24 أبريل، 2024 11:45 م
Search
Close this search box.

بين ضرورته الوطنية وخطورته على سكان المنطقة .. “مكحول” يُجسد عدم ثقة الشعب في ساسته !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

عاش “جميل الجبوري”؛ (53 عامًا)، طوال حياته في قريته “المسحك”؛ الواقعة في شمال “العراق”، حيث تعمل عائلته في الزراعة منذ أجيال، لكنه بات مهددًا بالرحيل إلى مكان آخر بسبب سدّ تُريد السلطات بناءه وسيُغّرق بالمياه منزله وحقول المنطقة؛ بحسب تقرير أعده موقع (الحرة) الأميركي.

ومثل “جميل”، يبدو عشرات الآلاف من العراقيين مهددين بالرحيل بسبب مشروع بناء “سد مكحول”؛ الذي تأمل الحكومة العراقية استكماله في غضون خمس سنوات، على نهر “دجلة”، على الحدود الإدارية ما بين محافظتي: “كركوك” و”صلاح الدين”.

لتأمين المخزون المائي ومواجهة موجات الجفاف..

وتدافع السلطات عن المشروع؛ الذي تؤكد أنه سيؤمن مخزونًا مائيًا لمعالجة النقص في ظل موجة جفاف حادة يواجهها “العراق”؛ منذ ثلاث سنوات، وتداعيات التغيّر مناخي. وشهد “العراق”؛ في العام 2022، أسوأ سنة جفاف منذ نحو: (92 عامًا)، حسب “وزارة الموارد المائية”.

لكن المجتمع المدني يُعارض مشروع السدّ، مشيرًا إلى آثار سلبية له تطال حوالى ثلاثين قرية تضم نحو: 118 ألف نسمة، بالإضافة إلى تهديده للتنوع البيولوجي وعدد من المواقع الأثرية في المنطقة.

“المصلحة الوطنية قبل المصلحة الشخصية”..

بين تلك القرى؛ “المسحك”، التي تقع على ضفاف “دجلة”، وتمتاز بطبيعتها الخلابة ويعتمد مزارعوها على أرضها الخصبة الغنية بالمياه.

لكن هذا سيتغيّر عند إكمال بناء السد. فمياه بحيرته التي ستتسّع لثلاثة مليارات متر مكعب من المياه، ستغمر المنطقة التي يعيش فيها؛ “جميل الجبوري”.

ويقول الرجل؛ وهو يتأمل مزرعة عائلته: “ولدت وترعرعت هنا. من الصعب ان أرحل وأذهب إلى غيرها، سنترك تاريخًا وراءنا”.

ويعمل الرجل الذي كان يرتدي زيًا عربيًا؛ في مصفاة للنفط قريبة، بينما يتابع أبناؤه زراعة أرض العائلة بالخضروات والقمح.

لكن “جميل” موافق على مغادرة أرضه وقريته واضعًا: “المصلحة الوطنية قبل مصلحته الشخصية”، إلا أنه يشترط أن يكون السدّ مشروعًا: “يخدم العراق والعراقيين”، وأن يحصل هو على: “تعويض مناسب لتأمين مستقبلي ومستقبل الأطفال”.

تهديد خطير..

ويُعاني “العراق”؛ الذي يضمّ ثمانية سدود كبيرة، من انخفاض في منسوب الأنهار ويشكو من السدود المبنية في “تركيا” المجاورة؛ التي تُعيّق تدفق المياه إلى أرض “الرافدين”.

وأطلق مشروع بناء “سد مكحول”؛ في العام 2001، في عهد “صدام حسين”، لكنه توقّف بسبب الغزو الأميركي في 2003؛ وخلال السنوات التالية بسبب التدهور الأمني في البلاد.

واستؤنف العمل في مشروع السدّ في 2021، عبر عمليات حفر وتحليل للتربة وبناء جسر يربط بين ضفتي “نهر دجلة”.

ودافع معاون محافظ صلاح الدين؛ “رياض السامرائي”، عن المشروع، مؤكدًا أنه سيّؤمن أيضًا: “محطة لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة: 250 ميغاواط، ونهرًا إروائيًا يُغذّي مساحات زراعية كبيرة لدعم الأمن الغذائي للبلد”.

وشدّد على أن: “المصلحة العامة تتطلّب إقامة هذا السدّ من أجل توفير تخزين مائي للعراق”.

إلى ذلك، سيعمل السدّ على: “درء خطر الفيضان” في حال ارتفع مستوى النهر، وفقًا لـ”السامرائي”.

وقال المسؤول نفسه؛ إن خّمس قرى موجودة في موقع خزان السد، موضحًا أنه: “تمّ تشكيل لجنة من المحافظات والوزارات المعنية لتقديم تعويضات مناسبة للسكان”؛ من أجل انتقالهم.

رغم ذلك؛ تنظر منظمات المجتمع المدني إلى المشروع من زاوية أخرى. فهي تُحذر من آثار سلبية له قد تطال حيوانات ونباتات المنطقة، كما تحدث تقرير أعدته المنظمتان غير الحكوميتين: (أنقذوا دجلة) و(حماة دجلة). وأشار التقرير إلى تهديد للبيئة والمواقع الأثرية؛ ومن بينها موقع “آشور” الأثري المُدّرج على لائحة التراث لـ”منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم”؛ الـ (يونسكو).

وأعربت “منظمة الهجرة الدولية”؛ في آب/أغسطس 2022، عن أسفها لعدم وجود: “محاولات حوار” مع المجتمعات التي تسكن المنطقة.

وقالت في تقرير استنادًا إلى دراسة أجرتها منظمة عراقية، إن: “الأشخاص الذين أجريت معهم لقاءات من فلاحين وأصحاب أراض، يرون أن سدّ مكحول يُمثل تهديدًا خطيرًا لمواردهم”.

غياب الثقة..

ويؤكد المزارع؛ “إبراهيم الجبوري”، وهو والد “جميل”، ذلك قائلاً: “لم يأتِ أحد لرؤيتنا ولم يسألنا أحد عن أي شيء”. وأضاف الرجل البالغ من العمر: (89 عامًا)، بحسرة: “أجدادي وأبي وأنا، كلنا عشنا في هذه المنطقة”.

رغم ذلك، يؤكد “الجبوري”، وهو زعيم عشيرة “الجبور”؛ التي تسكن “المسحك”، أنه مستعد للرحيل إذا كان التعويض كافيًا: “لبناء منازل جديدة مثل منازلنا”.

وتحدّثت دراسة أعدتها المنظمة غير الحكومية؛ (ليوان) للثقافة والتنمية، عن خطر زوال: 39 قرية في حال أقيم السد، يتراوح عدد سكانها بين مئتي شخص وثمانية الآف نسمة.

وأشارت المنظمة نفسها إلى أكثر من: 67 كيلومترًا مربعًا من: “الأراضي الزراعية والممتلكات والبساتين الخضراء”؛ المعرّضة للزوال عند ارتفاع مياه السد إلى الحدّ الأقصى.

وهناك أكثر من: 61 ألف رأس من الماشية التي يجب: “بيعها أو نقلها” إلى مكان آخر، حسب الدراسة ذاتها.

ويقول “مهيار كاظم”، الباحث الذي شارك في إعداد دراسة (ليوان): “مشكلة العراق هي الانخفاض العام لمعدّلات المياه القادمة من تركيا وإيران”.

ويرى أن: “العراق لا يحتاج الى سدّ جديد”، مشيرًا إلى أن: “نهر دجلة؛ بحاجة لاستمرار التدفق بسبب زيادة نسبة ملوحة النهر”.

وأشار إلى: “عدد كبير من النساء في المنطقة اللواتي يُعلن أسّرهن بالاعتماد على الزراعة والأرض”، مضيفًا: “لا نعرف ماذا سيّحدث لتلك الأسّر” بعد ترحيلها.

وأكدت الدراسة أن: “السدّ سيُعرقل الحياة اليومية: لـ 118412 شخصًا”.

وأشارت إلى: “غياب الثقة بصانعي القرار”، موضحة أنه: “كثيرًا ما يقال إن أي احتجاج سيُقابل بآذان صماء”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب