وكالات – كتابات :
أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، اللواء “يحيى رسول”، أن جدولة انسحاب القوات الأجنبية تحددها اللجان الفنية؛ ضمن “الحوار الإستراتيجي”.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية، (واع)، السبت؛ عن “رسول”؛ قوله إن: “هناك جدولة لعملية الانسحاب، خلال فترات تُحدد بعد لقاء اللجنة الفنية، التي شُكلت بأمر القائد العام للقوات المسلحة، برئاسة رئيس أركان الجيش لإدارة هذا الملف؛ ضمن الحوار الإستراتيجي”.
ولفت إلى أن: “العراق لا يحتاج لأي جندي أميركي أو أجنبي؛ يحمل السلاح ويقاتل مع القوات العراقية، ولا يحتاج إلى مقاتلين على الأرض باستثناء القوات العراقية”.
وأضاف أن: “العراق يعمل مع، حلف شمال الأطلسي، (ناتو)، والغاية من هذا الموضوع؛ هو التدريب والتجهيزات التابعة للقيادة العسكرية”، مؤكدًا أن: “العراق يمتلك قوات مدربة وتستطيع أن تدافع عن الوطن والشعب”.
تغيير مهام القوات..
ورغم تلك التصريحات من الجانب العراقي، فرضت تطورات الأوضاع السياسية والعسكرية على الأرض في “العراق”، على القوات الأميركية؛ تغيير خططها فيما يتعلق بانسحاب القوات أو بقائها لمواجهة التحديات والتهديدات.
وتعليقًا على القرار الأميركي بعدم سحب القوات من “العراق”، قال “حاتم الفلاحي”، الباحث العراقي بمركز “الرافدين” للدراسات السياسية والإستراتيجية، إنه كانت أعداد القوات الأميركية بـ”العراق” تقارب 5 آلاف جندي، وتم تخفيضها إلى ما يقارب 2500 جندي، حسب تصريح، “كينيث ماكينزي”، قائد القيادة الوسطى الأميركية، في الفترة السابقة.
لكن “الحوار الإستراتيجي”، الذي جرى بين “الولايات المتحدة” و”العراق”، في الفترة الماضية، يمكن أن نقول إنه ساهم في التوصل إلى اتفاق بعدم مناقشة انسحاب القوات الأميركية من “العراق”، خلال هذه الفترة، وذلك لحاجة “العراق” إلى الدعم اللوجستي والجهد الاستخباري والدعم الجوي للقوات العراقية.
وتابع “الفلاحي”: “أضف إلى ما سبق؛ حاجة العراق إلى الجوانب الفنية والتدريبية، رغم أن هذه القوات التي تم الإبقاء عليها تم تغيير مهامها، من مهام قتالية إلى مهام استشارية بالنسبة للقوات الحكومية”.
سبب عدم انسحاب القوات الأميركية..
وسبب تراجع “الولايات المتحدة”؛ عن خفض قواتها عما هو على الآرض الآن، يأتي نتيجة التهديدات للقوات الأميركية، من قبل الميليشيات الولائية التابعة لـ”إيران”، وهو جزء من الصراع بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، على الأراضي العراقية، وكانت هناك ضربات لعدد من المواقع التي توجد فيها القوات الأميركية، سواء في “مطار أربيل” أو قاعدة (عين الأسد)، كما قال “الفلاحي”.
وتابع “الفلاحي”: “هناك أيضًا استهداف لقوافل الدعم اللوجستي التابعة للتحالف الدولي، لذا لا يمكن تخفيض القوات الأميركية بأقل مما هي عليه الآن في العراق، لأن ذلك سيؤدي إلى إشكاليات كبيرة جدًا في عدم إمكانية تلك القوات على توفير الحماية اللازمة، سواء للمواقع العسكرية أو الدبلوماسية، سواء في أربيل أو مناطق أخرى”.
جزء من الصراع “الأميركي-الصيني”..
وأكد الباحث بمركز “الرافدين”، أن بقاء القوات الأميركية، بـ”العراق”؛ سوف يحد بشكل كبير جدًا من إمكانية التدخل الصيني أو الروسي في “العراق”؛ أو المنطقة، بعد أن وقعت “طهران” معاهدة مع “الصين” لمدة 25 عامًا، تشمل السماح للقوات الصينية بالتواجد على الأراضي الإيرانية، لذا فإن القرار الأميركي هو جزء من الصراع الذي يُدار بين الدول الكبرى.
وقد قدمت مؤسسة (راندا)؛ أربع خيارات أمام القوات الأميركية في “العراق”، تمثلت في الانسحاب الجزئي أو الانسحاب شبة التام، أو الانسحاب الكلي، والخيار الرابع إنهاء الإرتباط، وفي إدارة “ترامب” السابقة كان هناك تهديد بفرض عقوبات كبيرة جدًا؛ قد تؤدي إلى إنهيار النظام السياسي الحاكم في “العراق”، لكن المؤسسة الأميركية لم تُعطي أي احتمال انسحاب كامل للقوات الأميركية !
وأوضحت أن “واشنطن” تُدرك جيدًا أن بقاء القوات الأميركية، في “العراق”، هو ضروري بشكل كبير جدًا، لمواجهة “إيران”، التي لم يتم الاتفاق معها حتى الآن، حيث يُعد “العراق” ساحة نفوذ كبيرة جدًا بالنسبة لـ”إيران”.
الضغط والتوسع الإيراني..
ويرى المحلل السياسي العراقي، الدكتور “عادل الأشرم”، أن “الولايات المتحدة الأميركية” باتت تتعامل مع معطيات جديدة؛ باتت واضحة على الأرض في “العراق”، ولا تستطيع، إدارة “بايدن”، أو أي مسؤول أميركي؛ أن يغض الطرف عنها، وهذه المعطيات تتعلق بمدى التوسع والنفوذ وقدرة “إيران” على شغل أي فراغ قد يخلفه انسحاب القوات الأميركية من “العراق”.
موضحًا؛ أن الاستهداف المبرمج والموجه، الذي تستخدمه الميليشيات التابعة لـ”طهران”، على الأراض العراقية؛ يدل دلالة قطعية على اتجاهها لتحريك أدواتها للتعامل مع ملفات في البُعد العراقي، مثل الملفات المتعلقة بالبرنامج النووي أو تهديد أمن الخليج، وكذا الملفات المرتبطة بالخلافات مع “الولايات المتحدة الأميركية”.
ويرى “الأشرم”؛ أن إدارة الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، رأت أن أي تصرف يدفع باتجاة إرسال رسائل للرأي العام الأميركي أو الرأي العام العربي أو في الشرق الأوسط، يؤدي إلى أن تحسب الأمور على أن الإدارة في “واشنطن” إدارة ضعيفة تتمثل في إدارة “بايدن”، وهي إدارة تستكمل ما بدا من ضعف في عهد إدارة الرئيس الأسبق، “باراك أوباما”.
وهو ما أعطى، “إيران”، دوافع كثيرة لتتقدم في جبهات عدة، لذلك بدأت “أميركا” تتريث في عملية سحب القوات من “العراق”، وبدأت تعالج من خلال منطلقات داخلية، كذلك هي تريد إرسال رسائل ومؤشرات لدعم حكومة “الكاظمي”، والذي تجد فيه بعض مؤشرات التململ من القدرة الإيرانية، وهو ما يجعلها قد تعول عليه لاستخدامه كأداة لضرب الميليشيات، وهو تعويل يبقى شكليًا ولا نجد له صدى على أرض الواقع، وليس أمامها خيار سوى أن تتعامل من خلال هذا المنطلق.
رسالة شكلية..
وحول إعلان “واشنطن”؛ بأن قرارها بالبقاء يأتي بناء على طلب من من الحكومة العراقية، قال “الأشرم”؛ إن “أميركا” تُريد أن تُرسل مثل تلك الرسائل بأن وجودها في “العراق” هو وجود شرعي؛ بطلب من الحكومة المنتخبة ورئيس وزرائها، وتلك هى رسالة شكلية، لكن في الحقيقة هي للتعامل مع الإستراتيجية الجديدة المتعلقة بشكل خلافها مع “إيران”، وفي الوقت ذاته تُدرك “واشنطن” أن الحكومة العراقية أضعف من أن تواجه الميليشيات، أو أن تتبنى أجندة لا تتوافق عليها “طهران”.
وكان قائد القيادة المركزية الأميركية في “العراق”؛ قد صرح، خلال الساعات الماضية، بعدم خفض قوات بلاده في “العراق”، وهو ما أثار تساؤلات عدة، في “بغداد”، حول جدية “الولايات المتحدة” في سحب قواتها من البلاد.