19 نوفمبر، 2024 5:50 م
Search
Close this search box.

بين إيران والعراق .. استنفار دبلوماسي قطري أعقب مقتل “سليماني” .. فما الأسباب والنتائج ؟

بين إيران والعراق .. استنفار دبلوماسي قطري أعقب مقتل “سليماني” .. فما الأسباب والنتائج ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة قطرية نحو تهدئة الأوضاع المتوترة، بين “أميركا” و”إيران”، وإيمانًا من “الدوحة” بأن قناتها الوحيدة المفتوحة على الشرق الأوسط، هي “طهران”؛ بعد أزمتها مع دول الخليج و”مصر”، فحاولت أن تجد لها طريقًا على مستوى الأزمة لتُعيد مكانتها الدولية بها، خاصة وأنها كانت أولي الدول التي أرسلت مندوبًا عنها، متمثلًا في وزير خارجيتها؛ إلى “طهران” فور وقوع الحادث لإخلاء مسؤوليتها عنه بسبب ما أذيع عن استخدام أراضيها لإنطلاق الطائرات التي نفذت العملية.

كانت أولى تلك الخطوات؛ الزيارة الأولى منذ توليه المنصب لأمير قطر، “تميم بن حمد آل ثاني”، إلى “طهران”، يوم الأحد الماضي، لمقابلة المرشد الإيراني الأعلى، “علي خامنئي”، لبحث الأزمة وسُبل حلها.

تلتها زيارة نائب رئيس وزراء ووزير خارجية قطر، “محمد بن عبدالرحمن”، إلى “العراق”، أمس، لإجراء مباحثات سياسية مع القادة العراقيين والتشاور لتخفيف حدة التوترات في منطقتنا والعمل على إيجاد أفضل السُبل الكفيلة لتهدئة الوضع الحالي.

تريد تعزيز العلاقات مع دول المنطقة..

خلال الزيارة؛ أكد “خامنئي”، على أن: “طهران تريد من جميع دول المنطقة، تعزيز العلاقات أكثر من أي وقت مضى”، بعد حادثة مقتل قائد (فيلق القدس)؛ التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، اللواء “قاسم سليماني”.

وأضاف إن: “أميركا وأصدقاءها هم المسؤولون عن الوضع غير المناسب الذي تعيشه المنطقة، والظروف الراهنة فيها بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز العلاقات بين دولها وعدم التأثر بإملاءات الدول الأجنبية”، وذلك حسب وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية، (إرنا).

وأكد على أن إيران “مستعدة للتعاون الحثيث مع جميع دول المنطقة؛ التي تعيش ظروفًا غير ملائمة، ومع أصدقائها، والطريق الوحيد لمواجهة ذلك الإعتماد على التعاون بين دول المنطقة”.

ولفت المرشد الإيراني إلى أن: “الولايات المتحدة لا ترغب في تعزيز تعاون دول المنطقة، ودول وشعوب المنطقة ترفض تدخلاتها وتحكمها بشؤونها”، مؤكدًا أن: “أوضاع المنطقة تتطلب اتصالات أوثق بين دولها”.

لجنة مشتركة لتعزيز التعاون الاقتصادي..

من جهته؛ وصف أمير “قطر”، الظروف التي تعيشها المنطقة، بـ”الصعبة”، مؤكدًا أن بلاده تؤيد تعزيز التعاون الإقليمي وعقد حوار شامل بين دول المنطقة.

وكشف بأنه: “تقرر عقد اجتماع للجنة المشتركة بين البلدين بعد نحو 3 أشهر في إيران”، معربًا عن أمله في أن تصل العلاقات الاقتصادية بين “طهران” و”الدوحة” إلى مستوى العلاقات السياسية.

ضربات متبادلة..

وشهدت الأراضي العراقية، خلال الأيام الماضية؛ تصعيدًا عسكريًا بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، بعد أن نفذ سلاح الجوي الأميركي، ليلة 3 كانون ثان/يناير الجاري، عملية عسكرية قرب “مطار بغداد” أسفرت عن مقتل قائد (فيلق القدس)؛ في “الحرس الثوري” الإيراني، اللواء “قاسم سليماني”، ونائب قائد (الحشد الشعبي) العراقي، “أبومهدي المهندس”، ومرافقيهما، فيما نفذ “الحرس الثوري” الإيراني، ليلة 8 كانون ثان/يناير 2020، هجومًا صاروخيًا واسعًا استهدف القوات الأميركية في قاعدتي (عين الأسد)، في محافظة “الأنبار”؛ و(حرير)، في “أربيل” بـ”العراق”، انتقامًا لقتل “سليماني”.

وقال وزير خارجية “قطر”، حينها، إن بلاده تتابع عن كثب مستجدات الأحداث في “العراق”، وتسعى للتنسيق مع الدول الصديقة لخفض التصعيد. وأضاف: “نتابع عن كثب مستجدات الأحداث في العراق وما تمر به المنطقة من مرحلة حاسمة تتطلب تكاتف الجهود لا تناحرها وتقديم الجماعة والتعددية لا الأحادية في إيجاد الحلول ومد جسور التواصل”.

وتابع: “نسعى عبر سلسلة من الاتصالات للتشاور والتنسيق مع الدول الصديقة والشقيقة للتهدئة وخفض التصعيد”.

أسباب زيارة “تميم” لطهران..

المحللون أجمعوا على أن “قطر” سارعت لمساندة حليفتها ودفع تعويضات ضحايا الطائرة الأوكرانية، والقيام بدور الوسيط بين “أميركا” و”طهران” لخفض التوترات القائمة بينهما.

وقال “هشام البقلي”، مدير وحدة الدراسات السياسية بمركز “سجاف” للدراسات، إن هناك أسباب متعددة لزيارة “تميم”، لـ”طهران”، في هذا التوقيت، أولها أن “قطر” أُلقت على عاتقها دور الوسيط بين “واشنطن” و”طهران”، عقب اغتيال “قاسم سليماني”، خاصة وأن “واشنطن” لا ترغب في أي خطوات تصعيدية عسكريًا مع “إيران”، في الوقت الحالي؛ نظرًا لإقتراب الانتخابات الأميركية، والرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، يريد تحقيق مكاسب في هذا الملف الهام قبل الانتخابات.

مشيرًا إلى أن الأمر الثاني هو الموقف الإيراني على المستوى الدولي، خاصة بعد سقوط الطائرة الأوكرانية ورغبة “قطر” في رد الجميل لـ”إيران”، التي تساعد “قطر” بعد المقاطعة العربية، حيث من المنتظر أن تدفع “قطر” كافة التعويضات على تلك الطائرة التي سقطت في “طهران”، وأيضًا تقوم بدور على المستوى الدولي للوقوف بجانب “إيران” حتى لا يتم فرض عقوبات اقتصادية عليها من قِبل “الاتحاد الأوروبي” بعد سقوط الطائرة.

وسيلة للضغط لا يمكن التفريط فيها..

في نفس السياق؛ قال الخبير بالشأن الإيراني، “فراس إلياس”، إن الزيارات القطرية المستمرة إلى “إيران”، منذ اليوم التالي لمقتل “سليماني” ومعه العديد من القادة، هي جزء من دبلوماسية مكوكية لتخفيض التوتر بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، لأسباب كثيرة، حيث أنه إلى جانب الحفاظ على الإستقرار الأمني في منطقة “الخليج العربي”، تنظر “قطر” إلى “إيران” اليوم على أنها ظهير إستراتيجي يمكن الإستناد إليها في مواجهة المحور “السعودي-الإماراتي-المصري”، وهي على هذا الأساس تنظر إلى “إيران” كوسيلة للضغط لا يمكن التفريط بها.

وأضاف “إلياس”: شكلت الوساطة، التي أعلن عنها وزير الخارجية القطري بعد زيارته لـ”طهران”، جزء من جهد دولي جاء بالتزامن مع الوساطة السويسرية والعُمانية، لتخفيف لهجة التصريحات والتوترات بين “إيران” و”أميركا”، موضحًا أن “قطر” تستخدم، من أجل إنجاح وساطتها، العديد من الإغراءات المالية والتجارية والاستثمارية، ويبدو أنها نجحت في ذلك حتى الآن.

إستحقاقات ما بعد مرحلة “سليماني”..

وأوضح الباحث أن التسريبات التي نتجت عنها هذه الوساطة؛ تراوحت بين الاتفاق على تخفيف التوتر في المنطقة كمرحلة أولى، ومن ثم التفاهم على الإستحقاقات الإقليمية في مرحلة ما بعد “سليماني”، مشيرًا إلى أن الذي يقف حجر عثرة أمام هذه الوساطة، هو تعقيدات الملف الإيراني الذي يتراوح ما بين “الاتفاق النووي” والسلوك الإقليمي والصواريخ (الباليستية)، والآن التداعيات الكبيرة التي أفرزتها حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية، ما يجعل هذه الوساطة أمام ماراثون طويل لتأكيد نجاحها أو فشلها.

دفع التعويضات وتدعيم الجماعات التابعة لإيران..

وقال “أمجد الكعبي”، الرئيس الإقليمي للمركز البريطاني لدراسات وأبحاث الشرق الأوسط، معلقًا على زيارة أمير قطر، “تميم بن حمد”، لـ”طهران”، إن هناك معلومات تتحدث عن توقيع اتفاقية بين “إيران” و”قطر”، تتمثل في تشكيل مجلس تعاون “إيراني-قطري” أمني اقتصادي بهدف دعم الاقتصاد الإيراني وتمويل الجماعات التابعة لـ”الجمهورية الإسلامية”، التي قد تتخلى عنها “طهران” إذا حدثت مفاوضات مع “الولايات المتحدة”، حتى تستطيع “قطر” دعمها بطرق مختلفة.

لافتًا إلى أن الجانبين، الإيراني والقطري، تباحثا بشأن تقديم الإمارة الصغيرة أكثر من 3.7 مليار دولار للحكومة الإيرانية، وغالبًا ستكون تعويض لضحايا الطائرة الأوكرانية، مضيفًا أن “تميم”، دعا “روحاني”، لزيارة “قطر” للقاء قيادات أميركية وإسرائيلية للتفاوض على بعض الأمور الهامة بالمنطقة.

لن تسهم في تهدئة طويلة..

فيما استبعد الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، “ناصر زهير”، أن تسهم زيارة أمير “قطر” لـ”طهران” في تهدئة طويلة بين “إيران” و”واشنطن”، خاصة مع إعلان “محور المقاومة” البدء بعمليات الانتقام لمقتل “قاسم سليماني”، معتبرًا أن زيارة أمير “قطر” لـ”طهران” محاولة لنقل الرسائل المتبادلة ما بين “طهران” و”واشنطن” ومحاولة للتهدئة في المرحلة الأولى.

وقال إن العمل يجري الآن على تحريك ملف المفاوضات بين “طهران” و”واشنطن” حول الملف النووي الإيراني، إلا أن الأمر يتوقف على قبول الإيرانيين لهذا الحوار، على حد قوله.

وأوضح أنه قد يتم الوصول لـ”اتفاق نووي” جديد مع “إيران”، خاصة بعد الزخم السياسي من قِبل الأوروبيين و”اليابان” و”روسيا”.

تصعيد من جانب “الحشد الشعبي”..

وحول التصعيد العسكري بين “الولايات المتحدة” و”طهران”، أعرب الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، عن إعتقاده بأنه إذا لم يتم الاتفاق بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، في الفترة القادمة، فإن التصعيد بين “إيران” و(الحشد الشعبي) من جانب؛ و”الولايات المتحدة” من جانب آخر؛ سوف يكون كبيرًا.

مضيفًا أن الحشد لم يبدأ عملية الانتقام، التي أعلن عنها عندما قال إن “إيران” إنتهت من عملية انتقامها والآن سيبدأ الرد العراقي، وبالتالي قد نشهد عمليات نوعية متبادلة بين الطرفين ومواجهة مفتوحة بين الطرفين في “العراق”، في المرحلة المقبلة، على حد قوله.

توقيت الزيارة مناسب..

من جانبها؛ قالت الكاتبة الصحافية الكويتية، “إقبال الأحمد”، إن زيارة أمير “قطر” لـ”إيران” جاءت في توقيت مناسب؛ نظرًا لحساسية الوضع في المنطقة، معربة عن إعتقادها أن الزيارة جاءت بطلب أو بإيحاء من “واشنطن” لتكون “قطر” وسيطًا باعتبار أن “الدوحة” تملك علاقات جيدة ما بين “إيران” وأيضًا “الولايات المتحدة”، وتابعت: “هذا بالإضافة إلى الأصوات الأوروبية والعالمية التي تدعو للتهدئة والحوار”.

وأوضحت “الأحمد”؛ أن خطورة التصعيد بين “واشنطن” و”طهران” كانت تتطلب إعلانًا مثل إعلان “ترامب” باستعداده للجلوس على طاولة المفاوضات مع “إيران” دون شروط مسبقة.

لوقف قرار إخراج القوات الأميركية من العراق !

إلى ذلك؛ قال المحلل السياسي العراقي، “أثير الشرع”، إنه بعدما جرى من صراع بين “الولايات المتحدة” و”إيران” على الأرض العراقية، أصبح من الضروري بذل مساعٍ حثيثة من قِبل دول في المنطقة لإبعادها عن شبح الحرب.

وأضاف “الشرع” أن جهود التهدئة، من خلال زيارة وزير خارجية “قطر” لـ”العراق”؛ تهدف أيضًا إلى تعديل أو إلغاء  قرار إخراج القوات الأميركية من “العراق”، لافتًا إلى أن هناك العديد من الرسائل التي سيتم نقلها إلى السلطات العراقية، من خلال وزير الخارجية القطري؛ من شأنها تقريب وجهات النظر وإنهاء التصعيد الحاصل في المنطقة.

العراق مؤهل جغرافيًا لتسهيل دور الوساطة..

ويرى المتخصص في العلاقات الدولية، “حيدر غازي”، أنه: “سبق وأن تم مقاطعة قطر في المرحلة الماضية، ومن الدول التي قاطعتها الولايات المتحدة، ومن ثم عادت العلاقات بينهما، واليوم تريد قطر أن تلعب دورًا محوريًا في المنطقة، كوسيط بين الدول المتخاصمة، على اعتبار أن لديها علاقات قامت بتوسيعها مع إيران أثناء الأزمة التي مرت بها، وبنفس الوقت لديها علاقات مع الولايات المتحدة ومع العراق”.

وتابع “غازي”: “تُعد زيارة أمير قطر إلى إيران زيارة تاريخية، فهي لخصت التقارب الإيراني الذي يريد الوصول إلى الضفة الأخرى من الخليج العربي، التي تضم دولًا مقاطعة لإيران، وقطر تريد بهذه الزيارة رفع الفيتو الذي وضعته دول الخليج، عبر إحداث تقارب بين إيران من جهة، والسعودية والولايات المتحدة من جهة أخرى”.

وأضاف “غازي”: “العراق كموقع جغرافي، وليس كوسيط، يمكن اعتباره المنطقة الأفضل في هذه الفترة، باعتبار أن العراق توجد فيه قواعد أميركية، وكذلك يتعرض لضغط سياسي إيراني على قياداته السياسية، مما يجعله مؤهلًا جغرافيًا لتسهيل دور الوساطة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة