8 نوفمبر، 2024 12:35 ص
Search
Close this search box.

“بيزنس السلام” برعاية الأمم المتحدة .. حينما تصبح كبرى الشركات العالمية حمامة سلام مقابل موارد بلاد النزاع !

“بيزنس السلام” برعاية الأمم المتحدة .. حينما تصبح كبرى الشركات العالمية حمامة سلام مقابل موارد بلاد النزاع !

وكالات – كتابات :

منذ نهاية “الحرب الباردة”؛ بين أكبر قوتين في العالم، مطلع تسعينيات القرن الماضي؛ اندلع أكثر من: 125 صراعًا عنيفًا حول العالم؛ مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى: 07 ملايين شخص. وعلى الرغم من أن عدد النزاعات قل خلال العقديين الماضيين؛ إلا أن تلك التي استمرت لفترة طويلة كانت كلفتها خسائر فادحة على المستويات الوطنية والإقليمية، فالاقتصادات وآفاق التنمية تتضرر من النزاعات، التي تتسبب في مقتل ملايين المدنيين، الذين يعتبرون الدافع الأول للاقتصاد العالمي.

تقول “مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين”: إن بين عامي: 1990 – 2020، أجبرت الحروب والنزاعات: 86 مليون شخص على النزوح من بلادهم، 86 مليون شخص تركوا وراءهم وظائف، وسُبل عيش، وإنتاج، وضرائب، ومساهمة في اقتصاد بلادهم. وحتى النزاعات التي انتهت، والحروب التي وقفت بفعل اتفاقيات السلام، لم يكن لها ضامن غير هش لاستمرار الاستقرار والعودة للحياة الطبيعية.

بيزنس السلام: “الأمم المتحدة” تُطلق مبادرة و”نستله” تُسارع !

في عام 2013؛ أطلق الأمين العام للأمم المتحدة؛ “بان كي مون”، مبادرة “الأعمال من أجل السلام”؛ أو (Business for Peace)، والتي تهدف إلى دمج الشركات وهيئات الاستثمار الخاصة في عمليات بناء السلام حول العالم، على أن يجري تسخير الدور الموجود مسبقًا لهذه الشركات وتوجيهه في الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات لتوسيع وتعميق عمل القطاع الخاص لدعم السلام.

صنفت “الأمم المتحدة”؛ مبادرة “الأعمال من أجل السلام”، حجر الزاوية في رؤية “الاتفاق العالمي للأمم المتحدة لأهداف التنمية المستدامة”؛ لما بعد عام 2015 وإلى عام 2030، حين يُصبح القطاع الخاص بناة سلام، ومُشارك في الحوكمة العالمية، وهي رغبة نمت بشكل كبير داخل أروقة السياسة والاقتصاد؛ منذ عام 2005. واليوم يجري استخدام ما يزيد عن: 08 تريليون يورو من الاستثمارات في أهداف التنمية المستدامة، فيما وقّعت حوالي: 20 ألف شركة على مبادرات سلام وتنمية متنوعة حول العالم.

أبرز الشركات التي انضمت لمبادرة “الأمم المتحدة”؛ هي شركة “نسبريسو” الشهيرة لإنتاج القهوة والتابعة لمجموعة (نستله) للمواد الغذائية؛ التي أعلنت في آب/أغسطس عام 2016، استثمارها: 50 مليون دولار في زراعة وصناعة القهوة الكولومبية في “منطقة كاكويتا”، التي كانت شاهدة على صراع دامٍ بين الحكومة الكولومبية وجماعة (الفارك) الشيوعية.

وقتها كانت المفاوضات بين حكومة “كولومبيا” و(الفارك) تسير بخُطى ثابتة نحو النجاح، وجرى الإعلان الرسمي عن التوصل لاتفاقية السلام؛ في تشرين ثان/نوفمبر عام 2016، وساهمت أعمال شركة “نسبريسو” في تنشيط آلاف المزارع والمصانع المحلية؛ مما وفر فرص عمل ضخمة لهؤلاء الذين أمضوا أجزاء كبيرة من حياتهم في حمل السلاح؛ مما أدى بالفعل للحفاظ على عملية الاستقرار والهدوء في المنطقة؛ بحسب زعم الشركة ودعاياتها.

أيرلندا وكينيا يستخدمان “بيزنس السلام” لحل النزاعات أيضًا..

من المتعارف عليه أن القطاع الخاص لديه سلطة كبيرة من حيث التأثير على القرارات السياسية والاقتصادية التي تتخذها الحكومات حول العالم؛ بل أيضًا على عامة الناس، وتوظيف هذه السلطة لبناء السلام وآليات الاستقرار في المناطق المتنازعة، يضمن بشكل ما الوصول إلى حالة السلام المستدام؛ هكذا تروج دعايات الشركات العابرة للجنسيات.

وتقدم وسائل الإعلام التي تسوق للوجه المثالي لتلك الشركات؛ أحد الأمثلة المدللة على هذه الفرضية من دولة “أيرلندا الشمالية”، التي عاشت في نزاع كبير مع “بريطانيا” على مر العقود، ففي عام 1994؛ حين شاهدت البلاد حالة من إزدياد الاضطرابات الداخلية بين الجبهات السياسية والخارجية مع “بريطانيا”؛ عملت الشركات المحلية باعتبارها مركزًا فكريًا، و”منظمة ضغط” من أجل إحلال السلام، فنشر “اتحاد صناعة الأعمال في أيرلندا الشمالية”؛ (CBI)، “ورقة أرباح السلام”، التي توضح الأساس المنطقي الاقتصادي للسلام، والتي التقطتها وسائل الإعلام، وأعطتها زخمًا جديدًا لعملية السلام.

بعد ذلك بعامين؛ انضم “البنك التجاري الدولي” إلى مبادرة “اتحاد صناعة الأعمال” مع مؤسسات تجارية أخرى لتشكيل “مجموعة السبعة” للضغط من أجل السلام من خلال المناقشات مع الأحزاب السياسية، والبيانات الإعلامية، والنداءات الفردية، وكان لـ”إيرلندا الشمالية” السلام والاستقرار في النهاية؛ بحسب مزاعم الدعايات الغربية.

وفي “كينيا” لعب “تحالف القطاع الخاص” الكيني؛ (KEPSA)، الذي يتألف من أكثر من: 100 ألف عضو، دورًا في التخفيف من العنف المرتبط بالانتخابات في “كينيا”؛ في أعوام: 2007، و2008، و2013 بالتعاون الوثيق مع المجتمع المدني.

فقاد “اتحاد القطاع الخاص” حملة ضخمة، والتي أطلق عليها: “Mkenya Daima”، أو التي تعني: “كينيا بلدي للأبد”، حشد خلالها الدعم للانتخابات السلمية، فضلًا عن تمويل منتديات السلام، ومنع التحريض، ونشر روايات المصالحة، والتفاوض بشكل خاص مع القادة السياسيين، وتنظيم المناقشات الرئاسية.

وليس على نطاقات النزاعات القومية فقط؛ بل أن على مستوى القرى والمدن الصغيرة أيضًا؛ ففي عام 1996؛ وصل إلى بلدية “مينداناو”؛ في “الفلبين”، حاكم جديد يُدعى: “داتو باغلاس”، وكانت “مينداناو” قد عُرفت في الفترات السابقة بأنها وكر للجرائم، وعمليات السطو والسرقة؛ فضلًا عن النزاعات بين المجتمعات الدينية والثقافية في المدينة.

الحاكم الجديد؛ “داتو باغلاس”، لاحظ أن أكبر مجتمعين دينين في المدينة هم: المسيحي والإسلامي، وأن منبع النزاع هو عدم وجود وجوه مسلمة كثيرة في المناصب الإدارية، سواء كان في الشركات، أو في المؤسسات والهيئات التابعة للحكومة، وهذا أدى إلى تفاقم المظالم الدينية، والاجتماعية، والاقتصادية في “مينداناو”.

قرر بعدها “باغلاس” تنمية زراعة الموز في البلدية؛ من خلال مشاريع حكومية ودعم الشركات والمزارع الخاصة، لكن مع التأكيد على وجوب تعيين مسلمين في الوظائف الإدارية، ونتيجة لذلك أصبح هناك العديد من المديرين المسلمين الناجحين في الصناعة؛ ما منح المجتمع الإسلامي الفقير دفعة اقتصادية للأمام، وكانت النتيجة في النهاية هي الهدوء وانخفاض الجريمة والعنف الطائفي في “مينداناو”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة