بين مطالبات السُنة ورفض الشيعة .. هل يمكن إنشاء “إقليم عربي” سُني يخلصهم من النفوذ الإيراني ؟

بين مطالبات السُنة ورفض الشيعة .. هل يمكن إنشاء “إقليم عربي” سُني يخلصهم من النفوذ الإيراني ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تزايدت الدعوات التي تطالب ببلورة مشروع لإقامة إقليم سُني في العراق يرتبط فيدراليًا بالحكومة المركزية في “بغداد”، خاصة بعد “مجزرة صلاح الدين”، رغم تحذير رئيس تجمع علماء العراق، الشيخ “خالد الملا”، من دعوات إنشاء إقليم سُني، واعتبار أن المستفيد الوحيد من هذا الإقليم هم المتطرفون والسُراق – حسب وصفه.

المدونون والنشطاء أكدوا على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الحل الوحيد لحل مشاكل العراق والتخلص من النفوذ الإيراني والميليشيات الموالية لذلك النفوذ؛ هو إقامة “الإقليم العربي”، مشيرين إلى أن العراق الجديد قادم، عبر “الإقليم العربي”؛ الذي سيضم كل الطوائف والمكونات والأديان السماوية المتحدة ضد الإرهاب الصفوي المجوسي.

وتبنى موقع (بغداد بوست) الإخباري الفكرة، فعلق الإعلامي، “سفيان السامرائي”، رئيس تحرير الموقع، في تغريدة على حسابه عبر موقع (تويتر)، على حادث قيام ميليشيا العصائب الإرهابية بقتل 8 مواطنين بالرصاص في محافظة “صلاح الدين”.

وطالب “السامرائي”، بتأسيس “الإقليم العربي”، الذي سيكون على غرار “كُردستان العراق”؛ له “ميزانية مستقلة” وحكومة تديره ولا يخضع لهيمنة إيران.

وتفاعل النشطاء مع تغريدة “السامرائي”، مؤكدين أن الإقليم الجديد هو الحل لـ”عراق جديد”، مشيرين إلى أن الإقليم السُني حق دستوري حفظ دماء أهلنا.

مناورة سياسية..

وإنطلقت التعليقات على تلك الفكرة، فيرى مراقبون أن طرح قضية إنشاء إقليم سُني، بالتزامن مع نقاش قضية الوجود الأميركي في العراق، هي مناورة سياسية، تأتي في سياق تأييد ضمني لوجود تلك القوات، بالحد الأدنى ضمن الإقليم المفترض.

واعتبر “كامل الكناني”، المختص في الشأن العراق؛ أن هذه الدعوات ليست جديدة، وتترادف مع كل موجة انتخابية بهدف التحشيد الشعبي، مضيفًا أنها لا تحظى بدعم جماهيري كبير.

موضحًا أن خسارة بعض الساسة في العراق رهانهم على أن سيطرة (داعش) على مناطق سُنية ستمنحهم فرصة السيطرة على تلك المناطق لاحقًا، دفعهم إلى إثارة ملف إنشاء إقليم سُني، كاشفًا أنها لا تعدو كونها محاولات للاستثمار الطائفي في المشاريع السياسية.

فيما استبعد النائب عن تحالف (الفتح)، “محمد البلداوي”، توجه بعض الأطراف السياسية لإنشاء الإقليم السُني في العراق، لافتًا إلى أن هناك رفض لمثل هكذا توجه، لافتًا إلى أن هناك مزايدات سياسية تقف وراء إثارة موضوع إنشاء الإقليم السُني.

وأضاف أنه: “من المستبعد أن يكون هناك إقليم سُني في العراق، حيث أن الحديث عن هكذا موضوع ما هو إلا مجرد مزايدات سياسية ومحاولات لكسب ود من يحاول المضي بهذا الموضوع”.

موضحًا أن: “هناك من يطمح للزعامة، ولكن الوقت الراهن غير مناسب لإنشاء مثل هكذا إقليم، حيث أن إثارة مثل هذا الموضوع سيخلق تنازعات كبيرة”.

وبّين أن: “محافظة صلاح الدين؛ فيها الكثير من التداخل السكاني والمناطقي ومن مختلف الطوائف والعشائر، إضافة إلى أن هناك حسابات اقتصادية لا يمكن بموجبها إنشاء الإقليم السًني”.

بسبب ممارسات بغداد المنهجية تجاه هذه المدن..

من جانبه؛ يقول الكاتب والسياسي السُني، “كتاب الميزان”، إن: “مطلب إقامة إقليم سُني برز، من سنة 2010 ولغاية 2013، نتيجة الممارسات المنهجية من قبل بغداد تجاه هذه المدن، أضف إلى ذلك فإن الحكومة المركزية أصبحت بؤرة للفساد والفاسدين”.

وأضاف “الميزان”، أن: “نسبة المطالبة بإقليم من قبل الجماهير السٌنية؛ ارتفعت من بعد سنة 2014، خاصة بعد عمليات التحرير وظهور الميليشيات والفصائل المسلحة، لذلك فإن الذي كان يطالب بالأقاليم أصبح يطالب بالتقسيم، ومن كان يطالب بأقاليم المحافظات أصبح يطالب بأقاليم المناطق”.

في نفس الوقت، وصف “الميزان”، السياسيين السُنة، بـ”أصحاب مصالح”، وإن: “ورقة الإقليم السُني يلوحون بها للمكاسب السياسية فقط”، مستدركًا أن: “الجمهور هو من يقرر مصير تلك المناطق وليس السياسيين”.

وأوضح أن: “الذين يرون إقامة الأقاليم هو تقسيم للعراق؛ هم مستفيديون من احتكار السلطة في بغداد، وهم نفسهم من لا يرغبون بأن تستعيد تلك المحافظات نشاطها وأن يتم إعمارها وإعادة النازحين إليها”.

إيران أول القوى الخارجية الرافضة لإنشاء إقليم سُني..

ويرى أن: “هناك قوى خارجية ضد إنشاء الإقليم في العراق، وفي مقدمة تلك القوى إيران، التي لديها الكثير من الأسباب لتمنع إنشاء إقليم سُني في العراق، فالسبب الأول أنها تريد الاستحواذ على العراق بالكامل، أما السبب الآخر هو أنها متخوفة من أنه في حالة تم إنشاء إقليم للسُنة في العراق؛ فإن السُنة في إيران أيضًا ستطالب بإقليم”.

نصوص الدستور المؤيدة لإنشاء أقاليم محافظات..

مشيرًا إلى أن: “محافظة صلاح الدين ونينوى وديالى؛ قدموا إلى رئاسة مجلس الوزراء، سنة 2011، طلبًا لإنشاء أقاليم محافظات، وذلك بحسب المادة 116، والتي تنص على أنه يتكون النظام الاتحادي في جمهورية العراق من عاصمة وأقاليم ومحافظات لا مركزية وإدارات محلية. والمادة 117/ثانيًا تنص على أن الدستور يقر بالأقاليم الجديدة التي تؤسس وفقًا لأحكامه”.

ولفت إلى أنه كما أن للمحافظات الحق في تكوين إقليم حسب المادة (119)؛ والتي تشترط على طلب بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتين :

أولاً – طلب من ثلث الأعضاء في كل مجلس من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الإقليم.

ثانيًا – طلب من عُشر الناخبين في كل محافظة من المحافظات التي تروم تكوين الإقليم.

وكل من المحافظات الثلاثة استوفت جميع هذه المواد وقدمت طلبًا إلى رئاسة مجلس الوزراء للموافقة على إنشاء أقاليم.

وأكد الكاتب والسياسي، “كتاب الميزان”، أن: “هناك جهود حقيقية لعمل استفتاء في المناطق السُنية لإنشاء إقليم”.

واشنطن تدخل على خط المساعدة بالاعتراف بالإقليم السُني..

وبحسب موقع (بغداد بوست)، ووفق تسريبات مؤكدة، فإن “الولايات المتحدة الأميركية”، أكدت لأكثر من وفد عربي استعدادها لمساعدة العراقيين في مواجهة الميليشيات المسلحة المدعومة من “إيران” بأي شكل من الأشكال، من بينها الإعتراف، بإقليم سُني يضم المتضررين من سياسات الإضطهاد والقمع والتعسف التي تمارسها ميليشيا الحشد الإرهابي وغيرها من الجماعات الشيعية بحق العراقيين.

لكن في نفس الوقت، وبرغم المطلب الشعبي الملح في إقامة “إقليم عربي”؛ يضم كل المكونات من أصحاب الطوائف والأديان السماوية، فإن مختلف الحكومات العراقية، التابعة لايران تضع عراقيل أمام هذا المطلب الشعبي، وتعارض بقوة إقامة إقليم سُني مستقل خوفًا منها على مصالحها، ولضمان استمرارها في اضطهاد الشعب العراقي وممارسة أبشع الجرائم بحقه.

الإمارات تدعم إنشاء الإقليم السُني..

كما تناقش فكرة الأقاليم السُنية على طاولة النقاش في مدن الخليج الداعمة لذلك، حيث حضر إحدى الاجتماعات “السرية” لدراسة إنشاء الإقليم السُني في “دبي”، عدة زعامات سياسية سُنية، كرئيس البرلمان العراقي، “محمد الحلبوسي”، ورئيس كتلة (الحل) النيابية، “جمال الكربولي”، ورئيس جبهة (الإنقاذ والتنمية)، “أسامة النجيفي”، والسياسي المعروف، “سعد البزاز”، ونوابًا ووزراء حاليين وسابقين.

النائب “أحمد المساري”؛ كشف عن ذلك، في وقت سابق، عما دار في اجتماع “دبي”، حيث أكد أنه تم مناقشة “مظلومية” المكون السُني في ظل السلطة القائمة في العراق.

ويشرح النائب، وهو عضو كتلة (تحالف القوى) العراقية، بزعامة “الحلبوسي”، الأمر بالقول: “لدينا شعور بالغبن نتيجة عدم وجود شراكة حقيقية، إضافة إلى أن غالبية مناطقنا ما زالت، حتى اللحظة؛ بعد تحريرها، من دون إعمار أو خطة لإعادة العائلات النازحة إليها”.

مخاوف من تقسيم العراق..

ويرفض الشيعة فكرة إنشاء أقاليم المحافظات؛ والمصرين على أن الأقاليم تقسيم للبلاد، بالرغم من أن الشيعة هم من شاركوا بكتابة الدستور العراقي، في حين أن السُنة كانوا رافضين المشاركة في العملية السياسية بعد 2003.

فيقول المحلل السياسي الشيعي، “عباس العرداوي”، أن: “تشكيل الأقاليم وفق المعطيات الإيديولوجية والأهداف والمصالح السياسية يعد تقسيمُا للعراق، وإن هناك جهات وشخصيات سياسية تخشى من أن لا يتم انتخابها مرة أخرى؛ هي من تلوح بالمطالبة بإقامة الأقاليم”.

وأضاف “العرداوي” أن: “التسويق لهذا الفكر مرفوض، لأنه يهدف إلى تقسيم المقسم أساسًا في العراق”، مستبعدًا إجراء استفتاء في المناطق السُنية للمطالبة بإنشاء إقليم، مؤكدًا أن الحكومة في بغداد “لن تفرط بأي محافظة من المحافظات”.

فيما قال إن: “الحديث عن تهميش الأخوة السُنة غير صحيح، والدليل أن إحدى أهم السلطات الثلاث، وهي السلطة التشريعية، يترأسها السُنة”، مؤكدًا أن: “الحديث عن الأقاليم مرتبط بمشاريع قوى خارجية، في مقدمتها أميركا، التي تذهب باتجاه وجود قواعد عسكرية في المناطق السُنية، وذلك مرتبط بالتمهيد للتطبيع مع إسرائيل”، على حد قوله.

واتهم “العرداوي”، كلاً من “الإمارات” و”السعودية”؛ بالسعي إلى “تمزيق وحدة العراق وإضعافه”، مشيرًا إلى أن: “النسيج المجتمعي العراقي نسيج كبير ومتلاحم وموجودون في كل العراق، بالتالي هذا لا يسمح بوجود أقاليم”.

ثروات الإقليم الطبيعية..

وما يجعل صوت “الأنبار” يعلو بالتحالف مع محافظات: “صلاح الدين والموصل وديالى”؛ للدعوة بقوة لـ”الإقليم العربي”، هو اكتشاف حجم الموارد الهائلة من الغاز والنفط والفوسفات والسيلكا العالية النقاوة ومعادن أخرى، إذ تحتوي “الأنبار” على خزائن طبيعية هائلة، فيها أكبر مخزن غاز في الصحراء الغربية، (حقل عكاز)، الذي يحوي، حسب التقديرات الجيولوجية، 53 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي في الصحراء الغربية، وأبعاد الحقل 20 + 52 كيلومترًا، جنوب مدينة “القائم” الحدودية مع سوريا والمنصورية، الذي اكتشفه الأميركيون، عام 2004، ولم يشرّعوا باستخراجه. وثروات نفطية هائلة تمتد نحو الأراضي السورية والأردنية، كما يتوقع خبراء النفط وجود خزين يصل إلى 300 مليار برميل من النفط الخام في صحراء “الأنبار”. ومثلها باقي محافظات “الإقليم العربي”.

وأمام مجازر ميليشيات إيران واستباحة طهران المقدرات العربية والسُنّية ومواصلة أطماعها وفشلها في الحكم؛ فلا مناص من إقامة “الإقليم العربي”، بحسب موقع (بغداد بوست).

هذا؛ ويرى أغلب السياسيون السُنة، أن فكرة المطالبة بإنشاء إقليم كانت نتيجة سياسات بغداد اتجاه هذه المحافظات، خصوصًا بعد عمليات التحرير، في سنة 2014، وإقامة قواعد عسكرية للفصائل المسلحة في تلك المناطق وعدم تعميرها من جانب ومنع النازحين من العودة إليها من جانب آخر.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة