انشغل سكان بغداد الاحد في لملمة اثار موجة العنف الدامية التي ضربت مدينتهم ليلا وقتلت 67 شخصا، وسط غضب تجاه الحكومة واجهزتها الامنية بعدما بلغ عدد الذين قتلوا في العراق منذ بداية تموز/يوليو اكثر من 540 شخصا.
وفيما كان سكان بغداد يهمون بدفن ضحاياهم، ومحو اثار العنف الذي ضرب مصادر رزقهم، قتل 18 شخصا واصيب 16 آخرون بجروح في هجمات متفرقة. وكانت العاصمة شهدت مساء السبت انفجار 12 سيارة مفخخة وعبوتين ناسفتين في مناطق متفرقة، تسكن معظمها غالبيات شيعية، بحسب ما افادت مصادر امنية مسؤولة وكالة فرانس برس.
وجاءت هذه التفجيرات التي حصدت ارواح 67 شخصا واصيب فيها 190 بجروح في اطار موجة العنف المتصاعدة في العراق والتي قتل فيها 2500 شخص خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة بحسب ارقام الامم المتحدة، التي حذرت من ان العراق يقف عند حافة حرب اهلية جديدة.
وقتل في العراق منذ بداية تموز/يوليو اكثر من 540 شخصا بحسب حصيلة تعدها وكالة فرانس برس استنادا الى مصادر امنية وعسكرية وطبية، ما يعني ان معدل ضحايا العنف اليومي في العراق بلغ نحو 25 شخصا.
وهجمات السبت هي الاكثر دموية في البلاد منذ مقتل 78 شخصا في العاشر من حزيران/يونيو الماضي.
وفي الكرادة وسط بغداد، حيث قتل سبعة اشخاص في تفجير سيارتين مفخختين، انتشرت الحجارة والقطع المعدنية وبقايا الخضر في شارع التسوق الرئيسي، بينما كان سكان المنطقة يتفقدون الاضرار.
وقال رجل اربعيني من اهالي الكرادة بصوت حزين عند موقع الهجوم “هذه الحكومة كرتونية، وقواتها الامنية لا تستطيع حماية نفسها، فكيف تستطيع حماية الناس”.
واضاف رجل اخر يرتدي دشداشة تقليدية “العراقيون يحميهم الله فقط، لان السياسيين لا يهتمون الا بكراسيهم ومصالحهم الشخصية”.
ورغم العدد الهائل لضحايا تفجيرات السبت، لم يصدر اي رد فعل عن الحكومة التي تعتمد مقاربة اعلامية مبهمة حيال اعمال العنف، اذ يتجاهل مسؤولوها الكبار هذه الهجمات، التي تتجاهلها ايضا وسائل الاعلام الرسمية او تحاول التقليل من اهميتها.
وحده رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي اصدر بيانا الاحد جاء فيه “ندين ونستنكر التفجيرات الاجرامية الآثمة التي استهدفت اهلنا في بغداد ومحافظات عدة والتي تاتي ضمن حملة الاستهدافات الاجرامية البشعة الرامية الى بث الفرقة واثارة النعرة الطائفية بين ابناء الشعب الواحد”.
كما كرر النجيفي دعوته الاجهزة الامنية الى “عدم الاستسلام للارهابيين والعمل على اتخاذ اجراءات اكثر فاعلية لحماية المواطنين الابرياء”.
وتحمل اعمال العنف في العراق طابعا طائفيا متزايدا حيث باتت تتصاعد وتيرة استهداف المساجد والحسينيات في مناطق متفرقة من البلاد التي تشهد منذ كانون الاول/ديسمبر احتجاجات سنية ضد رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي.
كما يشهد العراق موجة عنف جديدة تستهدف المقاهي التي يرتادها الشباب خصوصا بعيد موعد الافطار في رمضان، وملاعب كرة القدم، في هجمات دامية قتل واصيب فيها العشرات على مدى اسابيع.
ومنذ نيسان/ابريل، لم تتبن اي جهة الهجمات الدامية التي يشهدها العراق، علما ان ان تنظيم “دولة العراق الاسلامية”، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، سبق ان تبنى هجمات مماثلة في الماضي.
في موازاة ذلك، فشلت الاجهزة الامنية في بسط سيطرتها على الارض والحد من تصاعد العنف رغم التغيير الذي اجراه المالكي، الذي يحكم البلاد منذ 2006، للعديد من قياداتها خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة، في بلاد يبلغ عديد قواتها المسلحة نحو 800 الف رجل.
ورغم مرور نحو ثلاث سنوات على تشكيل الحكومة الحالية، وهي حكومة “شراكة وطنية” تجمع الموالين والمعارضين، يبقى منصبا وزيري الدفاع والداخلية في حالة شغور بسبب الخلافات التي تعصف بالحكومة العراقية.
وفرضت قوات الامن منذ صباح الاحد اجراءات امنية مشددة في عموم شوارع بغداد خصوصا في المناطق التي وقعت فيها الانفجارات وبينها الطوبجي في شمال بغداد التي انتشرت فيها خيم العزاء بعدما قتلت سيارتان مفخختان فيها ثمانية اشخاص.
وفي موقع الهجوم، اختلط حطام المحال التجارية والمطاعم وبقايا السيارات المتفحمة ببرك الدماء والاحذية وملابس الضحايا.
وقال شاب في مطلع الثلاثينات دمر محله التجاري الذي يبيع فيه اجهزة الكترونية واصيب هو بجروح خفيفة “التصقت بالكرسي؟ ارحل، اتركها فالناس يذبحون كل يوم”، في اشارة الى نوري المالكي.
وهتفت من جهتها ام سعد التي احترق منزلها ودمرت اغلب ممتلكاتها “هناك اناس تعيش بخيراتنا ونحن ننزف دما”، في اشارة الى السياسيين العراقيين.