خاص : كتبت – نشوى الحفني :
مع تصاعد التوتر بين “واشنطن” و”إيران”، على أرض “العراق”، حمّل الرئيس الأميركي، “دونالد ترمب”، “إيران”، مسؤولية تدبير الإعتداء على “السفارة الأميركية” في “بغداد”، كما دعا العراقيين إلى “التحرر” من هيمنة “طهران”.
وقال “ترمب”، في تغريدة إن: “إيران قتلت مقاولاً أميركيًا، وأصابت الكثير. نحن رددنا بقوة، وسنقوم بذلك دائمًا. الآن إيران تُدبر الهجوم على السفارة الأميركية في العراق، وسيتحملون المسؤولية الكاملة، ونحن نتوقع من العراق استخدام قواته لحماية السفارة. وقد أبلغناهم بذلك”.
وفي تغريدة لاحقة، قال “ترمب”، للعراقيين: “الذين يريدون الحرية؛ ولا يريدون أن يخضعوا لهيمنة وسيطرة إيران: هذا هو وقتكم”.
إلا أن “ترامب” تراجع بعد ذلك؛ وقال إنه لا يريد، أو يتوقع، اندلاع حرب مع “إيران”.
وردًا على سؤاله عن احتمال تصاعد التوترات إلى حرب مع “إيران”، قال “ترامب”، في تصريحات أوردتها قناة (الحرة) الأميركية، اليوم الأربعاء: “هل أريد ذلك ؟ لا.. أريد أن أحصل على السلام. أحب السلام. وينبغي لإيران أن ترغب في السلام أكثر من أي دولة أخرى، لذلك أنا لا أتوقع اندلاع حرب”.
إلا أن تغريدات “ترامب” شكلت تحولاً في الموقف الأميركي من رأس الإدارة الأميركية مباشرة، وليس من أي مسؤول آخر، حول مستقبل التعامل مع ملف “العراق” والدور الذي تلعبه “إيران” فيه. وجاءت تغريدته بعد تصريحات مماثلة من عدد من المسؤولين الأميركيين، بأن السياسة التي كانت متّبعة من إدارة “باراك أوباما” قد إنتهت، وبأن سياسة الإبتزاز التي دأبت على ‘عتمادها، “طهران”، مع “واشنطن”، لم تعد تجدي.
ستواصل الدفاع عن الأميركيين..
وفي وقت لاحق؛ قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، “مورغان أورتاغوس”، إن الوزير، “مايك بومبيو”، أجرى اتصالين هاتفيين منفصلين بكل من رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، والرئيس، “برهم صالح”، من مكتبه في “واشنطن”.
وأضافت “أورتاغوس”، في بيان، أن “بومبيو” أوضح أن “الولايات المتحدة” ستواصل الدفاع عن الأميركيين الموجودين هناك أصلاً لدعم “عراق مستقل” وذي سيادة. وأضاف البيان أن “عبد المهدي” و”صالح” أكدا، للوزير، أنهما يتحملان مسؤولية جدية وسيضمنان سلامة وأمن الأفراد والممتلكات الأميركية.
وقال “بومبيو”، في تغريدة: “لقد رددنا بشكل دفاعي على الهجوم الإيراني بالوكالة؛ الذي أسفر عن مقتل مواطن أميركي وجرح جنودًا أميركيين وعراقيين. الآن جماعات مدعومة من إيران تهدد سفارتنا في بغداد”. وأضاف أنه تحدث مع “صالح” و”عبدالمهدي” من أجل التأكيد على إلتزامهما بحماية المواطنين والمباني الأميركية.
ورغم محاولة بعض المسؤولين الأمنيين العراقيين تبرير كيفية تمكن متظاهري “الحشد الشعبي” من دخول “المنطقة الخضراء”، شديدة التحصين، بهذه السهولة، فإن أوساطًا أميركية شككت بتلك التبريرات، قائلة إن المتظاهرين العراقيين السلميين الذين كانوا يسعون في السابق إلى عبور الجسر المؤدي إلى تلك المنطقة، كانوا يتعرضون للصد بقسوة وبإطلاق النار، مما يشير إلى أن تواطؤًا ما قد حصل بين متظاهري “الحشد الشعبي” والقوة الأمنية المكلفة بحماية “المنطقة الخضراء”.
محاولات أميركية لإستقطاب الدول العربية ضد طهران..
وفي محاولة لإستقطاب الجميع؛ كان الوزير، “بومبيو”، قد أجرى اتصالين مع كل من: الأمير “محمد بن سلمان بن عبدالعزيز”، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، وولي عهد أبوظبي، الشيخ “محمد بن زايد آل نهيان”، لمناقشة سلوك “إيران” المُزعزع للاستقرار في المنطقة والغارات الأخيرة للقوات الأميركية على مواقع (حزب الله) في “العراق”، بحسب بيان لـ”الخارجية الأميركية”. وتعهد “بومبيو”، في تغريدة على (تويتر)؛ بمواصلة “واشنطن” العمل مع “السعودية والإمارات” لمواجهة “إيران”.
وقال وزير الخارجية الأميركي؛ إنه أجرى حوارات مثمرة مع كل من ولي العهد السعودي وولي عهد “أبوظبي”، لمناقشة الهجمات ضد قوات التحالف في “العراق”، الجمعة الماضي.
وقالت “أورتاغوس”، في بيان؛ إن “بومبيو” ناقش مع ولي عهد “السعودية” الهجمات على قوات التحالف، واتفقا على أن: “النظام الإيراني ووكلاءه يشكلون قوة مزعزعة للاستقرار”، وأكد الطرفان على أنهما سيواصلان العمل معًا لمواجهة هذا التهديد.
وأضاف البيان؛ أن “بومبيو” تحدث أيضًا إلى الشيخ “محمد بن زايد آل نهيان”، وأعرب الجانبان عن قلقهما العميق إزاء هجمات (كتائب حزب الله) على قوات التحالف في “العراق”. واتفقا على أن الإجراءات الأميركية المتخذة جاءت استجابة لحماية مصالح “التحالف” وكانت “دفاعية ومناسبة ومبررة”.
تحذير إيراني من ردود الفعل غير المحسوبة..
من جهتها؛ رفضت “إيران” بشدة الاتهامات الأميركية الموجهة لها بالوقوف وراء الهجوم على “سفارة الولايات المتحدة” في “العراق”، محذرة الجانب الأميركي من “أخطاء في الحسابات”.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، “عباس موسوي”، في بيان أصدره مساء أمس الثلاثاء، إن: “إيران ترفض بشدة الاتهامات الأميركية لها بالوقوف وراء الهجوم على سفارة واشنطن في بغداد”، واصفًا هذه الإدعاءات بالـ”إهانة للشعب العراقي”.
وأضاف “موسوي”: “نواجه في الأحداث الأخيرة في العراق؛ مزيجًا من وقاحة الولايات المتحدة وإهانة الشعب العراقي وتكرار الأخطاء في الحسابات”.
واعتبر أن: “على الولايات المتحدة الكف عن سياساتها التخريبية في المنطقة”، متسائلًا: “كيف وعلى أساس أي منطق تتوقع الولايات المتحدة من الشعب العراقي السكوت على جرائمها في العراق ؟”.
وأشار “موسوي” إلى أن: “الولايات المتحدة لا تزال في أذهان الشعب العراقي دولة محتلة”، محذرًا إياها: “من أي ردود فعل غير محسوبة أو أي أخطاء في الحسابات”.
ودعا المتحدث باسم “الخارجية الإيرانية”، “البيت الأبيض”، إلى: “إعادة النظر في سياساته التخريبية في المنطقة”، مضيفًا: “نسب تنظيم المظاهرات في العراق ضد واشنطن إلى إيران وقاحة أميركية تثير الاستغراب”.
خروج القوات الأميركية غير وارد..
تعليقًا على مجريات الأحداث؛ قال “طوني بدران”، الباحث في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”، إن التصعيد الإيراني الأخير ضد “الولايات المتحدة”، قد يكون خطأً كبيرًا في ظل عدم إدراك “طهران” المتغيرات التي طرأت على السياسة الأميركية المعتمدة تجاهها.
وأضاف أن تغريدة “ترامب”، المختصرة والمعبرة بشكل كبير عن هذا التحول، حملت 3 رسائل: أن المسؤولية تقع على عاتق “إيران” مباشرة، وأن الحكومة العراقية هي المسؤولة عن حماية “السفارة الأميركية”، وأن “الولايات المتحدة” مستعدة وستكرر توجيه الضربات إذا تعرضت، ليس فقط مصالحها ومواطنيها للخطر؛ بل وبالنسبة لحلفائها أيضًا.
وأضاف “بدران” أن المخاوف من أن يؤدي هذا التصعيد إلى تعريض وجود القوات الأميركية للخطر؛ وبالتالي قد يؤدي إلى إتخاذ قرار بسحبها من “العراق”، ليس واردًا لأن المتضرر الأكبر من هذا الخروج سيكون “العراق” نفسه، و”إيران” قد تجد نفسها مطوقة ومحاصرة بشكل أكبر؛ فيما لو قررت “واشنطن” الانسحاب وفرض عقوبات على “العراق”.
وتساءل “بدران” عمّا إذا كانت “بغداد” قادرة على مواجهة تلك العقوبات، وعن قدرتها على الإحتفاظ بالإعفاءات الممنوحة لها من “واشنطن” لمواصلة استيرادها الطاقة الكهربائية والمحروقات من “إيران”، ومدى قدرة مؤسساتها المالية والنقدية والاقتصادية على مواجهة “عقوبات أميركية” عليها. وختم بالقول إنه من المبكر تمامًا الحديث عن انسحاب للقوات الأميركية من “العراق”، خصوصًا أن إدارة “ترمب” لن تكرر سياسات سلفه، “أوباما”، الذي جعلها رهينة لـ”الاتفاق النووي” مع “طهران”، وبدت “واشنطن” كأنها تقاتل السُنّة في “العراق” لمصلحة “إيران”.
قد تذهب إلى ما هو أبعد من الضربات !
واعتبر الخبير الأمني والعسكري، “أحمد الشريفي”، أن رد الفعل الحكومي باستدعاء السفير الأميركي لا يتناسب مع حجم العمل العسكري الذي نفذته القوات الأميركية ضد مواقع الكتائب، ما سيبقى الأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات.
ورأى “الشريفي” أن “الولايات المتحدة” وجهت ضرباتها لأنها ترفض التواجد الإيراني في “العراق”، لافتًا إلى أن “واشنطن” قد تذهب إلى أبعد من توجيه الضربات، بذريعة أن مصالحها باتت مهددة.