28 مارس، 2024 12:43 م
Search
Close this search box.

بعد نزع سلاح الصحوة .. تأرجح العراق بين أميركا وإيران

Facebook
Twitter
LinkedIn

قرار من سطرين فقط.. على استحياء تناقلته وسائل الإعلام العراقية في الحادي والعشرين من شباط/فبراير 2017، لمجلس الوزراء العراقي ينص على قيام دائرة نزع السلاح والميليشيات بتدقيق “تواجد عناصر “الصحوة” في المناطق المنسبين لها ونقل منسوبي الصحوات المتواجدين فعلاً إلى الاجهزة الامنية أو هيئة الحشد الشعبي بنفس تخصيصاتهم واستكمال حل الدائرة في موعد اقصاه 31 تشرين أول/أكتوبر عام 2017″.

القرار يفتح الباب للحديث عن مصير عناصر الصحوة الآن في ظل تواجد كبير لقوات الحشد الشعبي ذات الأغلبية الشيعية، وكذلك بعد دحر خطر داعش من كامل الأراضي العراقية.. فهل تقبل العشائر السنية في مناطق واسعة فعلياً أن تؤمنها قوات الحشد أم تعيد تشكيل قوات صحوة جديدة؟.. ولماذا يجري التعامل مع ملف عناصر الصحوة بتكتم وفي سرية من قبل الحكومة؟

رقابة وإخضاع
إن نزع سلاح من تبقى من عناصر الصحوة وضمهم للحشد الشعبي يهدف دون شك لوضعهم تحت الرقابة وإخضاعهم والتحكم بهم من قبل السلطات في بغداد، خوفاً من أي خروج على النص أو ربما خوف من دعمهم لتظاهرات واحتجاجات تطالب بمحاسبة الفاسدين وإجراء تغييرات حقيقية بالقوانين والدستور.

ولا يمكن إغفال قرار نزع سلاح عناصر الصحوة، وربطه بما طالبت به اللجنة الأمنية في مجلس محافظة كربلاء، في أيلول/سبتمبر 2016، بإلغاء عناصر الصحوة المتواجدين في مناطق غرب المحافظة، مرجعة ذلك إلى “عدم امتثالهم” لقيادة عمليات الفرات الاوسط.

نية مبيتة!
رئيس اللجنة “عقيل المسعودي” قال وقتها في تصريحات نسبت له، إنه بعد ما وصفها “بالخروق” التي حدثت في غرب محافظة كربلاء، من هجوم عدد من الإنتحاريين على ناحية عين التمر، تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، ورفعت هذه اللجنة توصياتها التي أكدت على أن عناصر الصحوة لا فائدة من وجودهم في مناطق غرب كربلاء، فضلاً عن انها لم تخضع لأوامر قيادة عمليات الفرات الاوسط، كما انهم لم يمتثلوا للإستجواب واخذ إفادتهم في التحقيق الذي تم تشكيله.

وبالفعل أكد محافظ كربلاء على أنه سيرفع توصيات اللجنة التي تشكلت بخصوص “الخروق التي حدثت”، إلى القائد العام للقوات المسلحة، “وسيطالب بإلغاء الصحوة”.

تخوفات قديمة
قرار نزع سلاح عناصر الصحوة وضمهم للحشد الشعبي تزامن مع قرب الإنتهاء من تطهير الأراضي العراقية وآخرها الموصل من أي تواجد للدواعش، ويؤكد على أن التخوفات القديمة التي كانت تسيطر على رئيس الوزراء السابق “نوري المالكي” من الصحوة، وشعوره الدائم بأنهم سينقلبون عليه ويشكلون جيش إنقلاب، تسبب في مطاردتهم وتفكيكهم وكيل الإتهامات لقادتهم واتخذهم في أوقات كثيرة ذريعة لتصفية الحسابات، فهل اتبع العبادي نفس الخطة؟ ولماذا لا يتخوف من أن ينقلب الحشد الشعبي عليه وقد أصبح بمعاونة إيران قوى لا يستهان بها قادرة على تنفيذ أي خطوة حتى الإطاحة به.

تقول دراسة لـ”مركز كارنيجي للشرق الأوسط” الاميركي في 2016، إن إحتلال تنظيم داعش لأجزاءٍ من العراق دام أطول ممّا تصوّره معظم المحلّلين والمسؤولين في البداية.. وكان الحل، بحسب العديد من صانعي القرار في الغرب، تمكين سنة العراق للإنخراط مجدّداً مع الحكومة المركزية – على غرار الصحوة السنّية التي أطاحت من سبق تنظيم داعش، أي “القاعدة” في العراق، خارج المناطق نفسها، أي أنه وجدت الضرورة بأنه لا تحرير لكامل الأراضي العراقية إلا بالإستعانة بأهل الأرض أنفسهم ودعم المكون السني بصورة كاملة.

العشائر السنية تنتظر
وتشير الدراسة إلى أن “العبادي” لم يُقنع العديد من سُنّة العراق أنه يستطيع أن يقدّم شيئاً مختلفاً عن سالفه، “نوري المالكي”، الذي ساهمت سياساته في إقصاء السنّة من الدولة ومن العملية السياسية، وخاب أمل سُنة العراق في إحتكار بعض النُخب الشيعية السلطة، وفي عدم معاقبة الميليشيات الشيعية ذات الإعتبارات الطائفية، وهي جزء من قوّات الحشد الشعبي.

ومن أهم الضمانات التي طرحت لمشاركة العشائر السنية بأبنائها في القضاء على داعش من كامل الأرض هو الحديث عن تقاسم السلطة، وإستقلالاً محلّياً أكبر، وقواتٍ شبه عسكرية تحت قيادة الحرس الوطني، وعفواً محدوداً ومرتبطاً بإعادة الدمج السلمي، والجهود في الحكم ضمن ميليشيات.

ولمن لا يعرف، فإن الصحوة هي تجمعات عشائرية عراقيّة سُنّيّة أنشئت بعد الإحتلال الأميركي للعراق، لمواجهة تنظيم القاعدة في البلاد وإيقاف الفتنة الطائفية التي عصفت بالعراق.

كان الهدف الرئيس مواجهة تنظيم القاعدة في مناطق وجودهم، خاصة منذ إعلانهم دولة العراق الإسلامية. وكانت البداية الأولى لظهور مجالس الصحوة في أواخر 2006 في محافظة الأنبار غرب العراق التي تعد أكبر محافظة سنية، ومنها انطلقت فكرة المجالس إلى محافظات أخرى مثل محافظة ديالى ومحافظة صلاح الدين ونينوى.

وفي بغداد تأسست مجالس للصحوة في مناطق مثل “الدورة، والعامرية، والسيدية، والخضراء، واليرموك، والمنصور، والجامعة، والغزالية، والأعظمية، والفضل، ومناطق حزام بغداد الشمالي، والجنوبي والغربي”، وهي مناطق يغلب عليها الطابع السني، وانتشرت هذه المجالس بشكل ملحوظ بعد ذلك في مختلف أنحاء العراق، ليصل عدد منتسبيها إلى ثمانين ألف مقاتل، يشكل السنة فيهم نسبة 90% والباقي من الشيعة.

عودة أميركا
قوات الإحتلال الأميركي أمدت مجالس الصحوة بالمال والسلاح، سواء بطريقة مباشرة أو عبر الحكومة العراقية، وقد برر الجيش الأميركي ذلك بوحدة الهدف المشترك الذي يجمعه وهذه المجالس، خاصة ما يتعلق بمحاربة تنظيم القاعدة. ونجحت مجالس الصحوة إلى حد كبير في تقليل نفوذ القاعدة واستئصالها، واستطاعت طرد أعداد كبيرة من المنتمين لهذا التنظيم الذين كانوا يتخذون من هذه الأماكن مأوى لهم، وربما حان الآن وقت إستدعاء أميركا لرجالها السنة لمواجهة تمدد نفوذ إيران على الأرض وبدء مرحلة جديدة من إدارة الطاولة.

الآن وبعد هذه السنوات من استخدام عناصر الصحوة، هل تقبل العشائر السنية أن تعود مهمشة كما حدث في عهد المالكي؟.. هل تسمح أن ينزع منها السلاح والنفوذ؟.. هل يصل الأمر إلى المطالبة بإقليم مستقل إذا ما شعرت بأنها هي من في المواجهة بعد القضاء على داعش؟.. هل ترى العشائر أن العبادي قادر على تلبية طموحاتها وأن قراره من رأسه؟

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب