وكالات- كتابات:
أكد وزير التخطيط العراقي الأسبق؛ “نوري الدليمي”، اليوم الأحد، أن حل الأزمات الثلاث: “السكن، البطالة، التصَّحر”، يكمَّن بتشغيل الشباب بالقطاع الخاص، سواء الصناعي أو الزراعي، فضلًا عن توعية الشباب وتغييّر مفهومهم بالسعي نحو الوظيفة الحكومية.
وقال “الدليمي”؛ في تصريحات صحافية، إن: “الحديث عن تحديات وزارة التخطيط، لا يتم دون النظر إلى السيّاق الأوسع الذي تمر به مؤسسات الدولة، فالوزارة تقف في قلب المعادلة الاقتصادية والتنموية، وتواجه تحديات مركبة تتمثل في ضعف الإمكانات الاستثمارية مقابل اتساع المتطلبات السكانية والخدمية، وتعاظم الإنفاق التشغيلي الذي يستهلك أكثر من ثُلثي الموازنة العامة”.
وأضاف: “على الرغم من توفر الكفاءات والخبرات في مؤسسات الوزارة، إلا أن طبيعة العمل التخطيطي تتطلب دعمًا مستمرًا على مستوى تحديث أدوات العمل، وتعزيز قدرات الموظفين، وتوسيع الشراكات مع المؤسسات المحلية والدولية، وهذا التحديث ضرورة حيوية لمواكبة المتغيرات الاقتصادية السريعة والاستجابة الفاعلة لمتطلبات التنمية في العراق، واعتماد حلول مستَّدامة”.
وطرح “الدليمي”؛ إشكاليات ثلاث، وهي: “السكن، البطالة، التصَّحر”، هذه الأزمات تُعد من أعقد التحديات التنموية: “لكنها ليست عصّية على الحل، ومن تجربتي، فإن المفتاح الأساس لمعالجتها يكمَّن في التشغيل الواسع والمنظم للشباب في القطاع الخاص، مع ضمان حوافز ومزايا موازية للقطاع العام”.
وتابع: “حين أطلقنا المشروع الوطني لتشغيل الشباب، جعلنا من القطاع الزراعي نقطة انطلاق استراتيجية، كونه لا يُعالج البطالة فقط، بل يُساهم أيضًا في تقليص التصَّحر، وتحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز الاستقرار المجتمعي، لا سيّما في المناطق الريفية، فضلًا عن كونه عامل محوري لتشغيل العديد من القطاعات”.
ولفت إلى أن: “تفعيل هذا المسّار التنموي يتطلب إرادة سياسية، ودعم تشريعي، وتمويل حكومي منصف، إلى جانب شراكة حقيقية مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وهنا أود ان اشيّد بمبادرة (ريادة) التي أطلقها دولة رئيس مجلس الوزراء؛ محمد شيّاع السوداني، لتشغيل الشباب والتي أنا أحد أعضائها”.
وأكمل حديثه: “القطاع الخاص في العراق لم يُمنح بعد الدور الفاعل الذي يستّحقه، ما زال يُعاني من قيود وتعقيدات في بيئة العمل، وضعف في التشريعات المشجعة، ومحدودية التمويل، وبُعده عن صنع القرار الاقتصادي، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة والفاعلة التي بذلها السوداني، إلا ان التراكمات السابقة تحتاج إلى دعم موحد من جميع الفعاليات الوطنية، ووقت أكبر للحصول على نتائج يلمس المواطن أثرها بشكل أوضح”.
ولفت إلى أنه: “مع ذلك، نثمن الجهود التي بُذلت خلال السنوات الأخيرة لتحسّين بيئة الاستثمار وتبسيط الإجراءات وتأسيس المجلس الدائم لتطوير القطاع الخاص، الذي وضعنا أسسه في فترتنا الوزارية”.
وحول الحلول، بيّن أن: “المطلوب اليوم هو نقلة نوعية تقوم على منح القطاع الخاص دورًا حقيقيًا في قيادة مشاريع التنمية، لا أن يكون مجرد منفّذ فرعي، مع ضمان التوازن بين دور الدولة وبين حرية السوق. فبلا قطاع خاص فاعل، لن يكون هناك اقتصاد ديناميكي ولا فرص عمل مستدامة”.
وبشأن البطالة، أشار “الدليمي” إلى أن: “البطالة ليست أزمة طارئة، بل هي نتيجة لتراكمات طويلة لضعف التخطيط التنموي وضعف التنسيق بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق، وفي جميع الخطط التي اعتمدتها قبل المنصب الوزاري وبعده رفعت شعار: “الاستثمار في الشباب استثمار في مستقبل الوطن”.
واستطرد: “لدينا ثروة بشرية هائلة من الشباب والخريجين الذين لا ينقصهم الطموح، بل تنقصهم البيئة الداعمة، ومعالجة هذا الملف تحتاج إلى توحيد جميع الجهود وتغير مفهوم السعي الدائم نحو الوظيفة الحكومية، وتعزيز مفهوم القطاع الخاص وتنشيط القطاعات الإنتاجية”.
وأوضح: “معالجة البطالة تتطلب رؤية وطنية متكاملة تشمل: إصلاح التعليم وربطه بسوق العمل، وتوفير تمويل للمشاريع الصغيرة، تشجيع ريادة الأعمال، وتوسيع الاستثمار المحلي والأجنبي”.
وختم حديثه: “لن نتجاوز هذه التحديات ما لم تكن هناك شراكة حقيقية بين القطاع العام والخاص، ووضوح في الرؤية، وثقة متبادلة بين المواطن ومؤسسات الدولة، فالعراق بحاجة إلى التخطيط بعيد المدى، إلى استثمار كل دينار بطريقة تحقق نتائجملموسة، والأهم من ذلك إلى إرادة مدعومة من الفعاليات السياسية”.