بعد وصول الفساد إلى أرقام قياسية .. “الجزائر” تضع موظفيها تحت مقصلة “من أين لك هذا ؟” !

بعد وصول الفساد إلى أرقام قياسية .. “الجزائر” تضع موظفيها تحت مقصلة “من أين لك هذا ؟” !

وكالات – كتابات :

في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ “الجزائر”، سيكون موظفو الدولة تحت “مقصلة” التحقيقات الأمنية في ممتلكاتهم وأصولهم، إذا كانت تتوافق مع مستوى دخل رواتبهم أو أنها مدعومة بموارد مالية أخرى غير معروفة المصدر.

وأطلق مجلس الوزراء؛ في جلسته الأخيرة، في بداية كانون ثان/يناير الجاري، بإشراف الرئيس؛ “عبدالمجيد تبون”، هيئة تحت عنوان: “من أين لك هذا ؟”.

من أين لك هذا ؟

وشدد “تبون”؛ في هذا السياق، على ضرورة تسليط الضوء على العمل الوقائي لمحاربة الفساد، بدءًا من تحديد شروط جديدة ودقيقة للإعلان عن الصفقات والمناقصات على الصحف، واستحداث هيئة جديدة للتحري في مظاهر الثراء عند الموظفين العموميين بلا استثناء، من خلال إجراءات قانونية صارمة لمحاربة الفساد، عملاً بمبدأ: “من أين لك هذا ؟”.

وأسندت إلى هذه الهيئة الرسمية مهمة التحقيق في الثراء الفاحش لدى الموظفين العموميين والمنتخبين، انطلاقًا من أعلى مؤسسة في الدولة إلى غاية أبسط مؤسسة في البلاد.

ويُعتبر هذا القرار واحدًا من التعهدات التي أطلقها، “تبون”؛ خلال حملته الانتخابية، بهدف محاربة الفساد؛ الذي اتسعت رقعته في السنوات الأخيرة في مؤسسات الدولة، وباتت مناصب المسؤولية: “مطية” لتحقيق الثراء على حساب المصلحة العمومية.

تبديد المال العام بأرقام قياسية في موازنة 2019..

قرار الرئيس الجزائري جاء بعد أيام قليلة من صدور التقرير السنوي لـ”مجلس المحاسبة الجزائري”؛ (عبارة عن هيئة رقابية حكومية ترصد التجاوزات وقضايا الفساد).

وتضمن التقرير الذي سلّمت نسخ منه إلى الرئيس الجزائري؛ “عبدالمجيد تبون”، والبرلمان بغرفتيه، أرقامًا مهولة حول المال العام المبدد، في موازنة 2019، وبلوغ التهرب الضريبي مستويات قياسية فاقت كل توقعات الحكومة.

ورصد التقرير المرتقب عرضه على نواب البرلمان، مطلع الأسبوع المقبل، “قفزات” كبيرة في عملية تقييم تكاليف المشاريع الحكومية بنسبة لامست: 900 في المئة، حيث أنفقت الحكومة قرابة: 09 تريليونات دينار، أي ما يُعادل: 64 مليار دولار، منها: 2.6 تريليون دينار لمشاريع مسجلة، في موازنة 2019؛ التي عرضتها آخر حكومة في عهد الرئيس الجزائري السابق؛ “عبدالعزيز بوتفليقة”، برئاسة؛ “أحمد أويحي”، المسجون في قضايا الفساد.

“الجزائر” تنزف فسادّا !

وتُعاني “الجزائر” من فساد كبير اتسعت رقعته، اتساعًا ملحوظًا في العقدين الأخيرين، بحسب ما أوردته تقارير لمنظمات مختصة على غرار: (شفافية دولية)، التي وضعت “الجزائر” في خانة أكثر الدول فسادًا في العالم، وهو الأمر الذي عمّق من جراحها الاقتصادية، وتركها تنزف، ما كبّدها خسارة مقدرات مالية ضخمة لا تزال في حكم المجهول، رغم سعي السلطة الجديدة في البلاد جاهدة لاسترجاع: “الأموال المسروقة”.

ويقول المحلل السياسي؛ “مبروك كاهي”، إن الهدف من هذه الخطوة: “هو استعادة ثقة المواطنين بالسلطة، خصوصًا بعد الممارسات التي شهدها الشعب الجزائري في العقدين الماضيين، وما نتج منها من فساد والفضائح العديدة التي بلغت أروقة العدالة الجزائرية، لا سيما ما تعلق بالثراء غير المشروع”.

وحاليًا، هناك العديد من رجال المال والأعمال ووزراء ومسؤولون سابقون رهن الحبس، بسبب تورطهم في ملفات فساد وتبديد المال العام وتهم الثراء الفاحش.

ويعتقد “كاهي” أنه: “نمط بيروقراطي ستكون له نتائج عكسية ووخيمة، لأن الأهداف ستكون سياسية، كما أن آليات تحرك اللجنة وصلاحيتها غير واضحة”، ويتساءل: “من يضمن للرأي العام أنها لن تستخدم لتصفية الحسابات ؟”، وهو السيناريو نفسه الذي أطلقه، أويحيى؛ تحت مسمى حملة: (الأيادي النظيفة)؛ التي زجّت بالمئات من الكوادر الحكومية في السجون، غير أن بعضهم، حسبما تداولته تقارير محلية، كانوا ضحايا لتقارير كيدية وحتى تصفية حسابات شخصية”.

ويرى “كاهي” أن أفضل حل لمكافحة الفساد والثراء غير المشروع؛ هو استقلالية العدالة، ومنحها الصلاحيات اللازمة للتحرك ضد أي فساد.

وفي التشريعات الجزائرية نصوص تُلزم الموظفين الكبار في الدولة والمنتخبين في المجالس المحلية؛ (البلديات والولايات)، بالتصريح عن ممتلكاتهم عند الإلتحاق بالمهمة وبعد الإنتهاء منها.

ويعتقد المحامي والباحث في القانون الجزائري؛ الدكتور “عمار خبابة”، أن هذه الهيئة ستُحفز الهيئات الرقابية الأخرى، على غرار “الديوان المركزي لقمع الفساد”؛ الذي أسس عام 2006، و”الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد”، إضافة إلى “مجلس المحاسبة والمفتشية العامة المالية”، وأيضًا هناك “مجلس المحاسبة والمرصد الوطني لمحاربة الفساد”، و”هيئة الوساطة”؛ التي استحدثت منذ عامين تقريبًا، وأطلق عليها اسم: “وساطة الجمهورية”؛ لأجل رفع العراقيل البيروقراطية ومحاربة الفساد، بخاصة أمام المستثمرين وأصحاب المشاريع المعطلة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة