بعيون غربية .. أهداف “الرياض” من تطوير العلاقات مع “بكين” !

بعيون غربية .. أهداف “الرياض” من تطوير العلاقات مع “بكين” !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

وصل الرئيس الصيني؛ “شي جين بينغ”، الذي حصل حديثًا على فترة ولاية ثالثة كأمين عام للحزب (الشيوعي الصيني)، ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، بتاريخ 07 كانون أول/ديسمبر 2022م؛ إلى “المملكة العربية السعودية”، في زيارة تستغرق ثلاثة أيام.

وقد حظي استقباله بحفاوة بالغة مع السجاد الأرجواني، والعرض الجوي، والحرس الملكي، ونيران المدافع الاحتفالية، قبل أن ينزل في ضيافة ولى العهد؛ “محمد بن سلمان”، بـ”قصر اليمامة”. وقد سعت وسائل الإعلام العالمية للمقارنة بين حفاوة استقبال الرئيس الصيني، وزيارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، إلى “السعودية”؛ بحسب “ويليام فيغيروا”، باحث مشارك ما بعد الدكتوراه في مركز الجغرافيا السياسية بجامعة “كامبريدج”؛ في تقريره التحليلي الذي نشرته مجلة (الدبلوماسي) لشؤون منطقة آسيا والمحيط الهاديء؛ وأعداد نشره موقع (راهبرد معاصر) الإيراني.

توتر العلاقات “السعودية-الأميركية”..

والواقع نظرت وسائل الإعلام العالمية إلى زيارة “شي”؛ لـ”السعودية”، من منظور العلاقات المتوترة بين “الرياض” و”واشنطن”؛ لاسيما بعد قرار (أوبك بلس) بشأن خفض المعروض النفطي.

ورأت الإدارة الأميركية؛ في القرار السعودي، مساعدة للحرب الروسية على “أوكرانيا”، لأنه يُسّهم في زيادة تدفق الأموال إلى آلة الحرب الروسية.

لكن يرى آخرون أن هذه الزيارة تُمثل جزءً من الإستراتيجية الصينية العامة للظهور كبديل للنظام الأمني تحت القيادة الغربية. ورغم تحسن العلاقات “الصينية-السعودية” بشكلٍ كبير تحت تأثير التوتر “السعودي-الأميركي”، لكن هذا لا يُعتبر السبب الرئيس، إذ ترتبط “الرياض” بعلاقات عميقة مع “بكين” بشكلٍ أكبر مما قد توحي به التغطية الإعلامية.

العلاقات “الصينية-السعودية”..

وقد نمت في العقد الماضي؛ العلاقات “السعودية-الصينية” بشكلٍ كبير، وتحولت إلى تعاون واسع بين البلدين في مجال الصناعات النفطية والكيماويات؛ حيث شكل “النفط السعودي” نسبة: 18% من مجموع الواردات النفطية الصينية؛ خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2022م، بمجموع: 1.77 مليون برميل يوميًا، ما يجعلها أكبر مورد فردي لـ”النفط” في “الصين”.

كذلك تُعتبر “بكين” المشتري الأول للمواد الكيميائية والنفطية السعودية. وبلغ حجم التجارة الثنائية حوالي: 87 مليار دولار في العام 2021م، منها: 95% منتجات نفطية وكيميائية.

الاحتياج الأميركي للرياض واحتياج السعودية لواشنطن..

وقد توجت الزيارة الأخيرة بكمٍ هائل من مذكرات التفاهم الجديدة، بهدف تنويع وتوسيع هذه الشراكة في مجالات جديدة، علمًا أن “النفط” سيظل؛ وكذلك المواد الكيميائية، أساس هذه الشراكة.

وجرى الإعلان عن توقيع عدد: 34 اتفاقية ثنائية في اليوم الأول من الزيارة، بما في ذلك مع شركة الاتصالات المثيرة للجدل؛ (هواوي)، والتي ستضع الأساس للاستثمار الصيني في مجالات مثل الطاقة الخضراء، وتكنولوجيا المعلومات، والنقل، والخدمات الجوية، والصناعات الطبية، والخدمات اللوجستية، والبناء والإسكان.

ورغم توطيد الشراكة “السعودية-الصينية”؛ خلال السنوات الأخيرة، لكنها ماتزال محدودة بشكلٍ أساس نتيجة اعتماد “السعودية”؛ في تلبية متطلباتها الأمنية، على “الولايات المتحدة الأميركية”، ناهيك عن اعتماد إستراتيجية و”اشنطن” في الشرق الأوسط على “السعودية”.

علمًا أن مبيعات السلاح الصينية إلى “السعودية” بلغت: 245 مليون دولار فقط؛ في الفترة: (2003 – 2021م)، مقارنة بمبلع: 17.85 مليار دولار؛ هي حصيلة مبيعات السلاح الأميركية إلى “السعودية”؛ في الفترة ذاتها.

وقد أعلنت “الصين” مؤخرًا صفقة بيع مُسيّرات بقيمة: 04 مليار دولار، لكن ماتزال “الولايات المتحدة” تحتكر  الأجهزة الأكثر أهمية مثل صواريخ (جو-جو)؛ والطائرات المقاتلة.

ويتوقع الخبراء الصينيون والباحثين المعارضين للدور الصيني في الشرق الأوسط، أن تتدخل “الولايات المتحدة”؛ على الأرجح، للحيلولة دون بيع أسلحة أكثر أهمية. وهذا ليس مستغربًا لأن “الصين” لم تُبدي اهتمامًا بفكرة استبدال “الولايات المتحدة” كقوة أمنية مُسيّطرة في الشرق الأوسط، ربما بسبب استفادة “بكين” من دور “الولايات المتحدة الأميركية” في فرض الاستقرار على هذه المنطقة وتوفير بيئة مناسبة للتجارة والاستثمار.

بدورها سعت “السعودية” إلى جذب المزيد من الاستثمارات الآسيوية المتنوعة، بعكس “الصين” التي تمتلك علاقات أقل تعقيدًا مع “واشنطن”. كما تتعامل “الصين”؛ مع “الرياض”، كجزء من جهد أكبر للتعامل مع جميع دول الخليج، وكذلك “إيران”، الأمر الذي يتطلب توازنًا دقيقًا ويمنع “الصين” من وضع كل بيضها في سلة واحدة.

أخيرًا فالمشاركة “السعودية-الصينية”، ليست سوى مجرد ورقة ضد “الولايات المتحدة”، وهي مدفوعة باقتصاد قوي ورغبة البلدين في تنويع اقتصادياتهما؛ حيث يتطلع ولى العهد؛ “محمد بن سلمان”، إلى إغراء “واشنطن” لتقديم دعم أكبر من خلال توسيع دائرة التعاملات مع “الصين”؛ وتحقيق أهداف سياسية واقتصادية داخلية.

مع هذا ما تزال “السعودية” الحليف الأقرب إلى “الولايات المتحدة”، وسط تراجع مؤشرات أن تحتل “الصين” مكانة “الولايات المتحدة”؛ باعتبارها أهم حليف لـ”السعودية”؛ بحسب زعم التقرير.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة