدة” تقدم مساعدة لقوات الأمن هو تقوية القدرات العسكرية في الدول الضعيفة دون تدخلات أميركية مكلفة. ولكن في حين أن جهود “واشنطن” لبناء جيوش أجنبية قد فشلت، فشلت بالمثل أيضًا جهود توفير التدريب والمعدات في معالجة القضايا الأكثر أهمية مثل المهام التنظيمية وهي أكل جيوش البلد المتلقي.

لماذا لن تؤثر المساعدات العسكرية للجيش اللبناني على “حزب الله” ؟

يبدو أن التأخير في تقديم المساعدات العسكرية إلى “لبنان”، جنبًا إلى جنب مع الجهود المبذولة لتهيئة ظروف البلاد للمساعدات المستقبلية، يشير إلى أن صانعي السياسة يأخرون المساعدة العسكرية كورقة ضغط مباشرة على الجيش اللبناني لمواجهة “حزب الله” مباشرة؛ وإجبار القادة السياسيين اللبنانيين على ممارسة هذا الخيار. ولكن هناك عدة أسباب غير منطقية لتنفيذ هذا الإعتقاد.

في انتخابات “لبنان” 2018، فاز “حزب الله” وحلفاؤه بأغلبية المقاعد في البرلمان لأول مرة. حصل “حزب الله” أيضًا على ثلاثة مناصب حكومية في الحكومة الأخيرة، التي سقطت مؤخرًا نتيجة لاستقالة رئيس الوزراء، “سعد الحريري”. يشغل حلفاؤه السياسيون بعضًا من أهم المناصب في البلاد، بما في ذلك الرئيس ورئيس مجلس النواب ووزير الخارجية.

في حين أن القوات المسلحة اللبنانية مؤسسة غير حزبية، وتحاول أن تظل محايدة في النزاعات السياسية الداخلية، فإنها في النهاية تستجيب للإرادة الجماعية للطبقة السياسية اللبنانية. وبالتالي فإن عجز القوات المسلحة اللبنانية عن التعامل مع “حزب الله” ليس له علاقة بالقدرة العسكرية أكثر من الإرادة السياسية، وهو أمر لن يحله المزيد من التدريب والمعدات. حتى ضباط الجيش اللبناني ذوي الآراء القوية المناهضة لـ”حزب الله” يغضون الطرف عن عمليات نقل الأسلحة السرية للحزب من “سوريا” و”إيران” لتجنب احتمال اندلاع حرب أهلية أخرى في “لبنان”، علاوة على أنه لا يوجد دليل يُذكر على أن الجيش اللبناني يتعاون بنشاط مع “حزب الله”.

إذاً ما الذي يمكن أن تحققه المساعدات العسكرية ؟

عند هذه النقطة؛ قد تبدو المساعدات العسكرية لـ”لبنان” عديمة الجدوى. وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن تمنح المساعدات العسكرية، “الولايات المتحدة”، نفوذًا كبيرًا على الحكومة اللبنانية أو تجبر القوات المسلحة اللبنانية على مواجهة “حزب الله” مباشرة، فقد يكون هناك سبب آخر وجيه لمواصلة تقديم المساعدة العسكرية.

تُعد القوات المسلحة اللبنانية واحدة من مؤسسات الدولة اللبنانية القليلة التي يعتبرها معظم المواطنين كيانًا وطنيًا حقيقيًا. إنها المؤسسة الأكثر تمثيلًا في “لبنان” وتحظى بشعبية كبيرة رغم التعقيدات الطائفية.

تبرز الاحتجاجات المستمرة التي يشنها “لبنان” ضد طبقته السياسية أهمية وجود القوات المسلحة اللبنانية الفعالة في الاستقرار الداخلي. في حين أن هناك حالات فردية ضمن صفوف الجيش تستخدم القوة المفرطة ضد المظاهرات، فقد أبدت القوات المسلحة اللبنانية حتى الآن درجة عالية من الاحتراف في تعاملها مع المحتجين، وشكلت مؤخرًا سلسلة بشرية بالقرب من القصر الرئاسي لفصل التجمعات المتنافسة. كما تواصل القوات المسلحة اللبنانية مقاومة جهود القادة السياسيين للإنخراط في المزيد من التكتيكات القمعية.

بلغت ميزانية “لبنان” العسكرية 2.7 مليار دولار العام الماضي، مما يعني أن المساعدات الأميركية تمثل حوالي 8% من النفقات العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، يأتي أكثر من 80 بالمئة من معدات الجيش اللبناني من الحكومة الأميركية، والتي تتطلب مستوى ثابتًا من التمويل للحفاظ عليها.

إن أزمة الميزانية المستمرة في البلاد والتخفيضات المحتملة في الإنفاق العسكري، تجعل المساعدة العسكرية الأميركية أكثر أهمية لاستمرار عمليات القوات المسلحة اللبنانية.

في حين أن المساعدات العسكرية يمكن أن تكون أداة سياسية للحفاظ على الاستقرار اللبناني، إلا أن حجبها كإستراتيجية لفرض يد الحكومة اللبنانية من غير المرجح أن يحقق نتائج جيدة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب