وكالات – كتابات :
كشفت مجلة أميركية أن “الولايات المتحدة الأميركية” زادت من عدد وفاتورة مبيعات الأسلحة المعتمدة لحلفاء الـ (ناتو) بمعدل الضعف تقريبًا في عام 2022، مقارنة بعام 2021، في الوقت الذي يتدافع فيه أعضاء “حلف شمال الأطلسي” لتخزين الأسلحة المتطورة في أعقاب الحرب الروسية في “أوكرانيا”.
وقالت مجلة (فورين بوليسي) الأميركية، في تقرير نشرته؛ إن: “في عام 2021، وافقت الإدارة الأميركية على: 14 صفقة أسلحة كبيرة محتملة لحلفاء الـ (ناتو) بقيمة بنحو: 15.5 مليار دولار. ثم في عام 2022، قفز هذا العدد إلى: 24 صفقة أسلحة ضخمة محتملة تبلغ قيمتها حوالي: 28 مليار دولار، بما في ذلك مبيعات أسلحة بقيمة: 1.24 مليار دولار إلى فنلندا عضو الـ (ناتو) المُنتظَر”.
تحول في المشهد الأمني في “أوروبا”..
ويعكس الارتفاع الحاد في هذه الخطط تحولاً هائلاً في المشهد الأمني في “أوروبا”، على خلفية الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في أواخر شباط/فبراير 2022؛ (بحسب وصف المجلة الأميركية). وبعدما سمحت بعض الدول الأوروبية لقدراتها الدفاعية بالضمور لعقود من الزمن، دفعت الحرب الروسية؛ “أوروبا”، لزيادة الإنفاق العسكري بسرعة.
في هذا الصدد؛ قال مسؤول دفاعي من “أوروبا الشرقية”، تحدث إلى مجلة (Foreign Policy)، بشرط عدم الكشف عن هويته: “يُحاول الجميع حسم صفقات بيع الأسلحة في أسرع وقتٍ ممكن. الغزو الروسي جلب حقيقة جديدة باردة إلى أوروبا”.
وكانت بعض مبيعات الأسلحة التي وافقت عليها “واشنطن”؛ في عام 2022، قيد الإعداد منذ سنوات، مثل خطة “ألمانيا” لشراء طائرات مقاتلة من طراز (إف-35) في صفقة تبلغ قيمتها حوالي: 8.4 مليار دولار.
لكن العديد من مبيعات الأسلحة الكبرى الأخرى أُبرِمَت في عجلة بعد اندلاع الحرب في “أوكرانيا”، إذ اندفعت الدول الأوروبية الواقعة على الجناح الشرقي لـ”حلف شمال الأطلسي” لتعزيز قدراتها العسكرية، في محاولة لإعادة ملء ترسانتها من المعدات التي شحنتها إلى “أوكرانيا”، وردع “موسكو” عن أية توغلات عسكرية في أراضي الحلف.
صفقات سلاح أميركية لـ”بولندا”..
وفي أوائل كانون أول/ديسمبر 2022، على سبيل المثال، مرّرت “وزارة الخارجية” الأميركية صفقة بيع محتملة من: 116 دبابة قتال طراز (إم-1 آبرامز) إلى “بولندا”، بعد الإعلان عن خطة أولية مقترحة لبيع “بولندا”: 250 من هذه الدبابات القتالية؛ في نيسان/إبريل 2022. وتسعى دول “البلطيق” الثلاث الواقعة على الجانب الشرقي الضعيف لـ”حلف شمال الأطلسي” – لاتفيا وليتوانيا وإستونيا – لتنفيذ خطط لشراء أنواع أنظمة الصواريخ والصواريخ بعيدة المدى التي ساعدت “أوكرانيا” على قلب مجرى الحرب ضد “روسيا” في الأشهر الأخيرة.
في سياق متصل تُظهِر البيانات كيف تظل “الولايات المتحدة” مُورِّد أسلحة أساس للحلفاء في “أوروبا” على المدى القصير، حتى مع بدء الصناعات الدفاعية في “أوروبا” التدافع لتلبية الطلبات في زمن الحرب على الأسلحة التقليدية والذخيرة.
وتأتي موجة المبيعات الدفاعية الجديدة وسط مخاوف متزايدة في الغرب من نفاد فائض المعدات العسكرية والذخائر لدى دول الـ (ناتو)، التي تحتاج إليها “أوكرانيا” لمسّاعدتها في محاربة الغزو الروسي؛ كما يزعم التقرير الأميركي.
ويقول مسؤولون وخبراء دفاعيون إنَّ القاعدة الصناعية الدفاعية في “أوروبا” تُكافح لتوسّيع قدراتها بسّرعة لمواكبة الطلب الجديد.
من جانبها؛ قالت “راشيل ريزو”، الباحثة في “المجلس الأطلسي”: “يشعر الأوروبيون بقلق بالغ بشأن عدم امتلاكهم ما يكفي من المعدات العسكرية بعد إرسال الكثير إلى أوكرانيا. ومن المؤكد أنَّ الولايات المتحدة تُسّهم بدور في المساعدة هنا، وهو ما يتضح من زيادة مبيعات الأسلحة في عام 2022 مقارنة بعام 2021. ومع ذلك، يُسّلط هذا الضوء أيضًا على أنَّ أوروبا بحاجة إلى استجماع قواها لتحسّين جهودها في مجال الأمن والدفاع”.
لطالما دعا الرؤساء الأميركيون المتعاقبون؛ حلفاء الـ (ناتو) الأوروبيين إلى زيادة إنفاقهم الدفاعي، وهي حملة تسبّبت في بعض الأحيان في حدوث انقسامات داخل الحلف ومتاعب دبلوماسية، لا سيما في عهد الرئيس الأميركي السابق؛ “دونالد ترامب”. لكن الغزو الروسي الأولي لـ”أوكرانيا” والضم غير القانوني لشبه جزيرة “القِرم”؛ في عام 2014، أبطأ من الانخفاض في الإنفاق الدفاعي الشامل لـ”أوروبا”. ثم أدى غزوها الكامل في شباط/فبراير 2022، إلى عكس الاتجاه تمامًا؛ إذ أعلن المزيد من حلفاء الـ (ناتو) عن زيادات هائلة في ميزانيات الدفاع؛ كما تدعي المجلة الأميركية في ترويجها للمزاعم المضللة التي تصدرها الآلة الدعائية الأميركية لتبرئة “واشنطن” من إشعال المشاهد والجبهات الدولية والإقليمية لصالح كارتيلات صناعات الأسلحة والعسكرية المسيطرة على إدارتها.
إنفاق المزيد على خطط وبرامج التسّليح..
أما في عام 2014، استوفى أربعة من حلفاء الـ (ناتو) فقط – الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإستونيا واليونان – معيار التحالف المتمثل في إنفاق: 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع. وفي عام 2022، خطط: 10 من أعضاء الـ (ناتو) الثلاثين لإنفاق ما لا يقل عن: 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع. ومضت بعض البلدان إلى أبعد من ذلك؛ فقد تعهدت “إستونيا” بزيادة ميزانيتها الدفاعية السنوية بنسبة: 42% في عام 2023، وإلتزمت بإنفاق: 3% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع.
في سياق موازٍ أعلنت؛ “فنلندا والسويد”، اللتان أعربتا عن نيتهما في الانضمام إلى الـ (ناتو)؛ في عام 2022 بعد الغزو الروسي، عن خطط لزيادة إنفاقهما الدفاعي. حيث تُنفق “فنلندا” بالفعل حوالي: 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، بينما كشفت الحكومة السويدية عن خطط لزيادة الإنفاق الدفاعي إلى: 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2023. وقد تأخر انضمام البلدين الشماليين إلى الـ (ناتو) بسبب الرفض التركي، لكن مسؤولي الدفاع في “الولايات المتحدة” و”حلف شمال الأطلسي” يقولون إنهم يتوقعون أن توافق “تركيا” على عضويتهما بحلول عام 2023.