خاص : كتبت – نشوى الحفني :
على وقع مارثون الانتخابات الرئاسية الأميركية 2024، وفي خطوة لصالح الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، انتقد المتحدث باسم البيت الأبيض؛ “إيان سامز”، الاثنين الماضي، النواب الجمهوريين في “الكونغرس”؛ اللذين يسّعون لفتح تحقيق معه بهدف عزله، قائلاً في بيانٍ له إن: “هذا التحقيق لا أساس له من الصحة، وسيكون بمثابة كارثة على الجمهوريين في الكونغرس”، وأضاف أن هناك نوابًا جمهوريين: “يعترفون بأنه لا يوجد دليل على مزاعمهم الكاذبة، وأن اتباع مثل هذه الحيلة الحزبية سيأتي بنتائج عكسّية”.
وحث الجمهوريين في “مجلس النواب” على: “العمل مع الرئيس في القضايا التي تهم الشعب الأميركي حقًا، مثل خفض تكاليف المعيشة وخلق فرص العمل، أو تعّزيز الرعاية الصحية، والتعليم بدلاً من مواصلة حربهم السياسية المتطرفة ومحاولة إلحاق الضرر السياسي بالرئيس”.
خطوة طبيعية إلى الأمام..
وقبل ذلك؛ قال رئيس “مجلس النواب” الأميركي؛ “كيفن مكارثي”، إن التحقيق في قضية عزل الرئيس؛ “بايدن”، هي: “خطوة طبيعية إلى الأمام”، بعد التحقيقات التي يقودها الجمهوريون في تعاملات؛ “هانتر بايدن”، التجارية.
وسُئل “مكارثي” على قناة (فوكس نيوز-Fox News)؛ عما إذا كان سيُقدم تحقيقًا لعزل “بايدن” الشهر المقبل، حيث أشار الأسبوع الماضي إلى أنه قد يفعل ذلك إذا لم يتم تزويد الجمهوريين في “مجلس النواب” بالوثائق التي يحتاجونها لتحقيقاتهم.. وقال “مكارثي”: “إذا نظرت إلى كل المعلومات التي تمّكنا من جمعها حتى الآن، فمن الطبيعي أن تضطر إلى تحقيق المساءلة”.
وقال إن الكثير من الأسئلة لا تزال دون إجابة؛ وأضاف “مكارثي”: “لكي تتمكن من الحصول على إجابات لهذه الأسئلة، ستحتاج إلى إجراء تحقيق بهدف عزل الرئيس لتمكين الكونغرس والجمهوريين والديمقراطيين من الحصول على الإجابات التي يسّتحق الشعب الأميركي معرفتها”.. وأعرب الجمهوريون المعتدلون والمتأرجحون في “مجلس النواب”؛ عن مخاوفهم بشأن رد الفعل السياسي المحتمل بعد أن أشار “مكارثي” إلى أنه قد يفتح تحقيقًا لعزل “بايدن”، وهذ خطوة كان أعضاء “الكونغرس” الأكثر تحفظًا يدفعون من أجلها.
وهناك بعض الجمهوريين يعترفون بأن التحقيق في فساد عائلة “بايدن”؛ المزعوم لم يكشف بعد عن أدلة محددة على ارتكاب الرئيس نفسه مخالفات؛ وفقًا لموقع (أكسيوس-Axios).
“البيت الأبيض” يتساءل..
من جهته تساءل المتحدث باسم البيت الأبيض؛ “إيان سامز”، في بيان، ردًا على تصريحات “مكارثي”: “خطوة طبيعية إلى الأمام” بناءً على ماذا ؟
وأشار إلى مقال ذكر أن الجمهوريين لم يطلبوا الوثائق التي استشهد بها “مكارثي؛ الأسبوع الماضي، كأساس لتحقيق المساءلة، مثل البيانات المصرفية.
أنشطة مشّبوهة..
وفي مقابلته مع (فوكس نيوز)؛ ناقش “مكارثي” الاختراق الأخير في تحقيق الحزب (الجمهوري) مع الرئيس؛ “بايدن”، حيث عثر المحققون على: 76 تقريرًا عن أنشطة مشّبوهة من حسابات بنكية لعائلة “بايدن”، وشهادة المبلغّين عن المخالفات التي تؤكد الرشوة، وأدلة مزعومة على: 20 شركة وهمية تتعامل بأموال تم توجيهها إلى الحسابات المصرفية العائلية لـ”بايدن”.
وقال “مكارثي”: “فقط لأن الجمهوريين حصلوا على الأغلبية، اكتشفنا أن ما قاله لنا الرئيس؛ بايدن، عندما كان يترشح لمنصب الرئاسة غير صحيح.. لقد قال إنه لم يتعامل مطلقًا مع أعمال ابنه وأنه لم يتحدث معهم مطلقًا.. لقد اكتشفنا الآن أنه لم يحضر الاجتماعات فحسّب، بل ذهب لتناول العشاء. وبعد العشاء، حصل؛ هانتر بايدن، على سيارة (بورش) جديدة وتم تحويل: 3.5 مليون دولار إليه. واكتشفنا الآن أنه عندما كان نائبًا للرئيس، أنشأت العائلة: 20 شركة وهمية.. لقد تلقوا: 16 من 17 دفعة مالية من رومانيا عندما كان نائبًا للرئيس. ووجدنا الآن أن الأموال تتدفق إلى تسعة أفراد من الأسرة، ومنذ ذلك الحين وجدنا أن وزارة العدل تتواطأ مع ابنه؛ هانتر بايدن”.
صفقة مرفوضة..
وأضاف: “لدينا أيضًا وزارة العدل؛ التي حاولت تقديم صفقة محببة؛ لهانتر بايدن، لكن القاضي رفض، لذا إذا نظرت إلى كل المعلومات التي تمّكنا من جمعها حتى الآن، فستجد أنها خطوة طبيعية إلى الأمام؛ حيث يتعين عليك الذهاب إلى تحقيق المساءلة”.
ولكي يفهم المشاهدون ما يعنيه ذلك؛ فإن ذلك يمنح “الكونغرس” قمة السلطة القانونية للحصول على جميع المعلومات التي يحتاجون إليها.
وتابع لدينا مدعٍ عام كان بإمكانه أن يكذب على الشعب الأميركي، وقد أصبح الآن مدعيًا خاصًا. ويُظهر المبلغون عن مخالفات “مصلحة الضرائب” الأميركية الذين تقدموا أن هناك شكلين من أشكال العدالة في “أميركا”، لكن الآن عندما تنظر إلى هذا، يبدو أن ثقافة الفساد كانت تحدث داخل عائلة “بايدن” بأكملها.. عليه أن تكون قادرًا على الإجابة على ذلك أمام الجمهور الأميركي.. الرأي العام الأميركي يستحق الإجابة.
عائق السّن..
وفي آخر استطلاع للرأي؛ اعتبر أكثر من ثلاثة أرباع الأميركيين أن الرئيس؛ “جو بايدن”، أكبر من أن يكون فعالاً إذا أعيد انتخابه لولاية جديدة.
ووجد الاستطلاع الذي أجرته (آسوشيتد برس) ومركز (NORC) للشؤون العامة أن الأميركيين؛ كانوا أكثر ميلاً إلى القول بأن العمر سيكون مشكلة بالنسّبة لـ”بايدن”؛ (سيبلغ: الـ 80 فى تشرين ثان/نوفمبر)، أكثر مما هو بالنسّبة لـ”ترامب”، الذى هو أصغر ببضع سنوات؛ (77 عامًا)، من خليفته.
وبحسّب الاستطلاع؛ قال: 77% من الأميركيين، بما في ذلك: 89% من الجمهوريين؛ و69% من الديمقراطيين، إن “بايدن” أكبر من أن يكون فعالاً ومؤثرًا في المنصب لمدة أربع سنوات أخرى.
من ناحية أخرى؛ قال حوالي نصف الأميركيين إن “ترامب” كبير في السّن للغاية بالنسّبة لـ”البيت الأبيض”، وكان الديمقراطيون أكثر احتمالاً من الجمهوريين للقول إن عُمر “ترامب” يجعله غير فعال للمنصب.
ويؤيد: 66% من المسّتطلعة آرائهم تحديد سّن للمرشحين للرئاسة، و68% يؤيدون تحديد سّن لمجلسي “النواب” و”الشيوخ”، و67% يؤيدون سّن التقاعد الإلزامي للمحكمة العُليا.
مصدر قلق أم فوائد محتملة ؟
وكما تُعتبر مصدر قلق داخلي؛ أيضًا بدأ الحلفاء والخصوم في أنحاء العالم فعلاً يتحسّبون – وحتى يخططون – لاحتمال عودة “دونالد ترامب” إلى “البيت الأبيض”.
وترى صحيفة (وول ستريت جورنال)؛ أنه بالنسّبة إلى العديد من العواصم، يُشكل إمكان عودة “ترامب” لولاية ثانية مصدر قلق، وهناك حلفاء من “باريس” إلى “طوكيو” يعتبرون “ترامب” زعيمًا يصعب التكّهن بمواقفه ولا يهتم كثيرًا بتأسيس علاقات لمواجهة التوسّعين الروسي والصيني.
وهناك آخرون؛ على غرار “بكين” و”موسكو”، يرون فوائد محتملة من “ترامب”، الذي ينظرون إليه كزعيم من عالم المقاولات ربما يكون راغبًا في إبرام اتفاقات، من أجل تخفيف التوترات في النقاط الساخنة، مثل “أوكرانيا” و”تايوان”، وفق المحللين.. كما أن السياسيين القوميين والشعبويين يؤيدون طموحات “ترامب”.
ويتردد صانعو القرار في الإدلاء بتصريحات علنية من الممكن أن تُثير استياء الإدارة الحالية أو أية إدارة مقبلة، لكن سياسيين أجرت (وول ستريت) معهم مقابلات يتشاركون الأفكار حول ما تعنيه عودة “ترامب” إلى المسرح العالمي، بالنسّبة إلى القضايا الجيوسياسية.
إشعال حرب تجارية عالمية..
وأكثر المخاوف شيوعًا هي أن “ترامب” سيُشعل حربًا تجارية عالمية؛ وهدد الرئيس السابق في حملاته الانتخابية بفرض تعريفات جمركية جديدة، على كل المواد التي تورد إلى “الولايات المتحدة” – سواء بالنسبة إلى الأصدقاء والخصوم على حدٍ سواء – وهي خطوة من شأنها زرع الانقسامات في العلاقات عبر “الأطلسي” في زمن الحرب.
كما أن “ترامب” هدد أيضًا بالانسّحاب من معاهدة “حلف شمال الأطلسي”، وهي خطوة قال حليفه السابق؛ “جون بولتون”، إنه شّبه متيقن من أنه سيُقّدم عليها في حال انتخابه مجددًا.
تأمين المساعدة لـ”أوكرانيا”..
وتسّعى بعض الحكومات لتأمين المسّاعدة العسكرية لـ”أوكرانيا” لتعّزيز الأمن هناك في حال خفّض “ترامب” الدعم الأميركي بعد انتخابه، وتُحاول “مجموعة الدول الصناعية السبع” الكبرى التوصل إلى اتفاقات ثنائية مع “كييف” لتزويدها بالأسلحة بما يتماشى مع معايير الـ (ناتو).
وقال النائب الفرنسي؛ “بنيامين حداد”، من حزب الرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”: “يوجد احتمال قوي لإعادة انتخاب ترامب.. إنه يُجبرنا نحن الأوروبيين على قراءة المكتوب على الجدار وتحمل مسؤولية أكبر”.
وبحسّب المدير التنفيذي لبرنامج المحيطين “الهندي” و”الهاديء” في “صندوق مارشال” الألماني؛ في الولايات المتحدة؛ “بوني غلاسر”، فإن: “ترامب؛ يُعطي قيمة أقل لحلفاء الولايات المتحدة، ولذلك تتوقع بكين تصدع التحالفات والائتلافات التي أقامتها الولايات المتحدة، وتاليًا تخفيف الضغط على الصين”.
هذه السيناريوات تجعل القشعريرة تسّري في العمود الفقري لـ”أوروبا” و”منطقة الهاديء”.
وعملت إدارة “بايدن” على جمع حلفاء في “آسيا”، وتعّزيز التعاون العسكري والمسّاعدة على رأب الصدع بين “اليابان” و”كوريا الجنوبية”، كما أن “واشنطن” أرسّلت مليارات الدولارات على شكل مساعدات عسكرية وإنسانية إلى “أوكرانيا”، ما أتاح لـ”كييف” الصمود في الميدان ضد “روسيا”.
توسّيع إنتاج الأسلحة..
وحذر مسؤولون فرنسيون الحلفاء الأوروبيين من أن احتمال عودة “ترامب”؛ يتطلب من القارة أن توسّع إلى حدٍ كبير إنتاجها من الأسلحة، من المدافع إلى أنظمة الدفاع الجوي، بحيث تتمكن من تزويد “أوكرانيا” بنفسها.
كما أن بلدان “أوروبا الشرقية” و”فرنسا” تدفع الحلفاء إلى قبول عضوية “أوكرانيا” في الـ (ناتو)، وهي خطوة من شأنها رفع المخاطر مع “روسيا” من خلال تزويد “كييف” بضمانات أمنية.
وقال “ماكرون”؛ مؤخرًا، في مقابلة مع مجلة (لو بوان) الفرنسية: “لقد كنا محظوظين بوجود إدارة أميركية ساعدتنا.. هل يمكننا جعل أوكرانيا تخسّر وروسيا تربح ؟.. الجواب هو كلا.. علينا الصمود مع مرور الوقت”.
ويعمد مسؤولون من الأحزاب الألمانية الثلاثة الحاكمة؛ بقيادة “آولاف شولتس”، إلى القيام بزيارات متكررة لـ”الولايات المتحدة” منذ تسّلم السلطة في 2021، تشمل اجتماعات مع مسؤولين في الحزب (الجمهوري) ومع مساعدين لـ”ترامب”.
ويقوم “ولفغانغ شميدث”؛ المساعد الرئيس لـ”شولتس”، بزيارات منتظمة لـ”واشنطن”، وينسّج علاقات مع جمهوريين رئيسيين، وفي أيلول/سبتمبر؛ ستقوم وزيرة الخارجية الألمانية؛ “أنالينا بيربوك”، بزيارة لـ”الولايات المتحدة”، تستمر عشرة أيام، بينها رحلة مطولة إلى “تكساس”، معقل الحزب (الجمهوري)، من أجل التواصل مع الحزب.
ترحيب بعودة “ترامب”..
وهناك بعض الحكومات التي ترحب باحتمال عودة “ترامب”، وكرر رئيس الوزراء المجري؛ “فيكتور أوربان”، الذي يحتفظ بعلاقات صداقة مع الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، ويُعارض إرسال أسلحة غربية إلى “أوكرانيا”، في أكثر من مناسبة أنه يتمنى فوز “ترامب” في الانتخابات المقبلة، حتى مع تزايد المشاكل القانونية في وجهه.. وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي موجهًا كلامه لـ”ترامب”: “واصل القتال.. أيها الرئيس نحن معك”.
وفي الشرق الأوسط؛ يتمتع “ترامب” بشعبية واسعة لدى الرأي العام الإسرائيلي؛ وهو حليف لحكومة رئيس الوزراء؛ “بنيامين نتانياهو”، التي تُعتبر الأكثر يمينية وتدينًا في تاريخ “إسرائيل”.. لكن “ترامب” انتقد “نتانياهو” لتهنئته “بايدن” على فوزه في 2020.
وفي مقابلة هذا الصيف؛ أشاد “نتانياهو”؛ بـ”ترامب”، من دون أن يُفصح عما إذا كان على تواصل قريب معه.
مخاوف إيرانية..
وبالنسبة لـ”إيران”؛ فإن “ترامب” هو الذي انسّحب من “الاتفاق النووي” لعام 2015.. ولذلك، يرى مدير برنامج “إيران” في معهد الشرق الأوسط؛ “أليكس فاتانكا”، أن “طهران” تُحاول عبر اتفاق تبادل السجناء مع “واشنطن” مؤخرًا مقابل الإفراج عن ودائع إيرانية مجّمدة في “كوريا الجنوبية”: “الحصول على ما تستطيع من تنازلات من فريق بايدن”، تحسّبًا لعودة “ترامب” إلى “البيت الأبيض”.