7 أبريل، 2024 5:30 ص
Search
Close this search box.

بقانون جديد .. “أوروبا” تنتفض ضد “الذكاء الاصطناعي” .. فهل يمكن تنفيذه وسط قواعد ضبابية ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

بموجب قانون فريد من نوعه على الصعيد العالمي؛ وافق برلمان “الاتحاد الأوروبي”، الأربعاء، على أول مجموعة رئيسة من القواعد التنظيمية الأساسية لإدارة “الذكاء الاصطناعي” المتطور الذي يُعّد في طليعة الاستثمار التكنولوجي.

وكان “الاتحاد الأوروبي” قد توصل إلى توافق سياسي مؤقت؛ في أوائل كانون أول/ديسمبر الماضي، وتم التصّديق عليه لاحقًا في جلسة البرلمان يوم الأربعاء، حيث صّوت لصالحه: (523) صوتًا، وعارضه: (46) صوتًا، مقابل امتناع: (49) عن التصّويت؛ وفق شبكة (سي. إن. بي. سي).

وكانت “المفوّضية الأوروبية” قد قدّمت مشروع القانون؛ في نيسان/إبريل 2021. ولكنه اكتسّى بُعدًا جديدًا فيما بعد إثر بروز برنامج (شات جي. بي. تي)، الذي طرحته الشركة الكاليفورنية الناشئة (أوبن إيه. آي)؛ في نهاية 2022، والقادر في خلال بضع ثوان على تقديم مواضيع إنشائية وأشعار وترجمات.

وكشف هذا النظام النقاب عن القدرة الهائلة التي يختزنها “الذكاء الاصطناعي”، فضلاً عن المخاطر المرتبطة به.

وأدّى نشر صور وفيديوهات مزيّفة قريبة جدًّا من الواقع إلى تسّليط الضوء على مخاطر التلاعب بالرأي العام.

وقال المقرّر المشّارك في إعداد النصّ؛ “براندو بينيفي”، (من الاشتراكيين الديموقراطيين)، أمام وسائل الإعلام: “اليوم هو يوم تاريخي في مسّارنا الطويل إلى تنظيم الذكاء الاصطناعي”.

وصرّح المقرّر الثاني؛ “دراغوس تودوراتشي”؛ (من “رينيو” للوسّطيين والليبيراليين)، أنه بفضل هذا النصّ، “نجحنا في بلوغ توازن دقيق جدًّا بين المصلحة في الابتكار والمصلحة في الحماية”.

لكنّ هذا التشّريع: “ليس سوى البداية”، بحسّب “تودوراتشي”؛ الذي لفت إلى أن “الذكاء الاصطناعي” يتطوّر تطوّرًا سريعًا.

وشدّد على ضرورة: “متابعة تطوّر التكنولوجيا في المستقبل عن كثب والاستعداد لمجابهة التحديات الجديدة التي قد تنجم عن هذه التطوّرات”.

الابتكار مع ضمان الحقوق..

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية؛ “تييري بريتون”، في تغريدة له: “أصبحت أوروبا الآن رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي”.

ووصّفت رئيسة برلمان الاتحاد الأوروبي؛ “روبرتا ميتسولا”، القانون بأنه رائد، وقالت إنه سيُمّكن من الابتكار مع ضمان الحقوق الأساسية. وكتبت في منشور على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي: “الذكاء الاصطناعي هو بالفعل جزء كبير من حياتنا اليومية. والآن، سيُصبح جزءًا من تشريعاتنا أيضًا”.

عقبة التنفيذ..

ورحب المشّرع الذي أشرف على مفاوضات “الاتحاد الأوروبي” بشأن الاتفاقية؛ “دراغوس تيودوراش”، بالاتفاقية، لكنه أشار إلى أن العقبة الأكبر تبقّى في التنفيذ.

وصرح “تودوراش” على وسائل التواصل الاجتماعي؛ في 12 آذار/مارس 2024، أن: “قانون الذكاء الاصطناعي” دفع بتطوير “الذكاء الاصطناعي” في اتجاه يضمن سيّطرة البشر على هذه التكنولوجيا، حيث ستُسّاعد على تحقيق النمو الاقتصادي والتقدم المجتمعي واستكشاف الإمكانيات البشرية.

نص التشّريع..

وينصّ التشّريع على مقاربة قائمة على مسّتويين. وينبغي لنماذج “الذكاء الاصطناعي”: “ذات الاستخدام العام”؛ أن تمتثل لمتطلّبات الشفافية، فضلاً عن القواعد الأوروبية المرتبطة بحقوق المؤلّف.

أما الأنظمة التي يُعتبر أنها تنطوي على: “مخاطر عالية”؛ والمسّتخدمة مثلاً في البُنى التحتية الحرجة والتعليم والموارد البشرية وحفظ الأمن، فسّتخضع لمتطلّبات أكثر صرامة.

كما ينبغي الإشارة بوضوح إلى الصور والنصوص والفيديوهات المعدّة بواسّطة تقنية التزييف العميق.

ويحظر القانون أيضًا أنظمة تصّنيف المواطنين أو المراقبة الجماعية المسّتخدمة في “الصين”، فضلاً عن أنظمة التعرّف البيومتري عن بُعد على الأشخاص في المواقع العامة.

وحدّد القانون بعض الاستثناءات في مجال التعرّف البيومتري عن بُعد؛ خلال مهام قوى الأمن، لدرء مثلاً تهديد إرهابي أو البحث الموجّه عن الضحايا.

وسيكون التشّريع الأوروبي مرفقًا بآلية رقابية وعقابية مع استحداث مكتب أوروبي لـ”الذكاء الاصطناعي” في كنف “المفوّضية الأوروبية”. وقد تُفرض بموجّبه غرامات تتراوح قيمتها بين: (7.5) و(35) مليون يورو، بحسّب فداحة المخالفة وحجم الشركة.

وكتب المفوّض الأوروبي؛ “تييري بروتون”: “نُحاول التنظيم أقلّ ما أمكن؛ لكن بقدر ما هو ضروري”.

التنظيم الذاتي بدلاً من القيود..

ودافعت بعض دول “الاتحاد الأوروبي” سابقًا؛ عن التنظيم الذاتي بدلاً من القيود التي تقودها الحكومة، وسّط مخاوف من أن القوانين الصارمة يمكن أن تُعيّق التقدم الأوروبي لمنافسة الشركات الصينية والأميركية في قطاع التكنولوجيا. وشمل المعارضون “ألمانيا وفرنسا”؛ اللتين تضمان بعضًا من الشركات الناشئة الواعدة في مجال “الذكاء الاصطناعي”؛ في “أوروبا”.

كبح جُّماح شركات التكنولوجية الأميركية..

ويسّعى “الاتحاد الأوروبي” جاهدًا للتصدي لتأثير التكنولوجيا على المسّتهلكين وسيّطرة شركات التكنولوجيا الكبرى على السوق.

وأقر الاتحاد؛ الأسبوع الماضي، تشّريعًا تاريخيًا للمنافسة يهدف إلى كبح جُّماح شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة. وبموجب “قانون الأسواق الرقمية”، يستطيع “الاتحاد الأوروبي” اتخاذ إجراءات صّارمة ضد الممارسات المناهضة للمنافسة من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى، وإجبارها على فتح خدماتها في المجالات التي يُقيّد سيّطرتها فيها الخيارات المتاحة أمام المسّتخدمين ويُعيّق نمو الشركات الصغيرة. وقد تم وضع ست شركات تحت المراقبة، وهي: عمالقة التكنولوجيا الأميركية؛ (آلفابت)، و(آمازون)، و(آبل)، و(ميتا)، و(مايكروسوفت)، و(بايت دانس) الصينية.

إساءة استخدام “الذكاء الاصطناعي”..

وتزايدت المخاوف بشأن إساءة استخدام “الذكاء الاصطناعي”، حتى مع استثمار شركات كبرى، مثل (مايكروسوفت؛ وآمازون وغوغل)، وشركة تصّنيع الرقائق (إنفيديا) في هذا المجال.

وتٌحذر الحكومات من إمكانية استخدام تقنية (ديب فيك) – وهي تقنية “ذكاء اصطناعي” تُنتّج أحداثًا ملفقة تشمل الصور ومقاطع الفيديو – خلال الفترة التي تسّبق إجراء انتخابات عالمية رئيسة هذا العام.

وتلجأ بعض شركات “الذكاء الاصطناعي” بالفعل إلى التنظيم الذاتي؛ لتجنّب المعلومات المضللة. وأعلنت (غوغل)؛ يوم الثلاثاء، أنها ستحّد من نوعية استفسّارات متعلقة بالانتخابات التي يمكن طرحها على روبوت المحادثة الخاص بها؛ (غيميني)، وأكدت أنها نفذت التغيّيرات بالفعل في “الولايات المتحدة والهند”.

إنجاز يُمهّد الطريق للدول الأخرى..

ويُعد خبراء قانونيون إقرار هذا القانون إنجازًا بارزًا على صعيّد تنظيم “الذكاء الاصطناعي” عالميًا، وقد يُمهّد الطريق لكي تحذو دول أخرى حذو “الاتحاد الأوروبي”.

وأشار “ستيفن فارمر”، وهو شّريك ومتخصص في “الذكاء الاصطناعي” لدى شركة (بيلسبري) للمحاماة الدولية، إلى أن “الاتحاد الأوروبي” كان السّباق مرة أخرى في وضع مجموعة شاملة من اللوائح القانونية، مضيفًا أن الاتحاد تُحرك مبكرًا لتنظيم البيانات، ما أدى إلى إصداره لائحة حماية البيانات العامة؛ (جي. دي. بي. آر)، والتي: “نشهد تقاربًا عالميًا تجاهها”. وعّد أن قانون “الذكاء الاصطناعي” يبدو تكرارًا للتاريخ.

وأكد خبير السياسة العامة في (بينسنت ماسونس)؛ “مارك فيرغسون”، على أن إقرار القانون هو مجرد البداية، وأن على الشركات العمل بشكلٍ وثيق مع المشّرعين لفهم كيفية تطبيقه مع استمرار تطور هذه التكنولوجيا سّريعة التقدم.

قواعد ضبابية..

غير أن أوسّاط التكنولوجيا تنّظر بعين الريبة إلى هذا التشّريع الجديد؛ وصرّح “بونيفاس دو شامبري”، المسؤول في الفرع الأوروبي من مجموعة الضغط (سي. سي. آي. إيه)، أن: “الكثير من هذه القواعد الجديدة يبقى ضبابيًا ما قد يُبطيء تطوير تطبيقات ابتكارية وطرحها”.

وأعرب كلّ من مرصّد الشركات المتعددة الجنسيات؛ (فرنسا)، ومرصّد شركات أوروبا؛ (بلجيكا)، و”لوبي كونترول”؛ (ألمانيا)، عن خشّيته من أن تضعف مجموعات الضغط سُبل تنفيذ القواعد الجديدة في مجال “الذكاء الاصطناعي”.

وجاء في بيان مشّترك للمجموعات الثلاث أن: “تفاصيل كثيرة من قانون الذكاء الاصطناعي؛ تبقى مفتوحة (على التأويلات) ولا بدّ من توضيحها، فيما يخصّ مثلاً المعايير والعتبات ومتطلّبات الشفافية. كما إن تشّكيلة المجلس الاستشاري والوكالة الأوروبية الجديدة للذكاء الاصطناعي تبقى ضبابية”.

ومن المرتقب أن توافق الدول السبع والعشرين الأعضاء في “الاتحاد الأوروبي”؛ على النصّ في نيسان/إبريل المقبل، قبل نشر القانون في الجريدة الرسّمية للاتحاد؛ في آيار/مايو أو حزيران/يونيو 2024.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب