بين الاستئناف والتجارية الدولية .. إلى أين يمكن أن تصل رسوم “ترمب” الجمركية ؟

بين الاستئناف والتجارية الدولية .. إلى أين يمكن أن تصل رسوم “ترمب” الجمركية ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

أعادت محكمة استئناف أميركية؛ أمس الخميس، فرض الرسوم الجمركية الشاملة التي أطلقها الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، بذكرى “يوم التحرير”؛ في 02 نيسان/إبريل 2025.

وكانت الإدارة الأميركية قد استأنفت؛ الأربعاء، حكمًا أصدرته محكمة فيدرالية أميركية في اليوم نفسه وألغت بموجبه معظم الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها “ترمب” على واردات بلاده من دول العالم بأسره.

وقالت إدارة “ترمب”؛ في ملف الدعوى، إنّ: “هذا إخطار بأنّ المدّعى عليهم يستأنفون أمام محكمة الاستئناف الفيدرالية الأميركية رأي المحكمة وحكمها النهائي الصادر في 28 أيار/مايو 2025”.

نكسة قضائية للرئيس الأميركي..

وقررت محكمة اتحادية أميركية؛ يوم الأربعاء، منع رسوم “يوم التحرير”؛ التي فرضها الرئيس؛ “دونالد ترمب”، من دخول حيز التنفيذ، الأمر الذي يُعدّ نكسة قضائية للرئيس الأميركي.

وفيما لم يعترض القُضاة الثلاثة في “المحكمة التجارية الدولية الأميركية” في قرارهم، على إمكان “واشنطن” زيادة الرسوم الجمركية الإضافية على الواردات، إلا أنهم اعتبروا أن ذلك من صلاحية “الكونغرس” وأن “ترمب” تجاوز بذلك الصلاحيات المتَّاحة له. واعتبر القُضاة في الحكم أنّه لا يمكن للرئيس أن يتذرّع بقانون الاستجابة الاقتصادية الطارئة لعام 1977؛ الذي لجأ إليه لإصدار مراسيّم رئاسية، “لفرض رسوم إضافية غير محدودة على المنتجات المستوردة من كل الدول تقريبًا”.

مراسيم تتجاوز سلطات الرئيس..

وأضاف القُضاة أن المراسيّم التي أصدرها “ترمب”؛ منذ عودته إلى “البيت الأبيض”: “تتجاوز السلطات الممنوحة إلى الرئيس بموجب قانون (IEEPA)؛ (الذي يمكن اللجوء إليه في حالات الطواريء الاقتصادية)، لضبط الواردات من خلال استخدام الرسوم الجمركية”. ويشمل هذا الأمر الرسوم الجمركية المفروضة على: “كندا والمكسيك والصين”؛ المتهمة بعدم التحرك كفاية لمواجهة تهريب (الفنتانيل)، فضلًا عن الرسوم الجمركية الإضافية بنسبة: (10%) التي فُرضت؛ في الثاني من نيسان/إبريل، على السلع الواردة إلى “الولايات المتحدة” والتي قد تصل إلى: (50%) بحسّب البلد المصدَّر.

وأشارت المحكمة إلى أن هذا القانون: “يسمح للرئيس بفرض العقوبات الاقتصادية اللازمة عند حصول حالة طواريء اقتصادية”؛ لمواجهة تهديد: “غير عادي وغير مألوف”.

وشدّد القُضاة على أن أي تفسيّر للقانون يمنح الرئيس: “سلطة لا محدودة على الرسوم الجمركية بشكلٍ مخالف للدستور”. وفي رأي مكتوب مرفق بالقرار، رأى أحد قُضاة المحكمة؛ من دون الكشف عن اسمه، أنّ: “تفويضًا غير محدود للسلطة في مجال الرسوم الجمركية يُشكّل تنازلًا من السلطة التشريعية لفرع آخر من فروع الحكم”، وهو أمر يتعارض مع دستور الولايات المتحدة.

ضربة خطيرة لأجندة “ترمب” الاقتصادية..

وبحسّب تقرير تحليلي لشبكة (سي. إن. إن)؛ فإن قرار المحكمة الفيدرالية الأميركية، ضد سلطة الرئيس؛ “دونالد ترمب”، في فرض بعض من أكثر تعريفاته الجمركية شمولًا، قد يُشّكل ضربةً خطيرة لأجندته الاقتصادية بأكملها.

فقد كانت الرسوم الجمركية التاريخية؛ الركيزة الأساسية لسياسة “ترمب” الاقتصادية، إلا أن الإدارة وصفت إجراءاتها التجارية الصارمة، بأنها مجرد أحد أضلاع: “الكرسي ذي الأرجل الثلاث”.

وحسّب الشبكة؛ تقوم الأجندة الاقتصادية لـ”ترمب” على (03) عناصر: “الرسوم الجمركية، وخفض الإنفاق، وتخفيضات ضريبية”، وتعتمد على هذه المكونات مجتمعة لتبقى متمَّاسكة.

وكتب “أنيكيت شاه”؛ رئيس استراتيجية الاستّدامة والانتقال في شركة (جيفريز)، في مذكرة للعملاء أمس الأربعاء: “كان من الممكن لعائدات الرسوم الجمركية، التي تُقدر بحوالي: (150) مليار دولار سنويًا، أن تُسهم في تغطية جزء من العجز الناتج عن حزمة المصالحة المالية”.

وأضاف أنه: “في ظل غموض الموقف القانوني، قد يُضطر؛ ترمب، والجمهوريون إلى تقليص التخفيضات الضريبية أو زيادة التخفيضات في الإنفاق، لتمرير مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب ضمن عملية المصالحة مع مجلس الشيوخ”.

ما مدى تأثير القرار ؟

وفي هذه المرحلة؛ هناك أسئلة أكثر من الأجوبة. فقد استأنفت إدارة “ترمب” القرار، وقد يتم نقضّه في نهاية المطاف.

وأشار “كيث ليرنر”؛ الرئيس المشارك للاستثمار في (تروست أدفايزري سيرفيسز)، إلى أن: “القرار يطرح تساؤلات حول كيفية رد الإدارة، ومدى تأثيره، إن وُجد، على الحزمة الضريبية التي تمر حاليًا عبر الكونغرس”.

وحتى مع استمرار الاستئناف في النظام القضائي، وربما وصوله إلى المحكمة العليا، يمكن لحكم الأربعاء أن يُضعف الصفقات التجارية، التي يسّعى “ترمب” لإبرامها مع الشركاء الأجانب.

وقد تم الإعلان عن عدد محدود فقط من هذه الصفقات حتى الآن؛ رُغم بقاء أكثر من شهر واحد فقط على انتهاء التجميّد المؤقت الذي فرضه “ترمب” على الرسوم المتبادلة. وقد أعلنت الإدارة عن أطر اتفاقات فقط مع “المملكة المتحدة والصين”.

وقال “شاه”: “نعتقد أن أحد أسباب تعثَّر المفاوضات الثنائية، هو توقع الشركاء التجاريين الأميركيين لهذا القرار. فهل سيعتبرون الآن أن قضايا التجارة يجب أن تُفصل قضائيًا، أم أنهم سيعودون إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة ؟”.

انتكاسة مؤقتة !

ومع ذلك؛ قد تكون هذه الانتكاسة لأجندة “ترمب” مؤقتة. أما بالنسبة للشركات، فلا يُوفر الحكم الصادر يقينًا يُذكر خصوصًا مع استمرار الاستئناف.

وقال “إيرني تيديسكي”؛ من (معمل ميزانية ييل): “إذا كان هناك من أثر، فهو أن هذا الحكم ضاعف حالة عدم اليقين التي تواجهها الشركات والمستّهلكون، لأنه أول إشارة إلى احتمال إلغاء الرسوم الجمركية بالكامل”.

وتابع: “لكن حتى لو أُلغيت، قد تسعى الإدارة إلى فرض رسوم جديدة استنادًا إلى سلطات أخرى. النتائج المحتملة باتت أكثر غموضًا في الاتجاهين – رسوم أقل أو أعلى”.

وقد تلجأ الإدارة إلى مسّارات بديلة لفرض رسومها الجمركية وتجنب التدقيق القانوني، من بينها استخدام المادة (232) من قانون توسيّع التجارة، والتي لم يشملها قرار المحكمة. وكان “ترمب” قد فرض رسومًا جمركية بنسبة: (25%) على “الصُلب والألومنيوم والسيارات وقطع غيارها” باستخدام هذه المادة.

وقال “غاري كلايد هوفباور”؛ الزميل غير المقيَّم في معهد (بيترسون) للاقتصاد الدولي: “لم تنتهِ القصة بعد”. وأضاف: “هذا يُعطي القصة بأكملها طابع لعبة (اضرب الخُلد)”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة