8 أبريل، 2024 12:37 ص
Search
Close this search box.

“بغداد” تستعيد نموها .. وكردستان والمناطق الجنوبية في تراجع !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – محمد بناية :

بينما أحالت المشاكل المختلفة العلاقات بين “أربيل” و”بغداد” إلى كرة خيط معقدة، يمكن القول إن المباحثات بشأن حصة “كردستان العراق” من الميزانية العراقية السنوية أحد أهم ملفات الخلاف بين الطرفين. وبغض النظر عن الأبعاد المختلفة والمنفصلة لتلكم القضية، تستحق الأبعاد الجيوسياسية وحدها التدقيق وإعادة التفكير. كما يقول بذلك “صلاح الدین خدیو”، الخبير في الشأن الكردي؛ في أحدث مقالاته المنشورة على موقع (الدبلوماسية الإيرانية).

الفرق بين “كردستان” العامرة و”العراق” المأزوم..

1 – كانت هناك دوافع ومحفزات وعوامل متعددة دفعت الكرد إلى الاستفتاء على الانفصال، لكن يمكن القول بجرأة أن النمو الاقتصادي لـ”إقليم كردستان”، عقب سقوط نظام “البعث”، كان من أهم العوامل الرئيسة التي كانت سبباً في إقتناع الأكراد أن بمقدورهم إمتلاك دولتهم المستقلة.

ولا يمكن حصر أهمية هذه القضية في الإستقلال المالي المتزايد للإقليم، ولكن في الفجوة الهائلة بين “كردستان” العامرة المزدهرة والعراق المأزوم والمدمر والراكد. وفي الفترة من سقوط “صدام حسين” وحتى ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي، وبينما كانت ملامح مدن “أربيل والسليمانية ودهوك” تتغير سريعاً بسبب المشاريع العمرانية والطفرة البناءية، كانت تغرق “بغداد والموصل” وباقي المحافظات العراقية في الإضطرابات والحروب الطائفية. وهذه المسألة خلقت نوعاً من إحساس الثقة بالنفس بين الكرد وتصور كفاءة نموذج الحكم الكردي وتفوق الرؤساء الأكرد في مقابل الفشل وسخافة البغداديين. والنتيجة المنطقية المترتبة على ذلك التفكير، هو الإعتقاد في الإمتناع عن الاستمرار في التعايش السلمي بين القوميتين، الأمر  الذي أدى إلى إتساع الفجوة بين الهياكل الاجتماعية للطائفتين.

2 – كيف ظهرت الفجوة السابقة ؟.. رغم أن قمة الإزدهار الاقتصادي لـ”إقليم كردستان” كان في السنوات العشر الذهبية التي تلت سقوط “صدام حسين” وحتى ظهور تنظيم “داعش”، لكن التفوق النسبي على العراق العربي بدأ في أواسط التسعينيات.

فالخسائر التي تكبدها العراق جراء العقوبات المفروضة عليه في الفترة 1990 – 2003، كانت وحدها ضعف الأعراض الجانبية التدميرية للحرب العراقية – الإيرانية وحربي الخليج الأولى والثانية.

وفي الحقيقة لقد كانت العقوبات غير المسبوقة حرباً سرية تحرم الحكومة العراقية من ترميم أو حتى صيانة البنية التحتية الصناعية؛ فضلاً عن العوائد الإضافية التي حالت دون تنفيذ برامج التنمية، وبالتالي رجوع العراق إلى عصر ما قبل الصناعة. وقد بلغت الخسائر والتلفيات الناجمة عن العقوبات حد أن بدأ مجلس الأمن، منتصف التسعينيات، في مبادلة عوائد مبيعات النفط العراقية المحدودة بالسلع الأساسية. واتخذت الأمم المتحدة عام 1996 قراراً يسمح للعراق أن يبيع نفط كل شهر ونصف بما يعادل مليار ونصف المليار دولار. تذهب منها نسبة 34% إلى “صندوق خسائر الكويت” وتكاليف عمليات إعمار الأمم المتحدة، وتقسم نسبة الـ 66% المتبقية إلى 13% للمحافظات الكردية الثلاث و53% للعراق.

وهذه الصفقة كانت تصب بوضوح في صالح الأكراد. إذ كانت المحافظات الكردية الثلاث، ويبلغ عدد سكانها 13% من مجموع الكثافة السكانية العراقية، تستحوذ على نسبة 13% من العائدات النفطية، بينما تحصل المحافظات الوسطى والمركزية، ذات الـ 87% من الكثافة السكانية، على نسبة 53% فقط.

وفي الفترة 2000 – 2013 نُفذت عدد من المشاريع العمرانية بـ”أربيل”. وفي الوقت نفسه بلغ الركود الاقتصادي في العراق مرحلة تداعي الهياكل الاجتماعية ونحافة الطبقة المتوسطة. بينما في السبيعينيات والثمانينيات كانت عملية التنمية في كردستان أقل مقارنة مع العراق بسبب الحروب الأهلية.

تغير المعادلة بين المدينتين في التسعينيات..

3 – ساهم الوضع السابق في خلق فجوة تدريجية بين كردستان والعراق. ففي 2003؛ وعقب سقوط “صدام حسين” وتحرير “كركوك”، تعجب “مسعود البارزاني” من مشاهدة الركود والكساد العمراني في المدينة، وقال كانت “أربيل” ضعف ذلك في الخمسينيات والستينيات.

والطريف أن المترديين على “أربيل” في تلك الفترة كانوا يتعجبون من تخلف المدينة مقارنة بالمدن الكردية الإيرانية. وفي عام 1983 أصطحب “نوشيروان مصطفى” وفد “الاتحاد الوطني الكردستاني” فى بغداد بجولة حول المدينة حتى يطلعهم على حجم التطور والعمران في بغداد. يقول “نوشيروان”: “بينما كانت تموج بغداد بالأجواء المادية الحديثة، لكنها كانت تفقد روح المدنية بمعنى الكلمة والتي تتجلي في العلاقات الاجتماعية”. وقد تغيرت المعادلة في التسعينيات. وتفوقت كردستان على العراق، لكن تجدر الإشارة إلى أن هذه التنمية لم تكن تتناغم بشكل كامل مع المعايير العلمية.

4 – بهذا الوصف غير المثير تحولت التنمية إلى سجال بين “بغداد” و”أربيل”، وأستحالت المحفزات الناجمة عن ذلك إلى أحد أهم المتغييرات في العلاقات بين الطرفين.

ومن هذه الزاوية تحديداً ثمة أبعاد جيوسياسية وراء تقليص حصة الإقليم في الميزانية العراقية السنوية إلى 6.12% بدلاً من 17%، بالتوازي مع تراجع سيطرة “أربيل” على المصادر النفطية والجمارك.

لأن عراق ما بعد “داعش” يواجه إنفتاحاً اقتصادياً جديداً. وقد شارك في مؤتمر إعمار العراق، الذي عُقد مؤخراً، حوالي مئة شركة أميركية؛ فضلاَ عن عشرات الشركات السعودية. في الوقت نفسه تنمو بسرعة المدن العراقية المذهبية كـ”النجف وكربلاء” باعتبارها مكاناً للسياحة الدينية، بينما تتحول “البصرة” في ظل الهدوء والبعد عن المخاصمات السياسية إلى مركز مال مهم.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب