4 مارس، 2024 9:22 ص
Search
Close this search box.

“تأثير الشرك” خُدعة تسويقية تجعلك تنفق المزيد من الأموال .. كيف يحدث ذلك ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – آية حسين علي :

إذا كُنت في مطعم وتفتح قائمة الطعام لاختيار ما تريد فوجدت نوعين من الأطباق؛ الأول (أ) به كمية أكبر، لكن سعره أعلى من سعر الطبق الثاني، (ب)، فإنك سوف تصاب بالحيرة بينهما، لكن في حالة إذا ما كان هناك طبقا ثالثًا، (ج)، به كمية أقل من، (أ)، وبسعر أعلى من، (ب)، من المؤكد أن تركيزك سوف ينصرف عن الطبق، (ب)، وينصب على، (أ) و(ج)، وهما الأغلى ثمنًا.

يعرف ذلك في علم التسويق؛ باسم “تأثير الشرك”، وهو إدخال منتج ثالث بهدف تعزيز اهتمام المستهلك بالمنتجين الأعلى سعرًا، ويعتبر ذاك المنتج، (ج)، هو الشرك، وفي الواقع تحقق الشركات من وراءه مبيعات عالية من خلال استخدامه كطُعم من أجل دفع المشتري إلى الاهتمام بالمنتج الأعلى سعرًا.

خدعة في سوق الهواتف المحمولة..

يمكن توضيح الفكرة بمثال آخر.. تخيل أنك ترغب في شراء هاتف محمول جديد، ووجدت في السوق خيارين؛ الأول سعره 300 يورو، وسعة التخزين به 40 غيغابايت، والثاني بسعر 240 يورو، لكن سعة التخزين به 30 غيغا، قد يعود الاختيار بينهما إلى أولويات كل شخص، فمثلًا من يرغب في إنفاق مبلغ أقل سوف يختار الهاتف الثاني، ومن يهتم بكبر سعة التخزين سوف يُقبل على شراء الأول.

لكن الأمر بلا شك سوف يتغير إذا ما أضيف عرض ثالث، (ج)؛ هاتف سعة تخزينه أقل من الأول، (35 غيغا مثلًا)، وسعره أعلى من الثاني، (350 يورو)؛ إذ سوف ينصرف اهتمام المستهلكين إلى الاختيار الأول، لأنهم سوف يعتقدون أنه يوفر لهم هاتف بسعة تخزين عالية نسبية مقابل مبلغ أقل.

وبهذه الخدعة تحقق الشركات أرباح أعلى؛ لأنها جذبت الإنتباه إلى اختيار أغلى ثمنًا على حساب الهاتف الثاني، (ب)، الذي تقدمه بسعر منخفض.

“تأثير الشرك” وصل إلى مجالات كثيرة..

وجد الباحثون في مجال التسويق أن هذه الطريقة باتت متبعة في مجالات أخرى؛ مثل برامج التأمين الصحي وفي السياسة والموارد البشرية، ويوضح هذه التقنية النفسية كيف يمكن أن تختلف اختيارات الشخص بسهولة في إطار تغير السياق الذي يقدم من خلاله المنتج، خاصة عندما تكون تلك المعلومة الإضافية لا علاقة لها بالحكم العام.

ومنذ سنوات طويلة؛ يدرس علماء النفس على مستوى العالم الأسباب الحقيقية لهذا التأثير الذي يجعلنا ننفق المزيد من المال، ولعل الإعتقاد الأكثر انتشارًا هو أن المقارنة في وجود منتج الشرك، (ج)، يمنحنا تبريرًا سهلًا لإتخاذ قرار إعتباطي كليًة بشراء المنتج الأول، (أ)، وما يثبت صحة هذا الإعتقاد هو أنه إذا غاب “تأثير الشرك”، ذاك، فإن المستهلك لن يفضل أبدًا هذا المنتج منذ البداية لإرتفاع سعره.

وأوضح أحد أشهر الباحثين في هذا المجال، “دان آيرلي”، هذه الطريقة من خلال الأنماط التي تقدمها مجلة (ذي إكونميست) البريطانية الأسبوعية للاشتراك للحصول على أعدادها؛ إذ تقدم خدمة الاشتراك الرقمي مقابل 59 دولارًا، والمطبوع بـ 125، كما وفرت عرضًا آخرًا للاشتراك الرقمي والمطبوع معًا بنفس سعر العرض الأول، ويشير “آيرلي” إلى أنه لاحظ زيادة الإقبال على العرض الأخير وانصراف الاهتمام عن العرض الثاني، في حين أنه في الحقيقة المؤسسة لن تخسر أي شيء إذا ما اختار الشخص الاشتراك المطبوع أو عرض المطبوع والرقمي معًا؛ لأنهما بنفس السعر، بينما إذا لم تقدم المجلة العرض المزدوج فإن احتمالية أن يختار القُراء الحصول على اشتراك رقمي فقط مقابل سعر أقل تصل إلى 52%.

التفكير بعفوية..

إذاً من هم أكثر الأشخاص الذين من السهل أن يقعوا فريسة في هذا الفخ ؟.. إن الناس الذين يفكرون بعفوية لأنهم يستمعون فقط إلى صوت الغرائز، بينما على الجانب الآخر يصبح الأشخاص الذين يفكرون تفكيرًا عقلانيًا قائمًا على التحليل أقل تأثرًا بهذه الخُدعة.

وأشار الصحافي، “ديفيد روبسون”، في مقال نشر في (بي. بي. سي)؛ إلى أن الهرمونات تلعب دورًا مهمًا عند إتخاذ قرار الشراء، وعلى سبيل المثال يجعل هرمون “تستوستيرون” الشخص أكثر إندفاعًا.

وتستخدم بعض المطاعم الشهيرة تلك الخدعة من خلال إظهار وجبات أكبر حجمًا من أخرى مقابل أسعار مقاربة، بالطبع لا نذهب إلى المطعم إلا ونحن جوعى.

وينصح الخبراء المستهلك بأن يأخذ وقته للتفكير قبل الشراء وأن يسأل نفسه “هل أتخذ القرار المناسب ؟” و”هل هذا المنتج الذي على وشك شراءه مناسب لي ؟”، كما يوصى بالحرص على التركيز على الأمور التي كان يرغب بها الشخص منذ البداية وألا ينخدع بالعروض.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب