7 أبريل، 2024 1:33 ص
Search
Close this search box.

بغداد .. بناها المنصور وأذلها صدام ودمرها الأمريكيون

Facebook
Twitter
LinkedIn

  “بغداد بناها المنصور وأعزها صدام”.. كان هذا شعارا زين الكثير من المباني في العاصمة العراقية بغداد قبل غزو عام 2003 الذي أطاح بالرئيس العراقي السابق صدام حسين. بعد ذلك بنحو تسعة أعوام ومع رحيل آخر ما تبقى من القوات الأمريكية حل شعار جديد محل هذا الشعار وهو “بغداد بناها المنصور وأذلها صدام ودمرها الأمريكيون.” وسحبت واشنطن آخر ما تبقى من قواتها في العراق امس الأحد.

وهم يتركون وراءهم دولة تعاني من انقسامات طائفية وعرقية ومازالت تسعى جاهدة لاحتواء تمرد وارتباك سياسي بعد الصراع الطائفي الذي دفع البلاد الى شفا حرب أهلية عامي 2006 و2007 .

وليس هناك من مكان يدلل على تشرذم العراق افضل من بغداد العاصمة التي بناها الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور عام 762 ميلادية على نهر دجلة وكانت مركزا للعالم الإسلامي لفترة طويلة.

ومن بين رموز الانقسام جسر الكريعات وهو جسر للمشاة بني عام 2008 حتى يتمكن الناس من التنقل بين المناطق التي يغلب على سكانها الشيعة دون ان يضطروا للمرور بمنطقة الأعظمية التي يغلب على سكانها السنة.

وفر الآلاف من ديارهم خلال أسوأ فترات الصراع الطائفي خوفا من أن يهاجموا في أحيائهم بسبب انتماءاتهم الدينية. ولم يعد كثيرون قط.

وقال ابو حسن وهو شيعي كان يقف على الجسر الذي يحمل الزوار يوميا من الكريعات الى ضريح شيعي في الكاظمية “بعنا منزلنا في الأعظمية عام 2006 خلال الحرب وجئنا الى هنا.

“كان هناك الكثير من المشاكل آنذاك فرحلنا واستأجرنا منزلا هنا. الوضع افضل هنا.”

ويتهم كثيرون الغزو الأمريكي مباشرة بإثارة الانقسامات الطائفية في دولة سحق فيها صدام الذي ينتمي للأقلية السنية اي بوادر على المعارضة من جانب الاغلبية الشيعية بلا رحمة لكنه نجح في تقليص مظاهر الانقسامات الطائفية في الحياة اليومية.

وقال ابو عصام وهو يعبر الجسر “لم يكن هناك سنة او شيعة قبل الأمريكيين. لم تكن هناك طائفية. انا شيعي وابناي متزوجان من امرأتين سنيتين.”

كان العراق ذات يوم قوة سياسية مؤثرة ومركزا ثقافيا مزدهرا في الشرق الأوسط لكن هويته على مر السنين تغيرت بناء على من يحكمه وتنعكس هذه التغيرات في المناظر الموجودة بمناطق الحضر ببغداد.

في عهد صدام كانت تماثيل وصور الرئيس منتشرة في كل حي وشارع تقريبا. بعد الغزو صعدت الأغلبية الشيعية بالعراق الى الحكم ووضعت بصمتها على العاصمة. أصبحت الآن منطقة مدينة صدام مدينة الصدر وتحول اسم جسر صدام الى جسر الحسنين.

وترفرف رايات الشيعة بألوانها الأخضر او الأسود او الأحمر واللافتات التي تحمل صورة الإمام الحسين حفيد النبي محمد عاليا فوق المباني وهو منظر كان محرما في عهد صدام.

ويقول الكثير من العراقيين إنهم كانوا يعتقدون أن الغزو الأمريكي سيحقق لهم الديمقراطية والرخاء بعد سنوات من الحرب والعقوبات الاقتصادية والقمع على يد أجهزة الأمن في عهد صدام.

لكن كثيرين شيعرون الآن بالخيانة .. فقد تركت القوافل الأمريكية وأفراد الميليشيات الملثمون الذين كانوا يسيطرون على أحياء بالكامل منذ خمس سنوات شوارع المدينة. لكن التفجيرات وعمليات القتل ظلت ملمحا من الحياة اليومية.

ويغلف المدينة في كثير من الأحيان التراب والدخان كما ان مبانيها متداعية وتتناثر فيها القمامة. ومازالت الحواجز الخرسانية والإسلاك الشائكة المنصوبة لحماية المباني من التفجيرات تغطي وجه العاصمة.

ويشعر العراقيون بالقلق بسبب البطالة وانعدام الاستقرار الأمني وفي ظل كل هذا يعانون من نقص حاد في المياه ولا يتمتعون بالتيار الكهربائي سوى لبضع ساعات في اليوم ما لم يكونوا يملكون مولدات خاصة بهم.

وقال عباس جابر وهو موظف حكومي إن الأمريكيين “جلبوا لنا حكومة فاسدة لا تعكس ما يريده الشعب. إنهم راحلون لأنهم تركوا الفوضى وراءهم… والشعب العراقي هو من يعاني.”

كما يخشى العراقيون من تدخل جيرانهم في المنطقة في شؤون بلادهم بعد انسحاب الولايات المتحدة. ويخشى السنة من النفوذ المتزايد لإيران التي تزداد تقاربا مع الحكومة في بغداد ويقول الشيعة إنهم يخشون من انقلاب سني تحركه السعودية التي لم تتقبل قط الحكم الشيعي في العراق.

من مدينة البصرة التي يغلب على سكانها الشيعة في الجنوب وعبر الرمادي معقل السنة في الغرب وحتى مدينة أربيل الكردية يتفق العراقيون فيما يبدو على أمر واحد. إنهم يريدون أن يخرج الأمريكيون لكن ما يقلقهم هو التوقيت.

وقال مهدي وهو موظف حكومي في البصرة “نعم نريد ان يرحل الاحتلال لكن هذا الوقت غير مناسب لرحيلهم.” وأضاف “الأمريكيون سيخرجون من هنا وسيبدأ كل من سواهم في الدخول الى هنا من أماكن أخرى.”

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب