10 أبريل، 2024 9:17 م
Search
Close this search box.

بمبادرات سياسية واقتصادية .. “الصين” تحاول القضاء على الوجود الأميركي في الشرق الأوسط !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تدخل “الصين” بثقلها الاقتصادي على الدول العربية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يهدد مكانة “الولايات المتحدة الأميركية” ويضعها في خطر، خاصة بعدما طرحت أيضًا مبادرة “السلام الصين” والتي يمكن أن تكون بديلة لما يسمى بـ”صفقة القرن”، وقد أعلن الرئيس الصيني، “شي جين بينغ”، الثلاثاء 10 تموز/يوليو 2018، أن بلاده ستقدم قروضًا بقيمة 20 مليار دولار لمشروعات تنموية في عدد من الدول العربية، موضحًا أن هذه المشاريع ستوفر فرص عمل جيدة وسيكون لها تأثير اجتماعي إيجابي في دول عربية لديها حاجات لإعادة الإعمار.

وفي كلمة ألقاها “شي”، أمام الدورة الثامنة لـ”منتدى التعاون الصيني العربي”، الذي عقد في قصر الشعب في “بكين”، بحضور ممثلي 21 دولة عربية، وبثتها وكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، قال إن الصين ستقدم مساعدات إنسانية بقيمة 106 ملايين دولار لـ”سوريا​ والأردن​ و​اليمن​ و​فلسطين​”.

كما تخطط “الصين” لاستيراد سلعًا بقيمة تزيد عن 8 تريليونات دولار، واستثمار نحو 750 مليار دولار بالخارج، في غضون السنوات الخمس المقبلة، وتوقع “شي” أن تخلق هذه الأمور فرصًا أكثر للتعاون تعود بمنافع حقيقية على الدول العربية.

ثاني أكبر شريك تجاري..

وتعتبر “الصين”، حاليًا، ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية، بعد أن أنشأت آليات اقتصادية وتجارية مشتركة مع غالبية الدول العربية، ووقعت اتفاقيات ثنائية للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني مع جميع الدول العربية، حيث بلغ حجم التجارة بين الصين والدول العربية قيمة 191.3 مليار دولار في العام 2017.

إعادة إحياء “طريق الحرير”..

أوضح “شي” إن الموقع الجغرافي للدول العربية، في قلب طريق التجارة القديم، يجعل منها “شريكة طبيعية” في المبادرة الصينية الجديدة، التي ترتكز على إعادة إحياء “طريق الحرير” من الصين إلى المناطق القريبة من إفريقيا وأوروبا، بمشاريع في البنى التحتية بقيمة تريليون دولار.

وأعرب “شي” عن ترحيب الصين بفرص المشاركة في تنمية مرافيء وبناء شبكات للسكك الحديد في دول عربية، كجزء من شبكة لوجيستية تربط بين آسيا الوسطى وشرق إفريقيا والمحيط الهندي بالبحر المتوسط.

شارك في المنتدى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، “أحمد أبوالغيط”، وأمير الكويت، الشيخ “صباح الأحمد الصباح”، ووزير خارجية السعودية، “عادل الجبير”، ووزراء خارجية دول عربية أخرى.

توسيع النفوذ في الشرق الأوسط..

ومنذ توليه منصب رئيس الصين، أشرف “شي” على جهود منسقة من أجل توسيع نفوذ بلاده في الشرق الأوسط وإفريقيا، بما في ذلك بناء القاعدة العسكرية الأولى للبلاد في “جيبوتي”، العضو في جامعة الدول العربية، والتي سبق أن حصلت على قروض صينية بقيمة 1.3 مليار دولار، بحسب تقديرات مبادرة الأبحاث الصينية الإفريقية ومقرها الولايات المتحدة.

تأييد عربي بالمبادرة الصينية..

من جانبه؛ قال وزير الخارجية السعودي، “عادل الجبير”، إن الدول العربية تؤيد إعلان الرئيس الصيني، “شى جين بينغ”، بإقامة شراكة إستراتيجية مع “الصين”، والبدء في البرنامج التنفيذي لبناء مبادرة “الحزام والطريق” التي ستربط مصالح الجانبين بما يعود على الجميع بالخير والنماء.

وأضاف “الجبير”، في مقابلة مع وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا)؛ أنه على مدار السنوات التي مضت، ومن خلال هذا المنتدى المهم، تعمق التعاون العربي الصيني في كافة المجالات وبوتيرة متسارعة، ما عزز التعاون والصداقة بين الجانبين.

وتابع “الجبير” أن الأمة العربية تقع في ملتقى حضارات العالم، ما بين القارات الثلاث الآسيوية والإفريقية والأوروبية، ولهذا فإن الحضارتين العربية والصينية التقتا منذ زمن بعيد، حيث ربط العرب التجارة بين الشرق والغرب.

مشيرًا “الجبير” إلى أن التعاون والصداقة العربية الصينية له جذور قديمة، حيث تشاركت الأمتان العربية والصينية في “طريق الحرير” بحرًا وبرًا على مدى القرون الماضية، وهو ما أسهم في زيادة التعاون والانفتاح وتبادل المصالح بين الطرفين، كما أنهما تؤمنان بمجموعة من المباديء والقيم الدولية المشتركة.

آراء الخبراء اختلفت بهذا الشأن حول أهداف الصين من هذا الإجراء، وحول النتائج الإيجابية أو السلبية وخلافها من المتغيرات التي ستطرأ مستقبلاً، ردًا على الصين من قبل بعض الدول وعلى رأسها “الولايات المتحدة”.

أبعاد إستراتيجية طويلة الأمد..

حول هذه المتغيرات؛ قال المستشار الاقتصادي والخبير بالشؤون الصينية، “منير غنّيم”، أن الصين أصبحت كيانًا اقتصاديًا عملاقًا ومنافسًا قويًا لدول الغرب، وخاصة “الولايات المتحدة”، وهي تبحث حاليًا عن توسيع التمدد الجيوسياسي والاقتصادي والجغرافي لتحقيق العديد من أهداف لها أبعاد إستراتيجية طويلة الأمد، لكن في هذه الحالة بالذات تسعى الصين إلى تحقيق الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط، ومن أجل تحقيق استقرار اقتصادي معين يمكن من بناء علاقات اقتصادية إستراتيجية، واستمرار الشراكات في الصناعات والتنمية والتطوير وفي المجال التجاري، يكون له بعدًا جغرافيًا، محققًا فيه نوعًا من الاستقرار والاستمرارية.

وأشار إلى أن هذا المشروع إستراتيجي بالنسبة للصين، بحيث يتيح لها أن تقوم بالاستثمارات في مشاريعها الضخمة وتحديدًا مشروع “طريق الحرير” مشروع “حزام واحد – طريق واحدة”.

مضيفًا أنه بالنسبة لنا، في منطقة الشرق الأوسط، لا بد لنا الآن من أن نعيد دراسة أوضاعنا الاقتصادية، بحيث نوجد شراكات اقتصادية إستراتيجية جديدة تحقق لنا الاستقرار، ولا بد من إيجاد صيغة تحدد كيفية إعادة بناء التوازن الاقتصادي بالنسبة لاقتصاداتنا المحلية وإعادة استقرار البنى التحتية.

ولفت إلى أن “سوريا” لها وضع خاص جدًا في هذا الإطار؛ قد يتبلور أكثر في المرحلة القادمة، فالدولة السورية كانت وما زالت، بالنسبة للصين، تشكل مركز التحرك الجيوسياسي والاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط، ومن هنا نرى أن الحكومة الصينية تنظر إلى “سوريا” على أنها منطقة إستراتيجية، عملية التنمية والتطوير فيها أسرع من الدول الأخرى، لأن الحكومة الوطنية السورية مستقلة وقادرة على إتخاذ القرارات وقادرة على تأمين الموارد البشرية في حال تم تقديم تمويل أو توفير أي بنية تحتية.

بدأت لعبة كبيرة في الشرق الأوسط..

ويرى مدير معهد “هوشي مين”؛ بروفيسور جامعة “بطرسبورغ” الحكومية، “فلاديمير كولوتوف”، أن الصين بدأت لعبة كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، حيث أنها تقترح الإنضمام إلى المشروع الإقليمي العابر للحدود، “الطريق الكبيرة”، ومن هنا ظهر لدى العالم العربي خيار بين أمرين إما الإقتتال فيما بينهم مجانًا وبدون مردود، كما ترسم “الولايات المتحدة” لهم، وإما السير بإتجاه المشاركة في مشاريع لتنمية التعاون الاقتصادي الإقليمي.

وأردف البروفيسور “كولوتوف”: “دعونا لا ننسى أنه منذ عام 2014، الاقتصاد الصيني هو أكبر الإقتصادات في العالم. الآن بدأت حرب اقتصادية كبيرة بين الولايات المتحدة والصين. لذلك، تدرك الصين أنه ستكون هناك محاولات لوضع العصى في عجلات تطورها الاقتصادي، وستكون هناك محاولات لإعاقة هذا التطور، وستضطر الصين لإتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحها، أو إيجاد حلفاء، أو حتى شراء حلفاء في هذه القارة، وأن تقدم خيارات ونظم معينة للتعاون”.

وأضاف البروفيسور “كولوتوف”، يعد الشرق الأوسط منطقة رئيسة للصين. وتغطي منطقة شرق آسيا الجزء الأكبر من نفط منطقة الشرق الأوسط. وبناء عليه، في حال تمت زعزعة استقرار المنطقة، فسوف يتراجع هذا التدفق النفطي. ويشكل كل من شرق آسيا والصين واحدة من أكبر الاقتصادات في العالم، وسوف يجدون أنفسهم في وضع محرج وغير مريح. وإذا بدأت اقتصادات كبيرة بسد تدفق الغاز أو النفط أو تدفق بعض الموارد، فسيكون هذا سببًا لاندلاع الأعمال العدائية”.

طرحت مبادرة السلام بين الدول العربية وإسرائيل..

الأمر لم يتوقف عند تقديم المساعدات المالية فقط، وإنما ذهب إلى أبعد من ذلك من خلال المبادرة الصينية للسلام بين الدول العربية وإسرائيل، التي كانت كفيلة لاقناع الجانب الفلسطيني بثقلها وأهميتها، لأنها تعتمد في مضمونها على أساس الشرعية الدولية، التي تحقق السلام في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى أن الرئيس الصيني قال إن بكين ستقدم مساعدات لفلسطين قيمتها 15 مليون دولار، مشيرًا إلى أن بلاده تسعى لتقديم الدعم المالي لتحقيق التنمية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى ذلك أن دخول الصين في الملف الفلسطيني، جاء بالتزامن مع الحرب التجارية الطاحنة مع الجانب الأميركي، وهو ما يدفع فلسطين إلى قبول الصفقة البديلة.

سفير الصين لدى فلسطين، “قو وي”، قال سابقًا أن: “الصين ستواصل العمل لتعزيز التنمية والسلام في الشرق الأوسط لبناء مجتمع بشري متعايش بشكل مشترك بعيدًا عن الحروب”.

وأضاف: أن “الصين ستواصل لعب الدور البناء والإيجابي في عملية السلام بالشرق الأوسط، وخلال العام الجاري تصادف الذكرى الثلاثين لاعتراف الحكومة الصينية بالدولة الفلسطينية، ونطمح لتطوير هذه العلاقات الممتدة لسنوات طويلة”.

تنهي “صفقة القرن”..

فيما أكد مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الخارجية والعلاقات الدولية، “نبيل شعث”، أن المبادرة الصينية للسلام تنهي الحديث عن الخطة الأميركية المعروفة بـ”صفقة القرن”، وذلك بعد فشل المحاولات الأميركية للالتفاف على القيادة الفلسطينية لتمرير الصفقة المزعومة عربيًا ودوليًا.

وحول ما تتضمنه المبادرة الصينية للسلام، نجد أنها ترتكز إلى “تعزيز حل الدولتين على أساس حدود 1967 مع القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية جديدة”، إضافة إلى دعم مفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام، الذي ينهي بناء المستوطنات الإسرائيلية، ويتخذ تدابير فورية لمنع العنف ضد المدنيين، ويدعو إلى الاستئناف المبكر لمحادثات السلام”.

لم تتوقف المبادرة الصينية عند هذا الحد، بل تطرقت أيضًا إلى ضرورة تنسيق الجهود الدولية لوضع تدابير لتعزيز السلام تستتبع مشاركة مشتركة في وقت مبكر، وتعزيز السلام من خلال التنمية والتعاون بين الفلسطينيين وإسرائيل.

تريد أن تبقى على اتصال وثيق مع الدول العربية..

وبالعودة إلى الأسباب التي دفعت “الصين” للدخول بثقلها إلى الشرق الأوسط، نجد تصريحات مساعد وزير الخارجية الصيني، إيجابية في هذا الشأن، حيث أكد استعداد “بكين” للعمل المشترك مع الدول العربية من أجل دفع السلام والتنمية في الشرق الأوسط، وبناء مجتمع المصير المشترك للصين والبلدان العربية، والإسهام بقسط أكبر في بناء المصير المشترك للبشرية جمعاء.

ويمكن الإشارة في هذا الإطار إلى أن الصين تريد أن تبقى على اتصال وثيق مع الدول العربية بشأن قضايا الأمن والاستقرار الإقليميين، وبينها المسألة الإيرانية، حتى يمكنها مواجهة تعنت الإدارة الأميركية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب