27 يونيو، 2025 10:44 ص

بوساطة الكاظمي بين “السعودية” و”إيران” .. هل ينجح في حلحلة مشكلاتهما وعودة العلاقات ؟

بوساطة الكاظمي بين “السعودية” و”إيران” .. هل ينجح في حلحلة مشكلاتهما وعودة العلاقات ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

وسط تعتيم من الجانبان، أجرت “إيران” و”السعودية”؛ محادثات مباشرة، على مستوى منخفض، في “العراق”، في 9 نيسان/أبريل الجاري، شارك فيها مسؤولون استخباراتيون من الجانبين، بحسب مصدرين في الحكومة العراقية على دراية مباشرة بالحدث. بحسب شبكة (CNN) العراقية.

وكانت صحيفة (فايننشال تايمز)؛ قد كشفت أن مسؤولين سعوديين وإيرانيين، رفيعي المستوى، عقدوا محادثات مباشرة، خلال الشهر الجاري، في محاولة لإصلاح العلاقات بين البلدين.

ونقلت الصحيفة البريطانية، عن 3 مسؤولين على إطلاع بالمحادثات؛ أن هذه المفاوضات جرت في “بغداد”، بين الخصمين الإقليميين، بعد 5 سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية.

وذكرت الصحيفة، نقلاً عن أحد المسؤولين؛ أن الجولة الأولى من المحادثات، “السعودية-الإيرانية”، جرت في “بغداد”، في التاسع من نيسان/أبريل 2021، وتضمنت مباحثات بشأن هجمات “الحوثيين”، وكانت إيجابية.

وأوضح المسؤول أن الوفد السعودي ترأسه، “خالد بن علي الحميدان”، رئيس جهاز المخابرات، مشيرًا إلى أن هناك جولة أخرى من المحادثات، من المقرر أن تُعقد، في الأسبوع المقبل.

وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، الذي عقد محادثات مع ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، الشهر الماضي، يلعب دورًا في تسهيل إجراء المفاوضات.

وعلق المسؤول على المحادثات، قائلاً: “إنها تسير بشكل أسرع، لأن محادثات الولايات المتحدة، (المتعلقة بالاتفاق النووي)، تتحرك بشكل أسرع، بسبب أيضًا هجمات الحوثيين”.

ويأتي الكشف عن هذه المحادثات، في الوقت الذي تحرص فيه “السعودية” على إنهاء الحرب، في “اليمن”؛ ضد جماعة (أنصار الله)، المدعومة من “إيران”، والتي صعدت من هجماتها ضد المدن السعودية والبنية التحتية للمنشآت النفطية في المملكة. وأطلقت الجماعة عشرات الصواريخ والطائرات المُسيرة المفخخة باتجاه “السعودية”.

تسريب اللقاء يستهدف التشويش..

تعليقًا على تلك المحادثات، قال محلل الشؤون الخليجية، “عايد المناع”، أنه لم يستبعد أن: “يكون هذا اللقاء قد حصل”، مشددًا على أن: “الرياض معنية بأن تكون إيران مسالمة وبعيدة عن التدخل في شؤون المنطقة، وأن يكون نشاطها النووي سلميًا”.

من جانبه، قال الباحث في الشؤون الإقليمية، “جلال فيروز”، أن: “الطرفان تعمدا عدم الإفصاح عن حصول اللقاء، تجنبًا للفشل”، معربًا عن رأيه بأن: “تسريب الخبر عن حصول اللقاء؛ جاء بهدف التشويش على أي محاولة للتقارب بين الجانبين”.

تتطلب توافقات تُخرج السعودية من المستنقع اليمني..

فيما يرى الباحث والمحلل السياسي الإيراني، الدكتور “حسين رويوران”؛ إن “السعودية” و”إيران”، حتى الآن؛ لم يؤكدا ما تناولته بعض وسائل الإعلام عن جولة مفاوضات جرت بين الجانبين، وينتظر أن يكون هناك لقاء جديد، خلال الأسبوع المقبل، وإن صح هذا الخبر، ففي تصوري أن “العراق” على علاقة جيدة مع “إيران” ومع “السعودية”.

وأضاف أنه؛ نظرًا لتلك العلاقة الجيدة التي تربط “بغداد”، وكل من: “طهران” و”الرياض”، في الوقت الراهن، هذا الأمر يؤهلها للعب دور محوري وفاعل، كما أن هناك ضرورات لمثل هذا الدور، حيث وصلت الأحداث، في “اليمن”، إلى مرحلة تتطلب توافقات تُخرج “السعودية” من المستنقع اليمني، وهو ما يعطي إنطباعًا بأن هذا الأمر قد يكون مطروح أو موجود بالفعل، لكن التأكيد الرسمي غير موجود أو غير معلن حتى الآن.

وتابع “رويوران”، الآن في فترة ولاية رئيس الحكومة، “مصطفى الكاظمي”، العلاقات “العراقية-السعودية” تطورت، و”العراق” الآن يمتلك القدرة في أن يقوم بدور الوساطة بين الطرفين، رغم أن هناك أطراف أخرى يمكن أن تقوم بهذا الدور؛ مثل “سلطنة عُمان”، والحاجة إلى وجود مثل هذا الحوار هو أمر مطروح، لكن التحدي الآن هو عدم وجود تأكيد لهذا الطرح أو نفي له.

علاقات مختلفة عن السابق..

وحول نوع العلاقات القادمة، بين “السعودية” و”إيران”؛ إذا ما أكدت الدولتان تلك الأخبار، أكد “رويوران”، أنه خلال السنوات الخمس سنوات الماضية؛ يمكننا القول أن العلاقات بين “السعودية” و”إيران” غير موجودة، “مقطوعة”، وفي تصوري أن أي علاقات جديدة ستكون نتاج الظرف الراهن والمعادلات القائمة في المنطقة.

وأكد أنه طبيعي أن تكون تلك العلاقات مختلفة، عما كانت عليه في السابق، حيث أن “إيران” اليوم هي على رأس “محور المقاومة”؛ وتمتلك تحالفات إقليمية كبيرة، وهي قوة إقليمية صاعدة، ولا أتصور أي معادلة تسوية قادمة يمكن أن تتجاوز هذه الأمور.

نقاط الخلاف..

فيما كشف المحلل السياسي السعودي، الدكتور “عبدالله العساف”؛ عن بعض النقاط الخلافية، والتي لا يمكن تجاوزها بين “السعودية” و”إيران”، من بينها تخلي “إيران” عن سياساتها القديمة تجاه المنطقة، والعالم العربي على وجه التحديد.

مشيرًا إلى أن “العراق” يحظى بقبول جيد لدى الطرفين في “الرياض” و”طهران”، وبشكل خاص مع مجيء، “مصطفى الكاظمي”، الذي يقف في المنتصف وعلى الحياد بين الطرفين؛ ويبتعد عن سياسة المحاور بشكل كبير.

وأوضح أنه علينا، قبل الحديث عن التفاوض؛ أن نتعرف على أسباب الخلاف، حيث تستطيع “السعودية” التحدث بشكل مباشر مع “طهران”، لكن السلوك الإيراني هو الذي يجعل الدول تبتعد عنها وتتخذ الكثير من الاحتياطات، مثل سلوكها للتغول في المنطقة العربية ودعم الإرهاب، التدخل في الشأن الداخلي والسلاح النووي، وكذا المخاوف البيئية والأمنية.

تغيير السلوك الإيراني..

وتابع؛ الإستراتيجية الإيرانية قائمة على التدخل في الشأن الداخلي والتمدد، كل هذه الأمور تُمثل معضلة لأي وساطة، وإذا أردنا الحديث بإنصاف للوصول إلى نتائج وطرح الحقائق على الأرض؛ علينا أن نرصد، هل تستطيع “إيران” تغيير سلوكها ؟، فإذا استطاعت أن تؤدلج إيديولوجيتها، ثم ينعكس ذلك على سلوكها، أعتقد في تلك الحالة سوف يرحب بها العالم أجمع، وليس “السعودية” فحسب.

وأوضح المحلل السياسي، أن الحديث عن مؤامرة أميركية أمر غير دقيق، “الولايات المتحدة” الآن تربطها بدول المنطقة علاقة صداقة أو شراكة أو حلف إستراتيجي، وهي لا تتدخل في المنطقة، لكن “إيران” اليوم، هي من تتدخل في الشأن الداخلي لدول المنطقة، بل إن “طهران” هي من تعتدي على مناطق بها قوات أميركية، ولا شك أن “الولايات المتحدة”، كقوة عظمى، تدافع عن مصالحها، لكنها لا تريد شيء من “إيران”، بل إن “طهران” هي من تعتدي على المصالح الأميركية في المنطقة، وهي أيضًا من تريد أن تفرض واقعًا على “الولايات المتحدة”، وهي أيضًا تُريد أن تدخل النادي النووي بقوة.

دور عراقي محوري..

وقال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، “باسم أبو طبيخ”، إن “العراق” بلد ذو سيادة مركزية وموقع جغرافي؛ وحاضنته العربية تجعله يقوم بأدوار في الوقت الراهن، تستطيع أن تجمع أو تقرب بين الأشقاء هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى، هذه ليست المبادرة الأولى لـ”العراق” لحل القضايا العربية، فكانت هناك جهود عراقية مع وزير الخارجية السوري، “المعلم”، لعودة “سوريا”، لـ”الجامعة العربية”، لكن كانت هناك مؤامرات خارجية حالت دون تحقيق ذلك.

وأضاف أن؛ “العراق” يلعب دورًا مهمًا ووثيقًا في تحسين الأجواء، فيما يخص “الاتفاق النووي”، وقد حدثت اجتماعات داخل “العراق”، بين الجانب الأميركي والإيراني، أما اليوم فـ”العراق” يلعب ذات الدور مع “سوريا”، لأنها تثق بحيادية “العراق”، فـ”الكاظمي” يستطيع أن يلعب هذا الدور، فقد كان رئيسًا لجهاز المخابرات، ويتميز بعلاقاته الطيبة مع رؤساء الدول.

ومن ناحية أخرى، قال أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، “جمال واكيم”، إن الحكم الآن في “العراق”؛ يخضع لنوع من تجاذب وتقاسم النفوذ، ما بين محورين يتصارعان في المنطقة، المحور الأول هو “إيران” وحلفاؤها، والمحور الثاني: “المملكة العربية السعودية” و”الولايات المتحدة” وحلفاؤهما؛ مما انعكس ذلك على تركيبة السلطة والائتلافات القائمة، وبالتالي هذه المبادرات تأتي في إطار ما تعتبرة القيادة العراقية، بحلحلة للأوضاع الإقليمية، مما ينعكس إيجابًا عليها أيضًا، وهذا ينسجم كذلك مع طبيعة التوازنات القائمة في “العراق”؛ والتي لا تسمح بأن يلتحق “العراق” بأحد هذه المحاور، ولكن تسمح له بأن يشكل محور وساطات في المنطقة.

يصعب نجاح تلك المبادرة..

وأضاف أنه: “في الوقت الراهن؛ وحالة الاستقطاب الموجودة حاليًا، من الصعب جدًا لهكذا مبادرات أن تنجح أو تصل إلى نتيجة، ويجب الانتظار للأشهر المقبلة؛ ما ستترتب عليه التجاذبات والوساطات، ولكن بمجرد طرح العراق لهكذا وساطة، فهذا يعني أن هناك مؤشرات لاحتمالية الإنفراج، ولكن نحتاج لمزيد من الوقت حتى تتبلور هذه الوسطات أو المبادرات التي يقدمها العراق”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة