بنات العراق يتفوقن على بنيه في التحصيل العلمي

بنات العراق يتفوقن على بنيه في التحصيل العلمي

أظهرت نتائج الامتحانات النهائية التي أعلن عنها خلال العام الحالي تفوقاً ملحوظاً للإناث على الذكور بنسبة كبيرة ودلت المؤشرات حسب آراء المختصين بالمجال التربوي على أن الإناث يتميزن في المواد العلمية على أقرانهن الذكور فيما ذهب البعض إلى أبعد من ذلك وقدر أن التفوق الدراسي للإناث يكاد يكون في كافة المواد التعليمية.
وتشير تقارير عالمية إلى أن تفوق الإناث ليس في العراق فحسب وإنما في جميع دول العالم، بينما كشف التقرير الذي أصدرته منظمة اليونيسيف الخاصة بالعالم العربي أن الإناث تفوقن على الذكور خلال العقد الماضي في جميع الميادين الأكاديمية تقريباً، وأن نسب الالتحاق بالمدارس الابتدائية للأولاد والفتيات تقترب من المعدلات العالمية.
واختلفت الآراء حول تفوق الإناث على الذكور فمنهم من عده ظاهرة قابلة للمد والجزر ومنهم من عده نتيجة وعي الإناث بقيمة التعليم وإصرارهن على مواصلته.
ويقول الصحفي هلال كوته إن من أهم أسباب تفوق الإناث على الذكور يعود إلى انشغال الرجال بالكثير من الهموم المرتبطة بغلاء المعيشة والفراغ وهاجس البطالة المؤرق، ويعزز رأيه بأن الفتاة لا تفكر في المعيشة وتلقي بمسؤوليتها على من يعيلها وهذا عكس ما نجده عند الذكور الذين غالبيتهم يمتهنون مهناً مختلفة لتوفير متطلبات الحياة لهم ولمن هو في كفالتهم ، ولذلك تكون البنت هي الأفضل في الدراسة إذا ما توفرت لها الأجواء المناسبة التي تدعّم ما لديها من ذكاء وطموح ورغبة في تسلق سلم النجاح”.
بينما تعزو المعلمة حنان عباس التي تدرّس منهج الرياضيات في إحدى مدارس البنين في بغداد أسباب تفوق الإناث على الذكور إلى عوامل اجتماعية واقتصادية ونفسية، فالعامل الاجتماعي يتمثل في البيئة الاجتماعية التي تعيش فيها الإناث، فهن يقضين معظم أوقاتهن في المنزل وبالتالي لا يجدن أمامهن سوى الدراسة وتأدية ما عليهن من واجبات.
أما بالنسبة إلى العامل الاقتصادي فيتمثل في ما يلقى على الذكور من مسؤوليات مثل مسؤولية توفير متطلبات الحياة ومساعدة الأهل اقتصاديا فينعكس ذلك على مستواهم العلمي .
وأضافت “أنا مثلا أدرّس الذكور فأجد أغلبهم غير حريصين على دراستهم، فهم يقضون معظم أوقاتهم في اللعب، إضافة الى ذلك ضعف مراقبة الأهالي لأولادهم وعدم معاقبتهم في حال فشلهم وتدني مستوى تحصيلهم العلمي، ويعد ذلك من أهم العوامل التي أدت الى تراجع مستوياتهم، بينما يحرص الأهالي على بناتهم أكثر من خلال تضييق الخناق عليهن فتضع الفتيات كل همهن في الدراسة خوفا من العقاب لأن أغلب الأهالي يعتبرون رسوب البنت عيباً عكس رسوب الذكر الذي لا يعدونه من العيوب”.
واختلفت الآراء لدى الطلبة الذين سألناهم حول ظاهرة تفوق البنات على البنين في الدراسة.
وتقول سهى، طالبة في الصف السادس الأدبي، “اعتبر الأمر نسبيا ولا يمكن الجزم بأن البنات ‘أكثر شطارة’ من البنين في الدراسة”.
وأضافت ”لايمكنني التأكيد على المسألة باعتبارها أمرا بديهيا وعاما” موضحة “أنا وأخي في المرحلة الدراسية ذاتها وأنا أكثر حرصا من أخي على المواظبة فأخي كان يقضي معظم وقته مع أصدقائه في اللهو ويترك مدة قليلة لمراجعة دروسه، ولكن رغم ذلك نجحنا، أخي معدله 76 بالمئة وأنا معدلي 70 بالمئة، إذن أخي كان أكثر مني ذكاء وهو ليس بحاجة لأوقات طويلة للدراسة عكسي أنا تماما”.
ومن جهة أخرى تقر أم يوسف التي يدرس ابنها في الفرع العلمي بأنها بذلت قصارى جهدها ليكون ابنها متفوّقا في هذا المرحلة المهمة قائلة “رغم حرصي على ابني صدمت بالمعدل الذي حصل عليه والذي كان غير متوقع تماما ونتيجة كثرة ضغطي عليه أصبح الآن يعاني من حالة نفسية حادة وانعزال كامل عن الأصدقاء والمقربين لدرجة أنه حبس نفسه في غرفته”.
وقالت جارتها أم محمد – وهي مدرسة للغة الانكليزية في إحدى مدارس البنات في العاصمة بغداد – “حسب تجربتي في الصف السادس الاعدادي يحتاج الطالب إلى سلاحين هما الاجتهاد والحظ، لأن الاجتهاد وحده لايكفي”. وأشارت إلى أن إحدى طالباتها كانت كسولة خلال السنة الدراسية بأكملها لكن معدلها الذي تحصلت عليه فاق الخيال وصدم الجميع”.
وأوضحت “لقد بذلت الطالبة قصارى جهدها في الأربعين يوما خلال العطلة التي تمنحها وزارة التربية لطلبتها لمراجعة المواد الدراسية وهو ما أدى في النهاية الى تحصيل هذا المعدل العالي الذي لا يعتبر ضربة حظ كبيرة”.
ويرى البعض أنه من الخطأ النظر إلى الاناث على أنهن متفوّقات على الذكور، بل إن تراجع مستوى الذكور هو الذي أدى إلى بروز التفوق الأنثوي.
ويعد التفوق العددي للبنات من بين الأسباب التي يفسر بها البعض تفوقهن على الذكور، أي ان الكثيرين يعتبرون ارتفاع عدد البنات عاملا أساسيا من عوامل ارتفاع نسبة تفوقهن.
فيما يرى التدريسي حيدر (طالب) أن الطلبة يشعرون بإحباط نتيجة ما ينتظرهم من مستقبل غامض وهو ما يجعلهم ربما لا ينظرون الى الأمور بجدية، وأن الشهادة العلمية وحدها لا تكفي فقد يحصل عليها الطالب ولكن مع ذلك يبقى مضطرا للانتظار في طوابير العاطلين عن العمل الذين يفوق عددهم كل التوقعات.
فالشهادة العلمية مهما كان نوعها هي حلم الطالب الذي يطمح من خلالها الى الحصول على وظيفة تؤمن له رغد العيش لكن بين الحلم والواقع بون شاسع، في حين أن الفتاة تحتاج إلى الدراسة والجد والاجتهاد أكثر من الذكر لأن الشهادة العلمية تشعرها بقيمتها”.
وترى المختصة في علم الاجتماع منى سعد أن تفوق البنات على الذكور ”ظاهرة عالمية” عكس ما يعتقده البعض، وتقول ”من خلال حضوري في العديد من المؤتمرات واطلاعي على الكثير من التقارير العالمية وجدت أن هذه الظاهرة منتشرة… و تفوق الفتاة على الذكر يرجع الى أسباب عديدة منها أن الفتاة تريد تحقيق مكانة اجتماعية مميزة أفضل من تلك التي يعطيها لها المجتمع (الوظيفة المنزلية)… هناك نوع من التحدي لدى الفتيات، إضافة إلى أنهن يركزن أكثر في الدراسة، لأنهن يعتبرنها أمرا مهما بالنظر إلى التغيرات الاجتماعية الحاصلة، إضافة إلى ذلك فإن المرأة تتطلع إلى تحقيق رفاهيتها ورفاهية عائلتها، وتدرك أنها كلما ازدادت علما نجحت وارتقت اجتماعيا، وهذا يؤثر بالإيجاب على حياتها، بشرط ارتباطها الدائم بقيم مجتمعها الأخلاقية، لأن العلم بدون أخلاق لا يفعل شيئا”.
وكشف التقرير الذي أصدرته منظمة اليونيسيف في الآونة الأخيرة تحت عنوان “التقدم من أجل الأطفال” حقائق مثيرة، فقد أشارت البيانات الخاصة بالعالم العربي الى أن الإناث تفوقن على الذكور خلال العقد الماضي في جميع الميادين الأكاديمية تقريباً، وأن نسب الالتحاق بالمدارس الابتدائية للأولاد والفتيات تقترب من المعدلات العالمية، فعند التحاق الفتيات العربيات بالمدارس الابتدائية عادة يضاهين أو يتفوقن على الأولاد، وفي أغلب الدول العربية تقل أعداد الطالبات اللواتي يرسبن عن أعداد الأولاد”.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة