خاص : كتبت – لميس السيد :
تم توقيع اتفاقية لإنهاء الصراع بين “الولايات المتحدة” وحركة “طالبان” في “أفغانستان”، يوم السبت الماضي، لوقف حرب “الولايات المتحدة” ضد حركة “طالبان” الإرهابية، في “أفغانستان”، والتي بدأت منذ ما يقرب من عقدين من الزمان؛ عقب وقوع هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، في “واشنطن”.
أشاد الرئيس، “دونالد ترامب”، بالاتفاق، الذي تمت صياغته بالتوقيعات والمصافحة بين المفاوض الأميركي، “زلماي خليل زاد”، ونظيره في طالبان، “عبدالغني بارادار”، باعتباره تاريخيًا. وقال “ترامب”، في مؤتمر صحافي بـ”البيت الأبيض”: “لم تكن هناك لحظة كهذه”. “لقد أجرينا مفاوضات ناجحة للغاية … لقد سئم الجميع من الحرب”.
وتابع “ترامب”؛ إنه: سيجتمع شخصيًا مع قادة “طالبان” في المستقبل غير البعيد. وبالرغم من زعم كبار مسؤولي الإدارة الأميركية؛ نجاح الصفقة، إلا أن كان هناك حالة من التفاؤل الحذر حول هذه الصفقة.
أكد وزير الخارجية، “مايك بومبيو”، في حفل التوقيع الذي أقيم في فندق بالعاصمة القطرية، “الدوحة”، وحضره فريق كامل من “طالبان”؛ وكذلك دبلوماسيون وشخصيات بارزة أخرى: “لن يتحقق النصر للأفغان إلا عندما يستطيعون العيش بسلام وإزدهار. لن يتحقق النصر للولايات المتحدة إلا عندما لا يخاف الأميركيون وحلفاؤنا من تهديد إرهابي قادم من أفغانستان”.
ويأتي الاتفاق، بعد 10 سنوات من المحادثات المتقطعة مع “طالبان”، وبعد شهور من المفاوضات المكثفة، التي لم تُشارك فيها الحكومة الأفغانية.
شروط غامضة..
ويتساءل العديد من المحاربين القدامى عما إذا كان الاتفاق الجديد قد أرسى دعائم قوية للسلام الدائم، التي وصفها البعض بأنها إستسلام لجماعة “طالبان”، التي كان مطلبها الأساس دائمًا هو الرحيل الكامل للقوات الأجنبية.
قال أحد كبار مسؤولي الدفاع السابقين، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب الحساسية الشديدة لهذه المسألة، في حديثه لصحيفة (واشنطن بوست) الأميركية؛ إن بعض كبار المسؤولين العسكريين والمخابرات: “يشعرون بالقلق من أن الإدارة تتلقى وعودًا كثيرة من طالبان دون أي ضمانات مقابل مطلبهم الوحيد والأساس بمغادرة قواتنا”.
أفادت الصحفية أن الجزء الوحيد الملموس من صفقة “الولايات المتحدة” مع “طالبان”؛ هو مهلة 14 شهرًا للانسحاب الكامل للقوات الأميركية والقوات المتحالفة معها. أكد “بومبيو”، ووزير الدفاع، “مارك إسبر”، أن المغادرة “قائمة على شروط واردة في الاتفاقية؛ وهي عبارة عن وعود من طالبان بالتوقف عن مهاجمة الأميركيين أثناء مغادرتهم، وقطع العلاقات مع الجماعات الإرهابية الأخرى، وليس وضع حلًا طويل الأجل للأفغان”.
وقال “دانييل فيلدمان”، الذي عمل في مكتب وزارة الخارجية لـ”أفغانستان” و”باكستان”، في الفترة من 2009 إلى 2015: “يبدو أن جزئية الشروط غامضة للغاية، بحيث لا تشعر بالراحة فيها”.
يتضمن الاتفاق إلتزام “طالبان” ببدء مفاوضات مباشرة مع الحكومة الأفغانية بشأن وقف إطلاق النار وعمل تسوية للحرب في غضون 10 أيام. ترى الصحيفة الأميركية أن تلك المفاوضات، التي ستُعقد مبدئيًا في “النرويج”، معقدة بالفعل بسبب الاضطرابات السياسية في “كابول”، بسبب أزمة إعادة انتخاب الرئيس، “أشرف غني”، مؤخرًا، كما أن هناك معارك كبيرة حول تكوين أعضاء فريق التفاوض.
الانسحاب فكرة غير صائبة..
قال “جيمس دوبينز”، الذي شغل منصب المبعوث الخاص لـ”أفغانستان”، خلال إدارتي “بوش” و”أوباما”: “جميع الظروف في أفغانستان تتعارض مع عملية سلام ناجحة”. “لا توجد قوة من الأمم المتحدة غير متحيزة، ولا يوجد مراقب محايد” لتأكيد الإمتثال ونزع السلاح. على الجانب الحكومي، هناك انقسامات عميقة تجعل من الصعب التفاوض. وأضاف “دوبينز”: “لديهم مجموعة من الجيران المتدخلين”.
وقال “فيلدمان”: “حقيقة أننا يمكن أن ننسحب بالكامل قبل أي نوع من التسوية التفاوضية – ناهيك عن تنفيذها – بين طالبان والحكومة الأفغانية، لا يترك لنا أي نفوذ فعلي لضمان وضع أفغانستان على طريق انتقالي سلمي”.
وأشار “بريت ماكغورك”، الممثل الخاص السابق للإدارة في التحالف ضد (داعش)، إنه: “انسحاب كلي لجميع القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي؛ ومن المحتمل أن ينتج عن ذلك إنهيار تدريجي للدولة والحرب الأهلية وعودة طالبان إلى كابول”.
أكد المسؤولون الأميركيون مرارًا وتكرارًا، في الأشهر الأخيرة؛ إن هدفهم هو بقاء قوة ولو يسيرة من قوات العمليات الخاصة الأميركية في “أفغانستان” لمحاربة تنظيم (داعش) والجماعات الإرهابية الأخرى. وبالفعل أشار، “بومبيو” و”إسبر”؛ إلى استمرار عمليات مكافحة الإرهاب الأميركية في “أفغانستان”، على الرغم من عدم وجود إشارة محددة لهذا العنصر في الاتفاقية.
ذكرى الفشل..
وفي إطار هذه الصفقة المنعقدة مع “طالبان” سيكون هناك تبادل للسجناء، وهي خطوة حذر منها النائب الجمهوري، “ليز تشيني”، في بيان: “إن إطلاق سراح الآلاف من عناصر طالبان، ورفع العقوبات عن إرهابيين دوليين، والموافقة على سحب جميع القوات الأميركية في مقابل إن الوعود التي قطعتها طالبان، دون وجود آلية واضحة للتحقق من إمتثال طالبان، ستذكرنا بأسوأ جوانب صفقة أوباما النووية الإيرانية”.
ووصف “جون بولتون”، مستشار الأمن القومي السابق لـ”ترامب”، الصفقة؛ بأنها: “خطر غير مقبول على السكان المدنيين في الولايات المتحدة”. وقال في تغريدة: “إنها صفقة على غرار منهج أوباما”.
وأضاف “بولتون”: “إن إضفاء الشرعية على طالبان يُرسل إشارة خاطئة إلى إرهابيي (داعش) و(القاعدة) وإلى أعداء أميركا عمومًا”.
في مؤتمره الصحافي، أشار “ترامب” إلى أن “طالبان” ستتولى القتال ضد (داعش) وجماعات إرهابية أخرى، على الرغم من أن الاتفاق يُشير فقط إلى مسؤوليات “طالبان” في منع الجماعات الإرهابية من ممارسة الأنشطة داخل الأراضي الخاضعة لسيطرة “طالبان”.