خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة متوقعة من قبله، عاد زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، إلى السباق الانتخابي، من دون شروطه، حتى مع إعلان تسلم: “ورقة إصلاحية” تُمهد الطريق لما يقول إنها: “انتخابات نزيهة”. وقال “الصدر”، في كلمة متلفزة: “تسلمت ورقة موقعة من بعض القادة السياسيين، الذين لا زلنا نثق بهم؛ لأنهم يسعون للإصلاح”.
وأعلن “الصدر”، أمس الجمعة؛ أنه وأنصاره سيشاركون في الانتخابات العامة، التي ستُجرى في 10 تشرين أول/أكتوبر المقبل، متراجعًا عن قرار اتخذه الشهر الماضي بعدم المشاركة.
وتُعد كتلة رجل الدين الشيعي جزءًا من ائتلاف يُسيطر على أكبر عدد من المقاعد في “البرلمان العراقي” الآن، ومن المرجح أن يكون أحد المرشحين في الصدارة في التصويت، الذي دعا إليه مبكرُا، رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، استجابة لاحتجاجات شعبية من عام 2019.
ميثاق الإصلاح لتخليص العراق من الفساد..
وقال “الصدر”؛ في كلمة بثها التلفزيون؛ إن هذا التحول جاء بعد أن أرسل إليه عدد من الزعماء السياسيين: “ميثاق إصلاح” لتخليص “العراق” من الفساد وسوء الإدارة.
وحث أنصاره على التوجه إلى مراكز الاقتراع والتصويت في الانتخابات المبكرة، وقال إن التصويت لحركته: “سيعني تحرير العراق من التدخل الأجنبي والفساد المستشري”.
وتابع: “سنخوض تلك الانتخابات بعزم وإصرار لا مثيل له؛ لأجل إنقاذ العراق وإصلاحه من الاحتلال والفساد والتطبيع والتبعية”.
ويُمثل “الصدر”، الذي يتبعه ملايين العراقيين، أحد أقوى الساسة في البلاد، وامتد نفوذه ليشمل مؤسسات الدولة في السنوات الأخيرة.
ويُعارض “الصدر” وجود القوات الأميركية، التي لا يزال حوالي: 2500 من أفرادها في “العراق”، كما يرفض نفوذ “إيران”؛ في موقف يتعارض مع العديد من السياسيين الشيعة المنافسين، والجماعات المسلحة التي توالي “طهران”.
ترحيب الرئاسات الثلاث..
وعلى الفور، رحب الرئيس العراقي، “برهم صالح”، ورئيس الحكومة، “مصطفى الكاظمي”، بقرار زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، المشاركة في الانتخابات العامة؛ المقررة بعد أسابيع، والعدول عن قرار سابق بمقاطعتها.
وقال “صالح”، في تغريدة على موقع (تويتر)، مساء الجمعة: “نرحب بقرار سماحة السيد الصدر؛ المشاركة في الانتخابات، فـ (التيار الصدري) وجمهوره الكريم جزء أساس في المجتمع، وندعو القوى المقاطعة الأخرى إلى المشاركة في هذه الانتخابات المصيرية، وأمامنا مسؤولية وطنية عليا؛ ضمان انتخابات حرة ونزيهة وتأمين مشاركة شعبية واسعة لتكون منطلقا نحو الإصلاح”.
كما غرد “الكاظمي” قائلاً: “نرحب بعودة (التيار الصدري) للمشاركة في الانتخابات، والشكر لكل القوى والقيادات السياسية والشعبية التي بذلت الجهود لعودته، وندعو كل المقاطعين إلى مواقف مشابهة، ونأمل بمشاركة واسعة من قبل أبناء شعبنا في الانتخابات على طريق التغيير. العراق أولاً، والعراق ثم العراق”.
كما غرد رئيس مجلس النواب، “محمد الحلبوسي”، الجمعة، قائلاً في تغريدة عبر (تويتر): “في الأزمات تصبح المواقف الوطنية مسؤولية تاريخية على الرجال، تقديرنا العالي لقرار الصدر بالمشاركة في الانتخابات والحفاظ على هذا الاستحقاق الدستوري”.
وأضاف: “نشكر القوى السياسية التي أسهمت في جمع الصفوف لأجل المضي بالانتخابات، التي نأمل أن تمثل إرادة الشعب وتسير بالبلاد إلى برِّ الأمان”.
مشاركة شعبية واسعة وتحمل مسؤولية النزاهة..
كما رحبت فعاليات سياسية بقرار “الصدر”، وقال تحالف (النصر)؛ بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، “حيدر العبادي”، إن عودة زعيم (التيار الصدري)، تُشكل: “زخمًا وطنيًا لمشاركة شعبية واسعة في الانتخابات”، فيما دعت (الجبهة التُركمانية)، الكتل السياسية؛ تحمل مسؤولية نزاهة وشفافية الانتخابات النيابية المبكرة والضغط على المفوضية بإقامة انتخابات تنسجم مع المعايير الدولية.
وشجع ترحيب الفعاليات السياسية، بخطوة “الصدر”؛ غرف السياسة على إطلاق: “تأكيدات” نهائية بأن خيار تأجيل الانتخابات بات مستبعدًا الآن، وأن موعد العاشر من تشرين أول/أكتوبر 2021؛ ثابت أكثر من ذي قبل.
معيار جديد لتحديد الموقف من الانتخابات !
لكن مقربين من “الصدر”، أشاروا إلى أن: “الحديث عن تنفيذ الورقة الإصلاحية، التي تعهدت بها الكتل السياسية؛ صارت الآن هي المعيار الجديد لتحديد الموقف من الانتخابات”.
بنود “الورقة الإصلاحية”..
وجاء في بنود “الورقة الإصلاحية”، التأكيد على أن: “الانتخابات الوسيلة الأساسية للتعبير الديمقراطي؛ على أن تعمل القوى السياسية على حمايتها من التدخل الخارجي”، وأن: “الدستور هو الوثيقة التي أرتضى بها الجميع كإطار حاكم”.
وأشارت الوثيقة المقترحة، إلى: “تجريم استخدام السلاح خارج القانون”، فضلاً عن تحديد الجهات المسؤولة عن تشكيل الحكومة المقبلة.
دليل قبوله الآراء..
تعليقًا على خطوة “الصدر”، أكد الكاتب والمفكر العراقي، “حسن العلوي”؛ أنه أرسل رسالة احتجاج إلى رئيس (التيار الصدر)، “مقتدى الصدر”، بعد إعلانه مقاطعة الانتخابات، خلال المدة الماضية، تدعوه إلى المشاركة بكل مساحته المتاحة؛ لأنه يُمثل النهج الوطني المستقل، وقال “العلوي”، في رسالة عاجلة إلى موقع (الزمان)، أمس؛ أن: “الصدر؛ قد استجاب لدعوات العشرات من محبيه وأنصاره، وهذا دلالة على قبوله بالآراء، وأنا سعيد بعودته إلى سوح النصر المؤزر بعون الله”، وأضاف: “أرفع تهانينا القلبية الخالصة للصدر على هذه الخطة المباركة”.
عوامل عودة “الصدر” للمشاركة..
وقال الباحث في الشأن السياسي العراقي، “هاشم الشماع”، لـ (كتابات)، أنه لم تكن عودة السيد “مقتدى الصدر” إلى المسار الانتخابي بالأمر المفاجيء، خاصة بعدما اقترب منه عدد من قادة الكتل السياسية بالضغط عليه تارة؛ ورجائه بالعودة تارة أخرى.
موضحًا أن عودته إلى الجو الانتخابي يُشكل عدة عوامل منها : كسر حاجز التخوف من تأجيل الانتخابات إلى السنة المقبلة؛ وهذا السيناريو كان متوقعًا في أي لحظة، ومنها: أعاد تنشيط العملية السياسية وأنعش المفاهيم الديمقراطية في “العراق”، وأعطى فسحة كبيرة للتحرك بحرية من خلال طرح البرامج الانتخابية، ومنها: هناك كان من تمنى عدم عودته إلى الساحة الانتخابية، لكي يستطيع التحرك وحصد أصوات عالية، لكن هذه الفئة لم يتحقق ما تمنوه، لهذا نستطيع القول إن “العراق” اليوم أصبح مستقرًا سياسيًا شيئًا ما؛ بهذه العودة، خاصة وأن موعد إجراء الانتخابات بات واضحًا.
إلا أنه أضاف؛ أنه يبقى التخوف من العامل الخارجي الذي يحاول إثارة بعض الأزمات من أجل تعكير صفو العملية السياسية، وهذا واضح ومتوقع وقد يرتقي الأمر إلى اختلالات أمنية هنا وهناك، كما أن عودة السيد “الصدر” خرجت بتوقيع وثيقة وطنية وقع عليها؛ السيد “مسعود البارزاني” والسيد “حيدر العبادي” والسيد “هادي العامري” والسيد “عمار الحكيم”، فيها بنود تخص محاسبة الفاسدين والتسريع بتشكيل الحكومة الجديدة.
وخلاصة القول إن حدث اليوم؛ كان مهمًا جدًا فيما يخص الاستقرار، على الرغم من أنه كان متوقعًا وغير مفاجيء.