8 أبريل، 2024 1:46 م
Search
Close this search box.

بين زيادة الضغوط والفوضى والتعجيل بالخروج .. الضربات الأميركية على الفصائل المسلحة في العراق “تنحصر” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

باتت الهجمات الأميركية على الفصائل العراقية المسلحة ومراكزها حديث الصحف الأجنبية، وهي محاولة منهم لتحليل الأحداث وانعكاساتها ونتائجها المستقبلية.

وذكر تقرير لصحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية؛ إنه على مدى سنوات، نجح “العراق” في القيام بدور متوازن، في السماح لقوات أميركية وأخرى مرتبطة بـ”إيران” معادية لـ”واشنطن”، بالعمل على أراضيه، أما الآن فباتت الأمور هشة.

وكتبت “أليسا ج. روبن” في الصحيفة؛ أنه عندما كانت “واشنطن” و”طهران” و”بغداد” تريدان الشيء ذاته، وهو هزيمة تنظيم (داعش) الإرهابي، كانت العلاقات مقبولة، لكن في الأشهر الأخيرة، ومع الارتدادات التي تسببت بها “حرب غزة” في أنحاء المنطقة، فإن القوات الأميركية وتلك المدعومة من “إيران”، اشتبكت مرارًا في “العراق وسورية”.

وأدت ضربة أميركية للميليشيات؛ الأسبوع الماضي، إلى مقتل: (16) عراقيًا، بينما قال “العراق” كفى.

تشّدد الموقف العراقي منذ مقتل “سليماني”..

وجاء في بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”، الأحد الماضي، إن: “أراضينا وسلطاتنا السيّادية ليست المكان المناسب للقوى المتنافسة لتوجيه الرسائل واستعراض القوة”.

وعلى مدى سنوات؛ كان لـ”إيران” و”الولايات المتحدة” مؤيدوها داخل الحكومة العراقية، وتعايشت المجموعات المدعومة من “إيران” والقوات الأميركية في توازن مقبول؛ وإن كان غير مسّتقر.

وبدأ ذلك بالتغير عام 2020؛ بعدما قتلت “الولايات المتحدة” أكبر قيادي إيراني في الأمن والاستخبارات؛ “قاسم سليماني”، الذي يملك وزنًا داخليًا على نطاقٍ واسع، في هجوم بمُسيّرة بينما كان يزور “العراق”.

وبدأ الإيرانيون في الضغط من أجل طرد القوات الأميركية من هناك.

ورفض القادة العراقيون ذلك؛ في ما يعود في جزء كبير منه إلى الانقسامات حول البلد الذي يجب أن يميل نحوه “العراق”. وحتى بعد 2022؛ عندما تمكنت الأحزاب القريبة من “إيران” في تأليف حكومة، كان هناك تمييّز واضح بين ما يقوله القادة العراقيون عن “الولايات المتحدة” علنًا وما يقولونه في السر.

وتبدو حكومة “السوداني” أكثر تشّددًا؛ وفي بيانها الأحد الذي ندّدت فيه بالقتال على الأراضي العراقية، كانت تتوجه بالانتقاد إلى “الولايات المتحدة”، واصفة هجمات الأسبوع الماضي بأنها: “عدوان سّافر” يُعرض للخطر المحادثات المتعلقة بخفض أعداد القوات الأميركية في “العراق”.

وأكد البيان أن: “العنف يوّلد العنف فقط”.

وضع شائك..

وتعكس هذه التعليقات وضعًا شائكًا وجدت الحكومة العراقية نفسها فيه؛ في الوقت تتفاوض على انسّحاب القوات الأميركية التي تدخل إلى “العراق” وتخرج منه منذ 2003.

ويقع “العراق” تحت ضغط من “إيران”، التي ترى في “الولايات المتحدة” عدوًا مميتًا، كي تستكمل سّحب القوات من الأميركية من أراضيه.

لكن بعض المسؤولين العسكريين في “العراق” و”الولايات المتحدة” يعتقدون أن البلد سيسّتفيد من وجود أميركي محدود يُركز على التدريب وملاحقة التهديد الذي يُشّكله (داعش).

وتُقيم الحكومة العراقية روابط سياسية وعسكرية عميقة مع “إيران”، وأشارت الأحد بشكلٍ غير مباشر إلى المجموعات العراقية المسلحة التي تدعمها “إيران”؛ التي هاجمت المعسكرات والقواعد الأميركية أكثر من: (160) مرة منذ بدء الحرب بين (حماس) و”إسرائيل”، في 07 تشرين أول/أكتوبر 2023.

وكانت تلك الهجمات هي التي دفعت إلى انتقام أميركي؛ بينها ذاك الذي وقع الجمعة وأدى إلى مقتل: (16) جنديًا عراقيًا، الأمر الذي أثار غضب الكثيرين في الحكومة العراقية.

وأتى الانتقام الأميركي عقب هجوم بمُسيّرة؛ في 28 كانون ثان/يناير 2024، من ميليشيا عراقية، مما أدى إلى مقتل: (03) جنود أميركيين في قاعدة شمال غرب “الأردن”.

انسّحاب أسرع.. وضغوط جديدة..

ويفترض المحللون الذين يراقبون “العراق” عن كثب أن الحوادث الأخيرة قد وضعت البلدين عند منعطف، مما قد يؤدي إلى انسّحاب أميركي أسرع مما تأمله “الولايات المتحدة” وكثيرون في “العراق”.

وقال مدير “مبادرة العراق” في مجموعة (تشاتهام هاوس) للأبحاث؛ التي تتخذ “لندن” مقرًا لها؛ “ريناد منصور”، إن: “المشكلة بالنسّبة لكل من الحكومتين العراقية والأميركية؛ هي أن أيًا منهما لا يُريد التصعيد ولا يُريد استمرار وجود القوات الأميركية”.

وأضاف أنه قبل 07 تشرين أول/أكتوبر الماضي؛ فإن “العراق” و”الولايات المتحدة”: “كانا على الصفحة نفسها”، وكان الجانبان يأملان في ترتيبات لسّحب القوات بما يُحقق منفعة متبادلة. لكن الآن هناك ضغوط جديدة.

ومهما كان البلدان راغبين بالعودة إلى ما قبل 07 تشرين أول/أكتوبر، فإن: “الأمور آخذة في التغيّر، وهما يحاولان التعامل مع هذا المتغيّر الجديد والواقع الناشيء”، وفق ما يقول “منصور”.

دور من يتراجع أولاً..

ورأى رئيس الأبحاث في مجموعة (سوفان)؛ وهي شركة استشارات أمنية واستخباراتية تتخذ “واشنطن” مقرًا لها؛ “كولن ب. كلارك”، إنه يشعر بالقلق حيال تصاعد وتيرة النبرة المتشّددة من جانب الأميركيين والعراقيين في الأيام الأخيرة.

وأضاف أن الخطر يكمن في: “أن تُصبح الحرب الكلامية نبوءة ذاتية التحقق، حيث تُصّعد الولايات المتحدة من خطابها وتفعل الحكومة العراقية الشيء نفسه، ومن ثم يأتي دور من سيتراجع أولاً”.

ولفتت رئيسة مؤسسة (العراق)؛ التي تعمل على تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق؛ “رند الرحيم”، إلى أن “السوداني”: “بذل قصّارى جهده”، لكبح الميليشيات المدعومة من “إيران”، والتي تستهدف القوات الأميركية، ولكن: “لم يستمعوا إليه”.

ويرى محللون عراقيون أن “السوداني” مثله مثل الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، والزعيم الإيراني؛ “علي خامنئي” – لديه سياسات محلية يتعين عليه أخذها في الاعتبار.

وبحسّب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد؛ “إحسان الشمري”، فإن “السوداني” قلق بسبب: “ظهوره بمظهر الضعيف الآن”.

نقطة تحول..

وكانت الغارة الأميركية بطائرة بدون طيار في “بغداد”؛ والتي قتلت رئيس عمليات (كتائب حزب الله) في سورية؛ “وسام الساعدي”، دقيقة وواضحة، لكن صحيفة (التايمز) البريطانية، تقول إن ليس هناك من ينكر أن هؤلاء الموجودين في “واشنطن”، وإلى حدٍ ما “بريطانيا”، يجدون أنفسهم الآن متورطين في حرب فوضوية ضد الميليشيات المدعومة من “إيران” في “العراق وسورية واليمن”. وجاء الاغتيال بعد أيام من شّن “الولايات المتحدة” عشرات الغارات الجوية ضد الميليشيا في “العراق وسورية”، ردًا على أسابيع من هجمات الطائرات بدون طيار على قواتها؛ والتي أثارتها الحرب الإسرائيلية في “غزة”.

وكانت نقطة التحول بالنسّبة لـ”الولايات المتحدة” هي الهجوم؛ الذي وقع في 28 كانون ثان/يناير، وأسّفر عن مقتل: (03) من جنودها.

أكبر قيادي قُتل في الهجمات الأخيرة..

وباعتباره أكبر قيادي قُتل في الجولة الأخيرة من الغارات الأميركية؛ فإن اغتيال “الساعدي” قد يوقف الجماعة لفترة.

ومع ذلك؛ فإن خسارة كهذه ليست شيئًا لم تواجهه الميليشيا، التي حاربت ذات يوم التحالف الذي تقوده “الولايات المتحدة” في “العراق”، من قبل.

وقبل (04) سنوات، قتلت غارة أميركية بطائرة بدون طيار زعيم (كتائب حزب الله)؛ “أبو مهدي المهندس”، إلى جانب؛ “قاسم سليماني”، الرجل الذي شّكل شبكة “طهران” الإقليمية من الميليشيات المتحالفة، ومنذ ذلك، عادت “إيران” وحلفاؤها أقوى وأكثر رسّوخًا من أي وقتٍ، في حين يسّعى منافسّوها الإقليميون إلى السلام.

وترغب كل من “الولايات المتحدة” و”إيران”، اللتين تقومان بتسّليح تلك الميليشيات والسّيطرة عليها إلى حدٍ ما، في تجنب المواجهة المباشرة.

ومع ذلك؛ تكتسّب الهجمات المتبادلة زخمًا، ومن الصعب التنبؤ بمسّارها.

وفي “العراق”، تعمل (كتائب حزب الله)؛ التي احتجزت، من بين أمور أخرى، باحثًا أميركيًا إسرائيليًا لمدة عام تقريبًا، كدولة داخل الدولة.

وتجاهل (الحوثيون)، الذين يُسّيطرون على أجزاء من “اليمن”، بما في ذلك العاصمة، العديد من الضربات الجوية الأميركية والبريطانية ويواصلون شّل حركة الملاحة في “البحر الأحمر” بهجماتهم.

ويُسّيطر (حزب الله) على “لبنان”، الدولة الفاشلة التي تخلى عنها الجميع باستثناء “إيران”.

وحفزتهم الحرب في “غزة”، التي أشّعلتها (حماس) في السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، عندما قتلت: (1200) إسرائيلي، ويقولون إن هجماتهم تهدف إلى الضغط على “إسرائيل” وحليفتها الرئيسة؛ “الولايات المتحدة”، لإنهاء الصراع.

توعد بالانتقام..

وتوعدت الميليشيات العراقية بالانتقام لـ”الساعدي”. وبعد هجوم 28 كانون ثان/يناير 2024، أعلنت (كتائب حزب الله) أنها ستُعلق عملياتها، في اعتراف بأن الهجوم كان خطوة مبالغًا فيها، لكن المجموعة المظلة التي تقودها، “إيران” في “العراق”، استمرت في تبّني هجوم على قاعدة أميركية في “سورية” في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع؛ أدى إلى مقتل: (06) من رجال الميليشيات الكُردية المتحالفة.

وعلى مدى أسابيع؛ سّعت “واشنطن” إلى التقليل من أهمية التصّعيد الإقليمي، حتى مع قيامها بتوسّيع ضرباتها من “اليمن” إلى “سورية والعراق”.

ومع اكتسّاب محادثات وقف إطلاق النار في “غزة” زخمًا، فإن التوصل إلى حل قصير الأمد للهجمات قد يكون قريبًا، لكن دحر “إيران” وميليشياتها في المنطقة لن يكون بهذه البساطة.

تقليل النفوذ وتقويض نجاحها السابق..

وبحسّب تقرير لصحيفة (وول ستريت جورنال)؛ إذا اضطرت “الولايات المتحدة” إلى المغادرة أو تقليص وجودها بشكلٍ كبير، فقد يؤدي ذلك إلى تقليل نفوذها المتناقص بالفعل في المنطقة، وتقويض النجاحات السابقة في هزيمة تنظيم (داعش) الإرهابي والمخاطرة بإخلال التوازن الإقليمي الهش بين القوى المتنافسة، من “إيران” إلى “روسيا وتركيا”.

وبينما تواجه “الولايات المتحدة” الميليشيات؛ المدعومة من “طهران”، في الشرق الأوسط في محاولة لمنع المزيد من الهجمات على الجنود الأميركيين، فإن التحدي الذي يواجه “واشنطن” هو القيام بذلك دون زرع المزيد من الفوضى في منطقة مضطربة بالفعل. وذلك لأن الميليشيات التي استهدفتها في “العراق” لا تحظى بدعم “طهران” فحسّب، بل هي أيضًا جزء من المؤسسة الأمنية في “العراق”.

تزيد الضغوط السياسية..

وقالت الخبيرة في شؤون العراق وإيران لدى شركة (كونترول ريسكس) الاستشارية؛ “أنيسة بصيري تبريزي”، إن الضربات الأخيرة يمكن أن تُزيد من الضغوط السياسية على “السوداني” لوضع جدول زمني واضح للانسّحاب.. ينظر اللاعبون السياسيون في جميع أنحاء الحكومة الفيدرالية العراقية، بما في ذلك “السوداني”، إلى الضربات على أنها دليل على أن الوجود الأميركي في “العراق” يُزعزع استقرار البلاد ويُزيد من فرص جّر “العراق” إلى مواجهة إقليمية وجّره إلى الحرب.

ومن خلال ضرب الميليشيات في “العراق وسورية”، تسّعى “واشنطن” إلى ردع المزيد من الهجمات على جنودها؛ لكن من غير الواضح ما إذا كان من الممكن تقيّيد الميليشيات وفي ذات الوقت رد المسّلحون العراقيون، الأربعاء، بإطلاق طائرة بدون طيار على قاعدة عسكرية تضم قوات أميركية في شرق “سورية”.

كشف نقط ضعف الحكومة..

وتُشير الصحيفة إلى أن الضربات الأميركية على الأراضي العراقية، وخاصة “بغداد”، كشفت عن نقطة ضعف رئيسة للحكومة العراقية؛ وهي اعتمادها الجزئي على الميليشيات التي تُشّكل جزءًا من الجهاز الأمني في البلاد، والتي تتلقى الأموال لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي، ولكنها تُهاجم أيضًا رعاة “بغداد” الأميركيين.

وذكرت الصحيفة؛ أنه في أعقاب الضربات الأميركية الأخيرة، اختبأ العديد من قادة الميليشيات المدعومة من “إيران” في “كُردستان العراق”، أو في فنادق راقية في “بغداد”، أو عبروا الحدود إلى “إيران”، وفقًا لمسؤول عراقي ومستشار أمني أميركي وأعربوا عن قلقهم من أن تنظيم (داعش) سيعمل على استغلال الفوضى لتظيم الصفوف والعودة من جديد.

استعادة “فجوة الشرعية”..

بالعودة إلى الوراء قليلاً؛ تقول الصحيفة: “مع صعود تنظيم (داعش) الإرهابي المتطرف؛ بعد عقد من الزمن، والذي هدد المصالح الأميركية وإيران وميليشياتها، وجدت الولايات المتحدة نفسها تتقاسّم عدوًا مشتركًا مع مختلف الجماعات المدعومة من طهران والمعروفة باسم قوات (الحشد الشعبي)”، بما في ذلك (كتائب حزب الله)؛ ولم يؤثر ذلك على قوات التحالف.

ومع ذلك؛ بعد زوال تنظيم (داعش)، استأنفت الميليشيات هجماتها على المصالح الأميركية؛ وفي عام 2020، قتلت غارة أميركية بطائرة بدون طيار في “بغداد”، القائد الأعلى لـ (كتائب حزب الله)؛ “أبو مهدي المهندس”، إلى جانب القائد الإيراني؛ “قاسم سليماني”، مهندس تحالف الميليشيات الإقليمي الإيراني، في محاولة للحد من التهديد الذي تتعرض له القوات الأميركية.

ووفقًا لـ (معهد واشنطن) للدراسات القريبة مركز أبحاث السياسة الشرقية؛ قائد الميليشيا الذي قُتل، الأربعاء، والذي لم يذكره (البنتاغون)، ولكن تم تحديده في وسائل الإعلام العراقية باسم: “أبو باقر الساعدي،” كان ذات يوم حارسًا شخصيًا لـ”المهندس”؛ وغالبًا ما كان يُرافقه في اجتماعات مع “سليماني”.

وقال مدير مشروع مبادرة العراق في (تشاتام هاوس)؛ “ريناد منصور”، إن: “المسّار يُظهر أن الضربات الجوية الأميركية لديها قدرة محدودة على التأثير على السياسة والأمن العراقيين”، وأضاف “منصور”، أن الميليشيات تعتمد على شريحة متضائلة من المجتمع في تعبئتها، لكنها الآن ستستخدم الضربات الأميركية عذرًا للقول بأنهم يُقاتلون الأميركيين في سبيل السيّادة العراقية؛ ودعمًا لـ”القضية الفلسطينية”، وهي الطرق التي تُحاول بها هذه الجماعات استعادة: “فجوة الشرعية” الخطيرة التي تواجهها هي والقيادة العراقية بأكملها محليًا.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب