خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بدأ الحراك الدبلوماسي بين “العراق” و”فرنسا” يتخذ خطوات فعلية، علها تساعد البلد الذي يعاني من تبعات اقتصادية كارثية إزدادت مع وباء (كورونا)، بالإضافة إلى الأزمات السياسية التي لا نهاية لها.
ففي زيارة رسمية استغرقت أربعة أيام، بحث رئيس مجلس النواب العراقي، “محمد الحلبوسي”، الخميس، مع وزيرة الجيوش الفرنسية، “فلورنس بارلي”، استمرار جهود “التحالف الدولي” لإسناد “العراق” للقضاء على الإرهاب، فيما أكدت “فرنسا” دعمها الكامل لسيادة “العراق” وحفظ استقراره.
وقال بيان أصدره رئيس مجلس النواب: “إن الحلبوسي؛ التقى اليوم وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورنس بارلي، حيث جرت مراسم استقبال رسمية في مبنى وزارة الدفاع الفرنسية؛ وعقبها جلسة مباحثات”.
وتم خلال اللقاء – بحسب البيان – بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، والتأكيد على دعم الحكومة العراقية في المجال العسكري لتعزيز قدرات الجيش العراقي، واستمرار جهود “التحالف الدولي” لإسناد “العراق” في الدعم الفني واللوجيستي والاستخباري، للقضاء على الإرهاب والتطرف، وكذلك ناقش اللقاء ضرورة حفظ أمن البعثات الدبلوماسية في “العراق”.
دعم فرنسي لسيادة العراق وفي حربها ضد “داعش”..
من جهتها، أكدت وزيرة الجيوش الفرنسية؛ دعم بلادها الكامل لسيادة “العراق” وحفظ استقراره، والحرص على تعزيز سُبل التعاون الإستراتيجي وتمتين العلاقات الثنائية بين “العراق” و”فرنسا”.
واستبق ذلك اللقاء، لقاء رئيس البرلمان العراقي مع وزير الخارجية الفرنسي، “جان أيف لودريان”، حيث شدد خلال اللقاء على أهمية الدعم الفرنسي للحكومة العراقية في حربها ضد تنظيم (داعش) الإرهابي؛ فضلاً عن بذل مزيد من الجهود فيما يخص ملف النازحين وإعادتهم إلى مناطقهم وغلق المخيمات وإعادة الاستقرار.
تعزيز التعاون الإستراتيجي في الاقتصاد والاستثمار والأمن..
ودعا رئيس مجلس النواب العراقي، “محمد الحلبوسي”، إلى فتح مقر لـ”الوكالة الفرنسية للتنمية”، في “بغداد”.
كما بحث “الحلبوسي” مع رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، “غيرار لارشيه”، في باريس، العلاقات بين البلدين وتعزيز التعاون الإستراتيجي في مجال الاقتصاد والاستثمار والأمن؛ لمحاربة تنظيم (داعش) الإرهابي.
وأكد أهمية دعم “العراق” أمنيًا واقتصاديًا من أجل تحقيق الاستقرار، داعيًا إلى توسيع مشاركة الشركات الفرنسية بالاستثمار في “العراق”، والإسراع في تنفيذ المشروعات الإستراتيجية المتفق عليها بين البلدين، بالإضافة إلى ضرورة فتح مقر لـ”الوكالة الفرنسية للتنمية”، في “بغداد”، لتسهيل تقديم الدعم الاقتصادي لـ”العراق”.
من جهته، أعرب رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، عن استعداد بلاده لتقديم الدعم لـ”العراق” سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، مشيرًا إلى استعداد “فرنسا” لتقديم خبرتها والدعم بالأفكار والاستشارات لتشكيل الغرفة التشريعية الثانية في “العراق”، واستمرار التعاون لمحاربة التطرف والإرهاب، والمساهمة في دور أكبر لإعادة البناء والإعمار في “العراق”، مؤكدًا أن “فرنسا” تبذل جهودًا لتعزيز سُبل التعاون بين البلدين.
المشاركة في إعادة الإعمار..
وقبل ذلك ناقش، “الحلبوسي”، مع رئيس الجمعية الوطنية الفرنسي، “ريتشارد فيران”، أهمية الإسراع بتنفيذ عدد من المشاريع الإستراتيجية في “العراق” المتفق عليها بين البلدين، وخاصة “مترو بغداد”، و”مطار الموصل”، وأهمية مشاركة الشركات الفرنسية في عمليات إعادة الإعمار في “العراق”، كما بحثا: “الجهود المبذولة لإعادة افتتاح الخط الجوي، (بغداد-باريس)، وضرورة الإسراع في افتتاحه لما له من أهمية في التفاعل الاقتصادي بين البلدين، فضلاً عن التعاون المصرفي لتسهيل فعاليات القطاع الاستثماري”.
من جهته؛ عبر “فيران” عن: “دعم بلاده الكامل للعراق، وحفظ سيادته، ودعم تعزيز قدرات الدولة العراقية، والاستمرار بالتعاون في الحرب ضد تنظيم (داعش)، أمنيًا واستخباريًا وفنيًا، لمواجهة الفكر المتطرف”.
طموح فرنسي في لعب دور أساس..
تعليقًا على ذلك، قال المحلل السياسي والإستراتيجي، “أحمد الشوقي”: إن “العلاقات (العراقية-الفرنسية) ليست بجديدة، وقد بدأت الزيارات المتبادلة بين البلدين تتكثف منذ تولي رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، للسلطة، لوضع آلية عمل مشتركة وهناك الدور الفرنسي في محاربة (داعش) من خلال التحالف الدولي، كما أن باريس تطمح أن تكون لاعبًا أساسيًا على الساحة العراقية”.
موضحًا أن: “الجيش العراقي يسعى لأن يكون له دفاعات جوية، خاصة مع الهجمات التي تقوم بها فصائل مسلحة داخل العراق بالطائرات المُسيرة”، متوقعًا أن يشتري “العراق” الأسلحة من فرنسا من خلال تبادل “النفط” بالأسلحة، وستكون هناك خطوات أخرى من قبل “فرنسا” لدعم “العراق”، فعلى الصعيد السياسي من المقرر أن ترسل “باريس” فريقًا لمراقبة الانتخابات.
لا يزال دورها محدودًا..
فيما، قال الباحث في العلاقات الدولية، “ناصر زهير”؛ إن: “العلاقات (الفرنسية-العراقية) تطورت بشكل إيجابي في السنوات الأخيرة، خاصة على المستوى الاقتصادي، إلا أن الدور الفرنسي لا يزال محدودًا ودون الآلية المأمولة من قبل باريس في العراق، بسبب التعقيدات الموجودة سواء المتعلقة بالدور الأميركي أو الدور الايراني، وتحاول باريس أن يكون لها دور أكبر في الفترة القادمة، وخاصة مع الحديث عن تراجع الدور الأميركي”.
ولفت، “زهير”، إلى أن: “فرنسا تسعى لتعزيز دورها في الشرق الأوسط، واستعادة الثقل الخارجي في سياستها الخارجية، كما أن باريس قد تكون عاملاً إيجابيًا في الصراع (الأميركي-الإيراني)، وهناك أيضًا فائدة اقتصادية لأن العراق لديه ثروات نفطية كبيرة”.
تردي البيئة الاستثمارية في العراق..
كما أوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة “البصرة”، “نبيل المرسومي”، أن: “التعامل الاقتصادي بين العراق وفرنسا لازال في أضيق الحدود؛ بسبب عدة عوامل منها: تردي البيئة الاستثمارية في العراق، وهذا مرتبط بعدم الاستقرار السياسي والأمني وعدم الشفافية في منح العقود الاستثمارية، وقد وجهت فرنسا جهودها بشكل كثيف نحو الاستثمار في العراق، خاصة في مجال النفط والغاز، الذي لا يتأثر كثيرًا بطبيعة البيئة الاستثمارية”.
اتفاق على استمرار التواصل..
وكان الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، قد أجرى اتصالاً هاتفيًا مع رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، بداية الشهر الجاري، وأكد خلاله على دعمه: لـ”الحكومة العراقية، وتجربة العراق الديمقراطية في ظل ما تواجهه من تحديات”، مؤكدًا: “استعداد فرنسا لتقديم مختلف أوجه الدعم الذي تحتاجه الحكومة العراقية في التحضير للانتخابات المبكرة، وتأييد فرنسا للقرار الأممي بإرسال مراقبين لإسناد عمل مفوضية الانتخابات”.
وأثنى “ماكرون” على دور “العراق” الإقليمي في تقريب وجهات النظر، معبرًا عن تفاؤله بأن الدور المتنامي لـ”العراق” في هذا المجال سيكون له أثر مستدام في تحقيق الاستقرار الذي ستنعكس آثاره إيجابيًّا على جميع الأطراف.
واتفق الجانبان، على استمرار التواصل بينهما، من أجل تنسيق المواقف تجاه التحديات والأزمات الإقليمية والدولية، بالشكل الذي يخدم مساعي حل النزاعات وتقريب وجهات النظر.