20 أبريل، 2024 6:51 ص
Search
Close this search box.

بعد 7 سنوات من القطيعة .. مغازلة أنقرة للقاهرة .. هل تنجح في إعادة العلاقات “المصرية-التركية” ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بدأ الخطاب التركي الرسمي تجاه مصر، مؤخرًا، يأخذ منحى أكثر إيجابية، وصفها البعض بالمغازلة الصريحة، وأرجعها البعض إلى أنها استجابة لمطالب المعارضة التركية بعودة العلاقاة مع القاهرة.

كان آخر تلك التصريحات ما قاله، “إبراهيم قالن”، المتحدث باسم الرئاسة التركية، أمس الأول؛ إن مصر دولة مهمة، مبينًا أن السبيل لحدوث تقارب مع القاهرة يأتي في حال تحركت مصر بإيجابية.

جاء ذلك في مقابلة لـ”قالن” مع قناة تليفزيونية محلية نقلتها وكالة أنباء (الأناضول) التركية الرسمية، وقال فيها: “في حال أظهرت مصر إرادة التحرك بأجندة إيجابية في القضايا الإقليمية؛ فإن تركيا مستعدة للتجاوب مع ذلك”، وذلك في ردًا على سؤال: “فيما إذا كانت تركيا بصدد التقارب مع لاعبيين إقليميين مثل مصر شرق المتوسط بالرغم من التوترات السابقة ؟”.

ولم تكن هذه المحاولة الأولى من قِبل نظام “إردوغان”، ففي أيلول/سبتمبر الماضي، سعى وزير الخارجية التركي، “مولود جاويش أوغلو”، لمغازلة القاهرة بالقول خلال مقابلة مع تليفزيون محلي: “مصر لم تنتهك في أي وقت الجرف القاري لنا في اتفاقيتها التي أبرمتها مع اليونان وقبرص، بخصوص مناطق الصلاحية البحرية”.

كما حاول “مولود جشاويش أوغلو”، في 11 حزيران/يونيو الماضي، استمالة القاهرة إلى الدخول في مفاوضات مع أنقرة، حين قال: “الطريقة الأكثر عقلانية لعودة العلاقات (التركية-المصرية)، تكون عبر الحوار والتعاون مع تركيا بدلاً من تجاهلها”.

وفي رد مصري على دعوات تركيا بضرورة عودة التفاهمات معها، قال وزير الخارجية المصري، “سامح شكري”، في وقت سابق؛ إن القاهرة ترصد الأفعال والحديث والتصريحات، ولكن إذا كان هذا الحديث غير متوافق مع السياسات، فلا يصبح له أهمية.

وتمسك “شكري” كذلك بأن السياسات التي تراها بلاده من تواجد عسكري تركي على الأراضي السورية أو العراقية أو الليبية؛ والتوتر القائم في شرق المتوسط، تنبيء كلها بسياسات توسعية مزعزعة للاستقرار بالمنطقة، وبالتالي لا تقود إلى حوار أو بدء صفحة جديدة.

هدنة إعلامية..

وتوالت التعليقات على تلك التصريحات التركية، فتقول صحيفة (رأي اليوم) اللندنية؛ إن: “تصاعُد منسوب الغزل التركي لمصر، في الأيام القليلة الماضية، وسط أنباء عن نجاح اللقاءات التي جرت بين وفدين استخباريين من البلدين؛ في التوصل إلى هدنة إعلامية، ربما يشكّل خطوة مهمة على صعيد إجراءات كسب الثقة، والتمهيد للقاءات دبلوماسية وسياسية على مستوى أعلى”.

وتضيف الصحيفة: “هذا الغزل التركي لمصر يعكس مراجعة سياسية مهمة للرئيس، إردوغان، ومساعديه، والعودة إلى الدبلوماسية النشطة، ومحاولة تحييد مصر، خاصة بعد تصعيد التحالف (السعودي-الإماراتي) حربه الاقتصادية ضد أنقرة، وإصدار حظر كامل على استيراد البضائع التركية، والسياحة إلى إسطنبول، في وقت تواجه فيه الليرة التركية، والاقتصاد التركي بالتالي، ضغوطًا صعبة للغاية، سواء من الغرب، حيث أوروبا، أو الشرق أي سوريا وإيران، ودول خليجية”.

وترى (رأي اليوم)؛ أنه “من الصعب علينا التنبؤ بحجم فرص نجاح هذا الغزل التركي لمصر ومآلاته، لكن استمراره، خاصة بعد أن أغلق الرئيس، السيسي، كل أبواب المصالحة مع حركة الإخوان المسلمين – خصمه اللدود – يعكس براغماتية تركية، واستعدادًا لتقديم تنازلات جوهرية ربما تقود إلى نوعٍ من المصالحة بين البلدين وعودة السفراء”.

مؤشرات لحدوث تقارب سياسي..

من جهتها؛ تقول صحيفة (القدس العربي) اللندنية: “يومًا بعد يوم تتزايد المؤشرات على وجود اتصالات بين مصر وتركيا، وإن كان ذلك على مستويات منخفضة يعتقد أنها لم تتجاوز مستوى أجهزة المخابرات والدبلوماسيين من المستويات الدنيا، لكنها تؤشر إلى إمكانية حصول تقارب سياسي خلال المرحلة المقبلة وذلك من خلال التوصل إلى بعض التفاهمات التي قد تنتج في المرحلة الأولى توافقات تتعلق بالأزمة الليبية وملف ترسيم الحدود البحرية شرق المتوسط”.

موضحة الصحيفة: “أن الاتصالات (التركية-المصرية) الجارية على المستوى الدبلوماسي المتدني ومستوى المخابرات؛ إنطلقت عقب تصاعد الأزمة في ليبيا، وذلك في إطار جهود دولية لمنع صدام كان محتملاً بين القاهرة وأنقرة على خط (سرت-الجفرة)، إلى جانب الاتصالات حول إمكانية التوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين”.

وتضيف (القدس العربي): “وما زالت تركيا تشترط، بدرجة أساسية، حصول تغيير سياسي حقيقي في مصر يمكن أن يكون على شكل مصالحة وطنية توقف تهميش المعارضة ووصفها بالإرهاب، إلى جانب وقف الاعتقالات السياسية والإعدامات للمعارضين من أجل التقارب مع النظام المصري الحالي، وهو ما لا يبدو واردًا في الأفق”.

رسالة استراتيجية قوية..

كما يقول موقع (ميدل ايست أونلاين)؛ إن: “تركيا تسعى، منذ مدة، إلى التقرب من مصر بكل السبل ويظهر ذلك من خلال تخفيف حدة الخطاب تجاه القاهرة، بل والإعلان عن الاستعداد للتعاون في عدة ملفات إقليمية”.

ويرى الموقع أن: “مصر سعت إلى تقوية علاقاتها مع اليونان وقبرص والقيام بمناورات عسكرية، إضافة إلى توقيع اتفاق ترسيم حدود مع آثينا في رسالة واضحة لأنقرة. وفي بادرة هي الأولى من نوعها عبرت السفن الحربية المصرية، الأسبوع الماضي، مضيق البوسفور، للقيام بمناورات عسكرية مشتركة مع البحرية الروسية في البحر الأسود قبالة الحدود البحرية التركية في رسالة استراتيجية قوية”.

ويضيف الموقع: “ومع فشل أنقرة في إحراج مصر دوليًا وإقليميا والتدخل في شؤونها الداخلية بدعم جماعة الإخوان المسلمين، تسعى اليوم إلى إحتوائها بحجة التعاون الإقليمي والمصالح المشتركة”.

رسالة روسية قبل أن تكون مصرية..

وفي صحيفة (عربي 21)؛ يقول “إسماعيل ياشا”، إن: “المؤيدين لانقلاب الجيش المصري بقيادة، عبدالفتاح السيسي، على الرئيس الشرعي المنتخب وإرادة الشعب المصري الديمقراطية، يعتبرون مشاركة البحرية المصرية في مناورات عسكرية في البحر الأسود، “رسالة إلى أنقرة”، مفادها أن تركيا إن تدخلت في ليبيا فإن مصر ستجري مناورات عسكرية بالقرب من حدودها”.

ويضيف “ياشا”: “الرسالة التي يدّعي أنصار السيسي بأنها موجهة إلى تركيا لا معنى لها، كما أن مشاركة البحرية المصرية في مناورات عسكرية في البحر الأسود لا تتعدى كونها مجرد استعراض صبياني، كالذي قامت به الإمارات خلال مشاركتها في المناورات العسكرية المشتركة مع اليونان في البحر الأبيض؛ لأن المناورات، مهما كانت تحاكي أوضاع الحروب، فإنها في الحقيقة ليست حروبًا”.

ويتابع الكاتب: “وقد تشارك السفن الحربية المصرية الآن في مناورات عسكرية في البحر الأسود، إلا أنها في حالة حرب ضد تركيا لن يُسمح لها بالمرور من مضيقي، الدردنيل والبوسفور، ولن تصل إلى البحر الأسود”.

ويضيف الكاتب: “مناورات (جسر الصداقة 2020)، إنْ كانت رسالة موجهة إلى تركيا، فإنها رسالة روسية قبل أن تكون مصرية. ومن المؤكد أن موسكو كلما أرادت الضغط على أنقرة استدعت أحد خصوم تركيا إلى الساحة كنوع من الإبتزاز”.

مجرد تكتيك زائف..

وتحدث السفير “حسين هريدي”، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، لـ (العين الإخبارية)؛ عن أن محاولات التودد التركي للقاهرة مجرد تكتيك زائف وليس تغيرًا استراتيجيًا في سياسة “إردوغان”؛ بهدف اختراق تكتلات عربية وأوروبية تقف كسد منيع أمام توسعاته.

مضيفًا “هريدي” أن: “سياسة أنقرة التوسعية أسفرت عن وقوف دول عديدة، سواء على الصعيد الأوروبي أو العربي أمامها؛ لذا تسعى أنقرة لاختراق تلك الدول عبر البوابة المصرية؛ نظرًا لما تملكه الأخيرة من علاقات جيدة مع دول العالم شرقًا وغربًا، علاوة على تأثيرها الكبير على مجريات الأمور في شمال إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، وشرق المتوسط”.

ووفقًا للدبلوماسي المصري؛ فإن المحاولات التركية الزائفة للتودد إلى مصر تعكس حالة من الإرتباك والتأزم تعيشها أنقرة مع عواصم عدة، وعدم قدرتها على التوصل لحلول لأي مشكلة دخلت فيها بإرادتها؛ سواء بالتدخل العسكري المباشر أو غير المباشر عن طريق دعم جماعات معارضة وتقديم المساعدات المادية والعسكرية والغطاء السياسي لها.

حملات التمدد الوهمي تجعله ضعيف..

واتفق معه السفير “محمد العرابي”، وزير الخارجية المصري الأسبق، قائلاً: إن “محاولات التودد التركي لبلاده؛ تكتيك لا ينطلي على دولة كبيرة مثل مصر؛ المتزنة والمحافظة على أصدقائها في كل مكان، والتي تعي جيدًا ما يحدث حولها، في حين تخسر أنقرة فى مجالات عديدة ومختلفة”.

مشددًا “العرابي”؛ على أن مساعي التودد التركي غير جادة، ولا تعكس شيئًا على أرض الواقع، موضحًا أن مصر لن تلتفت إليها، لكن المطلوب من أنقرة العودة لحجمها الطبيعي سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، بعيدًا عن أوهام العودة للخلافة، وطموحاتها الاستعمارية.

ودعا وزير الخارجية المصري الأسبق، أنقرة، إلى الاهتمام بشؤونها الداخلية، والتخلي عن أوهام “تركيا الكبرى”، مؤكدًا أن: “عملية التمدد الوهمي التي يعيشها إردوغان تجعله ضعيف منزوع المصداقية”.

تطور الخطاب السياسي لإجراءات أكثر وضوحًا..

فيما قال الخبير الاستراتيجي اللبناني، والعميد المتقاعد “ريشار داغر”؛ إن الموقف التركي قد يكون ناتجًا عن حاجة نظام “إردوغان” إلى منفذ يخرجه من الأزمات التي يتخبط فيها على الصعيد الأوروبي وفي ليبيا وشرق المتوسط.

مضيفًا أنه: “ربما وجد إردوغان أيضًا أنه بحاجة ماسة لإعادة فتح قنوات التواصل والحوار مع مصر بوصفها في الأساس قوة عربية كبرى مؤثرة ولاعب إقليمي بارز بالمنطقة”.

وأوضح: “لا نستطيع القول ما إذا كانت محاولات تركيا جدية لفتح صفحة جديدة مع مصر تحت ضغط الظروف الطارئة التي تتعرض لها، أم أنها مناورة وقتية وظرفية، ويبقي هذا خاضعًا للتطورات التي ستحدث في الزمن القادم بين الدولتين”.

وفي تشخيصه لأسباب العداء التركي للقاهرة، قال: “عندما نحاول فهم تطور مسار العلاقات بين دولتين ينبغي التمييز بين الموقف الاستراتيجي لهذه الدولة، وبين الموقف التكتيكي الآني، وهو ما ينطبق اليوم على التصريحات الصادرة عن القيادات التركية حيال مصر”.

وبحسب “داغر”؛ فإن الموقف العام الرئيس الذي طبع كل المواقف التركية، منذ 7 سنوات، هو الطعن فيما ترتبط على ثورة 30 يونيو/حزيران بمصر، وهو ما تعتبره القاهرة خطًا أحمر وتدخلاً سافرًا من أنقرة في شؤونها الداخلية.

وبجانب ما سبق؛ هناك نقطتي خلاف أساسيتين بين القاهرة وأنقرة، أولهما مسألة ترسيم الحدود البحرية والنفط والغاز في المتوسط، والصراع فى ليبيا الذي تقف الدولتان فيه كل على طرفي خلاف.

إلا أن النقطة المحورية وفقًا للظروف الحالية؛ فإنها تتمثل في إقتناع “إردوغان” فعلاً بأن تمسكه بورقة “الإخوان” والمجاهرة بها باتت تشكل عبئًا عليه؛ لذلك بدأ يعتمد سياسة براغماتية حيال كل الوضع الذي يتخبط في المنطقة، موضحًا أن: “المطلوب من أنقرة أن تطور خطابها السياسي لإجراءات أكثر وضوحًا بالنسبة للحكومة المصرية”.

ولا تزال العلاقات (المصرية-التركية)، وتحديدًا الدبلوماسية، مقطوعة منذ طرد القاهرة لسفير أنقرة بها، قبل نحو 7 سنوات.

القاهرة حائط الصد ضد أطماع “إردوغان”..

يذكرأن القاهرة شكلت، خلال الفترة الماضية، حائط صد قوي ضد أطماع “إردوغان” في ليبيا أو شرق المتوسط، برسمها خطوطًا حمراء، أو بتشكيلها “مثلث رعب”، (مصري-يوناني-قبرصي)، لمواجهة “بلطجة” الرئيس التركي في شرق المتوسط.

ففي حزيران/يونيو الماضي، رسمت مصر خطوطًا حمراء عند “سرت” و”الجفرة”، في ليبيا، لمنع الأطماع التركية من إلتهام الدولة الجارة، والواقعة في شمال إفريقيا.

حينها، قال الرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”، أثناء تفقده وحدات الجيش المصري في المنطقة العسكرية الغربية: “إننا نقف اليوم أمام مرحلة فارقة، تتأسس على حدودنا تهديدات مباشرة تتطلب منا التكاتف والتعاون، ليس في ما بيننا، إنما مع أشقائنا من الشعب الليبي والدول الصديقة لحماية والدفاع عن بلدينا ومقدرات شعوبنا من العدوان الذي تشنه الميليشيات المسلحة الإرهابية والمرتزقة بدعم كامل من قوى خارجية”.

وفي 27 آب/أغسطس الماضي، صدّق “البرلمان اليوناني”، على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع مصر، وسط استفزازات تركية متواصلة بشأن أنشطة غير مشروعة شرق البحر المتوسط.

وأكد الخبراء على أن ترسيم مصر واليونان للحدود البحرية سيقف سدًا أمام أحلام نظام الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، التوسعية في المنطقة، وقطع الطريق أمام أمدادات المرتزقة بالسلاح والمقاتلين.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب