بـ”رسائل الدم والنار” .. كيف يمكن لـ”نتانياهو” الاستفادة من استخدامه لسياسة الاغتيالات ؟

بـ”رسائل الدم والنار” .. كيف يمكن لـ”نتانياهو” الاستفادة من استخدامه لسياسة الاغتيالات ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

اغتيالات متوالية شهدتها المنطقة خلال الأيام الأخيرة؛ جعلت الأنظار تتجه نحو ما سيجُنيه رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، من ثمار تلك العمليات، وتأثيرها على مستقبله السياسي في الداخل الإسرائيلي.

التقديرات الغربية والإقليمية؛ ترى أنه من المُرجّح أن يستفيد “نتانياهو” محليًا من الاغتيالات الأخيرة، خاصة مقتل رئيس المكتب السياسي لـ (حماس)؛ “إسماعيل هنية”، لكن التصّعيد المحتمل قد يُهدد: “جائزته الأخيرة”.

وكانت الأيام الأخيرة؛ قد شهدت تصّعيدًا في الصراع الإقليمي، بعد عمليتي اغتيال طالتا القائد العسكري في (حزب الله) اللبناني؛ “فؤاد شكر”، في “بيروت”، ثم “هنية” في “طهران”، قبل إعلان الاحتلال الإسرائيلي؛ الخميس، مقتل قائد الجناح العسكري لـ (حماس)؛ “محمد الضيف”.

تفاخر واستنفار..

وتفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بالضربات الأخيرة؛ والتي شملت “الضيف” واستهداف “ميناء الحديدة” في “اليمن”، وصولاً لاغتيال “فؤاد شكر”، الذي ينظر إليه على أنه الرجل الثاني في (حزب الله)، بيد أنه تجنب التطرق لحادث اغتيال “هنية”.

ومع ذلك؛ أكد على وقع التهديدات الإيرانية بالرد؛ على أن: “إسرائيل حاليًا في أعلى درجات الاستنفار، وأي جهة تنُفذ عملاً عدوانيًا ضد البلاد، ستدفع ثمنًا باهظًا جدًا”.

حرر “إسرائيل” من العُقد الاستراتيجية..

رأى تحليل لصحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية؛ أن الهجوم الواسع الذي شّنته (حماس) ضد “إسرائيل”؛ في السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي، استطاع “تحرير” إسرائيل من جُملة من “العقد الاستراتيجية”.

ومن بين هذه العُقد التي تحررت منها “إسرائيل”، وفق الصحيفة، مسألة الخوض في مواجهة مباشرة مع “إيران”، وعدم الالتزام بالموقف الأميركي في هذه القضية.

وقالت الصحيفة؛ إن: “هجوم السابع من تشرين أول/أكتوبر، والهجوم الإيراني على إسرائيل؛ في الرابع عشر من نيسان/إبريل، دفعا إسرائيل للتحرر من النماذج الاستراتيجية البالية في التعامل مع إيران”، وتُشّير عمليات الاغتيال الأخيرة في “لبنان وإيران” إلى أن: “إسرائيل تفعل ذلك بالفعل”.

وأضافت: “يبدو أن القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية أدركت أخيرًا أن إسرائيل ليس لديها خيار سوى مواجهة الحرب الإيرانية المستمرة منذ أربعين عامًا؛ والتي تتصاعد بسرعة ضدها، لأن الواقع الاستراتيجي الصارخ هو أن إيران دفعت إلى عنان السماء سّعيها إلى الهيمنة على الشرق الأوسط وخنق إسرائيل”.

استعادة الردع..

وتابعت: “نعم.. إن القدرات الاستخباراتية والعملياتية المذهلة التي تجلت هذا الأسبوع في اغتيال؛ اثنين، من الأعداء الرئيسيين تُشكل علامة مهمة في الجهود الرامية إلى استعادة الردع الإسرائيلي، إلا أن ذلك يحتاج المزيد”.

وقالت إن: “أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن يترسّخ في طهران تصّور مفاده أن إسرائيل متعثرة وبدأت تغرق، ولا تتحرك إلى الأمام، في استهداف (حماس) في غزة، وفي مواجهة (حزب الله) في لبنان، وفي قمع الخلايا المسلحة في الضفة الغربية، وفي استهداف مواقع (الحرس الثوري) الإيراني في سوريا، وفي تخريب المنشآت النووية في إيران”.

وأضافت: “الحملة المستمرة التي تُشّنها إدارة الرئيس؛ “بايدن”، لتأخير المزيد من المواجهة مع إيران في نهاية المطاف، مصحوبة بتهديدات مستمرة بمنع الدعم الدبلوماسي والأسلحة الإسرائيلية إذا لم تستجب إسرائيل لتحذيرات واشنطن تشكل وصفة للهزيمة الساحقة، ولابد من مقاومتها”، وفق الصحيفة.

وبحسّب الصحيفة: “هناك فجوة كبيرة بين الطريقة التي ترى بها إسرائيل الحرب الحالية؛ والطريقة التي ينظر بها إليها العالم الخارجي”، معتبرة أن الحرب بالنسبة للإسرائيليين أصبحت: “حرب وجود”.

وقالت الصحيفة إنه: “لم يُعد من الممكن أن تظل إسرائيل محاصرة بضعف الموقف الدولي، وإن ضربات بيروت وطهران تشكل بداية تحرر إسرائيل، من القيود العسكرية والدبلوماسية التي سعت واشنطن وغيرها من الدول إلى فرضها على تل أبيب”، وفق الصحيفة.

انتصار تكتيكي..

من جهته؛ وصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة (بار إيلان) الإسرائيلية؛ “آشر كوهين”، ما جرى بأنه: “انتصار تكتيكي وليس استراتيجيًا لنتانياهو”، معتبرًا أنه: “حصّد نقاطًا؛ لكن ذلك قد يتغيّر بسرعة كبيرة”.

تحفيز للمجتمع..

كما يرى الأكاديمي الفلسطيني في جامعة (بيرزيت)؛ “عبود حمايل”، أن: “القتل يخدم غرضًا سياسيًا؛ وليس استراتيجيًا”، مضيفًا لوكالة (فرانس برس) أن: “سياسة الاغتيال الإسرائيلية الحالية تعمل أكثر كآلية لتحفيز مجتمعها بدلاً من تغيير الموقف السياسي أو العسكري لخصومها”.

يُساعد على رفع شعبية “نتانياهو”..

أما المحلل السياسي الإسرائيلي؛ “إيلي نيسان”، فينظر إلى سلسلة الاغتيالات الأخيرة على أنها: “ليست قضية شخصية بالدرجة الأولى، بل أمنية واستراتيجية بصفة عامة لإسرائيل”.

ودلل “نيسان” على ذلك لموقع (سكاي نيوز عربية)، بأن: “استهداف فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية ببيروت؛ جاء لأنه كان ضالعًا في حادث مجدل شمس، بجانب مسّاهمته في تطوير صواريخ (حزب الله) الدقيقة وكونه من أقرب المقربين لـ (حسن نصرالله)”.

وأضاف “نيسان” أن: “إسماعيل هنية؛ كان من الشخصيات التي وضعت عراقيل أثناء مفاوضات صفقة المختطفين؛ وكان ضالعًا في هجوم 07 تشرين أول/أكتوبر على غرار؛ محمد الضيف أيضًا”.

ورُغم إقراره بأن: “القضية لا تمت لنتانياهو شخصيًا”، لكنه أكد أن هناك استفادة حققها رئيس الوزراء الإسرائيلي من هذه العمليات النوعية، إذ يُعطيه ذلك شعبية أكبر، بعدما تراجعت بشكلٍ كبير منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر.

وأوضح “نيسان”: “رويدًا رويدًا وفي ظل ما يحدث بإيران ولبنان وغزة، فإن هذا يُساعد نتانياهو على رفع شعبيته وتمكنه من السلطة في إسرائيل”.

رسائل “الدم والنار”..

أستاذ العلاقات الدولية والسياسات الخارجية؛ “خالد العزي”، قال إن “نتانياهو” وجه رسائل: بـ”الدم والنار” لإيران و(محور المقاومة) بأكمله.

وأشار إلى أن: “حوادث الاغتيالات الأخيرة لقادة الصف الأول بـ (حماس) و(حزب الله)، تأتي ضمن استراتيجية نتانياهو لعدم الخضوع للضغط الخارجي أو الداخلي من أجل إقامة تسّويات تحت عنوان أن صفقة الأسرى تتطلب ذلك”.

ووفق “العزي”؛ فإن “نتانياهو” حقق استفادة من العمليات، سواء زيادة الثقة الداخلية في قيادته للحرب بتنفيذ ما وعد به من تصفية لقادة (حماس) و(حزب الله)، أو إحكام قبضته على ائتلافه الوزاري بعدما منعهم من الإدلاء: بـ”تصريحات متهورة” عقب اغتيال “هنية”، وانصاعوا له وخصوصًا وزراء اليمين المتطرف.

يُغيّر قواعد اللعبة ويُطيل الصراع..

واعتبر “العزي” أن “نتانياهو” غيّر قواعد اللعبة؛ وما جرى سيُطيل أمد الحرب والصراع ما يضمن بقاءه سياسيًا.

كما لم تسّتبعد محللة الشؤون الإسرائيلية بمجموعة الأزمات الدولية؛ “ميراف زونسزين”، أن تُساهم عمليات الاغتيال، إلى جانب عطلة “البرلمان الإسرائيلي” حاليًا في بناء: “رواية نصر وبقاء سياسي لنتانياهو”.

لكنها؛ شدّدت مع ذلك على أن مقتل “هنية” لن يؤثر على مكانة “نتانياهو” السياسية على المدى الطويل، مضيفة أنه: “حتى لو كان العديد من الإسرائيليين سعداء بالاغتيال، فلا أعتقد أن هذا يُغيّر حقيقة أن معظم الإسرائيليين ما زالوا يُريدون خروجه من السلطة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة