21 أبريل، 2024 10:14 م
Search
Close this search box.

بقوة القانون .. “الكاظمي” يبدأ ببغداد لنزع السلاح .. فهل يستطيع اقتناصه من يد الميليشيات والعشائر ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة لو استطاع استكمالها رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، وكانت هي الإنجاز الوحيد له ولحكومته، لسطر التاريخ اسمه، حيث أعلنت الاستخبارات العراقية، تنفيذ عملية لنزع السلاح وفرض القانون في “بغداد”، مشيرة إلى أن العملية أسفرت عن ضبط أسلحة وعتاد وتجهيزات عسكرية.

وأوضحت وكالة الاستخبارات – في بيان أوردته قناة (السومرية نيوز) العراقية، الثلاثاء – أن عناصرنا نفذوا عملية بحث وتفتيش لنزع السلاح وفرض القانون بمناطق متفرقة من محافظة “بغداد”.

وأشارت إلى تنفيذ العملية الاستخباراتية في منطقة حي “الأمانة”، ضمن محافظة “بغداد”، نتج عنها ضبط عدد من بنادق (الكلاشنكوف) وبنادق صيد وعتاد مختلف وتجهيزات عسكرية متنوعة، مضيفًا أن عمليات لا تزال مستمرة حتى الآن.

تعهد بسحب السلاح وحصره بيد الدولة..

وتعهد “الكاظمي” بالتعامل مع تلك الأزمة، حيث كلف قيادة العمليات المشتركة بالبدء بعمليات حصر السلاح بيد الدولة وسحبه من يد الجهات التي لا تأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة، اذ تعتبر الحكومة هذه المجموعات خارجة على القانون ولا يمكن ان تستمر بهذا النهج الذي أضعف مكانة القوات الأمنية بصنوفها كافة.

وفي بداية الشهر الجاري، حذر “الكاظمي”، في الاجتماع الأول للجنة تحقيق الخروقات الأمنية؛ من أن الجهات الأمنية التي قتلت مواطنين أبرياء، تسيء إلى مستقبل العراق وعلاقاته، وهو ما فسره البعض بأنه إشارة ضمنية إلى الميليشيات المدعومة إيرانيًا.

ولفت “الكاظمي” إلى أن: “الأمر تجاوز حدوده في ظل الأزمات المركّبة التي تعيشها البلاد، وأن العراق اليوم أمام مسؤولية تاريخية، إذ أن الدولة تمر باختبار حقيقي”.

واعتبر أن مخرجات اللجنة ستساهم في تثبيت هيبة الدولة والمؤسسة العسكرية ومهنيتها، مجددًا التأكيد على أن: “لا أحد سوى الدولة يملك قرار الحرب أو السلام”.

مشكلات تؤرق العراق..

ومن بين أكثر الإشكاليات التي تؤرق العراق؛ هي ظاهرة السلاح المنفلت، إذ تشكل تهديدًا مباشرًا على الدولة وسيادتها داخليًا، حيث بات السلاح هو المرجعية للفصل في الخلافات بين العشائر، وكذلك يؤثر على علاقة العراق بدول أخرى، وكان آخرها هو تلويح واشنطن بنقل سفارتها من “المنطقة الخضراء”، ببغداد، إلى “أربيل”؛ بسبب تكرار قصف بعثتها الدبلوماسية، هذا بخلاف استهداف البعثات الدبلوماسية التي أعلن “الكاظمي” مسؤوليته عن حمايتها، هذا بخلاف الهجمات التي شنتها جماعة “ربع الله” على (الحزب الديمقراطي الكُردستاني)؛ ردًا على تصريحات “هوشيار زيباري”، الذي صرح بضرورة إخراج (الحشد الشعبي) من “المنطقة الخضراء”، وبعدها تم الإعتداء على (الحزب التُركماني)، بالإضافة للاغتيالات المتواترة التى استهدفت نشطاء وباحثين، ودائمًا ما توجه أصابع الاتهام الشعبي إلى ميليشيات طهران بالبلاد، ممن تسعى لاستهداف كل مناويء أو منتقد لوصايتها على القرار العراقي.

البصرة أكثر معاقل السلاح المنفلت..

ففي العاصمة، “بغداد”، التي تتمركز بها الدولة ومؤسساتها وتنتشر بها قوات الأمن، أحرقت منازل ومحال تجارية في نزاعات عشائرية، وأسفرت عن قتلى وجرحى، والغريب أن استخدام السلاح لم يعد مقتصرًا على الأسلحة الخفيفة، بل تخطى لتدخل الأسلحة المتوسطة والثقيلة إلى دائرة الاستخدام بين الأفراد.

الخبراء والمتابعين للشأن العراقي يؤكدون أن “البصرة” هي معقل السلاح المنفلت في البلاد، وفي حال خلوها سيخلو العراق، إذ يرون أن تلك المحافظة هي منطقة تنازع إقليمي ودولي، يراد لها الانفصال عن العراق تحت مسمى الفيدرالية، ومن هنا تأتي حساسية هذه المدينة، التي إن انفصلت عن العراق، فإن الأخير سيقسم، لذا فالمعركة بها سياسية وليست عسكرية.

ولا تقتصر الأزمة على العشائر فقط، فالسلاح المنفلت بات في أيدي ميليشيات وفصائل وعصابات إجرامية، بالإضافة إلى فلول تنظيم (داعش) الإرهابي. وتسبب هذا السلاح في تصفية عدد من النشطاء السياسيين ومتظاهرين كذلك.

ولا يعتبر الأمر سهلاً على رئيس الحكومة العراقي، لا سيما أن الجهات التي قد تقف بوجهه، هي جهات متنفذة ولها ثقل داخل الدولة، ولا يمكن له أن يتجاهلها ويضعها خلف ظهره، رغم أن هذه الجهات استنفدت رصيدها الشعبي وأصبحت تشكل مصدر خطر على السلم الاجتماعي.

أحزاب سياسية تثير العشائر..

ومن التحدايات التي ظهرت جليًا أمام “الكاظمي”، ما حدث في أواخر أيلول/سبتمبر الماضي، عندما لجأت بعض الأحزاب السياسية العراقية إلى استثارة العشائر؛ لمواجهة الحملة التي أطلقها “الكاظمي” لنزع سلاح الميليشيات، وتحرير الناشط المختطف، “سجاد العراقي”.

حيث استغلت، تلك الأحزاب، قيام القوات الأمنية بحملة واسعة في مناطق، (أم الغزلان وناحية الدواية الشديد والعبيد والعكيكة الهصاصرة وسيد دخيل)، بالتزامن مع خروج اللواء الرابع بالرد السريع على الحدود الفاصلة مع محافظة “ميسان”، وذلك بإسناد من طيران الجيش، حيث تضم هذه المناطق عدة قبائل ينضوي أبناؤها في الفصائل المسلحة، و(الحشد الشعبي)، والميليشيات الأخرى، وهو ما دعا بعضها إلى رفض تفتيش مناطقها دون التنسيق معها، وتهديد القوات الأمنية القادمة من العاصمة، “بغداد”.

وهو الأمر الذي جعل إحدى عشائر (الخيكاني) تستعرض قوّتها في مدينة “الناصرية”، مركز محافظة “ذي قار”، حيث خرج المئات من أبنائها وهم يحملون الأسلحة الخفيفة والمتوسطة؛ احتجاجًا على تفتيش مضيف زعيم القبيلة، حيث اعتُبر إهانة من قِبل الحكومة.

ووقفت الشرطة المحلية موقف المتفرج، عندما كان أبناء العشيرة يحملون أسلحتهم ويهددون الحكومة المركزية، ويطالبونها بالاعتذار.

تفتيش قانوني ولا فروقات بين المواطنين..

وبسبب التصرف العشائري، اعتبر بعض الناشطون والمدوّنون أن ديوان زعيم القبيلة ليس له خصوصية عن بقية منازل المواطنين، والأجدر بالعشائر مساندة الحملة الأمنية التي إنطلقت لتحرير الناشط، “سجاد العراقي”، وعدم الوقوف بوجهها، لدواعٍ مختلفة.

وقال الناشط، “زايد العصاد”: “ما حصل لمضيف (العساكرة)؛ لم يكن تعديًا، بل هو تفتيش قانوني تقوم به دولة وأجهزة أمنية نظامية، حيث لا فرق بين شيخ قبيلة وأي شخص آخر عندما يتعلق الأمر بإنفاذ القانون، للشيخ ومضيفه حرمة في سياقات العشائر وسُننها وهذا شأنهم الخاص، لكن للدولة سياقاتها الخاصة التي لا تميّز ولا تفرّق بين مواطن وآخر، فالكل يخضع للقانون”.

تنديد القوى السياسية بتفتيش منازل العشائر..

إلا أن الأمر لم يقتصر على رفض بعض العشائر لحملة “الكاظمي”، حيث نددت قوى سياسية بمسألة تفتيش منازل العشائر، ودعت الحكومة إلى وقف ذلك، وهو ما اعتبره بعض المراقبون تواطؤًا من قِبل بعض الأحزاب لمساندة فصائلها المسلحة التي تتستر بمسألة العشائرية.

حيث عدت كتلة (صادقون) النيابية، التابعة لميليشيات (عصائب أهل الحق)، أن شيوخ عشائر محافظة “ذي قار” كانوا، وما زالوا، صمام الأمان للعملية السياسية في العراق.

وقال النائب عن الكتلة، “وجبه عباس”: إن “الأساليب المستفزة لشيوخ العشائر، في الناصرية، غير موضوعية، فهذه العشائر كانت وما زالت صمام الأمان للعملية السياسية في العراق”، مضيفًا أن: “سلاح هذه العشائر لم يكن في يوم من الأيام خارجًا عن القانون”:

كما عدّ (ائتلاف دولة القانون)، تفتيش منازل شيوخ العشائر، سابقة خطيرة وعملاً استفزازيًا.

وقال النائب عن الائتلاف، “عبدالهادي السعداوي”: إن “سلاح العشائر هو الحامي والساند للدولة، وهذا ما ثبت لنا في وقت سابق في ثورة العشرين، وفي وقتنا الحاضر حينما أصدر المرجع الأعلى، السيد السيستاني، (دام ظله)، الفتوى المباركة للجهاد الكفائي، التي كان من طلائع من هبّ لتلبية ندائها هم العشائر العراقية الأصيلة وبسلاحهم الشخصي، وإفشال مخططات العدو”.

واعتبر المحلل السياسي، “عماد محمد”؛ أن: “الحملة الأخيرة للأحزاب السياسية؛ تثبت حجم التواطؤ بين تلك الأحزاب والميليشيات، والتخادم الحاصل بينهما، حيث ترفض تلك الأحزاب نزع سلاح الميليشيات بداعي أنه سلاح العشائر”.

مضيفًا أن: “تلك القوى السياسية تحقق استفادة كبيرة من الفصائل المسلحة، التي تعمل بغطاء العشائرية، لذلك وقفت بوجه الحملة الأخيرة، وستصعد من خطابها في حال اعتقل أيٌ من أعضاء تلك الميليشيات، كما في مناسبات سابقة”.

تهديد مباشر لنفوذهم وفسادهم..

ويوضح مراقبون إن بعض الزعامات السياسية تتخوف – أيضًا – من تصاعد شعبية رئيس الحكومة، “مصطفى الكاظمي”، في حال أحرز نجاحًا في هذا الملف، فضلاً عن أن استعادة الدولة لهيبتها وولايتها على كل المؤسسات تمثل تهديدًا مباشرًا لهم ولنفوذهم وفسادهم.

من هنا نرى أن حصر السلاح بيد الدولة يفتح جبهة داخلية جديدة ضد حكومته، إذ من الصعوبة بإمكان إقناع بعض المحاور التخلي عن وظيفتها التي أوجدتها لنفسها دون الرجوع لقيادة القوات الأمنية والتنسيق معها بصورة منتظمة، ما جعل الكثير من الأطراف تُشكل على هذه التصرفات وركنها الى خانة التخبط وعدم الإنضباط. لهذا يكون “الكاظمي” مُلزم أمام الجماهير، التي وعدها في يومه الأول بأنه سيقضي على هذه المظاهر التي أعتادوا على رؤيتها منذ سنوات متعددة، لكن الأمر ليس سهلاً.

ومن أهم أسباب انتشار السلاح في العراق؛ هو الحدود الرخوة، حيث يتمتع العراق بحدود برية طويلة، وفي ظل الأزمات التي عانتها المنطقة، منذ 2011، والعراق من 2003، بات من الصعب تأمين الحدود بالشكل الكافي، على الأقل حتى الآن، مما ترك ملعبًا واسعًا أمام الميليشيات وعصابات التهريب والإرهابيين للحصول على الأسلحة عبر التهريب، كذلك تنامي قوة الميليشيات المسلحة المتجاوزة لسلطة الدولة، إذ تحتاج تلك الميليشيات للسلاح بشكل دائم لتعزيز تواجدها بقوة على الساحة لفرض شروطها باعتبارها مصدر للتهديد والقوة، لذا نجد بعد المحاور الإقليمية التي تمد الميليشيات الموالية لها بالأسلحة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب