خاص : كتبت – نشوى الحفني :
حققت الحكومة الإسرائيلية الجديدة انتصارًا ملموسًا إذ نجحت، أمس الجمعة؛ في تمرير ميزانية الدولة لعام 2022 عبر “الكنيست”، حيث أقرّ “الكنيست” الإسرائيلي في ختام سلسلة عمليات تصويت ماراثونية، ميزانية العام 2022، وهو ما يُعتبر إنجازًا كبيرًا للحكومة برئاسة، “نفتالي بينيت”، وضمان لاستقرار بعد ثلاث سنوات من أزمة سياسية غير مسبوقة في تاريخ “إسرائيل”.
وكان النوّاب بدأوا مساء الأربعاء الماضي؛ سلسلة عمليات تصويت على ميزانية 2021، التي أقرّوها في النهاية صباح الخميس، لتنطلق بعد ذلك سلسلة عمليات تصويت مماثلة، لكن هذه المرّة على ميزانية 2022؛ التي أقرّت الجمعة.
وكتب “بينيت” في تغريدة على (تويتر)؛ معلقًا على ذلك: “بعد سنوات من الفوضى، شكّلنا حكومة وهزمنا (المتحوّرة) دلتا، والآن ونحمد لله لدينا ميزانية لإسرائيل”. وأضاف: “الليلة أعدنا إسرائيل إلى المسار الصحيح. أخيرًا هناك ميزانية”.
أكبر أذمة سياسية تمر بها إسرائيل..
ومنذ كانون أول/ديسمبر 2018؛ وحزيران/يونيو الماضي 2020؛ غرقت “إسرائيل” في أزمة سياسية غير مسبوقة أدّت إلى تنظيم أربع انتخابات؛ بعدما فشل النواب في الاتفاق على ميزانية.
لكنّ الأزمة السياسية انتهت، في حزيران/يونيو؛ عندما تولّى السلطة تحالف حكومي هجين، (يمين ووسط ويسار وعرب)، شكّله “نفتالي بينيت”، ووزير الخارجية، “يائير لابيد”، ونجح بإقصاء “بنيامين نتانياهو”، الذي شغل منصب رئيس الوزراء لأطول فترة في تاريخ “إسرائيل”.
أول اختبار حقيقي للتحالف الحكومي..
وشكّل التصويت على ميزانية 2021؛ وقيمتها: 609 مليارات شيكل، (أكثر من 167 مليار يورو)، أول اختبار حقيقي للتحالف الحكومي الجديد. أما ميزانية العام المقبل؛ فبلغت قيمتها: 573 مليار شيكل، (أكثر من 157 مليار يورو).
وقرّرت الحكومة الجديدة تقديم ميزانيتي: 2021 و2022 في وقت واحد، علمًا بأنّ إقرار الميزانية الأولى كان يجب أن يتم في موعد أقصاه: 14 تشرين ثان/نوفمبر.
إنقاذ من انتخابات جديدة..
ولو لم يُقرّ النواب ميزانية 2021؛ بحلول الموعد المحدد، لكان تم حل البرلمان ودُعي الناخبون إلى انتخابات جديدة.
لكن في النهاية، نجح الائتلاف الحاكم في إقرار الموازنتين. وبذلك أصبح لدى “إسرائيل”، للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات؛ ميزانية في إنجاز أبعد عنها شبح انتخابات مبكرة جديدة.
ويُشكل التصويت على الميزانية أول اختبار حقيقي لتحالف “بينيت”، ومدته أربع سنوات؛ ويؤدي إلى استقراره حتى الفترة التي من المقرر أن تنتقل فيها رئاسة الوزراء من “بينيت” إلى وزير الخارجية الوسطي، “يائير لابيد”، في عام 2023.
وقال الخبراء إن التلميحات إلى أن الحكومة قد تسقط قبل أن يتولى “لابيد” السلطة؛ بموجب اتفاق تقاسم السلطة، يمكن أن تجعلها غير مستقرة بالنسبة للجناح اليساري للائتلاف.
واعتبر “لابيد”، مهندس الائتلاف الحكومي أن نجاح التصويت النهائي هو استقرار: “لائتلاف التغيير”.
كما أكد وزير المالية، “أفيغدور ليبرمان”؛ أن: “الميزانية ستجلب حالة من الاستقرار”.
ترحيب القائمة العربية..
ورحب رئيس القائمة العربية الموحدة، “منصور عباس”، بمصادقة “الكنيست” على مشروع ميزانية الدولة، وقال في تغريدة له على (تويتر)، إن إقرار الموازنة العامة يحمل بشرى وأمل بالنسبة لمواطني الدولة.
وأضاف أن هذه أول مرة يلعب فيه حزب عربي دورًا مركزيًا في تمرير الميزانية وتشكيل الحكومة، وفقًا لهيئة البث الإسرائيلي.
وتابع: “هذه خطوة هامة في سبيل الإندماج السياسي وممارسة حق الشراكة المدنية وتحمل المسؤولية الجماعية من أجل جميع المواطنين عربًا ويهودًا”.
وتعهد النائب “عباس”؛ بأن تواصل “القائمة العربية الموحدة” دفع عملية تحاور متسامحة ومسؤولة تُشكل جسرًا بين جميع مواطني الدولة.
حكومة الخداع مررت ميزانية تمس الفقراء..
مقابل ذلك؛ وفي صفوف المعارضة؛ قال النائب الليكودي، “شلومو قرعي”؛ إن: “حكومة الخداع تمكنت من تمرير ميزانية تمس بالطبقات الضعيفة في المجتمع الإسرائيلي؛ وضد الديانة اليهودية والطابع اليهودي للدولة”.
فيما قال رئيس حزب (شاس)، “أريه درعي”؛ إن: “هذه الميزانية تمس مساسًا قاسيًا بالمسنين والضعفاء وسكان المناطق الريفية”.
خطوة مهمة تُزيل الإجحاف على المجتمع العربي..
وفي تعليقه؛ اعتبر “محمد حسن كنعان”، رئيس (الحزب القومي العربي)، وعضو “الكنيست” الإسرائيلي السابق، إقرار الميزانية العامة لـ”إسرائيل”، لعام 2021 – 2022، وشمول القرار ميزانية للمجتمع العربي في الداخل الفلسطيني؛ بما يوازي: 30 مليار شيكل، (9.62 مليار دولار)، في خطة خماسية، أمر مهم جدًا وسيكون له تأثير كبير على المجتمع العربي إذا تم تطبيق قرار الحكومة والبرلمان.
موضحًا أن هذه الأموال من المقرر استخدامها في المجتمعات العربية من أجل معالجة قضايا ميزانيات السلطات المحلية العربية، وقضية التربية والتعليم، والبنية التحتية، ومحاربة العنف والجريمة، وقضايا أخرى تخص المجتمع العربي بالداخل الفلسطيني.
ويرى “كنعان” أن إقرار الميزانية بهذا الشكل، خطوة أولى على الطريق الصحيح، وعلى طريق إزالة الإجحاف اللاحق بمجتمعنا العربي؛ من حيث توفير الميزانيات، ويعود الأمر في أن الحكومة تعتمد على: 04 نواب عرب من “القائمة الموحدة”، ولولا تصويتهم لما تم إقرار الميزانية.
وأكد أن الامتحان الأساس اليوم هو تنفيذ وعود الحكومة وقرارات “الكنيست”، التي تم إقرارها تجاه المجتمع العربي، والتي على أساسها تم تشكيل الائتلاف الحكومي، وكذلك صرف هذه الميزانيات كما مخطط لها، مضيفًا: “نرى النور في نهاية النفق، لكن علينا انتظار التنفيذ”.
وأوضح أن من بين الأمور المطلوبة أيضًا، الاعتراف بالقرى العربية غير المعترف بها من قبل “إسرائيل”، والتي يعيش فيها آلاف السكان، من قبل قيام “إسرائيل”، لا سيما في منطقة “النقب” (جنوب).
خطوات عملية مطلوبة..
بدوره؛ قال الدكتور “أيمن الرقب”، أستاذ العلوم السياسية والقيادي في حركة (فتح)، إن بعد ثلاث سنوات لـ”إسرائيل” بدون موازنة؛ ومن خلال جلسات امتدت لأكثر من 30 ساعة على مدار 03 أيام، أنهى “الكنيست”، فجر اليوم، اعتماد الموازنة لعامي: 2021 و2022، وتعتبر الموازنة الأضخم في تاريخها، حيث اقتربت إلى: 200 مليار دولار سنويًا.
لافتًا إلى أنه رغم أن الائتلاف الإسرائيلي الحالي يحمل كل التناقضات داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث يضم اليمين والوسط واليسار والعرب، إلا أنه أقر الموازنة في ذلك بأغلبية: 59 عضوًا؛ مقابل: 56 عضوًا، حيث أنعقد “الكنيست” بكامل نوابه، حيث كانت المعارضة تأمل بإفشال تمرير الموازنة، والذي يعني الذهاب لانتخابات جديدة.
وأضاف: “حاول وزير مالية إسرائيل إرضاء كل أعضاء الائتلاف في إعداد الموازنة؛ وأعطى كل طرف ما يُريد لضمان تمرير الموازنة، لذلك رأينا موازنة عام 2021؛ أكبر من موازنة 2022، ولأول مرة يتم اعتماد مبالغ اُعتبرت ضخمة لدعم الوسط العربي وركزت على ملفات التعليم والإسكان والصحة والأمن داخل الوسط العربي؛ ونتمنى أن يتحول ذلك إلى خطوات عملية خاصة أن الواقع العربي يُعاني من ارتفاع الجريمة والديون على إدارات البلديات داخل المدن الفلسطينية”.
دعم للاستيطان وجيش إسرائيل..
وأكد أن رئيس القائمة العربية المشتركة، “أيمن عودة”، (6 مقاعد بالكنيست/خارج الائتلاف الحاكم)، هاجم رئيس القائمة العربية الموحدة، “منصور عباس”، واعتبر أن تصويته للموازنة هو دعم للاستيطان لشمول الموازنة دعم الاستيطان وجيش “إسرائيل” وأجهزته الأمنية؛ بمبالغ ضخمة، إلا أن “عباس” يرى أنه حقق مبتغاه من خلال الحصول على ما يُريد من الموازنة، وبالتالي ننتظر التنفيذ على الأرض.
ويرى “الرقب” أنه بالفعل تم اعتماد بنود صرف الموازنة، ولكن آليات اعتماد وجوه الصرف ستعتمد على وزير كل وزارة؛ وقد نرى المبالغ التي تم رصدها للوسط العربي تذهب لأوجه صرف غير مفيدة له، لذلك سننتظر ونحكم وإذا كانت النتائج إيجابية ستكون دعمًا لحضور “منصور عباس” في الوسط العربي والعكس.
يُضعف سيطرة “نتانياهو” على حزب “الليكود”..
من جهته؛ قال المحلل السياسي في الجامعة العبرية، “يوناتان فريمان”؛ لوكالة (فرانس برس)، إن: “إقرار الميزانية سيُضعف سيطرة، نتانياهو، على حزب الليكود”.
ورأى أن رئيس الوزراء السابق المخضرم؛ سيواجه على الأرجح دعوات متزايدة إلى توضيح خططه لمستقبله السياسي. وقال إن: “الضغط على، نتانياهو، سيزداد ليوضح ما ينوي فعله”، بعد فشله في منع تمرير الميزانية.
وتُلمح وسائل الإعلام إلى خلفاء محتملين لرئاسة حزبه، لكنه يبقى رغم كل شيء، في الطليعة متقدمًا بفارق كبير على هؤلاء، حسب استطلاعات الرأي الأخيرة.
وتسببت الخلافات حول الميزانية في إنهيار آخر ائتلاف بقيادة “نتانياهو”؛ ورئيس الوزراء بالتناوب، “بيني غانتس”.
واتهم “غانتس”، “نتانياهو”؛ بعرقلة إقرار الميزانية عمدًا، في كانون أول/ديسمبر الماضي، لفرض انتخابات كان رئيس الوزراء يأمل أن تؤمن له ولحلفائه اليمينيين أغلبية مطلقة.
وفشل “نتانياهو” في تشكيل ائتلاف حكومي، في آذار/مارس، للمرة الرابعة، خلال عامين، ما مهد الطريق أمام “بينيت” و”لابيد” لتشكيل ائتلاف.
خطط الحكومة الإسرائيلية..
واعتمدت الحكومة الإسرائيلية خططًا لإنفاق مليارات الدولارات على تحسين أوضاع الأقلية العربية في الداخل.
وتتضمن الخطط الحكومية الإسرائيلية الجديدة؛ إنفاق أكثر من: 09 مليارات دولار على تحسين أوضاع التوظيف وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى خدمات الرعاية الصحية لعرب “إسرائيل”، علاوة على ضخ استثمارات في قطاعي التكنولوجية الفائقة والإسكان، والإنفاق على تحديث شبكات البُنى التحتية المتهالكة في المناطق التي يقيم فيها عرب الداخل.
ومن المقرر تخصيص الموازنات الجديدة لدعم قطاعات الإسكان والتعليم، والتوظيف على مدار السنوات الخمسة المقبلة.
كما اتخذت الحكومة قرارًا بتخصيص حوالي مليار دولار لصالح خطة إنفاق تستهدف التصدي لارتفاع معدل الجريمة في المناطق العربية الإسرائيلية.
وبحسب آخر إحصاء رسمي، يصل عدد العرب الفلسطينيين داخل “إسرائيل”؛ إلى نحو: 1.9 مليون مواطن عربي، يُشكلون ما نسبته: 21% من إجمالي عدد السكان، البالغ: 09 ملايين و327 ألف نسمة.