بين تهديدات الفصائل العراقية وأزمة ما بعد الانتخابات .. هل يتحقق الانسحاب الأميركي من بغداد نهاية العام بالفعل ؟

بين تهديدات الفصائل العراقية وأزمة ما بعد الانتخابات .. هل يتحقق الانسحاب الأميركي من بغداد نهاية العام بالفعل ؟

وكالات – كتابات :

أكد المحلل السياسي العراقي، “كاظم الحاج”، اليوم السبت؛ أن قرار حل (سرايا الدفاع الشعبي)؛ من قبل (كتائب حزب الله) العراقية لم يكن مناورة؛ ونحن نعلم بأن ما تقوله الكتائب تفعله، مبينًا أن حل السرايا لا يعني التوقف عن مقاومة الاحتلال إذا ما رغب البقاء داخل البلاد وعدم تنفيذ قرار الانسحاب الشامل نهاية العام الجاري.

وقال “الحاج”؛ لوسائل إعلام عراقية محلية؛ أن: “قرار (كتائب حزب الله)، بحل (سرايا الدفاع الشعبي)؛ ونقلها لهيئة (الحشد الشعبي) بعدتها وعديدها؛ جاء ردًا على مبادرة زعيم (التيار الصدري)”، مبينًا أن: “قرار الحل لم يكن مناورة، ونحن نعلم بأن ما تقوله الكتائب تفعله”.

وأضاف أن: “قرار الحل كان مشروطًا؛ وذلك لا يعني التوقف عن مقاومة الاحتلال؛ إذا ما رغب البقاء داخل البلاد وعدم تنفيذ قرار الانسحاب الشامل نهاية العام الجاري”، مشيرًا إلى: “وجود توجه لدى (كتائب حزب الله) الدخول في العمل السياسي؛ وستكون محور سياسي مقاوم”.

وكان المسؤول الأمني لـ (كتائب حزب الله)، “أبوعلي العسكري”؛ أعلن، أمس الجمعة، عن حل (سرايا الدفاع الشعبي)؛ ونقلها إلى هيئة (الحشد الشعبي)، فيما طالب بإجراءات مماثلة في حل قوات (البيشمركة).

الفصائل العراقية تصعد نبرة “الحرب” على القوات الأميركية..

وتستمر فصائل عراقية مسلحة، موالية لـ”إيران”؛ بالتهديد: بـ”حرب” مع القوات الأميركية في البلاد، ما لم تُغادرها قبل نهاية العام الحالي.

وفي هذا السياق، نقلت شبكة (رووداو) الإخبارية العراقية، اليوم السبت، عن فصيل (كتائب سيد الشهداء)؛ قوله إن: “الحرب ستكون مفتوحة” ضد القوات الأميركية، بعد إنتهاء مهلة وجود قواتها القتالية في “العراق”؛ بنهاية العام 2021.

وقال المتحدث باسم فصيل (كتائب سيد الشهداء)، “كاظم الفرطوسي”، لشبكة (رووداو) الإعلامية؛ إن: “الحكومة استنفدت كل جهودها، من خلال التوقيتات التي أعلنت عنها خلال زيارة رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، إلى الولايات المتحدة الأميركية”.

وأضاف: “وبالتالي فهو إلتزام متبادل، سواء تم نفيه من قبل الجانب الأميركي أو لم يتم ذلك”.

وأشارت الشبكة إلى وجود حوالي: 3500 جندي أجنبي حاليًا على الأراضي العراقيّة؛ بينهم: 2500 أميركي.

وأمس الجمعة؛ كان قد أعلن زعيم فصيل (كتائب سيد الشهداء)، “أبوآلاء الولائي”؛ عن: “فتح باب التطوع” في صفوف قواته؛ و”رفع الجاهزية”، تحضيرًا لما وصفها: بـ”المواجهة الحاسمة والتاريخية” مع القوات الأميركية.

وحدد “الولائي”، في تغريدة عبر حسابه على (تويتر) موعدًا لهذه المواجهة، في 31 كانون أول/ديسمبر بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي.

بغداد تعلن عدم تمديد موعد الانسحاب..

بدورها؛ قالت “الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية” في بيان، الجمعة، إن سلاحها “سيكون حاضرًا” إذا لم تُكمل القوات الأميركية انسحابها؛ بحلول نهاية كانون أول/ديسمبر.

وأكدت الهيئة، في البيان؛ أنها لن تتخلى عن سلاحها، مضيفةً: “لم نرَ حتى الآن أي مظهر من مظاهر الانسحاب.. بل على العكس”. وأكدت أنها رصدت قيام القوات الأميركية بزيادة أعدادها ومعداتها في قواعدها المنتشرة في العراق”.

من جهتها؛ نفت قيادة العمليات المشتركة العراقية، الجمعة؛ تمديد موعد انسحاب القوات الأميركية من “العراق”.

وقال المتحدث باسم العمليات المشتركة، اللواء “تحسين الخفاجي”؛ في تصريح لوكالة الأنباء العراقية: “الحديث عن تمديد موعد انسحاب القوات الأميركية غير دقيق وغير صحيح”.

وأكد “الخفاجي”؛ أن: “موعد خروج القوات القتالية، في 31 كانون أول/ديسمبر المقبل؛ ثابت ولا تغيير فيه”.

وأضاف أن: “العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، بعد خروج القوات القتالية؛ ستكون علاقة استشارية في مجالات التدريب والتسليح والمعلومات الاستخبارية والأمنية ضد تنظيم (داعش)”.

وفي وقت سابق، كان “التحالف الدولي” ضد (داعش)؛ قد أكد أن دوره في “العراق” لن يتغير بالتزامن مع قرب انسحاب القوات القتالية، نهاية كانون أول/ديسمبر من العام الجاري.

وقال المتحدث باسم قوة المهام المشتركة ومدير الشؤون العامة في التحالف الدولي، “غويل هاربر”، لوكالة الأنباء العراقية؛ إن: “دور التحالف الدولي في العراق لن يتغير، وسينتقل من العمليات القتالية إلى دور الاستشارة والتمكين والمساعدة”.

مواكب لأزمة ما بعد الانتخابات التشريعية..

ومع اقتراب موعد الانسحاب الأميركي من “العراق”؛ الذي يُصادف نهاية كانون أول/ديسمبر القادم؛ بعد جولات “حوار إستراتيجي” جرت بين “واشنطن” و”بغداد”، يتساءل كثيرون عن الإلتزام بهذا الموعد في ظل ظروف متأزمة يعيشها “العراق” بعد انتخابات تشريعية جرت قبل أكثر من شهر؛ وتشكيك العديد من القوى بصحة نتائجها الأولية.

يمتد تاريخ وجود القوات الأميركية في “العراق”، منذ الغزو عام 2003، وحتى انسحابها من البلاد عام 2011، ومن ثم عودتها بناء على طلب “بغداد”، منتصف عام 2014، عندما اكتسح مقاتلو “تنظيم الدولة الإسلامية” مساحات واسعة من البلاد.

تأكيد الانسحاب..

يؤكد العديد من المسؤولين العراقيين والأميركيين أن انسحاب القوات الأميركية من “العراق” سيكون وفق الموعد المحدد، نهاية العام الحالي، إذ أكد اللواء “يحيى رسول”، المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية؛ أن القوات الأميركية المكلفة بمهام قتالية باشرت الانسحاب، وهناك جهد مستمر من أجل استكمال عملية الانسحاب؛ بموعد أقصاه 31 كانون أول/ديسمبر القادم.

وأكد “رسول”، في وقت سابق، لـ (الجزيرة نت)؛ أن عمليات الانسحاب جارية على قدم وساق بعد مخرجات “الحوار الإستراتيجي” واللجان الفنية التي عملت مع الجانب الأميركي في جولات الحوار الأربع.

وأمس الجمعة، نفت قيادة العمليات المشتركة في الجيش العراقي؛ صحة مزاعم تمديد موعد انسحاب القوات القتالية الأميركية. وقال المتحدث باسم القيادة، اللواء “تحسين الخفاجي”، لوكالة الأنباء العراقية، (واع)، الحديث عن تمديد موعد انسحاب القوات الأميركية غير دقيق، وأضاف أن موعد خروج القوات القتالية، يوم 31 كانون أول/ديسمبر المقبل ثابت ولا تغيير فيه.

وقال “الخفاجي” إن العلاقة بين الطرفين، بعد خروج القوات القتالية؛ ستكون علاقة استشارية في مجالات التدريب، والتسليح، والمعلومات الاستخبارية، والأمنية ضد “تنظيم الدولة”.

ويأتي هذا النفي بعد إعلان فصيل (كتائب سيد الشهداء)، فتح باب التطوع في صفوفه لمحاربة القوات الأميركية بعد نهاية العام الجاري.

وقال الأمين العام للكتائب، “أبوآلاء الولائي” – في بيان له أمس الجمعة – إنه مع اقتراب ساعة الحسم والمنازلة الكبرى، تُعلن “المقاومة الإسلامية”، (كتائب سيد الشهداء)؛ فتح باب الإنتماء والتطوع لصفوفها.

التدريب والاستشارة..

وتعليقًا على الموضوع، يرى الخبير الأمني والإستراتيجي، “سرمد البياتي”؛ أن تفاهمات “العراق” مع “أميركا”؛ ضمن جولات الحوار الأربع ستؤدي نهاية العام الحالي إلى تحويل مهام القوات الأميركية القتالية في البلاد إلى قوات استشارية ولأغراض التدريب

وأضاف “البياتي” – المقرب من دوائر صنع القرار الأمني بـ”العراق” – أنه لم يطرأ أي تغيير على التفاهمات، وبالتالي سيسير الانسحاب وفق ما هو مخطط له.

ولفت إلى أن هناك معضلة قانونية تتمثل في مطالبة الحكومة العراقية لهذه القوات بالانسحاب بعد أن كانت قد أتت لـ”العراق”، عام 2014، بطلب عراقي رسمي.

ويرى الباحث في معهد الدراسات الإستراتيجية بـ”واشنطن”، “منقذ داغر”؛ أن الاتفاق بين “بغداد” و”واشنطن” لا يزال قائمًا، وأن القوات الأميركية ستنسحب بكل تأكيد.

وفي حديث حصري لـ (الجزيرة نت)، بيّن “داغر” أن هذا الانسحاب لن يكون شاملاً، إذ سيكون هناك وجود في بعض القواعد مع تغيير صفتها، وأن القوات المنسحبة ستنضم لقوات “التحالف الدولي” وبعثة “حلف شمال الأطلسي”، (ناتو-NATO)، العاملة في “بغداد”.

البنتاغون..

ورغم التصريحات العراقية التي تؤكد رحيل القوات الأميركية في الموعد، فإن “وزارة الدفاع الأميركية”، (البنتاغون)، لها رأي آخر، إذ قالت، “دانا ستراول”؛ نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي، الثلاثاء الماضي؛ إن الحكومة العراقية دعت القوات الأميركية إلى تمديد بقائها في البلاد.

وبالعودة إلى “البياتي”؛ فإنه نفى صحة هذه المعلومات، مبينًا أن الحكومة العراقية لم تتقدم بطلب كهذا، مضيفًا أن التصريحات الأميركية قد تكون مبنية على المعضلة القانونية في عدم تقديم الحكومة طلبًا لهذه القوات بالانسحاب

إمكانية البقاء..

ويتزامن موعد الانسحاب الأميركي مع المأزق السياسي الذي تعيشه البلاد، إذ بعد 05 أسابيع على إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة، لم تُعلن النتائج النهائية للانتخابات وسط أزمة سياسية بين مختلف الأحزاب حول الشكل الذي ستكون عليه الحكومة القادمة.

ليس هذا فحسب، إذ يقترب موعد الانسحاب متزامنًا مع تدهور أمني في البلاد بتصاعد هجمات “تنظيم الدولة”؛ ومحاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، بداية الشهر الجاري، حيث لم تُعلن لجنة التحقيق المكلفة، عن الجهة التي قد تقف وراء محاولة الاغتيال حتى الآن.

من جانبه؛ يقول الخبير الأمني العراقي، “أحمد الشريفي”؛ إن كل التوقعات تُشير إلى أنه لن يكون هناك انسحاب أميركي في الموعد المحدد، بل ترشيق لوجود القطعات الأميركية، بما يعني ضمنًا بقاء هذه القوات في قاعدتي: (عين الأسد)، في محافظة “الأنبار” غربًا، وقاعدة (حرير)، في مدينة “أربيل”، في “إقليم كُردستان”.

وعن موقف الجهات المسلحة بـ”العراق” الرافضة للوجود الأميركي، يُعلق “الشريفي”: “الحكومة العراقية القادمة ستكون بلا شك حكومة أغلبية سياسية، ستؤسس وفق التوازنات الإقليمية والدولية، وأن المرحلة القادمة ستشهد أفول نجم الفصائل المسلحة وانحسارها؛ إما باتجاه المعارضة السياسية أو بتفكيكها نهائيًا”، معتبرًا أن المرحلة المقبلة في “العراق” ستختلف كليًا عمّا سبق، منذ عام 2003، بحسب تعبيره.

وبالتوجه إلى مدير مركز “اليرموك” للدراسات الإستراتيجية، “عمار العزاوي”، فإنه يرى أن أطرافًا سياسية عراقية عدة ترغب في بقاء القوات الأميركية بالبلاد؛ ومن مختلف المكونات والقوميات، لافتًا إلى أنه – وفق المعطيات الحالية – من المستبعد أن تنسحب “الولايات المتحدة” بقواتها القتالية من “العراق”.

ويضيف “العزاوي”؛ أن الخلافات السياسية قد تنعكس على الوضع الأمني مستقبلاً؛ بما قد يُغير من خطط الانسحاب الأميركي، مبينًا أن الانسحاب يعني خروج جميع القوات من “العراق” من دون أن يكون لها أي قواعد، وهو ما يتناقض مع الواقع الحالي الذي توجد فيه القوات الأميركية في قاعدتي: (عين الأسد) و(حرير).

وبعيدًا عن تأكيدات انسحاب القوات الأميركية أو بقائها في “العراق”، فإن “الولايات المتحدة” دولة براغماتية تتعامل مع المستجدات وقت حصولها بما يضمن أمنها الإستراتيجي وأمن حلفائها، وذلك بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة “الموصل”، “محمود عزو”.

ويتابع؛ أن التخوف يتمثل في حصول تطور إستراتيجي يؤثر في بنية الدولة العراقية، ويضيف أن “الولايات المتحدة” لديها ثقل سياسي كبير في البلاد؛ متمثل في السفارة التي تُعد الأكبر على مستوى العالم، فضلاً عن وجودها الإستراتيجي في قاعدتي: (عين الأسد) و(حرير)؛ بما سيمكنها من حماية مصالحها القومية على المدى الطويل بغض النظر عن انسحاب القوات القتالية من عدمه.

وسائل إعلام عراقية والعربية نت والجزيرة نت

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة