20 أبريل، 2024 3:56 م
Search
Close this search box.

بين فكي الثأر والانتخابات المرتقبة .. هجوم “البرج 22” وضع “بايدن” في مأزق يخشاه كثيرًا !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات- كتابات:

وضع الهجوم الذي أسّفر عن مقتل: (03) وإصابة أكثر من: (30) من قوات “أميركا” في “الأردن”، الرئيس “جو بايدن”، في مأزق من العيار الثقيل، فكيف قد تتعامل “واشنطن” مع اليوم الذي كانت تخشّاه منذ أكثر من (04) أشهر ؟

الهجوم؛ الذي تم بوسّاطة مُسيّرة استهدفت قوات أميركية متمركزة في شمال شرق “الأردن” قبالة الحدود السورية، وضع الرئيس الأميركي وإدارته في لحظة فارقة: فهل يرد بعنف ويُخاطر باتسّاع نطاق الحرب الإسرائيلية على “غزة”، وهو السيناريو الكارثي الذي تقول إدارته، منذ البداية، إنها حريصة على تجنبه ؟.. بحسّب تقرير لصحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية.

“اضرب إيران الآن”..

بمجرد الإعلان عن الهجوم؛ الأحد 28 كانون ثان/يناير 2024، دقت طبول الحرب عالية في المعسكر (الجمهوري) الأميركي، وانهالت الاتهامات على “بايدن” بالضعف، وطالب المشّرعون الجمهوريون بأن يكون الرد الأميركي قاسّيًا ومباشرًا، حيث كتب السيناتور؛ “ليندسي غراهام”، على موقع (إكس): “اضرب إيران الآن. اضربها بقوة !”.

“العالم بأسره يُشاهد الآن مترقبًا إشارات على أن الرئيس مسّتعد أخيرًا لممارسة القوة وإجبار إيران على تغييّر سلوكها”، بحسّب ما قاله “ميتش ماكونيل”، زعيم الجمهوريين في “مجلس الشيوخ”؛ للصحيفة الأميركية.

السيناتور “تيم كوتون”؛ جمهوري أيضًا، اتهم “بايدن” بالتسّبب في مقتل الجنود الأميركيين: “لقد ترك قواتنا بمثابة البطة العرجاء، وتسبب هذا في مقتل: (03) منهم وإصابة العشرات. للأسف كنت قد توقعت حدوث ذلك منذ أشهر. إن الرد الوحيد على هذه الهجمات لابد أن يكون ضربة مدمرة ضد الميليشيات… التابعة لإيران، داخل إيران نفسها وفي أنحاء الشرق الأوسط. أي شيء أقل من ذلك سيُثبت أن بايدن جبان لا يسّتحق أن يكون قائدًا أعلى للقوات الأميركية”.

لماذا “إيران” ؟

يرى الجمهوريون أن “بايدن” يُبدي ضعفًا في تعامله مع “طهران”، مستشهدين بجهوده لإعادة إحياء “الاتفاق النووي”؛ الذي كان سّلفه الجمهوري؛ “دونالد ترامب”، قد انسّحب منه عام 2018، وبالصفقة التي عقدتها إدارة “بايدن” مع النظام الإيراني لتبادل السّجناء وحصول “إيران” على: (06) مليارات دولار من أموالها المجّمدة.

الصورة الأكبر هنا مرتبطة بالعدوان الإسرائيلي على “قطاع غزة” منذ عملية (طوفان الأقصى) العسكرية؛ يوم السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، ومسّارعة “بايدن” وإدارته إلى دعم هذا العدوان الإسرائيلي بصورة غير مسّبوقة. فقد أرسلت “واشنطن” حاملات طائرات وغواصات نووية إلى المنطقة لدعم “إسرائيل”، وزعمت إدارة “بايدن” أن الهدف من كل ذلك هو ضمان ألا يتسّع نطاق الحرب على “قطاع غزة”، أي إن الهدف هو ردع أعداء “إسرائيل” الآخرين، مثل (حزب الله) اللبناني؛ المدعوم من “إيران”، حتى لا يُشارك في الحرب.

وخلال الأشهر الماضية؛ تعرضت القوات الأميركية في المنطقة إلى أكثر من: (150) هجومًا شّنتها جماعات مسّلحة مدعومة من “طهران”، كـ (الحوثيين) في “اليمن” و(الحشد الشعبي) في “العراق” وميليشيات في “سورية”، لكن هجوم “الأردن” هو الأول الذي يُنتج عنه مقتل قوات أميركية، وهو ما يعتبره البعض داخل أروقة السياسة الأميركية تصعيّدًا يسّتدعي ردًا أكثر عنفًا مما قامت به القوات الأميركية حتى اليوم.

كانت القوات الأميركية ترد عادة باستهداف منشآت أو مخازن أسلحة أو منصات إطلاق صواريخ تسّتهدفها الجماعات المسّلحة، في “سورية والعراق واليمن” أيضًا.

هل تتغيّر قواعد الصراع ؟

الآن وقد سقط قتلى أميركيون؛ يبدو أن قواعد اللعبة قد تتغيّر. إذ قال مسؤولون أميركيون؛ لـ (نيويورك تايمز)، إن مقتل قوات أميركية سيتطلب مستوى مختلفًا من الرد، مضيفين أن هناك إجماعًا على هذا الأمر بين مستشاري الرئيس، خلال الاتصالات عبر (الفيديوكونفرانس)؛ يوم الأحد 28 كانون ثان/يناير. لكن الأمر الذي يبقى غير محسّوم هو ما إذا كان “بايدن” سيأمر بتوجيه ضربات داخل “إيران” نفسها، كما يُريد الجمهوريون أم لا.

“برايان كاتوليس”؛ المسؤول السابق في إدارة “بيل كلينتون” والمحلل في (معهد الشرق الأوسط) بـ”واشنطن”، قال لـ (نيويورك تايمز): “السؤال المطروح أمام بايدن الآن؛ هو ما إذا كان يُريد مواصلة رد الفعل على الأحداث في المنطقة أم أنه يُريد إرسال رسالة أكبر يسّعى من خلالها أن يسّتعيد نوعًا من الردع لم يتمكن من إرسّائه في المنطقة خلال الأشهر الماضية”.

“أنا واثق أنهم الآن يبحثون عن نوع من الرد الذهبي على ما حدث”، بحسّب “كاتوليس”، قاصدًا بهذا أن يكون الرد: “ليس ساحقًا” لدرجة تؤدي إلى اندلاع حرب شاملة مع “إيران”، و”ليس ناعمًا” للدرجة التي تطيل أمد الصراع، ولكنه رد: “مناسب” تمامًا.

لكن تظل طبيعة هذا الرد: “المناسب تمامًا”؛ الذي يبحث عنه “بايدن” وكبار مستشاريه مراوغة إلى حدٍ بعيد، في ظل الموقف المعقد لما يجري، وربما يُفسّر هذا إحجام “بايدن” نفسه عن إعطاء أية مؤشرات على ما يُفكر فيه عندما تعهد بالرد على مقتل الجنود الثلاثة. “لا يكن لديكم شك، سوف نجعل المسؤولين عن هذا الهجوم يدفعون الثمن في الوقت الذي نختاره وبالطريقة التي نختارها”.

إذ إن جزءًا رئيسًا من القصة هو أن هجوم “الأردن” لا يختلف في جوهره عن أكثر من: (150) هجومًا آخر تعرضت لها القوات الأميركية في المنطقة؛ منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023. لكن الاختلاف الوحيد هو أن هذا الهجوم أدى إلى مقتل جنود أميركيين. وبالتالي فإن إدارة “بايدن” تعكف الآن على تقرير ما إذا كان هذا الهجوم يُمثل محاولة متعمدة من جانب “إيران” لتصعيد الصراع أم أنه هجوم محدود من نوعية الهجمات التي نفذتها الميليشيات التي تدعمها “طهران”، لكنه نجح: “بضربة حظ” في قتل الجنود.

فعلى مدار الأشهر الماضية، كررت إدارة “بايدن” أنها لا تعتقد أن “إيران” تُريد حربًا مباشرة مع “أميركا”، ولم تُغيّر إدارة “بايدن” هذا الاعتقاد بصورة علنية بعد الهجوم القاتل، لكن في الوقت نفسه، تقول الإدارة إن “إيران” توظف الميليشيات التي تدعمها من أجل مواصلة الضغط على “واشنطن” و”تل أبيب” مادامت “إسرائيل” تواصل عدوانها على “غزة”.

الرسالة نفسها أكد عليها مسؤول أميركي رفيع المستوى، بعد هجوم “الأردن”، حيث قال لـ (نيويورك تايمز)؛ شريطة عدم الإفصاح عن هويته، إن “الولايات المتحدة” لا تعتقد أن “إيران” تسّعى لحرب أوسع من خلال هذا الهجوم. لكن المسؤول نفسه أضاف أن محللي الاستخبارات العسكرية لا يزالون في طور جمع وتحليل المعلومات المتاحة لتحديد ما إذا كانت “إيران” قد أصدرت أوامرها بتنفيذ هجمات أكثر عدوانية أم أن هذا القرار اتخذته إحدى المجموعات المسلحة من تلقاء نفسها.

مأزق “بايدن” يزداد عمقًا..

الرد على هذه النقطة الأخيرة جاء مباشرة من “طهران”؛ وعلى لسان المتحدث باسم خارجيتها؛ “ناصر كنعاني”، الذي قال، الاثنين 29 كانون ثان/يناير 2024، إن بلاده تعتبر الادعاءات بتورطها في هجوم “الأردن”: “لا أساس لها من الصحة”.

كما قال “كنعاني” إن استمرار الضربات الأميركية على “سورية والعراق”، وكذلك الحرب على “غزة”، لن يؤديا إلا إلى مفاقمة عدم الاستقرار في المنطقة، مضيفًا أن: “جماعات المقاومة” لا تتلقى أوامر من “إيران”.

وأصدرت بعثة “إيران” لدى “الأمم المتحدة” بيانًا يؤكد أنه: “ليس لإيران أي صلة أو علاقة بالهجوم على القاعدة الأميركية”، وأضافت: “ثمة صراع بين القوات الأميركية وفصائل المقاومة في المنطقة؛ والتي ترد بهجمات انتقامية”.

لكن هناك في “البيت الأبيض”، يبدو أن الرأي الغالب هو أن صراعًا أوسع في الشرق الأوسط ربما يخدم مصالح “إيران”، لكن في الوقت نفسه يعتقد أغلب المسؤولين الأميركيين أن “طهران” تُدرك جيدًا أن حربًا مباشرة مع “واشنطن” ستكون مدمرة إلى حدٍ بعيد. وجاء هجوم “الأردن” في وقت كان بعض المسؤولين في إدارة “بايدن” يناقشون فكرة أن “إيران” ربما تكون على وشك أن تُحاول كبح جماح بعض من “وكلائها” في المنطقة، وهي نظرية حطمها تمام هجوم “الأردن”، بحسّب (نيويورك تايمز).

وهنا أيضًا عامل آخر لا يقل أهمية يُزيد من تعقيد المأزق الذي يواجهه “بايدن” الآن، وهو أن أي قرار بتوسّيع الصراع مع “إيران” قد يجعل من محاولات “واشنطن” تخفيف حدة العدوان على “غزة” مهمة أكثر صعوبة. كان مدير الاستخبارات المركزية؛ “ويليام بيرنز”، يلتقي في “باريس”، الأحد، مع مسؤولين من “إسرائيل وقطر ومصر” للتوصل إلى صفقة مع “حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية”؛ (حماس)، توقف بموجبها دولة الاحتلال عدوانها على “غزة” لمدة تصل إلى شهرين مقابل إطلاق سراح أكثر من: (100) أسير إسرائيلي لدى المقاومة في القطاع.

وفي السّياق ذاته؛ تسّعى إدارة “بايدن” حاليًا للتوصل إلى تسّوية بين “إسرائيل” و(حزب الله) اللبناني لتجنب تحول المناوشات الحدودية بينهما إلى صراع أوسع.

وليس ببعيد عن هذه الحسابات كلها، إن لم يكن في القلب منها، الموقف الداخلي هناك في “الولايات المتحدة”. فـ”بايدن” في خضم معركة انتخابية حامية للفوز بفترة رئاسية ثانية، على الأرجح سيواجه فيها سّلفه وخصمه اللدود؛ “دونالد ترامب”، في تشرين ثان/نوفمبر المقبل. فـ”ترامب” هو المرشح الجمهوري الأوفر حظًا للفوز بترشيح الحزب.

وانتهز “ترامب” هجوم “الأردن” ليُشّن هجومه الخاص على خصمه “بايدن”: “لم يكن هذا الهجوم ليقع أبدًا لو كنت أنا الرئيس، مستحيل !”، هكذا علّق “ترامب” على منصته (تروث سوشيال).

الحرب الإسرائيلية على “غزة” هي واحدة من القضايا المهمة في العام الانتخابي المشّتعل في “الولايات المتحدة”. وقد تم إخبار “بايدن” بهجوم “الأردن”؛ بينما كان في إحدى جولاته الانتخابية في “ساوث كارولاينا”، حيث ستُقام خلال أيام الانتخابات التمهيدية للحزب (الديمقراطي) لاختيار مرشّح الحزب، رُغم أن “بايدن” لا يواجه منافسة حقيقية.

كانت “إسرائيل” قد شنَّت منذ عملية (طوفان الأقصى) العسكرية، يوم 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، قصفًا جويًا وبحريًا على “قطاع غزة”، تبعه اجتياح بري، تسبب في ارتقاء أكثر من: (26) ألف شهيد، غالبيتهم الساحقة من المدنيين، من نساء وأطفال، كما دمرت البُنية التحتية للقطاع بشكلٍ كامل.

و(طوفان الأقصى) هو الاسم الذي أطلقته (حماس) على العملية العسكرية الشاملة، التي بدأت فجر 07 تشرين أول/أكتوبر، ردًا على: “الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب