خاص : ترجمة – محمد بناية :
حالة “حزب العدالة والتنمية” التركي ليست جيدة.. وقد أثبتت نتائج الانتخابات المحلية فشل “العدالة والتنمية”، المتحالف مع “حزب الحركة الوطنية”، داخل المدن التركية المهمة؛ مثل: “إسطنبول، وأنقرة وأزمير”.
ويرى المحللون السياسيون، في هذه الهزيمة، حدث ذا مغزى وعزا معظمهم السبب الرئيس إلى المكون الاقتصادي. بحسب “مائده أركان”؛ الخبير الإيراني للشأن التركي، في أحدث تحليلاته المنشورة على موقع (مركز دراسات السلام الدولي) الإيراني.
“إردوغان” والانتخابات..
لقد تمكن “حزب العدالة والتنمية”، (بالنظر إلى سوابقه الاجتماعية الجيدة)، من الفوز بالانتخابات المحلية عام 1994؛ بالتأكيد على توصيل الخدمات للمواطن، وأضحى، “رجب طيب إردوغان”، عمدة بلدية “إسطنبول”.
وقد ساهم أداء “إردوغان” الاقتصادي والاجتماعي الجيد وتنفيذ عدد من المشروعات العمرانية، بخلاف سماته الشخصية؛ في فوز “حزب العدالة والتنمية” بالانتخابات البرلمانية، عام 2002، كما تجدر الإشارة إلى تأثير استياء الأتراك من أداء “حزب الشعب الجمهوري” على فوز “العدالة والتنمية”، الذي يمسك بالسلطة قرابة العقدين، ومازال يحكم حتى اللحظة بسبب الأداء الاقتصادي الجيد.
لقد تمكن الحزب، في الانتخابات الأخيرة، من حصد أكثر من 40% من الأصوات، لكنه فشل في المدن الكبيرة.
في المقابل؛ تمكن “حزب الشعب الجمهوري” من تحقيق الفوز في مدن مثل “إسطنبول” و”أنقرة”. ولقد كانت هذه المسألة صعبة ومقلقة بالنسبة لـ”إردوغام”. وكان قد أعلن، قبيل الانتخابات، أن الفائز في الانتخابات هو من سيحصل على الأصوات في “إسطنبول”، لكن وبعد ظهور نتائج الانتخابات إذا بـ”حزب العدالة والتنمية” يشكك في هذه النتائج.
وكذلك أعلنت “اللجنة العليا للانتخابات التركية” بطلان عملية الإقتراع في “إسطنبول”؛ وتم التصويت على إعادة الانتخابات في المدينة مجددًا.
الثقل السياسي لإسطنبول..
و”إسطنبول”؛ هي مدينة رمزية بالنسبة لـ”إردوغان”، فهي المدينة التي نهض منها ووصل إلى سدة السلطة السياسية، ومن ثم فالهزيمة في هذه المدينة، التي تُعتبر القطب الثقافي والاقتصادي التركي، كانت عسيرة جدًا.
الجدير بالذكر؛ أن شعبية “رجب طيب إردوغان” تراجعت في السنوات الأخيرة، ولذلك شكل “حزب العدالة والتنمية” تحالفًا من “حزب الحركة الوطنية”، في انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2018. وفشل هذا التحالف في تحقيق الفوز في كل المدن التركية الكبيرة بالانتخابات المحلية، عام 2019. ونجح مرشح حزب الشعب الجمهوري، “إمام أكرم أوغلي”، غير المعروف، بالفوز بمنصب عمدة بلدية “إسطنبول”.
وبالمقارنة مع الانتخابات المحلية، 2014، فقد “حزب العدالة والتنمية” السيطرة على عدد 18 بلدية. لكن عمومًا فقد حقق تحالف “العدالة والتنمية” مع “الحركة الوطنية”؛ الفوز في عدد 24 محافظة. وربط كثير من المحللين الهزيمة بالأداء الاقتصادي.
لقد تسببت مسألة خسارة “الليرة” التركية، 30% من قيمتها، في ارتفاع معدلات التضخم إلى 20% وانتشار المشكلات الاقتصادية في الدولة. وكذلك أكد المحللون على أن الغلاء هو السبب الرئيس في خسارة “إردوغان”.
الأزمة الاقتصادية والانتخابات التركية..
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة (دنيا الاقتصاد): “أعلن خبراء الاقتصاد حاجة تركيا إلى اتفاقيات طويلة المدى تساهم في رفع مستوى الصادرات وإنقاذ الشركات المديونة وإطلاق حرية البنك المركزي في أداء مهامه المعهودة”.
وقال “إردوغان”، بعد الانتخابات الأخيرة: “يجب أن نجعل الإصلاح الاقتصادي على رأس أولوياتنا”. وكذلك تحدث وزير المالية التركي عن إصلاحات هيكلية في الدولة.
وهذه التصريحات تؤكد أن الاقتصاد التركي يعاني مشكلة هيكلية بسبب بعض المشكلات الداخلية والخارجية على السواء. ورغم دور المشكلات الاقتصادية في هزيمة “حزب العدالة والتنمية”، لكن هذا لا يمنع تأثير الصراعات السياسية في عزوف الناخبين عن الأقبال على صناديق الإقتراع.
لقد كان أداء “إردوغان”، في الفترة (2002 – 2012)، ناجح جدًا، لكن بدأ الخلاف بين “إردوغان” و”فتح الله غولن”، بعد الكشف عن فساد بعض أعضاء الحكومة المالي والإداري، وإزدادت الخلافات بعد انقلاب 15 تموز/يوليو؛ والقبض على مجموعة من المحسوبين على الزعيم المنفي بتهمة التورط في الانقلاب.
هذا بخلاف تنامي أعداد المعارضين لسياسيات “إردوغان”، خلال السنوات الأخيرة، شملت الأكراد، (بعد سياسية المواجهة مع الأكراد وتغيير توجه “إردوغان” من المفاوضات إلى القمع)، والأعضاء الأساسيين في “الحرية والعدالة”، (بسبب تبني سياسية خارجية ذات طبيعة تقابلية مع دول الجيران، وتغيير النظام السياسي للدولة من البرلماني إلى الرئاسي، وانخفاض مستوى العلاقات مع واشنطن وأوروبا، عدم الإلتفات للإصلاح الاقتصادي والديمقراطية وإنعدام استقلال السلطة القضائية)، مع دفع بعضهم مثل، “عبدالله غول” و”أحمد داوود أغلو” و”علي باباغان”، لتشكيل أحزاب جديدة. وأخيرًا أثبت استفتاء 31 آذار/مارس؛ أن وضع “الحرية والتنمية” الحالي ليس جيدًا؛ وأن على رئيس الجمهورية البدء في عملية الإصلاح.