أخيرا بعد 3 أيام من الاحتجاجات الحاشدة قابلتها السلطات بالقوة المفرطة ما أسفر عن مقتل أكثر من 30 متظاهرا وإصابة أكثر من 1200 آخرين، خرج رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ليلقي كلمة على العراقيين بعد منتصف ليل الخميس الجمعة 4 أكتوبر / تشرين الأول 2019.
عبد المهدي حاول كسب عطف الجماهير الغاضبة في أنحاء العراق كافة، مؤكدا أنه يدعم التظاهرات السلمية لكن الأمر خرج عن إطار السلمية.
عبد المهدي ظهر مرتبكا وقال إنه يتحدث في ظرف حساس تمر به البلاد حديث مكاشفة خوفا من انزلاق الأمور إلى تدمير الدولة كل الدولة التي تجمع كل العراقيين.. وتابع إن اليوم الجميع أمام خيارين إما الدولة أو اللا دولة.
عبد المهدي قال إنه يدرك العقبات التي خاضها العراق على مدى العقود الماضية، لكن في النهاية صوت العراقيون على الدستور الحالي بأصابعهم البنفسيجية لذلك عليهم أن يحافظوا عليه إذا لا خيار غيره.
ودعا العراقيين إلى عدم الاستماع إلى مثيري الفتنة وإلى دعوات عسكرة الدولة من جديد، وأوضح أنه ليس متسلطا ولا يسكن في بروج عالية بل يتجول بين جميع العراقيين في آمان بدون حوادث طائفية أو حواجز أمنية.
رئيس الوزراء قال إنه تخلى عن المواكب الضخمة، وشرع منذ البداية بإصلاحات اقتصادية وسياسية واجماعية من أجل توفير فرص العمل.
كما أكد طرح قانون بمنح راتب لكل عائلة لا تمتلك دخلا وافيا كي تعيش بكرامة بعيدا عن خط الفقر.
عبد المهدي طالب المتظاهرين باحترام سلطة القانون التي بموجبها يعيش الجميع بأمان واستقرار، وإعادة الأمور إلى نصابها.
وأكد أن قرار فرض حظر التجوال كالدواء المر لكي يحفظ أمن العراق، لحماية الممتلكات العامة والخاصة والمحال التجارية من التخريب والحرق، متهما البعض بمحاولة اختطاف مطالب التظاهرات بهتافات مسيئة لها أهداف غير بريئة.
وتابع بقوله إنه يؤمن بتوفير البدائل السكنية قبل هدم عقارات المتجاوزين بتوزيع أراضي مجانية.
كما أكد انه من المقرر إصلاح النظام الانتخابي لمنع المحاصصة وسيطرة أطراف بعينها على الحياة السياسية العراقية.
عبد المهدي قال إنه يتقيد بالمعايير الدولية في التعامل مع المتظاهرين لفرض الأمن لتقليل الخسائر في الأرواح والممتلكات منعا للعنف المفرط، كما أكد الاتفاق مع القضاء على إطلاق سراح المعتقلين ممن لم يتم اتهامهم بقضايا جنائية.
رئيس الوزراء قال إن البعض أخرج المظاهرات عن هدفها السلمي، مؤكدا أن صوت المتظاهرين مسموع قبل أن يتظاهروا وقد وصل إليه لافتا إلى أنه يتابع ويستجيب لكل مطلب مشروع، مطالبا المتظاهرين بمساعدته لتنفيذ طلباتهم.
كما دعا مجلس النواب إلى ضرورة الإسراع بإنها ملف تشكيل حكومته.
وتابع بقوله: لا توجد حلول سحرية ولا يمكن تحقيق كل الأحلام والطموحات خلال سنة واحدة، البنية التحتية لم ندمرها والبطالة لم نصنعها ، إنما هي تراكمات من عقود سابقة، فالحكومات السابقة انشغلت بمجابهة مشكلات كثيرة واجهت العراق ومنها الطائفية والإرهاب.
عبد المهدي قال إنه يتحمل مسؤولية قيادة الدفة في هذه المرحلة الحساسة، وأوضح أن الجميع سيحاسب وأن من يظن أنه سيفلت من العقاب واهم.
عبد المهدي أوضح أن من حق المتظاهرين أن يغضبوا من السياسيين عندما يجدوا تدخلا في عمل الحكومة وتحقيق مصالح شخصية على مصالح العامة.
رئيس الوزراء شدد على أنه يثق في منهاجه الحكومي الذي بات يؤتي ثماره خارجيا وداخليا، باستيعاب الخريجين وحملة الشهادات ومن يبحث عن السكن.
عبد المهدي قال إن العراق اليوم يمتلك أفضل العلاقات الخارجية وأن العالم أجمع ينظر للعراق بتقدير، مختتما خطابه بتوجيه الشكر إلى المتظاهرين والقوات الأمنية التي حاولت وتحاول على الحفاظ على سلمية الحراك.
ميدانيا قالت مصادر صحفية إن مستشفى “اليرموك” في العاصمة بغداد استقبل 154 جريحا من المتظاهرين من أهالي مناطق حي العامل والبياع والمعالف وأبو دشير، غربي العاصمة، بعدما هاجمتهم القوات الأمنية وملثمين في أثناء تظاهرات الخميس وتنوعت إصاباتهم ما بين إصابات بالرصاص الحي وحروق واختناقات.
فيما قال عدد من المتظاهرين إنهم رصدوا تسلل عناصر إيرانية بلباس مكافحة الشغب للتعامل مع المتظاهرين بعنف غير مسبوق بالرصاص الحي خلف أقنعة.
إلى ذلك رجح مراقبون تصاعد الأحداث بعد استخدام العنف المفرط، خاصة وأن المتظاهرين تحدوا حظر التجوال ووقفوا بصدور عارية في وجه الرصاص الحي.