خاص : كتبت – نشوى الحفني :
مازال الانسداد السياسي سيد الموقف في “العراق”، حيت تُعلن مبادرة تلو الأخرى، حتى وصل عدد المبادرات الآن إلى 10 مبادرات، فيطرح النواب المستقلون في “العراق”، يوم السبت، مبادرة جديدة بهدف “حلحلة” ذلك الانسداد.
وقال عضو “مجلس النواب” العراقي، النائب المستقل “سجاد سالم”، أن: “النواب المستقلين سيعلنون اليوم مبادرتهم، التي تتعلق بحلحلة الانسداد السياسي الموجود في البلاد”، مبينًا أن: “المبادرة ستطرح من قبل غالبية النواب في البرلمان العراقي”.
وأوضح “سالم” أن: “المبادرة موجهة إلى الكتل السياسية، ونأمل أن تجد استجابة من باقي الأطراف السياسية، ومن ثم سيكون لكل حادث حديث”.
يُشار إلى أن الدائرة الإعلامية لـ”مجلس النواب” العراقي، أعلنت تأجيل جلسة البرلمان المقررة يوم السبت، بناءً على طلب بعض الكتل النيابية.
وذكرت الدائرة الإعلامية في بيان صادر عنها؛ أنه: “بناءً على طلب بعض الكتل النيابية وللمزيد من المشاورات لإنضاج قانون الدعم الطاريء للأمن الغذائي والتنمية وللحاجة إلى مزيد من الوقت تقرر تأجيل جلسة يوم السبت”.
ويُعاني “العراق” من انسداد سياسي اعقب انتخابات تشرين أول/أكتوبر 2021 المبكرة، فما تزال البلاد دون حكومة وإقرار موازنة لتسيير أمورها وإدارة دفتها.
وكان الثُلث المُعطل في “مجلس النواب”؛ (الإطار التنسيقي، الاتحاد الوطني الكُردستاني، وبعض المستقلين)، قد حال دون انتخاب رئيس للجمهورية.
مهلة 15 يوم للمستقلين..
وعقب مهلة زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، لـ (الإطار التنسيقي) بتشكيل الحكومة، والتي لم ينجح فيها الأخير، دعا “الصدر” جميع النواب المستقلين للإلتحاق بالكتلة الأكبر لتشكيل حكومة مستقلة خلال: 15 يومًا.
ونفى (الإطار التنسيقي) الأنباء التي أشيعت بشأن ذهاب جزء منه لـ (التحالف الثلاثي) من أجل تشكيل الحكومة المقبلة.
وأصدر (الإطار التنسيقي) توضيحًا؛ يوم الخميس الماضي، أكد فيه: “أن الخبر الذي تناقلته بعض مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية عن ذهاب جزء من (الإطار التنسيقي) مع (التحالف الثلاثي) لتشكيل الحكومة، عارٍ عن الصحة”، معتبرًا نشر هذا الخبر: “يهدف لتضليل الرأي العام والتأثير على جمهور الإطار وعلى وحدته وتماسكه”.
10 مبادرات في 05 أشهر..
التقارير المختصة، تُشير إلى أن عدد المحاولات التي جرت لحل ما يوصف: بـ”الانسداد السياسي”؛ بلغت 10 مبادرات في ظرف 05 أشهر فقط، بدأت في كانون ثان/يناير وصولًا إلى آيار/مايو 2022.
وإنطلقت أولى تلك المبادرات؛ في كانون ثان/يناير، من قبل رئيس الحزب (الديمقراطي الكُردستاني)؛ “مسعود بارزاني”، لحل الخلافات والانقسامات السياسية، حيث زار حينها؛ “نيجيرفان بارزاني”؛ (رئيس إقليم كُردستان)، و”محمد الحلبوسي”؛ (رئيس البرلمان)، زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، في “النجف”، للتشاور حول كيفية مواصلة العملية السياسية، لكن تلك المبادرة لم تُسفر عن شيء.
كما أطلق كلٌ من رئيس الحكومة الأسبق؛ “إياد علاوي”، ورئيس الوزراء السابق؛ “عادل عبدالمهدي”، ورئيس تيار (الحكمة)؛ “عمّار الحكيم”، مبادرات منفصلة، حيث طرحوا رؤيتهم بشأن الأزمة السياسية، لكنها لم تلقَ قبول الأطراف العراقية.
بالإضافة إلى ثلاث مبادرات أطلقها زعيم (التيار الصدري)؛ “مقتدى الصدر”، في ظروف مختلفة، وكانت جميعًا تنصب نحو تشكيل حكومة أغلبية وطنية، إلا تلك الأخيرة، التي أطلقها مطلع الشهر الجاري، التي نصت على منح النواب المستقلين (40 نائبًا)، الضوء الأخضر لتشكيل الحكومة.
وعلى الجهة المقابلة؛ أطلق (الإطار التنسيقي)، مبادرتين، خلال الأشهر الماضية، بهدف حل الأزمة، وطرح شروطه، لكنها لم تتمكن من حل الأزمة، فيما أطلق تحالف (من أجل الشعب) مبادرة هي الأخرى، لم تحدث شيئًا.
وتحالف (من أجل الشعب)؛ هو أكبر تحالف نيابي مستقل، ويتكون من 18 نائبًا عن حركتي (امتداد) و(الجيل الجديد)، ويتمسك بهدم جدار المحاصصة الذي بدأت تفتته: “مخرجات ثورة تشرين”.
سبب الأزمة..
وتتلخص أزمة “العراق” السياسية، برغبة تحالف (إنقاذ الوطن)، المتشكل من: (مقتدى الصدر، محمد الحلبوسي، مسعود بارزاني)، بتأليف حكومة أغلبية وطنية، لا تُشارك فيها القوى الأخرى، بهدف إيجاد معارضة لتقويم الأداء الحكومي، وهو ما ترفضه قوى “الإطار” التي تسعى للمشاركة في تلك الوزارة، إذ اندلعت تلك الأزمة منذ الانتخابات النيابية التي أجريت في تشرين أول/أكتوبر الماضي، وما زالت لغاية الآن.
انعكاس سلبي على حياة المواطنين..
تعليقًا على ذلك؛ يرى المحلل السياسي؛ “عماد محمد”، أن: “الانغلاق السياسي بدأ ينعكس سلبًا على حياة المواطنين، ويوحي بذهاب البلاد إلى المجهول، في ظل تعدد المبادرات السياسية، وتنوع الأطراف التي تُطلقها، لكنها لم تفضِ إلى شيء ملموس، وهو ما يُعزز الحاجة إلى تقديم تنازلات من أحد الأطراف، للمضي في تشكيل الحكومة”، مشيرًا إلى أن: “مشروع حكومة الأغلبية الوطنية، هو الأفضل لإدارة البلاد خلال المرحلة الراهنة”.
مضيفًا أن: “المناورات السياسية الجارية لا بد أن تُفضي إلى أحد الحلول، سواءً بالمضي في مشروع حكومة الأغلبية، أو حتى ذهاب (التيار الصدري) إلى المعارضة النيابية”.
تغيير النظام الرئاسي..
فيما يرى الباحث السياسي؛ “نبيل جبار العلي”، إنه: “من المستبعد جدًا أن يتلاءم النظام الرئاسي مع الواقع العراقي الحالي، بمعنى آخر استحالة أن تتوافق القوى السياسية لإقامة نظام رئاسي في العراق لأسباب تتعلق بالمخاوف من عودة الدكتاتورية، أو المخاوف المرتبطة بتهميش جماعات عرقية أو إثنية من لعب أدوار رئيسة في السلطة وإقصاء الآخرين، أو أن تستثمر من قبل الأقليات الاجتماعية وتهيمن على السلطات، وقد يكون (فيتو) الرفض من المكون السياسي الشيعي بالدرجة الأساس”.
أما النظام شبه الرئاسي، بحسب “العلي”: “فعلى الرغم من وجود بعض المطالبات في تغيير نظام الحكم في العراق إلى نظام شبه رئاسي، ينتخب فيه رئيس الحكومة بالانتخاب المباشر، وينتخب البرلمان العراقي ليكون جهازًا تشريعيًا رقابيًا، الغاية منه ضمان سلاسة تشكيل الحكومات، بعيدًا عن الصفقات والمساومات، إلا أن هذا النظام من المحتمل أن يُسهم في إقصاء الأقليات الاجتماعية لصالح الأغلبية الاجتماعية الأكبر، أي هيمنه الشيعة على السلطة التنفيذية بحكم تمثيلهم الأغلبية، فمن البديهي أن تواجه الدعوات الراغبة بتغيير النظام لنظام آخر شبه رئاسي، هو الرفض من قبل المكونات السياسية السُنية والكُردية”.
وأردف أن: “الحل أو النظام الأمثل قد يكمن أولاً في التوسع في تنفيذ الفيدراليات واللامركزيات، وقد يكون من غير المهم أن يبقى النظام بشكله البرلماني الحالي أو تحوله إلى نماذج حكم أخرى كالرئاسي أو شبه الرئاسي، أو أن تعود الدولة إلى عصر الملكية بنظام برلماني يشرع ويشكل الحكومة، مع ضمان الفصل بين السلطات، وضمان الحريات، وحماية الدستور”.
تجريم الأحزاب السياسية المتبنية لشعارات طائفية..
من جهته؛ يكشف الباحث السياسي؛ “صالح لفته”، بأنه: “لا توجد مشكلات كبيرة في القوانين العراقية، وليست هناك حاجة للبحث عن بدائل لو تم الإلتزام الفعلي بالدستور العراقي وعدم هتك الدستور لأي سبب والسكوت عمن يخرقه”.
موضحًا أن: “الانسداد السياسي في العراق كان بالإمكان تجاوزه ولم نصل إليه إذا تم الإلتزام بالكتلة الأكبر وتكليف مرشحها”.
ويرى “صالح” بأن: “المحاصصة من السهولة القضاء عليها لو تم تجريم الأحزاب التي تتبنى شعارات طائفية ومحاسبة الشخصيات التي تتحدث بشعارات طائفية ومناطقية، في بعض الأحيان يُحاول الناس الهروب من مشكلاتهم لمشكلات أكبر ظنًا منهم أن الحل في ما يروج له، وإلا ماذا جنى العراقيون من النظام الرئاسي غير الحروب والدمار والمقابر الجماعية والذكريات السوداء التي لا يمكن نسيانها، ولا توجد ضمانات لعدم تكرار تلك المآسي بعد أن تتركز صلاحيات كبيرة في يد الرئيس مع أموال هائلة وجيش قوي ودولة كبيرة”.
الإلتزام بالدستور وجعله الفيصل في الحل..
وعبر “لفتة” عن إعتقاده بأن: “النظام شبه الرئاسي أسوأ من النظامين البرلماني والرئاسي، من يُريد لهذا العراق الخير من مواطنين وسياسيين عليه أن يُطالب بالإلتزام بالدستور وجعله الفيصل في حل المشكلات، وعدم تركه في يد السياسيين يجيرونه لمصالحهم ومتى ما تقاطع معها طالبوا بتعديله”.
وأكد: “السياسيون هم سبب الانسداد السياسي بسبب المصالح الشخصية وصراعات الزعامة، وهم سبب كل أزمة، ومتى ما حصل الجميع على ما يريدون سترى أنهم تركوا الخلافات وراء ظهورهم وانبثق الحل بسرعه”.