خاص : ترجمة – محمد بناية :
أعلنت “الولايات المتحدة الأميركية”، للمرة العاشرة، مقتل “أبوبكر البغدادي”، ولم تقدم كالعادة أي دليل موثق. وتذرعت “الولايات الأميركية” بتفجير “البغدادي” نفسه وعائلته؛ لعدم عرض صور جثة “البغدادي”.
وأدعوا أنهم توصلوا، من خلال اختبارات الحمض النووي، إلى حقيقة مقتل “أبوبكر البغدادي”. وهي تشبه إلى حد كبير المسلسلات التركية التي تلجأ باستمرار إلى اختبارات الحمض النووي. بحسب وكالة (أسبوتنيك) الروسية.
شكوك حول الرواية الأميركية..
ويتساءل البعض: إذا كانت الأوساط الاستخباراتية الأميركية دقيقة إلى هذا الحد وتمتلك الحمض النووي للجميع، فكيف وصل “البغدادي” وأسرته إلى “إدلب” السورية ؟..
لعل الأميركيون يريدون القول: لو أن القطة لا تمتلك أكثر من سبعة أرواح، إلا أن المرة السابعة فعالة كذلك. ويعتقد البعض أن الأميركيون يصنعون علامات تجارية من عناصرهم، مثل “أبوبكر البغدادي” و”أسامة بن لادن”، ثم تقوم بتغير سماتهم بواسطة جراحات الوجه البلاستيكية وهم يعيشون حاليًا في “الولايات المتحدة” أو إحدى الجزر الهادئة، في حين تعلن الإدارة الأميركية مقتلهم.
ولك أن تنتبه إلى أن الأميركيون أعلنوا مقتل “أسامة بن لادن”، لكن دون عرض جثته، وقالوا إنهم ألقوا بها في البحر حتى تأكل القروش جثته، وكذلك أعلنوا أن “البغدادي” قُتل، لكن دون عرض جثته أيضًا وأعلنوا أنه فجر نفسه، وكلها ملاحظات جديرة بالتأمل.
قتل الزعيم لا يعني إنتهاء التنظيم..
ويدور موضوع المقالة عن إمكانية إنتهاء تنظيم (داعش)، في حال كان “أبوبكر البغدادي” قد مات بالفعل. الحقيقة إن هذا التصور واهي جدًا. فلو كانت (القاعدة) قد إنتهت بموت “أسامة بن لادن”، أو إنتهاء تنظيم (داعش) بوفاة، “أبومصعب الزرقاوي”، مؤسس التنظيم، لأمكننا تصور إنتهاء التنظيم بوفاة “أبوبكر البغدادي”.
وبموجب كل الدراسات المتعلقة بالتنظيمات الإسلامية؛ يمكنك القول: إن سبب كينونة (داعش) أو (القاعدة) يكمن في توفر البيئة الاجتماعية الحاضنة لتلكم التنظيمات. إن سبب نجاح (داعش)، في بعض المناطق السورية والعراقية، هو في توفر البيئة الاجتماعية الحاضنة للفكر الداعشي، وذلك لأن الكثير من سكان هذه المناطق يعيشون حياة قبلية تعتنق الفكر الداعشي، ولا يرغبون في تغيير أسلوب حياتهم.
وكان من البديهي، بعد الهجوم الأميركي على “العراق” ومقتل عشرات الآلاف، أن ينهض الكثير من ذويهم استنادًا لأسس الحياة القائمة على انتقام العشيرة للمطالب بدماءهم.
كذلك فالكثير من أعضاء الجيش العراقي السابق والمنظمات الأمنية و”حزب البعث” تحتاج إلى ملجأ وما من ملجأ أفضل من القبائل والعشائر. كل هذه الأحداث ساهمت في تشكيل تنظيم (داعش)، ورغم تطهير المناطق التي سيطر عليها التنظيم، لكن ما تزال المجالات الاجتماعية الحاضنة للفكر الداعشي موجودة؛ ولن يمكن القضاء على التنظيم طالما لاتزال هذه المجالات قائمة.
في انتظار “داعش” جديد..
وعلى العموم؛ فقد نجح تنظيم (داعش) باختراق مناطق العرب السُنة في “العراق ولبنان وسوريا”، ويمكن القول إن بمقدور العشائر، نظرًا لمعرفتهم الدقيقة بممرات هذه المناطق، مساعدة التنظيم على الانتقال بين شرق وغرب “سوريا”.
وعليه؛ يمكن القول: لايزال الفكر الداعشي قائم وسيبقى بعد (داعش)، وقد يظهر مجددًا باسم (داعش) أو أي اسم آخر، ولكن لن تحده هذه المرة أي منطقة وسوف ينتشر في المناطق السورية والعراقية المختلفة.
والمؤكد لو أن “الولايات المتحدة” قتلت بالفعل زعيم التنظيم، فسوف نشهد سريعًا عمليات انتقامية ضد القوات الأميركية بالمنطقة، وإلا يمكن الجزم أن التصريحات الأميركية لا تعدو مجرد الأكاذيب وأنهم يريدون بناء (داعش) جديد بمتطلبات جديدة؛ وهو ما حدث من متابعتنا لظهور دواعش جدد في المظاهرات العراقية الأخيرة، وهو ما أجبر الحكومة العراقية على الاستفادة من عناصر “مكافحة الإرهاب” بدلاً من عناصر “مكافحة الشغب”.