بين تنازلات “بايدن” وزيارة “قاآني” السرية .. محاولات إيرانية لمحاصرة نتائج “الحوار الإستراتيجي” مع العراق !

بين تنازلات “بايدن” وزيارة “قاآني” السرية .. محاولات إيرانية لمحاصرة نتائج “الحوار الإستراتيجي” مع العراق !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

لازالت تبعات الجولة الثالثة من “الحوار الإستراتيجي” تشغل بال الكثيرين، حيث وصفت: بـ”الناجحة”؛ إلا أن هذا قد لا ينال رضا الطرف الإيراني المتوغل في العمق العراقي.

وبعد الحوار بأيام قليلة، بحث مستشار الأمن القومي العراقي، “قاسم الأعرجي”، الأحد الماضي، مع السفير الأميركي في بغداد، “ماثيو تولر”، التطورات بين البلدين والأوضاع الإقليمية.

ونقل بيان لمكتب “الأعرجي”؛ عن “تولر” قوله، إن: “الولايات المتحدة الأميركية تتطلع لعلاقات (عراقية-إيرانية) طبيعية تخدم مصالح الجميع”.

وأضاف السفير الأميركي، وفقًا للبيان، أن: “بلاده تسعى لأن لا يكون هنالك تصعيد في الوضع الإقليمي، وأن مباحثات فيينا، مع الجانب الإيراني، ستكون لبناء جسور الثقة بين واشنطن وطهران”.

المنطقة تحتاج لإعادة ترتيب الأوراق..

من جهته؛ قال مستشار الأمن القومي العراقي، إن: “المنطقة بحاجة إلى إعادة ترتيب أوراقها من جديد، والعراق يسعى دومًا، ومازال، لأن يكون نقطة التقاء وتقارب مع الجميع، بما يعود على المنطقة بالأمن والاستقرار ويجنبها المزيد من النزاعات”.

وبحث الجانبان الأوضاع الأمنية والسياسية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وسُبل تعزيز التعاون وإدامة العلاقات بين “بغداد” و”واشنطن”، بما يحقق أمن واستقرار المنطقة.

نشاط إيراني متوقع لمحاصرة نتائج الحوار..

غير أن توقعات الخبراء ترى أن “إيران” ستبدأ نشاطًا محمومًا، خلال الفترة المقبلة، في “العراق”، لمحاصرة نتائج الجولة الثالثة من “الحوار الإستراتيجي”، وخاصة تنويع العلاقات العراقية مع بلاد العالم، وما يحمله من تهديد للنفوذ الإيراني.

وتعتبر الجولة الثالثة من “الحوار الإستراتيجي”؛ هي الأولى في عهد الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، وانتهت إلى الاتفاق على إنهاء وجود القوات العسكرية الأميركية بتحويل المتبقي منها على الأراضي العراقية إلى مهام التدريب، وتنويع العلاقات بين “العراق” ودول العالم في كافة المجالات، وخاصة الأمن والطاقة والاستثمار الأجنبي والتعليم والآثار، وهي صلب الملفات التي سيطرت عليها “طهران” في هذا البلد لسنوات طويلة.

ووصف رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، مخرجات الجولة الثالثة من “الحوار الإستراتيجي”؛ في تغريدة له على حسابه الرسمي في موقع (تويتر)؛ بأنها: “بوابة لاستعادة الوضع الطبيعي في العراق”.

وأضاف: “الحوار هو الطريق السليم لحل الأزمات، شعبنا يستحق أن يعيش السلم والأمن والإزدهار، لا الصراعات والحروب والسلاح المنفلت والمغامرات”، وهو ما رآه البعض إشارة إلى فوضى الميليشيات والحرب البديلة؛ التي تنفذها على أرض “العراق” نيابة عن دول أخرى، وعلى رأسها “إيران”.

أما وزير الخارجية الأميركي، “آنتوني بلينكن”، فقد غرد على (تويتر)؛ قائلاً: “متفائل بشأن الطريق إلى الأمام؛ بعد مراجعة التقدم الذي أحرزناه في كل مجال من مجالات شراكتنا الواسعة والإستراتيجية”.

تدعيم حكومة “الكاظمي”..

وأنطلقت التوقعات المتحدثة عن تأثيرات هذه الجولة على التدخلات الإيرانية في “العراق”، حيث قال الباحث السياسي العراقي، “محمد الجبوري”؛ إن الجولة تُشير لديمومة العلاقة الإستراتيجية بين البلدين، في ظل هذا الظرف المعقد الذي يمر به “العراق” والمنطقة نتيجة الهيمنة الإقليمية الإيرانية على دول ما يسمى بمحور “الممانعة”، في إشارة إلى “سوريا” و”لبنان”، إضافة لـ”العراق”.

موضحًا أن: “مكاسب الحوار الإستراتيجي، بين بغداد وواشنطن، تتلخص في تعميق الشراكة بين العراق وأميركا في مجال الاقتصاد والأمن والطاقة والتسليح، فضلاً عن حاجة العراق إلى دعم دولي كبير للخلاص من أزمته الاقتصادية الخانقة”.

وأضاف أن: “الحوار الإستراتيجي يُساعد حكومة الكاظمي، التي تحاول إيران إفشالها عبر دولتها العميقة المتمثلة في التنظيمات الولائية، على مواجهة التحديات السياسية والأمنية، ومواصلة تحقيق الإنجازات المطلوبة منها من قبل الشارع المحلي الناقم على النظام السياسي، والمستمر في احتجاجاته، منذ تشرين أول/أكتوبر 2019”.

انسحاب القوات الأميركية وانفتاح الدبلوماسية الدولية..

وبحسب “الجبوري”؛ فإن من بين نتائج الجولة الثالثة: “تقليص دور القوات الأميركية من القتال إلى المشورة والتدريب، دون تحديد جدول زمني للانسحاب الكامل، وفتح جسور الدبلوماسية الدولية مع العالم العربي والغربي، خصوصًا أن العراق شهد انفتاحًا دوليًا هائلاً كان أبرزها زيارة بابا الفاتيكان، ومن ثم الزيارات الرسمية العراقية لدول المنطقة والعمل على عقد شراكة إستراتيجية معها، ولاسيما الأردن ومصر والإمارات والسعودية”.

وتبدو انعكاسات هذه السياسة العراقية الجديدة، بحسب “الجبوري”؛ في محاولة: “تحييد العراق عن إيران، وتفكيك الإرتباط العضوي المباشر والمهيمن على سيادتها، ومن ثم، استعادة الدولة من حالة الانفلات وسيطرة الميليشيات”.

ورغم أن البيان المشترك الصادر عن الجولة الثالثة من “الحوار الإستراتيجي”؛ لم يحدد موعدًا للانسحاب الأميركي العسكري من “العراق”، إلا أن المتحدث باسم مجلس الوزراء، “حسن ناظم”، كشف قبل يومين، عن وجود دراسة وضعت جدولاً لانسحاب القوات الأجنبية من “العراق”.

إدارة “بايدن” تتعرض لضغوط !

من جهته، قال “توم حرب”، مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية، في تصريح لموقع (سكاي نيوز عربية)؛ إن: “استئناف الحوار الإستراتيجي الأميركي مع العراق، يدخل ضمن تحركات، بايدن، الخارجية، ومن بينها إدارة الأزمة مع إيران استعادة الحوار معها، وإحياء الاتفاق النووي، إذ إن هناك ضغوط تتعرض لها إدارته بخصوص تخفيف القبضة الأميركية على طهران”.

ومن بين نتائج تلك الضغوط، بحسب “حرب”: “تقديم تنازلات للعودة للاتفاق النووي الإيراني، وانسحاب قواتها العسكرية من إحدى المناطق التي تتمتع فيها إيران بنفوذ كبير، سياسي وميداني”، لافتًا إلى أن: “هناك ضغوطات محلية في العراق من قبل مجموعات سياسية ترفض الانسحاب المباغت أو الشامل، حتى لا تقع البلاد تحت وطأة ما جرى، في عام 2014، واحتمالية سيطرة تنظيم (داعش) على مناطق ومساحات جغرافية من جديد”.

توحيد جهود الميليشيات واتخاذ موقف موحد أمام مخرجات الحوار..

ورأى الكثيرون أن الزيارة السرية التي قام بها، “إسماعيل قاآني”، قائد (فيلق القدس)، لـ”العراق”، الأسبوع الماضي، مؤشرًا جديدًا على الانزعاج الإيراني من مسار “الحوار الإستراتيجي”، (العراقي-الأميركي).

ورأى “حرب”، مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية؛ إن زيارة قائد (فيلق القدس)، التي تزامنت مع بدء “الحوار الإستراتيجي”، هي: “بدون شك لتوحيد جهود الميليشيات التي تسيطر عليها إيران، وإيجاد موقف سياسي موحد أمام مخرجات الحوار”.

مبينًا أن: “(الحشد الشعبي)، بالعراق، والمدعوم من (الحرس الثوري) الإيراني، يُمارس تأثيرات جمة على المنظومة الأمنية والعسكرية الدفاعية في العراق، كما أنها ستلعب تأثيرات سلبية على تحركات رئيس الحكومة العراقية؛ والذي يهدف إلى تنويع شراكاته الإقليمية والخارجية مع محيطه الإقليمي العربي والخليجي”.

وتعتبر هذه الزيارة الثالثة على الأقل لـ”إسماعيل قاآني”، إلى “العراق”، حيث كانت السابقة، في نهاية تشرين ثان/نوفمبر الماضي، وأكدها سفير إيران في بغداد، “إيرج مسجدي”، الذي وصف قائد الفيلق بأنه؛ بعد مقتل “سليماني”، أصبح ممثل “إيران” للتفاوض مع المسؤولين العراقيين، وفق ما نقله موقع (إيران إنترناشونال)، في كانون أول/ديسمبر الماضي.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة