15 أغسطس، 2025 12:36 م

“بيلوسي” تُصر على إشعال المشهد العالمي .. حوار فاشل بين “شي” الغاضب و”بايدن” العاجز !

“بيلوسي” تُصر على إشعال المشهد العالمي .. حوار فاشل بين “شي” الغاضب و”بايدن” العاجز !

وكالات – كتابات :

كان يُفترض بالقمة الهاتفية بين الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، ونظيره الصيني؛ “شي جين بينغ”، أن تنزع فتيل أزمة الزيارة التي تنوي؛ “نانسي بيلوسي”، القيام بها إلى “تايوان”، لكن ذلك لم يحدث، واستمر “حوار الطرشان” بينهما، فماذا يعني ذلك لهما وللعالم ؟

كانت “الصين” و”تايوان” قد انفصلتا خلال حرب أهلية في الأربعينيات، وتعتبر “تايوان” نفسها دولةً ذات سيادة، وتحظى بدعم أميركي وغربي، لكن “بكين” تصرُّ على أنها ستستعيد الجزيرة في وقتٍ ما، وبالقوة إذا لزم الأمر. ولا يعترف بـ”تايوان” سوى عدد قليل من الدول؛ إذ تعترف معظم الدول بالحكومة الصينية في “بكين” بدلاً عن ذلك. ولا توجد علاقات رسمية بين “الولايات المتحدة” و”تايوان”، ولكن لدى “واشنطن” قانون يُلزمها بتزويد الجزيرة بوسائل الدفاع عن نفسها.

وفي هذا السياق؛ تنظر “الصين” إلى النظام الديمقراطي ذاتي الحكم في “تايوان” على أنه محافظة صينية منفصلة، ولم تستبعد استخدام القوة لتحقيق الوحدة، ووصلت التوترات بين “بكين” و”تايبيه” إلى ذروتها مؤخرًا، في ظل إرسال الجيش الصيني عددًا قياسيًا من الطائرات الحربية بالقرب من الجزيرة، في استعراض للقوة لا يُخفى على دول المنطقة الأخرى؛ بحسب الإدعاءات الأميركية التي تعمل باستمرار على تسخين تلك القضية في مواجهة الخصم الصيني.

اتصال خامس بين “بايدن” و”شي”..

وفي هذا السياق؛ تُمثل زيارة “بيلوسي”، رئيسة “مجلس النواب”، المحتملة إلى “تايوان” تحديًا غير مسبوق لوحدة “الصين”، كما تقول “بكين”، إذ إنها ستكون المرة الأولى منذ أكثر من 04 عقود التي يزور فيها مسؤول أميركي رفيع المستوى الجزيرة؛ التي تتمتع بحكم ذاتي، وتُصر “الصين” على أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها.

وفي ظل التوتر الكبير في العلاقات بين “بكين” و”واشنطن” يُصبح أي رد فعل صيني على تحرُّك كهذا من جانب رئيسة مجلس النواب الأميركي واردًا وبقوة، بحسب ما صُدر عن “وزارة الخارجية” الصينية، إضافة إلى التقارير الإعلامية وما يحدث في “تايوان” نفسها خلال الأيام القليلة الماضية.

وتناول موقع (Responsible Statecraft) الأميركي الاتصال الهاتفي بين “بايدن” و”شي”؛ الخميس 28 تموز/يوليو، بشأن هذه القنبلة الموقوتة، ووصف تقرير الموقع الاتصال بين الرئيسين بأنه: “فرصة مُهدرة”، مما يُنذر بانفجار القنبلة، ما لم تتراجع “بيلوسي” عن الزيارة.

ومنذ وصول “بايدن” إلى “البيت الأبيض”، تم عقد 05 اجتماعات بين “شي جين بينغ”؛ والرئيس الأميركي، ومن المفترض أنَّ هذا الاتصال الأخير بينهما سيكون مقدمةً لاجتماعٍ فعلي مباشر بين الزعيمين على هامش “قمة مجموعة العشرين”؛ في تشرين ثان/نوفمبر 2022.

وعلى الرغم من الأهمية الأكيدة لتواصل الزعيمين باستمرار، من وجهة نظر عامة على الأقل، فإنَّ محادثاتهما السابقة لم تفعل شيئًا يُذكَر لتهدئة المشكلات الأساسية في العلاقة، من “تايوان” إلى التجارة، والتغير المناخي، والتجسس السيبراني، والأعراف العالمية – ناهيك عن إيجاد حلول لها. ويبدو أنَّ هذا الاجتماع الأخير لم يكن استثناءً، بحسب تقرير الموقع الأميركي.

وتحت الابتسامات والإيماءات المُطَمئِنَة، التي تحدث عادةً خلال هذه الاجتماعات الرئاسية، تستمر الحكومتان في الإبتعاد عن بعضهما البعض، بينما تُعبِّران أحيانًا عن رغبتهما في التعاون والتعايش السلمي.

“حوار الطرشان” بين أميركا والصين..

وفي “حِوار الطُّرْشان” هذا، يُشير كل طرف بإصبع الاتهام إلى الآخر عند تفسير الجمود المستمر في العلاقة، حيث تدعي “الولايات المتحدة” أنَّ “الصين” لن تتحدث عن المشكلات الجوهرية حتى تُلبي “واشنطن” بعض المطالب غير المقبولة، وتشكو “بكين” من أنَّ “الولايات المتحدة” لا تتوانى في تشويه سمعة “الصين” ومهاجمتها وتقويضها في كل قضية تقريبًا.

ويرفض كلا الجانبين الاعتراف بطبيعة التنافس المستمر بينهما، وبالتالي اللوم المشترك بينهما في الوصول لهذه النتيجة، والوضع الذي يزداد خطورة، مع افتراض كل طرف منهما أنَّ الدبلوماسية العدوانية ذات المحصلة صفر والردع العسكري فقط هما ما سيُحافظان على مصالحه.

ولا يريان أي مجال لضبط النفس والتوافق المتبادل. وبالطبع، لا يُدرك أي من الجانبين الدرجة العالية التي تؤثر بها السياسة المحلية على قدرته على الانخراط انخراطًا هادفًا، إذ يُعوِل المؤتمر القادم لـ”الحزب الشيوعي الصيني” والانتخابات النصفية الأميركية على كل رئيس ألا يُظهِر ضعفًا أو مرونةً.

إذ من المتوقع أن يسعى الرئيس الصيني إلى الفوز بولاية ثالثة في مؤتمر لـ”الحزب الشيوعي الصيني”؛ في وقت لاحق من العام الجاري، بينما يواجه الحزب (الديمقراطي) في “الولايات المتحدة”، الذي ينتمي له “بايدن”، معركة شرسة للاحتفاظ بسيطرته على “مجلس النواب” الأميركي في انتخابات التجديد النصفي في تشرين ثان/نوفمبر المقبل.

وتتجلى الأخطار الشديدة لهذه البيئة في الوقت الحاضر في المأزق المتفاقم حول “تايوان”، الذي يزداد سوءًا بسبب احتمال رحلة قادمة إلى الجزيرة تُجريها رئيسة مجلس النواب؛ “نانسي بيلوسي”.

ونظرًا لأنَّ “بيلوسي”؛ ليست مجرد عضو في “الكونغرس”، بل هي الثالثة في ترتيب الرئاسة وداعمة عنيفة منذ زمن لـ”تايوان” ضد “الصين”، فإنَّ زيارتها ستُشكل استفزازًا فريدًا ومؤشرًا على مزيد من التآكل في الدعم الأميركي لسياسة: “الصين الواحدة”، الذي يحظر على كبار قادة “الولايات المتحدة” القيام بزيارة “تايوان”.

ولجأت الحكومة الصينية الآن؛ في عدة مناسبات، إلى توجيه تحذيرات تُنذر بالسوء، خاصةً ضد زيارة “بيلوسي”، مُشيرة إلى أنَّ: “جيش التحرير الشعبي؛ (أي الجيش الصيني)، لن يقف مكتوف الأيدي”، في حال أُجرِيَت الزيارة.

لم تنطق “بكين” بهذه العبارة إلا مرة واحدة من قبل، منذ أكثر من عشرين عامًا، في أزمة سابقة بشأن “تايوان” إنطوت على خطر الصراع. وفي لقائه مع “بايدن”، يوم الخميس 28 تموز/يوليو، يبدو أنَّ “شي جين بينغ”؛ لم يُكرر هذه العبارة.

لكنه أكد أنَّ: “من يلعبون بالنار، لن يحرقوا إلا أنفسهم”. ويُشير كلا التصريحين إلى أنَّ أي رد فعل صيني على الزيارة لن يقتصر على الاحتجاجات الدبلوماسية أو الضغوط الاقتصادية.

هل ستزور “بيلوسي” تايوان فعلاً ؟

وبحسب تحليل الموقع الأميركي، فإن أولئك الذين يتجاهلون مثل هذه التحذيرات، أو يؤكدون أنَّ “بيلوسي” عليها المضي قدمًا في الرحلة لتُظهِر أنَّ “بكين” لا يمكنها تخويف “واشنطن”، يتجاهلون النقطة الواضحة، المتمثلة في أنَّ فشل “بايدن” في تجنب مثل هذه المواجهة من خلال معارضة رحلة “بيلوسي” بشدة في المقام الأول قد أدى إلى هذا الرد الصيني المتوقع للغاية.

على الرغم من أنَّ “بايدن” ليست لديه السلطة لإصدار أمر لـ”بيلوسي” بعدم زيارة “تايوان”، إلا أنَّ بإمكانه فعل أكثر بكثير من مجرد توجيه ملاحظة فظة بأنَّ الجيش الأميركي يعتقد: “أنها ليست فكرة جيدة في الوقت الحالي…”.

ومن غير الواضح كيف رد “بايدن” على تصريح “شي”؛ بشأن “تايوان”، في اجتماع صباح الخميس 28 تموز/يوليو، بين الزعيمين. لكن من المأمول أنه أدرك العواقب الواضحة لرسالة “بكين”، وسوف يتصرف بصراحة ووضوح أكثر لمعارضة رحلة “بيلوسي” وتجنب الأزمة الوشيكة.

والأحد 31 تموز/يوليو، قال مكتب “بيلوسي” إنها ستبدأ زيارة لـ”آسيا”، تشمل أربع دول، دون الإشارة إلى “تايوان”، وسط تكهنات شديدة بأنها قد تزور الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي؛ وتقول “الصين” إنها تابعة لها.

وأضاف مكتب “بيلوسي”؛ في بيان: “رئيسة مجلس النواب؛ نانسي بيلوسي، تقود وفدًا من الكونغرس إلى منطقة المحيطين الهندي والهاديء، بما يشمل زيارات لسنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية واليابان”.

وجاء في البيان أن الزيارة ستشمل تلك الدول، لكنه لم يُحدد ما إذا كانت “بيلوسي”، التي تحتل المرتبة الثالثة في تسلسل المناصب الرئاسية، ستزور دولاً أخرى. وذكر البيان: “ستُركز الرحلة على الأمن المتبادل والشراكة الاقتصادية والحكم الديمقراطي في منطقة المحيطين الهندي والهاديء”، بحسب (رويترز). وكان “غريغوري ميكس”، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بـ”مجلس النواب” الأميركي، من بين أعضاء الوفد.

وتعتبر “الصين” أن زيارات المسؤولين الأميركيين لـ”تايوان” تُعطي إشارة مُشجعة للمعسكر المؤيد لاستقلال الجزيرة. ولا تُقيم “واشنطن” علاقات دبلوماسية رسمية مع “تايوان”، لكنها مُلزمة بموجب القانون بتزويد الجزيرة بوسائل الدفاع عن نفسها.

وتُعد زيارة “بيلوسي”، وإن لم تكن غير مسبوقة، دلالة واضحة جدًا على دعم “الولايات المتحدة”؛ لـ”تايوان”. وكان الجمهوري؛ “نيوت غينغريتش”، آخر رئيس لـ”مجلس النواب”، يزور “تايوان”؛ في 1997.

وأبلغ “بايدن”، الرئيس الصيني؛ بأن السياسة الأميركية بشأن “تايوان” لم تتغير وأن “واشنطن” تُعارض بشدة الجهود المبذولة من جانب واحد لتغيير الوضع الراهن أو تقويض السلام والاستقرار في “مضيق تايوان”.

وقالت “وزارة الخارجية” التايوانية؛ الجمعة، بعد الاتصال بين الرئيسين الصيني والأميركي؛ إن “تايوان” ستواصل تعميق شراكتها الأمنية الوثيقة مع “الولايات المتحدة”.

وعلى نطاق أوسع، في مرحلة ما – وربما نتيجةً للآثار العقابية لأزمة “تايوان” – سيتحرك الزعيمان لإنهاء لعبة اللوم المتبادل التي تُشارك فيها الحكومتان، ويُدركان أنَّ التوصل إلى تفاهمات ذات مغزى بشأن القضايا المضطربة والتهديدات المشتركة، مثل “تايوان” وتغير المناخ، تلغي أي مساعٍ “للفوز” بينهما في منافسة غير محددة المعالم، ولا قابلة للفوز إلى حدٍ كبير.

ومثل هذا التحول في منظور كل دولة، الذي تشتد الحاجة إليه، يمكن أن يجعل اجتماعات “شي” و”بايدن” المستقبلية أحداثًا ذات مغزى حقًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة