5 مارس، 2024 12:47 م
Search
Close this search box.

“بوتفليقة” يترشح لفترة جديدة .. الجيش والنخب والغرب يؤيدون .. والمواطنون وحدهم يحتجون !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

أدى قرار الرئيس الجزائري، “عبدالعزيز بوتفليقة”، الترشح لولاية خامسة، إلى موجة من المظاهرات في جميع أنحاء البلاد. ويخشى الجيش أن تؤدي موجة الاحتجاجات إلى حالة من الفوضى والأحداث الدموية، كالتي شهدتها “الجزائر” في تسعينيات القرن الماضي.

على شفا الثورة ؟

يقول الكاتب الإسرائيلي، “تسفي برئيل”: لقد خرج عشرات الآلاف من المواطنين الجزائرييين للتظاهر في شوارع العاصمة، والعديد من المدن الأخرى، طيلة الأسابيع الثلاثة الماضية، وذلك احتجاجًا على ترشح الرئيس المريض والمُسن، “بوتفليقة”، لفترة ولاية خامسة. لكن تلك المظاهرات تثير بطبيعة الحال تساؤلًا خطيرًا، حول ما إذا كانت الدولة، التي أفلتت من ويلات ثورات “الربيع العربي”، في عام 2011، قد أصبحت على شفا ثورة فعلية.

سبب اندلاع المظاهرات..

إن السبب المباشر للمظاهرات، في هذه المرة، هو إعلان الحزب الحاكم، “جبهة التحرير الوطني” بأن الرئيس الحالي، “بوتفليقة”، سيترشح لفترة ولاية خامسة وسيخوض الانتخابات التي ستُجرى في، الـ 18 من نيسان/إبريل المُقبل.

فثارت، منذ الشهر الماضي، ضجة عارمة عبر شبكات التواصل الاجتماعي في “الجزائر”، بعد الإعلان عن الترشح، وطالب عشرات الآلاف، عبر صفحات التواصل الاجتماعي، بعدم ترشح الرئيس مرة أخرى. وسرعان من ما تسرب المشهد من شبكات التواصل إلى الشوارع، حيث خرج المتظاهرون حاملين لافتات تشبه التي كان يحملها المتظاهرون في “مصر” و”تونس” و”ليبيا”.

وربما يقول قائل؛ إنه يمكن لحوالي 41 مليون مواطن جزائري أن ينتظروا حتى إجراء الانتخابات المقبلة، لمعرفة من سيكون رئيسهم القادم، كما فعلوا خلال أربع معارك انتخابية سابقة، منذ تولى “بوتفليقة” منصبه عام 1999.

إنعدام نزاهة الانتخابات..

لكن الانتخابات في “الجزائر”؛ بعيدة كل البعد عن النزاهة والحرية. كما أن الرئيس، “بوتفليقة”، المريض والبالغ من العمر 82 عامًا، لا يزال مدعومًا من قِبل الجيش وأجهزة الاستخبارات والنُخب، ومن المنتظر أن يفوز في الانتخابات المقبلة ويواصل الحكم لمدة أخرى.

ويزعم المعارضون أن الحالة الصحية المتردية للرئيس، “بوتفليقة” – التي منعته من الظهور على الملأ، منذ عام 2013 – لا تسمح له بقيادة البلاد وإجراء الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة.

مخاوف من تكرار أحداث التسعينيات..

يضيف الكاتب الإسرائيلي؛ أن المتظاهرين يطالبون البرلمان حاليًا بالعمل وفق الفقرة (102) من الدستور، التي تقضي بانتقال السلطة بشكل مؤقت إلى رئيس مجلس الشيوخ في حال عجز الرئيس عن تنفيذ مهامه، سواء كان ذلك لأسباب صحية أو لأسباب أخرى.

خلاصة القول؛ هو أن المواطنين الجزائريين يريدون إجراء انتخابات رئاسية، دون مشاركة “بوتفليقة”.

لكن قيادات الجيش الجزائري، الذين يدركون طبيعة المرحلة وربما يتعاطف بعضهم مع الحركات الاحتجاجية، يخافون مما قد يطرأ على البلاد في حال انتقال السلطة، حيث تراودهم الذاكرة الجمعية الأليمة لما وقع من أحداث في أوائل تسعينيات القرن الماضي.

إذ اندلعت حينها الاحتجاجات والمظاهرات العارمة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، وأثارت سياسة التقشف الاقتصادي حالة من الغضب الجماهيري، فأشعلت الشوارع. فيما استغلت الحركات الإسلامية موجة الاحتجاجات وحققت الفوز في الانتخابات.

لكن الجيش، الذي خشي من احتمال وقوع الدولة في قبضة المتطرفين الإسلاميين، قد سارع بإلغاء الانتخابات العامة، التي جرت عام 1991، وقام بتعيين حكومة تابعة له. وفي ذلك العام بدأ ما يُسمى، بـ”العقد الأسود”، الذي شهد اندلاع حرب أهلية، أودت بحياة قرابة 200 ألف شخص.

“بوتفليقة” يُعيد الاستقرار..

بحسب “برئيل”؛ بعد ثماني سنوات من الأحداث الدموية، عاد “بوتفليقة” من منفاه، في “سويسرا”، بعدما أمضى هناك 16 عامًا، حيث هرب من الملاحقة القضائية بسبب قضية اختلاس كبرى.

وعندما عاد لـ”الجزائر” تم استقباله استقبال الأبطال، بل وتم انتخابه رئيسًا للبلاد بأغلبية كبيرة، بلغت 74%. فيما كان أكبر إنجاز له هو إجراء “حوار وطني”، وفيه اقترح على جميع الأطراف نسيان الماضي والبناء المشترك لدولة المستقبل.

وتم العفو عن قادة الحركات الإسلامية، وعاد بعضهم لممارسة النشاط السياسي، كما تعافى الاقتصاد الجزائري، لكنه ظل يعتمد على ارتفاع أسعار النفط. ولقد خصصت الحكومة ميزانيات كبيرة للإنفاق على تحسين البنية التحتية وإعادة التصدير إلى دول أوروبا، التي تشتري من “الجزائر” نحو ثلث استهلاكها من الغاز. وأدى تحسن الأوضاع الاقتصادية إلى استقرار الأوضاع.

الجزائر تعاني من القمع..

ورغم ما تحقق من إزدهار اقتصادي؛ إلا أن الدولة الجزائرية، ظلت تعاني من الأساليب القمعية وتقييد الحريات. كما تم فرض رقابة شديدة على المؤسسات، وأحكم رجال المخابرات سيطرتهم المُطلقة.

غير أن “بوتفليقة” استطاع أن يُعطي واجهة جيدة للبلاد أمام العالم، حيث عزز العلاقات مع الدول الغربية، وجذب الاستثمارات الأجنبية وأطلق العنان للنُخب فأصبحوا يتصرفون وكأنهم أصحاب الدولة.

الاقتصاد أوقف المد الثوري !

لقد تمكن “بوتفليقة” من إعادة الاستقرار للبلاد، وبدا النجاح واضحًا في إدارة الاقتصاد، لكن الاعتماد المُطلق على “النفط” و”الغاز”، كلف البلاد ثمنًا اقتصاديًا وسياسيًا باهظًا خلال بضعة سنوات.

فبسبب إمتلاء خزينة الدولة وكثرة احتياطي العملة الأجنبية، أصبح في مقدور الحكومة أن تشتري صمت المواطنين وأن توفر لهم دعم السلع الأساسية لبيعها بأسعار منخفضة، وبذلك استطاعت الدولة أن تنجو بسلام وتتجاوز عاصفة “الربيع العربي”، التي إجتاحت المنطقة في عام 2011.

ولقد حصل المواطنون على قروض من دون فوائد، واستفاد آلاف الموظفين والجنود ورجال الشرطة من الإمتيازات الحكومية وبرامج الإسكان، وبفضل ذلك كله توقف المد الثوري الذي كاد يخترق “الجزائر”.

أوربا تريد بقاء “بوتفليقة”..

إن الرغبة في ترك “بوتفليقة” لفترة رئاسية جديدة؛ تُعد رغبة مشتركة لكل من الجيش والدول الأوروبية، ولا سيما “فرنسا” و”إيطاليا” و”إسبانيا”، لأن تلك الدول تعتمد على “النفط” و”الغاز” المستورد من “الجزائر”.

كما تُعد “الجزائر”، في نظر “أوروبا” حائلًا منيعًا يعوق تدفق اللاجئين من “إفريقيا” إلى دول “الاتحاد الأوروبي”. وتُعتبر “الجزائر”، التي تحارب المنظمات الإرهابية، بمثابة حاجز منيع يحول دون تسلل منظمات، مثل (القاعدة)، إلى “أوروبا” عبر البحر المتوسط.

وترى تلك الدول الأوروبية، التي ليس لها تأثير كبير على السياسة الداخلية الجزائرية، أن استمرار النظام الحالي بقيادة، “بوتفليقة”، هو أكبر ضامن لها لمواصلة السياسة الحالية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب