وكالات- كتابات:
من المؤمل ان يتوجه الرئيس الإيراني المنتخب؛ “مسعود بزشكيان”، غدًا الأربعاء أو بعده إلى “العراق”، بحسّبما نقلت وسائل إعلام إيرانية، فيما استعرض مختصون ومحللون سياسيون إيرانيون، أهم الملفات المتوقعة التي قد يحملها “بزشكيان” معه إلى “العراق”.
وتُعد هذه الزيارة هي أول زيارة خارجية لـ”بزشكيان”؛ منذ توليه المنصب في تموز/يوليو الماضي، وهي بدعوة رسمية من رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، خصوصًا وأن هذه الزيارة كانت مقررة أساسًا أن يقوم بها الرئيس السابق؛ “إبراهيم رئيسي”، قبل وقوع حادثة سقوط طائرته بأيام، إلا أنه بالنظر إلى تصريح “بزشكيان” فأنه أكد؛ في وقتٍ سابق، أن هدف زيارته الأولى إلى “العراق” هو زيارة المراقد المقدسة.
الملف الأمني على رأس جدول الأعمال..
يتفق المحللون الإيرانيون، على أن الملف الأمني يأتي في صدارة الملفات التي قد يحملها “بزشكيان” إلى “العراق”، حيث تُعد الزيارة فرصة لتعزيز التعاون في مجال الأمن، وهو ما أكده المتحدث باسم “الخارجية الإيرانية”؛ بأن الاستقرار الأمني سيكون على رأس جدول الأعمال، كما ستتضمن الزيارة توقيع مذكرات تفاهم تتعلق بالتعاون الأمني والاقتصادي، والتي كان من المفترض توقّيعها خلال زيارة سابقة للرئيس الراحل؛ “إبراهيم رئيسي”.
ويأتي التنسيق الأمني بالتزامن مع عودة الحديث عن نشاط جماعات إيرانية معارضة في “كُردستان”؛ بالرُغم من اتفاقية نقلهم إلى معسكرات بعيدة، حيث تسعى “إيران” لضمان تطبيق بنود الاتفاقية الأمنية المتعلقة بهذه الجماعات وضبط الحدود المشتركة.
مناقشة مشاريع اقتصادية استراتيجية..
ومن المتوقع أن يُناقش الوفد الإيراني مع المسؤولين العراقيين سُبل تعزيز التعاون في مشاريع اقتصادية هامة، بما في ذلك “مشروع الربط السككي” بين “شلمجة” و”البصرة”، الذي تهدف “إيران” إلى ربطه بالموانيء السورية، كما ستتم مناقشة (طريق التنمية) وتأثيره المحتمل على شبكة الممرات الإيرانية.
استغلال الوساطة العراقية..
على الصعيد الدبلوماسي؛ من المتوقع أن تسعى “إيران” لتعزيز دور “العراق” كوسيط إقليمي مع التركيز على قضايا مثل الوسّاطة بين “إيران” ودول عربية أخرى في المنطقة، مثل: “مصر والأردن”، فقد لعب “العراق” دورًا بارزًا في تطبيع العلاقات بين “إيران” و”السعودية”، وقد يسعى “بزشكيان” إلى استخدام زيارة “بغداد” كفرصة لتطوير العلاقات مع دول المنطقة.
وسيتناول “بزشكيان”؛ خلال الزيارة، قضايا أخرى منها متابعة قضية المواطن الإيراني؛ “محمد رضا نوري”، المسجون في “العراق”، والتي ستكون جزءًا من المحادثات، كما من المتوقع أن تشمل الزيارة محطات أخرى في “العراق” مثل زيارة المراقد الشيعية المقدسة في “كربلاء والنجف”.
تعكس زيارة “بزشكيان” تحولاً في السياسة الإيرانية، حيث تسّعى “طهران” إلى بناء علاقات أكثر استقرارًا مع دول عربية أخرى لتعزيز مصالحها الإقليمية، من المتوقع أن تُساهم الزيارة في توسيع نطاق الشراكة بين البلدين في مختلف المجالات، بما في ذلك الأمن والاقتصاد والدبلوماسية.
أهمية الزيارة في هذا التوقيت..
في السياق؛ سلطت صحيفة (طهران تايمز) الإيرانية، قبل ساعات من بدء زيارة الرئيس الإيراني؛ “مسعود بزشكيان”، إلى “العراق”، الضوء على الأهمية التي تُمثلها هذه الزيارة الخارجية الأولى للرئيس الجديد، وعلى المآخذ التي تراها “طهران” في أداء حكومة؛ “محمد شيّاع السوداني”، بما في ذلك أيضًا رئيس البنك المركزي؛ “علي العلاق”.
وذكرت الصحيفة الإيرانية؛ الصادرة بالإنكليزية، أنه منذ بدء خوض “بزشكيان” ترشحه للرئاسة، وهو يسّعى إلى إظهار وجه ودود للعالم، وأعلن مرارًا أنه يُخطط لتعزيز العلاقات مع كل من الغرب والشرق، بما يمكن أن يأتي بمزايا مهمة لهذه العلاقات، لـ”إيران”.
واعتبرت الصحيفة أنه بالاستناد إلى المسّار الذي كان “بزشكيان”؛ يُحاول رسمه للسياسة الخارجية لـ”ايران”، فمن المعتقد أن اختياره لـ”العراق” كأول زيارة خارجية له كرئيس، يحمل أهمية كبيرة.
ونقل التقرير عن الخبيرة الإيرانية بالشؤون العراقية؛ “محدثة رضائي”، قولها إنه: “عندما تولى الرئيس؛ بزشكيان، منصبه، كان البعض يشعر بالقلق من أن إدارته لن تمنح الأولوية للقضايا الإقليمية، وستُركز جهودها أساسًا على إصلاح العلاقات مع الغرب”.
لكن “رضائي” قالت إن زيارة “بزشكيان” إلى “العراق”: “تُظهر أن الحكومة الجديدة مُلتزمة بتعزيز علاقات إيران مع الشعب والحكومة العراقية”.
خروج عن التقاليد..
وأشار التقرير إلى أن قرار “بزشكيان” ببدء فترة ولايته؛ التي تمتد (04) سنوات، بزيارة خارجية تشمل “غرب آسيا”، يُمثل خروجًا عن التقاليد المعمول بها، موضحًا أن الرئيس المحافظ؛ “إبراهيم رئيسي”، والرئيس الإصلاحي؛ “محمد خاتمي”، قاما بزيارة “آسيا الوسطى” في البداية، في حين أن غالبية الرؤساء الإيرانيين السابقين ظهروا على الساحة الخارجية للمرة الأولى من خلال إلقاء خطابات في مقر “الأمم المتحدة”؛ في “نيويورك”.
إلا أن التقرير لفت إلى أن “إيران” و”العراق” ترتبطان بعلاقات دينية وثقافية وتاريخية عميقة، حيث يُسافر ملايين الإيرانيين سنويًا إلى “العراق” للمشاركة في “زيارة الأربعين”، وتتم استضافتهم بشكلٍ رئيس من قبل السكان المحليين، ويقيمون علاقات عميقة مع العراقيين على طول طريق سفرهم.
نفوذ إيراني داخل العراق.. ولكن !
وتابع التقرير أن لدى “إيران”: “نفوذ قوي في الدوائر السياسية والعسكرية والأمنية في العراق، وهي مسألة ليست سرًا”، مضيفًا أن: “العديد من السياسيين العراقيين الناشطين في مختلف فروع الحكومة، يعيشون في إيران منذ سنوات عديدة، بالإضافة إلى أن جزءًا كبيرًا من الجسم الأمني والعسكري العراقي ينحاز إيديولوجيا إلى إيران وبقية (محور المقاومة)”.
وأضاف التقرير أن: “الصِلات والروابط العميقة بين البلدين، لا تعني عدم وجود عوامل تُعيق علاقاتهما”، مشيرًا إلى أن لديهما الشجاعة في التعامل مع بعضهما البعض، وخصوصًا “إيران” التي: “تشعر بالقلق إزاء افتقار العراق إلى المقاومة ضد المطالب الأميركية بالضغط على طهران”.
تقييم لسياسات “السوداني” وعتاب على “الشرطي الأميركي”..
ونقل التقرير عن “علي رضا مجيدي”؛ وهو محلل إيراني لشؤون غرب آسيا، قوله إنه: “على الرغم من أنه كان من المعتقد أن السوداني يتمتع بعلاقات وثيقة مع إيران عندما وصل إلى السلطة للمرة الأولى، إلا أنه كان أكثر توافقا مع الولايات المتحدة خلال فترة ولايته”.
وبحسّب “مجيدي”، فإن “بغداد”: “امتثلت للرغبات الأميركية كافة للتأكد من أن عقوباتها ضد إيران مطبقة بشكل كامل. لذا، فرغم أنه لا يستطيع أحد أن ينكر العلاقات الوثيقة بين إيران والعراق، ولهذا فإن المستوى الحالي للتعاون بين البلدين ليس مرضيًا”، مضيفًا أن: “بعض السياسيين العراقيين يُشيرون إلى؛ علي محسن العلاق، رئيس البنك المركزي العراقي، باسم الشرطي الأميركي”.
واعتبر “مجيدي” أن العقبة الأكبر أمام تطور العلاقات بين “إيران” و”العراق”؛ هي “الولايات المتحدة”، مضيفًا أن: “واشنطن تعمل من أجل الحاق الضرر بإيران في مختلف المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية، حتى أنها اغتالت جنرالاً إيرانيًا كبيرًا حارب لسنوات في العراق للمساعدة في القضاء على الإرهابيين”.
ودعا “مجيدي”؛ الرئيس “بزشكيان”، إلى استغلال اجتماعاته مع المسؤولين العراقيين من أجل معالجة هذه المخاوف، وتسليط الضوء في الوقت نفسه، على مجالات التعاون المحتملة بين البلدين.