24 يونيو، 2025 11:53 م

بلقاء “بوتين” لـ”الأسد” .. روسيا تستخدم سوريا لإيصال رسالة بسيرها في ترتيبات تتعلق بمناقشاتها مع واشنطن !

بلقاء “بوتين” لـ”الأسد” .. روسيا تستخدم سوريا لإيصال رسالة بسيرها في ترتيبات تتعلق بمناقشاتها مع واشنطن !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعد مرور بضعة أيام على تمكن الجيش الروسي من إنجاح التفاوض على اتفاق المصالحة في “درعا”، جنوبي “سوريا”، عقد الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، اجتماعًا مع الرئيس السوري، “بشار الأسد”، الذي وصل إلى العاصمة الروسية؛ في زيارة غير معلنة، مساء الإثنين الماضي.

وخلال لقاء “الأسد” مع “بوتين”؛ تحدث الأخير عن نقطتين أساسيين بعيدًا عن عبارات المجاملة وتهنئة “الأسد” بفوزه بالانتخابات، النقطة الأولى هي: “ضرورة تنشيط الحوار مع الخصوم، حسب وصف بوتين، والمقصود هنا ضمان دفع عمل اللجنة الدستورية، إذ أن موسكو تريد من الحكومة السورية إبداء قدر كافي من المرونة والإيجابية مع هذا الاستحقاق، لأن موسكو تريد أن توظفها في نقاشاتها مع الجانب الأميركي”.

أما النقطة الثانية؛ التي تحدث عنها “بوتين”، هي مسألة: “الوجود الأجنبي في سوريا، والحديث هنا بالدرجة الأولى عن التواجد الأميركي في شمال شرق سوريا، إضافة إلى تلميح للتواجد التركي على خلفية تفاقم التباين بين موقفين موسكو وأنقرة حول التطورات في إدلب”.

إنفراجة مشروطة..

الزيارة أثارت العديد من التوقعات والتحليلات وردود الأفعال حول نتائجها، حيث توقعت المعارضة السورية إنفراجة في العملية السياسية بعد زيارة “الأسد” إلى العاصمة الروسية، أشار المتحدث باسم هيئة التفاوض، “يحيى العريضي”؛ إلى أن: “الإنفراجة مشروطة بجملة من العوامل”. وسأل: من الذي سيحدد إيقاع الأيام المقبلة ؟.. وهل يستطيع “بوتين” الاستمرار بمعالجة أمراض الاستبداد وعيشها على التوتر ؟.. أي ثمن سيطرحه الروس، وما حصة “طهران” من أي صفقة ؟.. واعتبر أن كل هذه الأسئلة مفتوحة ومترابطة عضويًا.

زيارة متوقعة..

ورأى الدبلوماسي السابق وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة “دمشق”، “بسام أبوعبدالله”، أن: “الزيارة كانت متوقعة، نظرًا للعلاقة التحالفية التي تربط بين البلدين”.

وأشار لوكالة (سبوتنيك) الروسية؛ إلى أن: “سوريا ليست في واردة تقديم تنازلات لواشنطن، على حساب السيادة”، وحتى فيما يخص التواجد الإيراني، لأن ذلك يندرج تحت بند السيادة السورية، وجاء بناءً على طلب من الحكومة السورية.

استعداد لمرحلة جديدة في الأزمة السورية..

فيما اعتبر الخبير في العلاقات “العربية-الروسية”، “أندريه أونتيكوف”، في حديث لموقع (البيان)، أن طبيعة وظروف اللقاء بين “بوتين” و”الأسد” تُشير إلى الاستعداد لمرحلة جديدة في الأزمة السورية، ينتقل فيه الدعم الروسي لـ”دمشق” إلى مستوى أعلى من التنسيق، مع استئناف المبعوث الأممي إلى “سوريا”، “غير بيدرسن”، تحركه لإحياء العملية السياسية المتوقفة منذ مطلع العام الحالي، ولقاء “جنيف”، بين نائب وزير الخارجية، “سيرغي فيرشينين”، والممثل الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، “ألكسندر لافرنتيف”، مع منسق سياسة الشرق الأوسط في “مجلس الأمن القومي”، بـ”البيت الأبيض”، “بريت ماكغورك”.

مفاجأة لواشنطن وحلفائها..

موضحًا أن زيارة “الأسد”، لـ”موسكو”، التي شكلت مفاجأة لـ”واشنطن” وحلفائها، أظهرت إصرار “الكرملين” على أن تكون الحكومة السورية هي الطرف الأساس في أية عملية تسوية سياسية مفترضة، سيما على خلفية النجاحات العسكرية التي حقّقتها القوات السورية والروسية ضد الجماعات المسلحة، لا سيما في “درعا”، شرارة النزاع المسلّح في “سوريا”. ويُعيد إلى الأذهان، في هذا السياق، زيارة “بوتين” إلى “دمشق”، في تشرين ثان/نوفمبر 2020، والتي استبقت بوقت قصير التفاهم مع “تركيا” على إقامة ممر أمني ومناطق منزوعة السلاح وتسيير دوريات مشتركة في “إدلب”، موضحًا أن اللقاءات بين الزعيمين عادة ما تمهد لإحداث اختراقات في جدار الأزمة السورية.

تسخير الورقة السورية عبر رسائل خارجية..

ويؤكد المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي، “طه عبدالواحد”، في حديث مع (العربي الجديد)، أن الرئيس الروسي: “يحاول تسخير الورقة السورية عبر توجيه رسائل خارجية لتذكير الغرب بأنه يمسك بملف غاية في الأهمية والخطورة، وداخلية عشية الانتخابات البرلمانية الروسية، (بين يومي الجمعة والأحد المقبلين)، لتأكيد إنجازات حزب روسيا الموحدة في الخارج”.

ويُرجّح “عبدالواحد”؛ أن يكون هدف اللقاء: “إبلاغ الأسد بخطوات عليه القيام بها ينتظرها منه بوتين”، مضيفًا: يريد “بوتين” ثمنًا سياسيًا عن “درعا” من “الأسد”، من خلال إظهار مرونة أكثر في عمل اللجنة الدستورية. ويُشير إلى أن جميع جوانب الملف السوري تهمّ الروس، لكنهم في هذه المرحلة بحاجة ماسة إلى تحريك العملية السياسية، التي قال “الأسد” عنها، لـ”بوتين”؛ صراحة إنها متوقفة منذ ثلاث سنوات.

ويرى “عبدالواحد”؛ أنه ربما هناك رؤية معينة يجري بحثها بين الأميركيين والروس، ويريد “بوتين” ضمان موافقة “الأسد” عليها قبل طرحها.

بوادر خطة جديدة..

وطرحت الزيارة الأخيرة إشارات استفهام حول أهدافها، واعتبر المحلل السياسي المتخصص بالشأن الروسي، “سامر إلياس”؛ أن: “موسكو باتت تملك خطة عرضتها على رأس النظام”.

وقال “إلياس”، لـ (السورية. نت)، إن: “هذه الخطة هي محطة بحث أساس في اجتماعات بين المبعوث الروسي والأميركي، وربما تتضمن تخفيف بعض العقوبات عن النظام السوري؛ مقابل خطوات معينة يقوم بها لإبعاد الجانب الإيراني من الحدود الجنوبية من منطقة درعا، ضمن إطار إلتزام كلاً من موسكو وواشنطن بأولوية أمن إسرائيل في هذه المنطقة”.

وأضاف “إلياس” أنه: “يمكن أن يكون هناك بوادر خطة جديدة للتحرك الأردني، بتنسيق مع واشنطن وإسرائيل وروسيا؛ من أجل تخفيف جزئي للعقوبات عن النظام، في المجال الطبي والإنساني وإعادة الإعمار، مقابل ليونة للنظام في الملف السياسي، ما يمكن أن يمهد لعودة النظام إلى الجامعة العربية، ومحاولة وسعي روسيا لإعادة تعويم النظام، وهذه المرة من بوابات إقليمية وعن طريق التخفيف من المعاناة الإنسانية في سورية، واستفادة الأطراف الإقليمية عبر مشروع خط الغاز وفتح المعابر الحدودية، وضمان أمن إسرائيل”.

واعتبر “إلياس” أن الزيارة تؤكد بأن: “الرئيس الروسي أراد إبلاغ، الأسد، ببعض القضايا وأخذ ضمانات وموافقة واضحة منه عبر اللقاء وجهًا لوجه ودون إيفاد مبعوثيه لسورية”.

موسكو تسير في ترتيبات تخص محادثاتها مع واشنطن..

في حين أوضح الصحافي، “رائد جبر”؛ أن زيارة “الأسد”، إلى “موسكو”؛ هي من: “أجل إفهام الأسد، ونقل رسالة واضحة بأن موسكو تسير في ترتيبات، وهي بالفعل تسعى إلى نقل نقاشاتها مع الجانب الأميركي إلى مستوى التفاهمات على قضايا محددة”.

وحسب “جبر”؛ فإن المقصود في القضايا المحددة ليست مبادرة “روسية-أميركية-أردنية”: “لكن هناك على الأقل فهم مشترك (روسي-أردني) بأن المدخل الإنساني هو عنوان مهم للتأثير والحديث مع الجانب الأميركي، خصوصًا على صعيد محاولة الحصول على استثناءات من (قانون قيصر)، لتسهيل تخفيف معاناة الإنسانية في سورية”.

وتأمل “روسيا” بفتح النقاشات مع الجانب الأميركي على تفاهمات أوسع: “لبلورة آلية جديدة في التعامل مع التسوية السياسية في سوريا لاحقًا، وطبعًا المدخل الروسي ينطلق من أن اللجنة الدستورية هي المدخل الصحيح لتطبيق قرار (2245)، وهنا خلاف مع بقية المجتمع الدولي”، حسب “جبر”.

واعتبر أن “روسيا” تحاول التوصل إلى تفاهمات مع الجانب الأميركي على القضايا، التي يمكن التوصل إليها مبدئيًا، وترك المسائل الأكثر خلافية إلى مراحل مقبلة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة