خاص : ترجمة – آية حسين علي :
يبدو أننا نعيش في عصر إستعادة أمجاد “الإمبراطوريات” السابقة.. وبالنظر إلى الطريقة التي أصبح يدار بها العالم؛ نجد أن القمع أصبح الخيار الأول أمام الرؤساء.. وفي داخل كل منهم حنين كبير إلى أمجاد أجداده السابقين.
ولا خلاف على أن الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، يحلم بعودة دولة “القياصرة”، كذلك يسعى الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، إلى إستعادة “الدولة العثمانية”، ويحاول الرئيس الصيني، “تشي جينبينغ”، الحكم كما لو كان “إمبراطورًا”.
“بوتين” يحكم منذ 18 عامًا..
يطمح الرئيس، “بوتين”، في إستعادة إمبراطورية “القياصرة” التي طالما سببت رعبًا لجيرانها وسمع وقرأ عنها خلال فترة طفولته، ويعتبر أن أكبر مصيبة حدثت في بداية القرن العشرين هو سقوط دولة القياصرة.
وولد “بوتين” لأسرة فقيرة وأب ظابط بحري في “سان بطرسبرغ” وأم تعمل في أحد المصانع، لكنه تربى على حب الوطن، ثم أنضم إلى جهاز المخابرات وخدم في مدينة “درسدن”، عاصمة ولاية “ساكسونيا” في شرق ألمانيا، حتى تم قصفها بشكل مكثف خلال الحرب العالمية الثانية.
ومن أبرز العبارات التي يرددها: “من يريد إستعادة هيمنة الحزب الشيوعي السوفياتي لا عقل له، ومن لا يشعر بالحنين إليها لا قلب له”.
وتعتبر فترة ولاية “بوتين” هي الأطول، منذ رئيس الاتحاد السوفياتي، “جوزيف ستالين”، إذ يحتفظ بمنصب الرئيس منذ 18 عامًا؛ ويتبقى 6 أعوام أخرى في ولايته.
وبالنظر إلى سياساته الإستبدادية وسلطاته اللامحدودة؛ نجد أن “بوتين” يعد مثالاً لـ”الإمبراطور” الجديد في عصرنا هذا.
“إدوغان” يحكم بالقرآن وعصا حديدية..
لكن “بوتين”، ليس الوحيد الذي يسعى إلى إستعادة مجد أجداده، إذ يسعى الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أيضًا إلى إستعادة “الإمبراطورية العثمانية” بالقرآن في يد وعصا من حديد في اليد الأخرى.
وشغل “إردوغان” منصب رئيس الوزراء لمدة 11 عامًا، ثم اختير رئيسًا منذ 4 سنوات، ويتمتع بسلطات ونفوذ يفوق ذلك الذي حصل عليه مؤسس الدولة التركية، “مصطفى كمال أتاتورك”.
وتتضمن خطط الرئيس التركي المستقبلية؛ أسلمة شعبه في المناطق التي لم يصل إليها الإسلام، وهو يعرف جيدًا كيف يقمع شعبه، خاصة وأنه قضى 10 أشهر في السجن بسبب قيامه بإلقاء قصيدة.
ولم يكن غريبًا أن تقوم قوات الأمن التركية باعتقال أكثر من 50 ألف شخص وطرد 100 ألف من الوظيفة، خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، التي اتهم فيها “إردوغان” رجل الدين، “فتح الله غولن”، بالوقوف وراءها.
وأوضح العقيد في الجيش الإسباني، “بيدرو بانيوس”، أن “هذا النوع من القادة يحصلون على دعم شعبي كبير؛ لدرجة تسمح لهم بإتخاذ قرارات على المدى البعيد وإتباع دبلوماسيات عدائية دون الحاجة إلى تفسير أفعالهم لأحد”.
الرئيس “تشي” أصبح إمبراطورًا..
وفي آسيا؛ يبدو أن الرئيس الصيني، “تشي جينبينغ”، تحول إلى “إمبراطورًا” أيضًا؛ إذ يمتلك سلطات لا محدودة؛ وفي ظل الدعم الشعبي اللامحدود، تمكن الرئيس “تشي” من تنفيذ أكبر حملة قمع للمعارضين، بداية من “مذبحة تيانانمن”، عام 1989، التي نفذها ضد مظاهرة نظمها مجموعة من الطلاب والعمال الصينيين.
تقول الباحثة، في معهد “إلكانو” الإسباني الملكي، “ميرا ميلوسفيتش”، إن “الصين تمثل حضارة عمرها 5 آلاف سنة، وهذ الأمر يغذي قوميتها، والرئيس تشي يدمج ما بين حكومة التكنوقراط والشيوعية والإمبراطورية القديمة المعتمدة على المباديء الكونفشيوسية الفلسفية”.
وأضافت “ميلوسفيتش”؛ أنه إذا ما استمرت “بكين” بنفس النهج سوف يتضاعف اقتصادها ليساوي 3 أضعاف الاقتصاد الأميركي بحلول عام 2040، وهو ما يمنحها قوة تمكنها من تغيير النظام العالمي.
وبينما يقرر الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، الإنسحاب من عدة اتفاقات وأحداث سياسية، يسعى الرئيسان الصيني والروسي إلى مليء هذا الفراغ.