29 مارس، 2024 9:08 ص
Search
Close this search box.

بين الوهم والحقيقة .. فرنسا ترتعد على مصير إنتخاباتها من أصابع روسيا الطويلة

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – ابتهال مخلوف :

مع حلول شهر نيسان/أبريل 2017، يبدأ العد التنازلي لسباق الرئاسة الفرنسية، الذي تنطلق جولته الأولى يوم الثالث والعشرين منه، ويضع الرأي العام في فرنسا نصب عينيه التجربة الأميركية وصعود الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” بتوجهاته اليمينية للبيت الأبيض وما يتردد في الولايات المتحدة عن فضيحة التجسس الروسية على مرشحة الحزب الديمقراطي “هيلاري كلينتون”.

وليس من قبيل المبالغة أن القلق من تدخل روسيا في سير العملية الإنتخابية بات يقض مضاجع الفرنسيين ويدفعهم لمتابعة الأخبار القادمة من واشنطن عن تحقيقات لجنة المخابرات في مجلس الشيوخ بشأن التدخل الروسي في الإنتخابات الأميركية شهر تشرين ثان/نوفمبر الماضي.

التوجس من الخطر الروسي

إيمانويل ماكرون

اجرت صحيفة “لوجورنال دو ديمانش”، استطلاعًا للرأي يوم الخميس الماضي، محوره: “هل يعتقد الفرنسيون أن روسيا سوف تؤثر على لعبة الانتخابات الفرنسية؟”.. وأعرب 61% ممن شاركوا في الاستطلاع عن اعتقادهم أن روسيا لن تتدخل في انتخابات بلادهم، بينما وافق 39% منهم على أن الخطر الروسي يهدد العملية الديمقراطية في بلدهم. وهي نتيجة صادمة ولا يستهان بأن ثلث الفرنسيين تنتابهم المخاوف من روسيا وتأثيرها في اختيار من سيشغل “قصر الإليزيه” السنوات الخمس القادمة.

السؤال بسيط.. لكن مجرد طرحه يحمل دلالات خطيرة عن مدى تعقد العلاقات الدولية في حقبة ما بعد فوز ترامب وخروج بريطانيا يوم 28 من آذار/مارس الماضي من الإتحاد الأوروبي ومساحة المكاسب التي يحققها الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” في علاقات بلاده الدولية.

ويعمق من مشاعر القلق لدى الفرنسيين، سلسلة من التصريحات الأخيرة التى تنطلق من واشنطن، منها تحذير “ريتشارد بور” رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركى المعنية بالتحقيق في تدخل روسيا في الأنتخابات الأميركية من عدمه، من أن روسيا حاضرة بقوة في السباق لقصر الإليزيه.

عن طبيعة التدخل الروسي المحتمل في سياق الانتخابات الفرنسية لإختيار الرئيس الحادي عشر في الجمهورية الفرنسية الخامسة، كشفت وسائل الإعلام الفرنسية في شهر شباط/فبراير الماضي تعرض موقع حركة “إلى الأمام” التي يتزعمها المرشح “إيمانويل ماكرون”، الأوفر حظًاً للفوز في الإنتخابات الفرنسية، لهجوم إلكتروني، وعلى الفور اتجهت أصابع الإتهام لموسكو ويعرف عن “ماكرون” أنه يلعب بورقة الدفاع عن الإتحاد الأوروبي والوحدة الأوروبية في حملته الإنتخابية.

والأشد وطأة أن “فرانسوا هولاند” الرئيس الفرنسي فطن لهذا الخطر، وقد أصدر تعليماته بالتصدي لعمليات القرصنة التي قد تواجه الانتخابات الرئاسية في بلاده.

كما نقلت صحيفة “لوجورنال دو ديمانش” تصريحات لـ”جان مارك آيرولت” وزير الخارجية الفرنسي يحذر فيها “صراحة” من أى تدخل روسي في إنتخابات فرنسا، متهمًا موسكو بأن لها آيادي خفية في دعم المرشحة اليمينية المتطرفة “مارين لوبان” زعيمة حزب الجبهة الوطنية و”فرانسوا فيون” مرشح حزب اليمين والوسط المحافظ.

ودخل عدد من الساسة الأوروبيين على خط الهجوم على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واتهامه بالسعي لدعم حركات التطرف اليميني والشعبوية في أوروبا، ومن بينهم “فرانس تيمرمانس” نائب رئيس المفوضية الأوروبية الذى اتهم الرئيس الروسي بالسعي لإضعاف القارة البيضاء وتقسيمها عبر دعم حركات اليمين المتطرف فيها مثل جبهة مارين لوبان.

وجاءت اتهاماته بلغة صريحة في خطاب أمام البرلمان الأوروبي عندما قال: “أوروبا المقسمة لا معنى لها سوى أن بوتين هو الزعيم”.

كماشة “لوبان – بوتين”

مارين لوبان وبوتين

ولكن هل يقف التدخل الروسي عند حدود القرصنة الرقمية لمواقع المرشحين الفرنسيين؟.. تكمن الإجابة في متابعة وتحليل تحركات المرشحين الفرنسيين وإتصالاتهم الخارجية، وأهمها زيارة “” يوم 24 آذار/مارس الماضي للعاصمة الروسية موسكو واستقبالها من قبل الرئيس الروسي ورئيس مجلس النواب الروسي “الدوما” فياتشسلاف فولودين.

وأثار استقبال لوبان بحفاوة شديدة من قبل أعلى السلطة السياسية في موسكو علامات تعجب شديدة، واعتبرت بمثابة اعتراف دولي مبكر بها كرئيسة لفرنسا. خاصة أنها من أشد المؤيدين بين الساسة الفرنسيين لإنفصال شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا في عام 2014. وحاول بوتين ذر الرماد في الأعين ونفى خلال استقباله بمرشحة اليمين المتطرف أي تدخل روسي في الانتخابات الفرنسية.

وتركزت المحادثات بين بوتين ولوبان على قضية من صلب برنامج المرشحة اليمينية وهي العداء للإسلام بذريعة الحرب ضد الإرهاب، وغازلت “لوبان” الناخب الفرنسي من العاصمة الروسية بإعلانها أنها تؤيد التعاون مع بوتين في الحرب على الإرهاب الإسلامي عبر تشكيل ما يشبه “الكماشة” في منطقة الشرق الأوسط، ذراعيها هما “الدور الروسي في سوريا والدور الفرنسي في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل الإفريقي”.

القرم.. والدرع الصاروخي

كما وصف “فرانسو فيون” مرشح حزب اليمين والوسط المحافظ، في مؤتمر صحفي ردًا على تحذيرات لجنة مجلس الشيوخ الأميركي، الاتهامات الموجهة لروسيا بانها مجرد أوهام، مؤكدًا على رغبته في الدخول في حوار جاد وصريح مع الروسيين.

واعاد فيون، الذي شغل منصب رئس الورزاء في عهد الرئيس الفرنسي الأسبق “نيكولاي ساركوزي”، التأكيد على موقفه من ضم شبه جزيرة القرم لروسيا، بأنها مسألة تخضع للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة مع عدم إغفال حق شعبها في تقرير مصيره.

فرانسو فيون

وأضاف فيون أن الخطر الرئيسي الذى تواجهه أوروبا هو ما أطلق عليه “الشمولية الإسلامية” وليس روسيا، واعتبر أنه لا ضرورة لنشر حلف شمال الأطلسي “الناتو” لنظام الدرع المضاد للصواريخ على الحدود الروسية خاصة في رومانيا، لأن من شان ذلك إثارة حفيظة موسكو.

تصاعد الأمر بإطلاق وسائل إعلام روسية، مثل موقع “سبوتنك”، ما اعتبره البعض شائعات وأخبار فضائح عن المرشحين المنافسين للوبان وفيون مثل شائعة أن المرشح إيمانويل ماكرون زعيم حركة “إلى الأمام” بأن له علاقات مثلية مع احد الإعلاميين الفرنسيين.

ويزيد المال السياسي من قتامة الصورة لدى الفرنسيين.. فقد كشفت شبكة Media part أن لوبان حصلت على أموال على هيئة قروض من الحكومة الروسية تبلغ 11 مليون يورو في عام  2014، في وقت يتزامن مع دعمها لإنفصال شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا.

وأثارت زعيمة حزب الجبهة الوطنية الشكوك مجددًا تجاه تلقيها أموال روسية، حيث أعلنت منذ بضعة أيام أنها تحاول الحصول على قروض من بنوك أجنبية لتمويل حملتها الإنتخابية.

ينتظر العالم كلمة النهاية لصندوق الإنتخابات الفرنسي.. فهل يكتمل مثلث المصالح الروسية بالضلع الثالث بعد الخروج البريطاني المدوي عن أوروبا بعد استفتاء “بريكسيت” ووصول دونالد ترامب بشعاره “أميركا أولًا” إلى البيت الأبيض؟.. أم سوف يظل التدخل الروسي في سير العملية الديمقراطية في الغرب مجرد أوهام، كما وصفها المرشح فرانسوا فيون؟

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب