21 أبريل، 2024 1:20 ص
Search
Close this search box.

بفعل الإرهاب والفساد .. “بغداد” طريدة التقدم ومدينة الأسوأ

Facebook
Twitter
LinkedIn

قالوا عنها قبل نحو 1300 عام إنها “مدينة السلام” بل لقبوها بعاصمة الدنيا.. ثقافة وآثار وتراث وحضارة لا مثيل لها إلا على ترابها.. “بغداد” عاصمة العراق ثاني أكبر المدن العربية بعد قاهرة المعز.. هل أضحت كما رغب من شيدوها قبل قرون؟

عاصمة العلم والعلماء

تحولت بغداد عاصمة العلم ومقر العلماء إلى أثر بعد عين.. جاء اليوم الذي تصنف فيه مدينة هارون الرشيد وبطلة حكايات ألف ليلة وليلة بأنها الأسوأ في العالم من حيث العيش وجميع مناحي الحياة.

بغداد التي يعيش ضمن حدودها أكثر من 8 ملايين مواطن ومواطنة عراقية صنفتها شركة “ميرسير” للاستشارات، صاحبة أهم استشارات الموارد البشرية في العالم وأدق مؤشر جودة للمعيشة، للمرة الثانية كأسوأ بلد العيش فيه له تكلفة أمنية واجتماعية وبيئية واقتصادية.

إرهاب ومئات الضحايا

أسلحة مشرعة في أي وقت وفي كل إتجاه

إن بغداد التي تعاني على فترات غير متباعدة من إرهاب لا يفرق بين مواقع عسكرية أو مدنية كالأسواق والمحال التجارية، شهدت في النصف الأول من عام 2016 فقط ما يقرب من 181 عملية إرهابية ومئات الضحايا فضلاً عن خسائر مادية ضخمة، كفيلة بأن تجعلها كمدينة تتصدر أسوأ مدن العيش في العالم.

مستشفيات ناقلة للأمراض

العمليات الإرهابية والتفجيرات ليسوا فقط من يضع بغداد على قائمة الأسوأ في العالم، بل أيضاً حال مستشفياته الحكومية الذي لا يرقى لأقل مستويات الرعاية الصحية المعروفة على مستوى العالم وكذلك طواقم التمريض والأطباء وغرف المرضى والعمليات، إذ تصنف أنها في أحيان كثيرة خطر على حياة المرضى أنفسهم وناقلة لأمراض مميتة، فهل مدينة بهذا المستوى الصحي تستحق أي درجات متقدمة لتصنيفها كمدينة جاذبة للعيش.

أعلى معدل جريمة

نقطة أخرى تسببت في أن تصنف بغداد كأسوأ مدينة للعيش وهي ارتفاع مستوى الجريمة بها بشكل غير مسبوق لم تشهد له مثيلاً من قبل، وتنوعت الجرائم ما بين قتل وسرقة واغتصاب واختطاف طلباً للفدية أو للثأر والسطو المسلح على المنازل ومحال الصرافة والمحال التجارية، ولم تفرق الجريمة في بغداد بين أبناء العراق والوافدين من جميع الجنسيات.

اختطاف وفدية

عصابات منظمة تنتشر في شوارع العاصمة بغداد بسيارات رباعية الدفع بزجاج “فاميه” لا يكشف عمن بداخلها تقوم بعمليات الخطف والسرقة والسطو، ويكفي أن نعرف أنه في شارع واحد فقط – شارع فلسطين – بمركز بغداد وفي أقل من 20 يوماً من كانون ثان/يناير 2017 فقط 31 جريمة متنوعة، فضلاً عن إعلان رئيس مجلس محافظة بغداد “رياض العضاض” في الثامن والعشرين من كانون أول/ديسمبر عام 2016 من أن شوارع بغداد شهدت في ذات الشهر 25 حالة اختطاف أبلغ عنها رسمياً وحالات أخرى كثيرة لم يتم الإبلاغ عنها خوفا على حياة المختطفين.. فهل بغداد مدينة تستحق العيش فيها؟

استثمار مستحيل

مستشفيات غير مؤهلة

إن بغداد أضحت أكثر مدينة تشهد حالات اختطاف في العالم، لأسباب مادية مقابل فدية لا تقل عن 30 ألف دولار عن كل حالة ورغم ذلك يقتل المختطف، إذاً مدينة تعج بالجرائم كبغداد يستحيل الاستثمار، فيها خاصة إذا ما كانت العمليات تستهدف وتهدد المئات من رجال الأعمال والمستثمرين وحتى العوائل الثرية، فالسلاح منتشر بكثافة مع العصابات التي يزعم البعض أنها تتبع شخصيات نافذة في العراق تعتاش على أموال الفدية، بينما تقول إحصائيات إن أكثر من 700 حالة اختطاف وقعت في بغداد بأول تسعة أشهر من 2016.

حلت بغداد المدينة الأسوأ في العالم ضمن مسح “منظمة ميرسير” الذي شمل مئات المدن، وهو مسح وتصنيف يساعد الشركات والمنظمات والمستثمرين في تحديد الأجور وبدلات المصاعب للموظفين الدوليين، ويقوم المسح على عشرات المعايير مثل “الاستقرار السياسي، والرعاية الصحية، والتعليم، والجريمة، والترفيه والنقل”.

بغداد خارج تصنيف التعليم

وفي التعليم، الأمر لا يختلف كثيراً عن الصحة ومعدل الجريمة لكن على نحو آخر، إذ خرج العراق وعاصمته “بغداد” من تصنيف جودة التعليم العالمي على المستويين الجامعي والابتدائي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 2017، إذ أن التعليم في بغداد أهم المدن العراقية لا يملك ملامح الابتكار أو أي تجهيزات تكنولوجية تتماشى مع عالم 2017، ويكفى اعتماد تلاميذ الابتدائي في بغداد على الدروس الخصوصية، وهو ما لم يكن ليحدث في عراق العلماء والمثقفين والنخب، فالمدارس متهالكة بمنشآتها ومحتوياتها وغير مؤهلة لتخريج طلاب علم يمتلكون القدرة على قيادة مجتمعات متحضرة أو حتى المنافسة في سوق العمل العالمي.

الترفيه والمرور

نقطة أخرى لم تهتم بها بغداد وهي أماكن الترفيه.. إذ أن كثرة مواقع الترفيه والتنزه والسياحة تمثل عامل جذب للوافدين، بينما العكس يشكل عامل طرد لأي وافد خاصة إذا ما علمنا أن مواقع كثيرة في بغداد أصبحت مليئة بالفوضى والحشرات والنفايات، كما أنها لا ترتقي لمستويات متنزهات الترفيه العالمية التي صارت في أغلب الدول العربية ولم تصل بغداد بعد، فلا يوجد مسارح أو سينمات عالمية أو أي مظهر من مظاهر االترفيه المعترف به في عالم 2017، فضلاً عن أن وسائل المواصلات ليست على أعلى المستويات ولا ترتقي حتى لبعض مدن العالم الثالث ويكفي الازدحام المروري الذي تعاني منه والتلوث، إن بغداد صارت مدينة لا يفضل العيش أو العمل فيها بحسب إحصائية ميرسير وعلى المرء أن يفكر مئة مرة قبل أن يتوجه إليها!

خارج المعايير

فهل البيئة السياسية والاجتماعية على مقاييس دولية في بغداد من ناحية (الاستقرار السياسي، والجريمة، وإنفاذ القانون)، وكذلك البيئة الاقتصادية (أنظمة صرف العملات، الخدمات المصرفية)، فضلاً عن توافر وسائل الإعلام المحايدة ومدى الرقابة والقيود على الحرية الشخصية في بغداد، وكذلك حجم الفساد المؤسسي في الإدارات الحكومية.

وكيف حال اللوازم والخدمات الطبية، والأمراض المعدية، ومياه الصرف الصحي والتخلص من النفايات، وتلوث الهواء في بغداد، بالتأكيد في أسوأ حال!

وهل تتوافر السلع الاستهلاكية من المواد الغذائية والمواد الاستهلاكية اليومية، والسيارات وأجزائها في بغداد بأي وقت؟.. أسباب كثيرة وضعت مركز الخلافة العباسية وعاصمة الدنيا قبل قرون، في ذيل قائمة مدن العالم من حيث العيش، بينما حلت العاصمة النمساوية “فيينا” التي تقع على نهر الدانوب في قمة القائمة للمدن التي توفر أعلى مستوى لجودة الحياة للعام الثامن. بينما اعتبرت العاصمة العراقية بغداد مرة أخرى أسوأ مكان للعيش في العالم.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب