وكالات – كتابات :
التقى رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، مع قائد (فيلق القدس) الإيراني، “إسماعيل قاآني”، في العاصمة العراقية، “بغداد”.
ووفقًا لوكالة (مهر) الإيرانية؛ فإن زيارة “قاآني” المفاجئة جاءت عقب يوم واحد فقط من محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها رئيس الوزراء العراقي في مقر إقامته بـ”المنطقة الخضراء”.
كما التقى الجنرال الإيراني بمسؤولين عراقيين آخرين؛ منهم رئيس الجمهورية، “برهم صالح”.
وأكد قائد (فيلق القدس) الإيراني على: “ضرورة تجنيب العراق كل ما يُهدد أمنه”، مطالبًا السلطات العراقية بتلبية: “مطالب الشعب والمعترضين بشكل قانوني”.
اتهامات توجه إلى “عصائب أهل الحق”..
وكانت اتهامات عديدة قد تم توجيهها إلى منظمات محسوبة على النظام الإيراني؛ بالوقوف خلف محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها “الكاظمي”.
وعلى وجه التحديد، تحدث كثيرون عن ضلوع تنظيم (عصائب أهل الحق)، التابع لـ (الحشد الشعبي)، المحسوب على “إيران”، في محاولة الاغتيال، مستندين إلى تهديدات أطلقها الأمين العام له، “قيس الخزعلي”.
غير أن تصريحات نُقلت عن “الخزعلي”؛ اعتبر خلالها أن هذا الهجوم هو محاولة: لـ”خلط الأوراق”؛ عقب ما تشهده البلاد من اعتراضات على نتائج الانتخابات.
وكان “الكاظمي”؛ قد تعرض لمحاولة اغتيال بثلاث طائرات مُسيرة تم تفخيخها، حسب بيان أصدرته “وزارة الداخلية” العراقية.
وأوضحت الوزارة، في بيانها؛ أن القوات العراقية استطاعت إسقاط طائرتين من الثلاث، في حين أكدت وقوع إصابات في صفوف قوات الحماية الخاصة برئيس الوزراء العراقي، لكنها قالت إنه لم يصب بأذى.
هل جاء “قاآني” إلى بغداد لإبعاد التهمة عن إيران ؟
وقد حضر قائد (فيلق القدس)، في “الحرس الثوري” الإيراني، الجنرال “إسماعيل قاآني”، أمس، إلى “بغداد”، لزيارة رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، وتهنئته بالسلامة بعد عملية الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها، أو الرسالة الملغومة، التي تلقاها من خلال الهجوم بثلاث طائرات مُسيرة انتحارية ضد منزله في “المنطقة الخضراء”، ليل السبت/الأحد.
وجاءت زيارة “قاآني” وسط اتهامات من أطراف عدة بأن تنظيمات موالية لـ”إيران” مسؤولة عن الهجوم.
وقد زار أيضًا، الرئيس “برهم صالح”؛ ومسؤولين سياسيين، للوقوف على ملابسات محاولة الاغتيال وتأكيد موقف “طهران” المُدين لها، كما قالت مصادر قيادية عراقية؛ لصحيفة (الراي).
وقال “الكاظمي” – بحسب المصادر – إنه: “يعلم جيدًا من قام بالهجوم ومن يقف خلف الرسالة الملغومة له”.
فرد ضيفه الإيراني بأنه: “يرغب بمعرفة من وراء الهجوم؛ وأن إيران تُدين بشدة هذه المحاولة، وهي تقف مع رئاسة الوزراء والسيد الكاظمي بقوة، وإنها على مسافة واحدة من الجميع وهي لا تتدخل ولا تضع فيتو على أحد”.
لكن رئيس الوزراء رفض، وباحترام كبير لضيفه، إطلاعه على مجرى التحقيق؛ و”وعد بإظهار التفاصيل في وقتها ومع كامل الأدلة”.
مدى تماسك رواية “المسرحية المفبركة”..
وخرج أنصار بعض الفصائل العراقية الموالية لـ”إيران”، برواية توحي بأن: “الهجوم مجرد مسرحية، ولم يحصل شيء من أي طرف ولعبة المُسيرات سيناريو اخترعه الكاظمي، خصوصًا أن منزله يقع في بقعة أمنية مشددة وقريب من السفارة الأميركية؛ التي تملك إمكانات عسكرية تمنع الهجوم”.
وبدت الرواية عن “المسرحية” تفتقر إلى الصدقية، لأن القوات الأميركية لم تستطع منع هجوم: (الدرونز) على مواقع في “مطار أربيل” وقاعدة (حرير)، في “كُردستان”، وكذلك الهجوم من هذه الطائرات لضرب قاعدة (عين الأسد)، في “الأنبار”.
وكانت “أميركا” أعربت، سابقًا؛ عن قلقها من استخدام الطائرات المُسيرة وطلبت من، “الكاظمي”، العمل مع من يستطيع التواصل معه، (إيران)، لإيقاف هذه الهجمات الانتحارية، لأن رد الفعل يمكن أن يكون قويًا ومدمرًا.
والواضح أن “إيران” تجد نفسها في موقف حرج جدًا لأنها وضعت إمكاناتها العسكرية بيد حلفائها في “العراق”؛ لمقاومة: “الاحتلال الأميركي”، وليس للاستخدام ضد بعضهم البعض.
ولذلك، فإن استخدام المُسيرات الانتحارية وقعت مسؤوليته على “طهران”؛ من عدد لا يستهان به من العراقيين؛ لأن هكذا هجوم ما كان ليحصل لولا تلك الإمكانات العسكرية التي استخدمت ضد “الكاظمي”. بحسب تقرير نشرته صحيفة (الراي).
وفي رأي دوائر معنية، ان هذا التصرف، إذا ما صدر عن فصائل تعتبر نفسها قريبة من “إيران”، هو عمل فردي لم يُصدر بقرار من القيادة الإيرانية؛ التي تعتبر “الكاظمي”: “صديقًا وليس عدوًا؛ ولا حتى خصمًا سياسيًا”.
“الصدر” هو مقصد الرسالة وليس “الكاظمي”..
وثمة من يعتقد أن الرسالة التي تلقاها المسؤولون في “العراق” تنطوي على ما هو أخطر بكثير من محاولة اغتيال “الكاظمي”. لأنه، وبحسب ما فُهم من الرسالة، أنها موجهة للسيد “مقتدى الصدر”، ومفادها بأن أي رئيس للوزراء سيعينه، (إذا حصل على أكثر من: 165 مقعدًا برلمانيًا على نحو يخوله اختيار الوزراء)، سيواجه عملية اغتيال أو قتل إذا لم يتفق مع السياسيين الآخرين.
وتقول الرسالة المتفجرة التي أصابت “الكاظمي” – بنظر عدد من السياسيين – إن الجميع أصبح تحت دائرة الاغتيالات؛ وإن أحدًا لا يستطيع أن ينجو من هذه المحاولات مستقبلاً.
أما (التيار الصدري)، فقد تصرف مسؤولوه بعقلانية ولم تُصدر عنهم أي تصريحات سوى انتظار معرفة نتائج التحقيقات.
ويعتبر التيار أن “إيران” هي المسؤولة الأولى عن حلفائها رغم الرسائل الداعمة التي أوصلتها مباشرة إلى “الصدر” وعبر موفديه.
وتعود أزمة الثقة التي تنتاب (التيار الصدري)، حيال “إيران”؛ إلى إقفال “الجمهورية الإسلامية” مكتب السيد “محمد صادق الصدر”، (والد مقتدى)، قبيل اغتياله على يد نظام “صدام حسين”.
ومن بعدها، فقد قسمت “إيران”، التيار؛ إلى شيع ونتج عن ذلك: (عصائب أهل الحق) وحركة (النجباء) و(حزب الله العراق) و(كتائب الإمام علي).
إلا أن السيد “مقتدى” أخذ موقفًا غير عدائي تجاه “طهران”؛ وبقي على مسافة منها، وهو ينتظر موقفًا علنيًا من “طهران” لتنفيس الاحتقان القوي المسيطر بين العراقيين.
والثابت أن مواقف أطراف عراقية عدة لا تتناغم مع موقف “إيران” التي تقع عليها مسؤولية منع ولجم أي فصيل يأخذ بيد المبادرة ليخرب علاقاتها مع عدد كبير من العراقيين ومع الدولة العراقية نفسها.
فهذه المرة الأولى التي يتعرض رئيس وزراء عراقي لمحاولة اغتيال؛ وهو غير معادٍ لـ”إيران”؛ التي توضع مسؤولية العملية عليها عن طريق حلفائها، وتاليًا فإن هذه الحادثة تُعد ضربة لنفوذها في “العراق”، خصوصًا أنها أظهرت الشرخ القوي بين الفصائل الشيعية وأخرجته إلى العلن وساهمت بزيادته.