خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يزداد الوضع سوءً يومًا بعد يوم في “السودان”؛ وتحاول العديد من الدول التدخل للوساطة بين، الأطراف المعارضة والمجلس العسكري، للوصول لحل يرضي الأطراف جميعًا لتمر العملية السياسية بسلام للحيلولة دون وقوع حرب أهلية داخل البلاد، لهذا دخلت “أميركا” على خط الوساطات، فيقوم أكبر دبلوماسي أميركي لشؤون إفريقيا بزيارة “السودان” حاليًا للمشاركة في مسعى دولي يهدف إلى حث المجلس العسكري والمعارضة على التوصل إلى اتفاق بشأن الانتقال الديمقراطي، وذلك بعد شهرين من الإطاحة بالرئيس السابق، “عمر البشير”.
تأتي الزيارة بعدما قال مبعوث إثيوبي إن المجلس العسكري الانتقالي وتحالف جماعات الاحتجاج والمعارضة اتفقا على استئناف المحادثات، التي إنهارت بعد فض اعتصام بالقوة في الثالث من حزيران/يونيو 2019.
والقى “تيبور ناغي”، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون إفريقيا، يوم الأربعاء/ مع رئيس المجلس العسكري السوداني، “عبدالفتاح البرهان”، وتحالف المعارضة الرئيس؛ وأجرى محادثات مع وكيلة وزارة الخارجية السودانية بالإنابة، “إلهام إبراهيم”.
وقبل الاجتماعات؛ قالت “وزارة الخارجية” الأميركية إن “ناغي” سيدعو الطرفين للعمل على تهيئة الظروف لاستئناف المفاوضات. وعينت أيضًا “الولايات المتحدة”، يوم الأربعاء، الدبلوماسي المخضرم، “دونالد بوث”، مبعوثًا لـ”السودان”.
محادثات غير مباشرة وشروط جديدة..
وبعد الاجتماع مع “ناغي”، قال تحالف المعارضة الرئيس إنه سيشارك فقط في محادثات غير مباشرة ويملي شروطًا أخرى.
وقال “مدني عباس مدني”، القيادي بإعلان الحرية والتغيير: “أبلغنا رئيس الوزراء الإثيوبي رفضنا التفاوض المباشر مع المجلس العسكري”.
وتابع قائلًا: “نقطة الخلاف بيننا واضحة وشروطنا واضحة؛ نتحدث عن قضايا الانتقال للسلطة المدنية وحقوق الشهداء”.
صريحة ومباشرة دون اتفاق على نقاط رئيسة..
ووصف “ناغي”، المحادثات مع رئيس المجلس العسكري، “عبدالفتاح البرهان”، بأنها: “كانت صريحة ومباشرة قدر الإمكان … كانت تبادلًا للآراء؛ وبالطبع لم نتفق على بعض النقاط الرئيسة”.
وأضاف: “من وجهة نظرنا؛ قلنا إن الأحداث التي وقعت في الثالث من حزيران/يونيو 2019، شكلت تغيرًا 180 درجة في مسار الأحداث بعد أن تضمنت أعمال قتل واغتصاب ونهب على يد أفراد قوات الأمن”.
وتابع قائلًا إن “واشنطن” تعتقد أنه يتعين إجراء تحقيق في فض الاعتصام يتسم “بالاستقلالية والمصداقية”.
وقال: “تحدثنا مع بعض الضحايا؛ بينهم أميركي أصيب برصاصة، وتلك الروايات كانت مروعة ومقنعة جدًا”.
سيناريوهات كارثية في حال عدم الاتفاق..
وبعد جولته هذه؛ دق “تيبور ناغي”، أمس، ناقوس الخطر بسبب الوضع في “السودان”، محذرًا من سيناريوهات كارثية مشابهة لحالات عدم الاستقرار في “ليبيا” و”الصومال”، في حالة فشل الوصول إلى حكومة مدنية انتقالية.
وقالت صحيفة (ذا ناشيونال) الإماراتية الناطقة باللغة الإنكليزية، إن مساعد وزير الخارجية الأميركي إلى إفريقيا، “تيبور ناغي”، أبلغ الصحافيين في مداخلة هاتفية، بوجود أربعة سيناريوهات مختلفة أمام “السودان”، وسيكون السيناريو الإيجابي الوحيد في هذه السيناريوهات هو وجود عملية انتقالية بحلول موعد، 30 حزيران/يونيو 2019، بالتوافق مع خارطة الاتحاد الإفريقي.
وقال “تيبور”؛ الاتفاق على العملية الانتقالية سيكون إيجابيًا، ولكنه أشار، في نفس الوقت، إلى عدة نتائج سلبية أخرى إذا لم يتم التوصل إلى مرحلة انتقالية، وحذر من الفوضى قائلًا: “آخر شيء تريده إثيوبيا هو تكرار الوضع في الصومال على حدودها الغربية”، في إشارة إلى “السودان”.
وتابع “تيبور”؛ أن الحالتين السلبيتين الآخرتين ستكونان عودة نظام الرئيس المخلوع، “عمر البشير”، واستمرارية حكم المجلس العسكري الانتقالي.
وأشار “ناغي”، إلى أن “واشنطن” تسعى لإنشاء حكومة بقيادة المدنيين في “السودان”، كما أنها تدعم محاولات الوساطة بين طرفي المعارضة والمجلس العسكري السوداني، التي يقودها “الاتحاد الإفريقي” و”إثيوبيا”.
قلبت المسار الإيجابي..
ولفت “ناغي” إلى؛ أن أحداث، الثالث من حزيران/يونيو 2019، (فض اعتصام القيادة العامة بالخرطوم)، كانت حملة أمنية خلفت أكثر من 100 قتيل، وشكلت “تحولًا 180 درجة” في المسار الإيجابي الذي سلكه “السودان”، بعد الإطاحة بـ”البشير”، موضحًا أن “الولايات المتحدة” تعتقد بضرورة إجراء تحقيق مستقل وموثوق.
إحباط محاولات انقلاب..
وكان المجلس العسكري الانتقالي قد كشف عن إحباط محاولات للانقلاب على المجلس، خلال الفترة الماضية.
وأضاف الفريق، “ياسر عطا”، عضو المجلس، أن هناك مجموعتين مختلفتين من العسكريين والضباط قيد التحفظ الآن، إحداهما تتألف من خمسة أشخاص والأخرى بها أكثر من 12 شخصًا.
واتهم “عطا”، “حزب المؤتمر الوطني”، الحاكم سابقًا، بالوقوف وراء المحاولات الانقلابية.
وأعترف المجلس العسكري، لأول مرة، بأنه أصدر أوامر لقوات الأمن بفض اعتصام المحتجين، الذي قُتل فيه العشرات، قبل عشرة أيام.
وقال المتحدث باسم الجيش، “شمس الدين كباشي”، في تصريح للصحافة: “إنه يأسف لوقوع أخطاء”، وأضاف أن الجيش يجري تحقيقًا حول العملية بعد اعتقال عدد من الضباط.
وأطاح الجيش بـ”البشير” وأعتقله، بعد 16 أسبوعًا من الاحتجاجات؛ وشكل مجلسًا انتقاليًا لحكم البلاد ودخل في محادثات مع تحالف يمثل المعارضة والمحتجين، لكن تلك المحادثات وصلت إلى طريق مسدود بسبب الخلاف على من سيقود المرحلة الانتقالية التي ستستمر ثلاث سنوات.
وأثارت إراقة الدماء في “السودان” قلق قوى عالمية؛ بينها “الولايات المتحدة”، التي فرضت عقوبات على “الخرطوم”، خلال حكم “البشير”، بسبب اتهامه بدعم جماعات مسلحة في الحرب الأهلية بـ”دارفور”.
والاستقرار في البلد، الذي يقطنه 40 مليون شخص، ضروري في منطقة مضطربة تكابد الكثير في مواجهة صراعات وحركات تمرد من منطقة “القرن الإفريقي” إلى “مصر” و”ليبيا”.
ويحظى المجلس العسكري بدعم من “السعودية” و”الإمارات”؛ اللتين عرضتا معًا مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار.
لا تريد خروج الأمور عن السيطرة..
عن الوساطة الأميركية؛ يقول “د. نصير العمري”، الكاتب والمحلل السياسي من “نيويورك”، إن توقيت دخول “الولايات المتحدة” على خط الأزمة، يمكن أن نفهم منه أن “واشنطن” لا ترغب فى خروج الأمر عن السيطرة بين الجيش والمتظاهرين، وتريد أن يكون مستوى الصراع فى حدوده المعقولة، لأن “الولايات المتحدة” لا ترغب في أن يكون هناك تصعيد في هذه المنطفة الآن.
ولفت “العمري” إلى أن “الولايات المتحدة” لن تقوم بهذه الوساطة منفردة، وإنما بمشاركة حلفائها مثل؛ “السعودية” و”الإمارات”، فضلًا عن “الاتحاد الإفريقي”، ولدى “الولايات المتحدة” وسائل وآليات كثيرة لمنع التصعيد نحو حرب أهلية أو صراع عسكري.
وساطة مشكوك في نجاحها..
من ناحيته؛ قال الكاتب الصحافي السوداني، “عبدالواحد إبراهيم”، إن المبعوث الأميركي الحالي ليس جديدًا على السودانيين؛ فقد تم إيفاده من قبل أيام “أوباما” قبيل الانفصال، لذا فإن حظ مهمته من النجاح مشكوك فيه.
مضيفًا إن التدخل الأميركي غير مفيد فى الغالب نظرًا لجهل الأميركيين بطبيعة الشعب السوداني وحقيقة المشكلة، لذا توصيفهم يجيء عادة غير دقيق بدليل تجربتهم في الوساطة عند الانفصال وهو أمر يندمون عليه الآن.
وأشار “عبدالواحد”، إلى أنه على “الولايات المتحدة” أن تسترشد بمراكز بحثية متخصصة في الشأن السوداني وجغرافيته السياسية حتى تنجح هذه المهمة، مشيرًا إلى أن هذه الوساطة تتقاطع مع الوساطات الأخرى، مثل اللإثيوبية، فـ”أميركا” ليست على خلاف مع هذه الجهود الإقليمية، وعلينا نحن السودانيين أن نجعل من هذه الوساطات والتدخلات أمرًا حميدًا يصب فى مصلحتنا.