بفرض ترمب تعريفات جمركية على العراق .. هل يتأثر الاقتصاد العراقي والتجارة مع “واشنطن” ؟

بفرض ترمب تعريفات جمركية على العراق .. هل يتأثر الاقتصاد العراقي والتجارة مع “واشنطن” ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

في خطوة جديدة؛ قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد العراقي، وفي إحدى خطوات في حربه الجمركية على العالم، أعلن الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب” رسومًا جمركية بنسبة: (30%) على البضائع العراقية، أقل من النسبة التي أُعلنت في نيسان/إبريل الماضي؛ (39%)، بلغ حجم التجارة بين “الولايات المتحدة” و”العراق” نحو: (9.1) مليار دولار عام 2024.

وجاء في نصّ رسالة للرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، الموجّهة إلى رئيس الوزراء العراقي؛ “محمد شيّاع السوداني”: “رئيس وزراء جمهورية العراق، يُشرفني أن أرسل إليكم هذه الرسالة، فهي تُبرز متانة علاقاتنا التجارية والتزامنا بها، وموافقة الولايات المتحدة الأميركية على مواصلة العمل مع العراق، على الرُغم من وجود عجز تجاري كبير مع بلدكم العظيم. ومع ذلك، فقد قررنا المُضّي قدمًا معكم، ولكن فقط بتجارة أكثر توازنًا وعدالة. لذلك، ندعوكم للمشاركة في الاقتصاد الاستثنائي للولايات المتحدة، السوق الأولى في العالم بلا مُنازع”.

وتابعت الرسالة: “لقد ناقشنا لسنوات طويلة علاقاتنا التجارية مع العراق، وخَّلصنا إلى ضرورة تجاوز هذه المشاكل التجارية طويلة الأمد والمستَّمرة نتيجة سياسات العراق الجمركية وغير الجمركية والحواجز التجارية. وابتداءً من 01 آب/أغسطس 2025، سنُفرض على العراق تعريفة جمركية بنسبة: (30%) فقط على جميع المنتجات العراقية المُرسّلة إلى الولايات المتحدة، منُفصلة عن جميع التعريفات القطاعية”.

يتوقف التصحيح على شكل العلاقة بين البلدين..

وأضاف: “يُرجى تفهم أن نسبة: (30%) أقل بكثير مما هو مطلوب لسد عجز الموازنة التجارية مع بلدكم. كما تعلمون، لن تُفرض تعريفة جمركية إذا قرر العراق أو الشركات في بلدكم تصنيّع أو إنتاج منتجات داخل الولايات المتحدة، وسنبذَّل قُصارى جهدنا للحصول على الموافقات بسرعة واحترافية وبشكلٍ دوري. بعبارة أخرى، في غضون أسابيع. إذا قررتم، لأي سبب من الأسباب، رفع تعريفاتكم الجمركية، فسيتم إضافتها، أيًا كان المبلغ الذي تختارونه، إلى نسبة: الـ (30%) التي نُفرضها”.

وأشار إلى أنه: “يُرجى تفهم أن هذه التعريفات ضرورية لتصحيح سنوات طويلة من سياسات العراق الجمركية وغير الجمركية والحواجز التجارية، والتي تسببّت في عجز تجاري غير مستدَّام ضد الولايات المتحدة. يُشكلٍ هذا العجز تهديدًا كبيرًا لاقتصادنا، بل ولأمننا القومي”.

وختم، بالقول: “نتطلع إلى العمل معكم كشريك تجاري لسنوات عديدة قادمة. إذا رغبتم في فتح أسواقكم التجارية المغلقة حتى الآن أمام الولايات المتحدة، وإلغاء سياساتكم الجمركية وغير الجمركية والحواجز التجارية، فربما ندّرس تعديل هذه الرسالة. قد يتم تعديل هذه التعريفات، بالزيادة أو النقصان، حسّب علاقتنا ببلدكم. لن يخيب ظنكم أبدًا في الولايات المتحدة الأميركية”.

5.8 مليار دولار عجزًا في التجارة مع “العراق”..

وشهدت “الولايات المتحدة” عجزًا في تجارة السلع مع “العراق” بقيمة: (5.8) مليار دولار، بانخفاض: (7%) عن 2023، بحسّب “مكتب الممثل التجاري الأميركي”.

وتُشّكل صادرات “العراق” إلى “الولايات المتحدة”، البالغة: (8.92) مليار دولار في 2023، معظمها من “النفط الخام والمَّكرر”.

في المقابل؛ صدّرت “الولايات المتحدة” إلى “العراق” سلعًا بقيمة: (1.42) مليار دولار في العام نفسه.

قد نشهد موجة سعرية مرتفعة..

في تعليقه؛ يقول “مظهر محمد صالح”، المستشار الاقتصادي والمالي لرئيس الوزراء؛ “محمد شيّاع السوداني”، بشأن الرسوم الإضافية التي فرضها الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، على “العراق”.

وقال “صالح”؛ في تصريح لمنصّة (الجبال): “حقيقة تُعدّ الصين ماكنة خفض التضخم والأسعار في العالم بحكم هيمنتها على الصادرات السلعية العالمية، وتُعدّ الأولى عالميًا في الوقت الحاضر، كما تُعدّ المستّورد الثاني عالميًا في الاستيرادات من السلع والخدمات. لذلك فهي شرارة حرب التعريفات الجمركية العالمية بينها وبين الولايات المتحدة الأميركية”.

وبيّن، أن: “الصين اليوم ورشة العالم ومركز التبادل التجاري الأكبر، تجمع بين قوة تصدّيرية هائلة وشهيّة استيرادية ضخمة. وهذا يجعلها لاعبًا لا يمكن تجاهله في أي معادلة اقتصادية أو تجارية دولية في التأثير على نظام الانتقال السعري في العالم”.

وأضاف، أنه: “لما كانت الصين مرتكزًا استراتيجيًا في التجارة الدولية؛ فإن حرب الرسوم الجمركية ستقود بلا شك إلى موجة تضخمية تشّاركية في الأسواق العالمية وستتأثر بلدان العالم والشرق الأوسط؛ ومنها بلادنا، بهذه الموجة السعرية المرتفعة التي سترتفع بموجبها سلاسل الإمداد والتوريد التجارية العالمية”.

وتابع: “لكن ما نراه، ربما ستحصل موجة مقابلة في تخفيضات العُملات الأجنبية للدول المصدَّرة كإجراء عكسي؛ لتشجيع الصادرات العالمية وامتصاص آثار الانتقال السعري بين سلاسل التوريد جراء ارتفاع الأسعار العالمية”.

أثر مزدوج في ميزان المدفوعات..

وأكد؛ أن: “العراق مصدّر للنفط الخام، وهو مستَّثنى من حرب التعريفات الجمركية وهو أمر إيجابي إذا ما تجاوزت أسواق النفط تزايد الإنتاج وإغراق الأسواق والدخول بدورة أصول نفطية هابطة، تقابلها دورة ارتفاع في أسعار سلاسل التوريد العالمية، ما يعني أن الأثر على الحساب الجاري لميزان المدفوعات العراقي سيكون مزدوجًا سواء في انخفاض أسعار النفط الخام كصادرات وارتفاع قيم سلاسل التوريد كاستيرادات”.

وختم المستشار الاقتصادي والمالي لرئيس الوزراء، حديثه بالقول: إنه “ذلك ما لم تتكيف السوق العالمية إلى نقطة استقرار تتجاوز الحروب التجارية، والصورة ستكون أكثر وضوحًا في الرُبع الأخير من العام الحالي، وما ستؤول إليه مؤشرات التجارة العالمية”.

لن يؤثر على وضع العراق الاقتصادي..

كذلك؛ أشارت “اللجنة المالية” في “مجلس النواب” العراقي؛ إلى أن: “إعلان الرئيس الأميركي؛ دونالد ترمب، زيادة الرسوم الجمركية على العراق بنسبة: (30%)، لن يؤثر على وضع العراق الاقتصادي”.

وقال عضو اللجنة؛ النائب “معين الكاظمي”، إن: “التجارة ما بين العراق والولايات المتحدة الأميركية محدودة جدًا، والعراق لا يعتمد على هذه التجارة كحال باقي الدول في الشرق الأوسط أو في أوروبا، ولهذا زيادة الرسوم الجمركية على العراق من قبِل واشنطن لن تكون له تداعيات على وضعه الاقتصادي الداخلي”.

وبيّن “الكاظمي”؛ أن: “العراق يمتلك علاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأميركية، وهذه الزيادة هي لا تشمل العراق فقط بل أغلب الدول العربية والعالم، وهكذا خطوة لن تؤثر على العلاقات الاقتصادية والتجارية وحتى الدبلوماسية والأمنية ما بين بغداد وواشنطن، ونحن أيضًا مع بداية جلسات البرلمان الأسبوع المقبل، وسنبحث هذا الملف مع الجهات الحكومية التنفيذية المختصة”.

رسالة ضمنية وجرس إنذار.. والنفط خارج المعادلة..

من جانبه؛ وصف أستاذ الاقتصاد الدولي؛ “نوار السعدي”، فرض رسوم جمركية على البضائع العراقية المصدّرة إلى “الولايات المتحدة”، بأنه: “يحمل طابعًا رمزيًا”.

قائلًا إن: “القرار الذي أعلنه الرئيس الأميركي؛ دونالد ترمب، بفرض رسوم جمركية على البضائع العراقية المصدّرة إلى الولايات المتحدة بنسبة تصل إلى: (30%) يحمل طابعًا رمزيًا أكثر من كونه فعليًا؛ من حيث التأثير الاقتصادي المباشر، فالعراق ليس من الدول التي لديها حجم صادرات كبير باتجاه السوق الأميركية، وبالتالي فإن التبعات المالية المباشرة ستكون محدّودة للغاية، ونحن أساسًا نعتمد على تصدير النفط، وهو مستَّثنى من هذه الرسوم بضغط من المصافي الأميركية، أما غير النفط، فالصادرات العراقية نحو أميركا تكاد تكون هامشية، وتقتصر على بعض المنتجات الأولية، أو البتروكيماويات المحدودة، أو مواد بسيّطة ذات طابع صناعي أولي أو زراعي محدود”.

رسالة سياسية ضمنية..

وأضاف: “رغم هامشية الأثر المالي؛ لكن لا يمكن التقليل من الانعكاسات غير المباشرة لهذا القرار، أولًا: هناك رسالة سياسية ضمنية تُفيّد بأن العراق لم يُعدّ ضمن قائمة الدول المستثَّناة من السياسات التجارية المتشدَّدة الأميركية، وهذا قد يؤثر على نظرة المستثمرين والشركات الأميركية لأي شراكة تجارية أو صناعية مستقبلية في العراق، ثانيًا: هذا القرار قد يُضعف أي محاولة مستقبلية لتوسيّع قاعدة الصادرات العراقية إلى الأسواق العالمية، خصوصًا إذا بدأت الدول الأخرى تتبّنى سياسات حماية مماثلة، ثالثًا: نحن الآن بحاجة أكثر من أي وقتٍ مضى إلى التفكير في خارطة بديلة للتجارة الخارجية، والبحث عن أسواق بديلة لتصريف منتجاتنا، لأن الاعتماد على سوقٍ واحدة أو مسارٍ واحد لم يُعدّ مضمونًا في ظل هذه التقلّبات”.

فرصة لإعادة النظر في سياسة التصدير..

وختم بالقول: “بالمُجمل؛ اعتقد أن هذا القرار يجب أن يُقرأ كفرصة للحكومة العراقية كي تُعيّد النظر بسياسة التصدير ودعم المنتج المحلي، إذا أردنا فعلًا أن يكون للعراق دور تجاري متنوع، فعلينا أن نبدأ بإصلاح منظومة الصناعة، وتشجيع الإنتاج، وخفض كلف التصدير، وتوفير الحوافز للشركات العراقية التي تُريد أن تخترق الأسواق الدولية، والرسوم الأميركية ليست أزمة، لكنها جرس إنذار يدعونا إلى التفكير الجدي بإعادة بناء اقتصاد متوازن ومتنوع لا يرتجف أمام أي قرار خارجي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة