بفرضه الرسوم الجمركية .. “ترمب” يُشن حربًا تجارية بدأها بالصين وكندا والمكسيك وفي اتجاهه لأوروبا !

بفرضه الرسوم الجمركية .. “ترمب” يُشن حربًا تجارية بدأها بالصين وكندا والمكسيك وفي اتجاهه لأوروبا !

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

في إطار قراراته السريعة بعد التنصيب؛ والتي كانت قد سَّربت من قبل، والتي ستؤدى بدورها إلى شن حرب تجارية، حيث قال الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، إنه سيُفرض رسومًا جمركية على “الاتحاد الأوروبي”؛ ليُضيفه بذلك إلى قائمة الاستهداف التي تضم “كندا والمكسيك والصين”، دافعًا “الولايات المتحدة” إلى شفّير حروب تجارية جديدة مع أكبر حلفائها التجاريين.

تهديد باتخاذ إجراءات ممثالة..

وفي رد سريع؛ ندّدت رئيسة المكسيك؛ “كلاوديا شينباوم”، السبت، باتهام الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، لحكومتها بالارتباط بتهريب المخدرات، واصفة ذلك بأنه: “افتراء”.

وفي منشور على منصة (إكس)؛ أكدت “شينباوم” فرض رسوم جمركية على “الولايات المتحدة”، ردًا على تلك التي أعلنها الرئيس الأميركي.

وكتبت: “نرفض بشكلٍ قاطع افتراء البيت الأبيض الذي يتهم الحكومة المكسيكية بإقامة تحالفات مع منظمات إجرامية”، مُعلنة عن: “إجراءات جمركية” ضد “واشنطن”.

وفي السيّاق ذاته؛ أكد رئيس الوزراء الكندي المنتهية ولايته؛ “غاستن ترودو”، أن بلاده ستُفرض رسومًا جمركية على “الولايات المتحدة” اعتبارًا من الثلاثاء، ردًا على إجراءات “ترمب”.

وقال “ترودو” إنه سيتم فرض رسوم جمركية فورية على بضائع أميركية بقيمة: (30) مليار دولار كندي، ورسوم جمركية إضافية على بضائع أميركية بقيمة: (125) مليار دولار خلال (21 يومًا).

وتابع: “ندرس عدة إجراءات غير جمركية ردًا على واشنطن، بما في ذلك بعض التدابير المتعلقة بالمعادن الحيوية ومشتريات الطاقة وشراكات أخرى”.

وأكد “ترودو” أن: “كندا والمكسيك؛ تعملان معًا لمواجهة الرسوم الجمركية الأميركية”.

كما حثّ الكنديين على شراء المنتجات الكندية، والنظر في قضاء عطلاتهم داخل “كندا”.

ومن جهتها؛ ذكرت “الصين” أنها: “تُعارض بشّدة” التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها “ترمب” على “بكين”، متَّعهدة باتخاذ: “إجراءات مضادة مماثلة لحماية حقوقنا ومصالحنا بحزم”.

وقالت “وزارة التجارة” الصينية في بيان؛ إن: “الصين غير راضية أبدًا وتُعارض ذلك بشدة”، مضيفة أنها سترفع دعوى ضد “واشنطن” لدى “منظمة التجارة العالمية”.

من جانبه؛ أعلن “الاتحاد الأوروبي” كذلك؛ أنه سيُدافع عن نفسه بتعريفات جمركية انتقامية، مثلما فعل في الفترة الرئاسية الأولى لـ”ترمب”.

وذكرت “المفوضية الأوروبية”؛ أنها: “ليست على علمٍ بأي تعريفات جمركية إضافية فُرضت على منتجات الاتحاد الأوروبي”، مضيفة أن الرسوم: “تخلق ارتباكًا اقتصاديًا غير ضروري”.

وقالت كبيرة متحدثى المفوضية؛ “باولا بينو”: “علاقتنا التجارية والاستثمارية مع الولايات المتحدة هي الأكبر في العالم.. وتُعدّ الأسواق المفتوحة واحترام التجارة الدولية أمرًا ضروريًا لنمو اقتصادي قوي ومستَّدام”.

فرض رسوم جمركية..

وتأتي هذه الإجراءات بعدما أصدر “ترمب” أمرًا، السبت، بفرض رسوم جمركية نسبتها: (25) بالمئة على الواردات المكسيكية والكندية، و(10) بالمئة على السلع القادمة من “الصين”؛ اعتبارًا من الثلاثاء، وأعلن أنها ستظل سّارية حتى تنتهي حالة طواريء وطنية بسبب عقار (الفنتانيل) والهجرة غير الشرعية إلى “الولايات المتحدة”.

وقال مسؤولون للصحافيين إن منتَّجات الطاقة الكندية سيُفرض عليها رسوم بنسبة: (10) بالمئة فحسّب، لكن واردات الطاقة المكسيكية ستُفرض عليها الرسوم كاملة، أي (25) بالمئة.

كما أكد “ترمب”؛ أنه سوف يُفرض: “على الفور” رسومًا جمركية على الرقائق الإلكترونية و”أشياء مرتبطة بالرقائق”، وأنه سيُطبق التعريفات الجمركية على “النفط الخام، والغاز الطبيعى، والصلب، والنحاس، والألومنيوم، والأدوية”.

وأضاف أن الرسوم على “الحديد والألومنيوم” قد تأتي في القريب العاجل: “هذا الشهر، (أو) الشهر التالي”، بينما رسوم “النفط والغاز الطبيعي” ربما تُطبق في حوالي 18 شباط/فبراير.

وورد في تقرير أصدره “البيت الأبيض” بشأن الرسوم الجمركية؛ أنها ستظل سّارية: “حتى تخف حدة الأزمة”، لكنه لم يُقدم تفاصيل بشأن الإجراءات التي يتعيّن على الدول الثلاث اتخاذها للحصول على إعفاء.

يُمثلون 60% من واردات أميركا..

وبلغت الواردات السلعية لـ”الولايات المتحدة” من “الاتحاد الأوروبي، وكندا، والمكسيك، الصين”: (1.9) تريليون دولار في عام 2023، بما نسبته: (60%) من إجمالي واردات البلاد، وفق مرصد بيانات التجارة المستَّمدة من قاعدة بيانات الجمارك الأميركية.

وبرّر “ترمب” هذه الإجراءات باتهام الدول الثلاث بأداء دور في أزمة (الفنتانيل)، وهو مادة أفيونية قوية سببت أزمة كبيرة في “الولايات المتحدة”.

ويقول “ترمب”؛ إن “الصين” تصدَّر المكونات الأساسية للعقار إلى “المكسيك”، ما يُتيح لعصابات المخدرات المكسيكية تصّنيع (الفنتانيل) الذي يتم بيعه بعد ذلك في “الولايات المتحدة”. كما ينتقد “المكسيك وكندا” لعدم سيّطرتهما بشكلٍ كاف على تدفقات الهجرة غير النظامية.

وأشار “البيت الأبيض” إلى أن عصابات المخدرات المكسيكية: “هي المُهرّبة الرئيسة لـ (الفنتانيل والميثامفيتامين) والمخدرات الأخرى في العالم”؛ و”لديها تحالف مع حكومة المكسيك”، على حد زعمه.

إنذار بإشعال حرب تجارية..

وتأتي هذه الخطوات في أعقاب تهديد متَّكرر أطلقه “ترمب” منذ فترة وجيزة؛ بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، ومن المُرجّح أن تؤدي إلى تداعيات وتُنذر بإشعال حرب تجارية قد تُسبّب اضطرابات اقتصادية واسعة النطاق لجميع البلدان المعنية.

وأعلن “ترمب” حالة الطواريء الوطنية بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية وقانون الطواريء الوطنية لدعم الرسوم الجمركية، والذي يمنح الرئيس سلطات واسعة النطاق لمعالجة الأزمات.

وصرح مسؤولون في “البيت الأبيض” بأنه لن يكون هناك استثناءات من الرسوم الجمركية.

وعلاوة على ذلك؛ في حالة “كندا” على وجه التحديد، قالوا إن الإعفاء: “الضئيل” من الرسوم الجمركية الأميركية للشَّحنات الصغيرة التي تقل قيمتها عن: (800) دولار سوف يتم إلغاؤه.

ولم يكن من المَّقرر أن يتحدث “ترمب”، الذي لعب الغولف في منتجعه (مارالاغو) في “فلوريدا”، السبت، قبل توقيع الأمر، إلى الصحافيين بشأن الرسوم الجمركية.

وحدد “ترمب” الأول من شباط/فبراير؛ موعدًا نهائيًا للضغط من أجل اتخاذ إجراءات قوية لوقف تدفق (الفنتانيل) والمواد الكيميائية الأولية إلى “الولايات المتحدة” من “الصين” عبر “المكسيك وكندا”، وكذلك لمنع المهاجرين غير الشرعيين من عبور الحدود الأميركية.

وتعهد “ترمب”؛ الجمعة، بالمُضي قدمًا في فرض الرسوم، رُغم إقراره بأنها قد تسبب اضطرابات وصعوبات للأسر الأميركية.

تثيُر الميول التضخمية..

وتقول صحيفة (فايننشيال تايمز) البريطانية؛ إن الخبراء الاقتصاديون، يرون أن رفع الرسوم الجمركية ستكون مثيرة للميول التضخمية، وقد تمنع “مجلس الاحتياط الفيدرالي” من تقليص أعباء الاقتراض حسّبما كان متوقعًا خلال هذا العام. وكان بعض مسؤولي البنوك المركزية قد شّرعوا فعليًا في خفض معدلات الفائدة، واضعين فى الاعتبار سياسات “ترمب” ضمن توقعاتهم لشهر كانون أول/ديسمبر الماضي، قبيل توليه منصبه في “البيت الأبيض”.

وذكرت الصحيفة البريطانية أن ضرب أكبر شركاء تجاريين لـ”الولايات المتحدة” برسوم جمركية متصاعدة وحادة تُثير مخاطر اشتعال حروب تجارية واسعة الأثر بعد أيام من بدء “ترمب” لعهدته الرئاسية الثانية.

خرق لاتفاقية “الجات”..

وفي تعليقه؛ قال الدكتور “مجدي عبدالعزيز”، مستشار وزير المالية السابق لشؤون الجمارك المصرية، إن اللجوء لفرض هذه الإجراءات من شأنه الإضرار والإخلال بقواعد “منظمة التجارة العالمية”، وكذا العلاقات التجارية بين “الولايات المتحدة الأميركية” وهذه الدول المسَّتهدفة، لا سيّما وأن فرض هذه الضرائب والرسوم الجمركية جاء على غير القواعد العامة ولم يكن موجودًا من قبل، كما أنه يؤثر سلبًا على العلاقات الاقتصادية والسياسية بين “أميركا” وهذه الدول الثلاثة.

مضيفًا أن “الولايات المتحدة” تُعدّ من الدول المؤسسة والمؤثرة والمنشَّئة لـ”منظمة التجارة العالمية” باعتبارها أحد أضلع المثُلث الاقتصادى والمالي والتجارة دوليًا.

وتابع: أن تحرير التجارة الدولية من خلال رفع القيود التعريفية وغير التعريفية، مع فرض مثل هذه الرسوم الإضافية يُمثل خرقًا لقواعد ومباديء وأهداف اتفاقية (الجات)، ما يدفع إلى اتجاه دول أخرى إلى مثل هذه الممَّارسات والخروقات؛ وبالتالي يتم تفريغ فكرة العولمة وتحرير التجارة من مضمونها، ما يُهدّد منظومة التجارة العالمية بالانهيار، لا سيّما وأن الدول المفروض عليها رسوم جمركية من جانب “الولايات المتحدة الأميركية” بإمكانها اتخاذ قرارات لمجابهة الإجراءات الأميركية، وقد تلجأ هذه الدول المتَّضررة إلى فرض قيود أخرى مماثلة تجاه “أميركا”.

وأوضح “عبدالعزيز”؛ أن “اتفاقية النفاذ للأسواق” المنبثقة عن اتفاقية (الجات) تحدَّد التزامات الدول الأعضاء البلغ عددها نحو: (182) دولة، وكذا التعريفة الجمركية بفئات محدَّدة، وتجاوزها يُعدّ خرقًا لهذه الاتفاقية، مضيفًا أن توسيّع هذه الإجراءات الأميركية من شأنه أن يُعطى الفرصة للدولة التحلل من الاتفاقيات والالتزامات الدولية، كما تضع تحرير التجارة فى “مهب الريح”، وربما تكون النتائج والآثار السلبية لهذا الأمر العودة إلى قواعد الترشيّد والتقيّيد للسلع وفرض رسوم جمركية إضافية.

استخدام “مصر” كمركز تصديري لـ”الصين”..

من جانبه؛ أشار الدكتور “بدوي إبراهيم”، الخبير الجمركي، إلى أن فرض قيود جمركية ممثلة في زيادة التعريفة الجمركية على السلع التجارية بين “الصين” و”أميركا” سيسمح بمزيد من الاستثمارات الصينية في “مصر” لتُصبّح مركزًا تصديريًا لـ”الولايات المتحدة الأميركية” تجنًا لهذه القيود الجديدة.

وأضاف “إبراهيم”؛ أن ما يحدث عالميًا في هذا الصدّد يصب في صالح “مصر”، متابعًا: “بذلك يتم ترحيل التجارة عبر إغلاق أسواق وفتح أخرى بديلة”.

وأكد “إبراهيم”؛ أن توجه “أميركا” لهذه الإجراءات يضع مزيد من القيود حول التجارة العالمية على خلاف المفروض حدوثه؛ لا سيّما وأنها الرائدة في تحرير التجارة ويجب أن تكون قدوة عالميًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة