خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة قد تستهدف حلاً لأزمة “الاتفاق النووي” مع “إيران”، ألغت “الولايات المتحدة الأميركية”، مساء يوم الخميس، إعلان الرئيس السابق، “دونالد ترامب”، إعادة فرض كل عقوبات “الأمم المتحدة” على “إيران”.
وأبلغ “ريتشارد ميلز”، القائم بعمل السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، “مجلس الأمن الدولي”، بأن بلاده سحبت تأكيد إدارة الرئيس، “ترامب”، بإعادة فرض كل “عقوبات الأمم المتحدة” على “إيران”، في أيلول/سبتمبر 2000. وذلك بحسب وكالة (رويترز).
وفي وقت سابق من يوم الخميس، أبلغ وزير الخارجية الأميركي، “آنتوني بلينكن”، “بريطانيا وفرنسا وألمانيا”، بأن “الولايات المتحدة” مستعدة للتفاوض مع “إيران”، بشأن عودة البلدين للإلتزام بـ”الاتفاق النووي”، الموقع عام 2015.
ونقلت وكالة (رويترز)، عن مصدر دبلوماسي فرنسي؛ أن “الولايات المتحدة” وجهت رسائل حول استعدادها للتفاوض مع “إيران”، خلال الاجتماع المرتقب لمجموعة (5+1).
تعكس التغيير في الإدارة الأميركية..
صحيفة (التلغراف) البريطانية، ذكرت في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، أمس الجمعة – أن هذه الخطوة تعكس التغيير في الإدارة الأميركية، حيث شدد وزير الخارجية الأميركي، “آنتوني بلينكن”، على موقف الرئيس، “جو بايدن”، بشأن استعداد “واشنطن” للعودة إلى الاتفاق إذا إمتثلت “طهران” بالاتفاق تمامًا.
إلا أن “إيران” ردت بفتور على الفكرة التي طرحها “بلينكن”، خلال اجتماع بالفيديو مع وزراء خارجية: “بريطانيا وفرنسا وألمانيا”.
ونقلت الصحيفة البريطانية، عن بيان مشترك صادر عن الدول الأربع: “إذا عادت إيران إلى الإمتثال الصارم لإلتزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن الولايات المتحدة ستفعل الشيء نفسه، وهي مستعدة للدخول في مناقشات مع إيران لتحقيق هذه الغاية”.
على واشنطن اتخاذ الخطوة الأولى..
وأشارت إلى أن “إيران” بدأت في خرق الاتفاق، عام 2019، بعد نحو عام من انسحاب الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، من “الاتفاق النووي”، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية وزادت وتيرة انتهاكاتها، خلال الأشهر الأخيرة.
وردًا على بيان الدول الأربع، قال وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، إن على “واشنطن” اتخاذ الخطوة الأولى.
وكتب “ظريف”، في تغريدة على (تويتر): “بدلاً من السفسطة وإلقاء العبء على إيران، يتعين على مجموعة الدول الأوروبية الثلاث؛ ﺗﻨﻔﻴﺬ إلتزاماتها والمطالبة بإنهاء إرث ترامب، المتمثل في الإرهاب الاقتصادي ضد إيران”، على حد وصفه.
وسبق أن أشار “ظريف” إلى انفتاحه على المحادثات مع “واشنطن” والأطراف الأخرى؛ بشأن إحياء الاتفاق.
إنجاز مهم للدبلوماسية..
فيما صرح الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، مساء الخميس، بأن “الاتفاق النووي”؛ هو إنجاز مهم للدبلوماسية متعددة الأطراف، مؤكدًا أنه لا ينبغي أن نسمح بذهاب هذا الاتفاق هدرًا بسهولة.
وأفادت وكالة (إرنا)، بأن تصريح “روحاني”، جاء خلال اتصال هاتفي، مع رئيس المجلس الأوروبي، “شارل ميشيل”، بحثا فيه آخر تطورات “الاتفاق النووي” مع “إيران”.
وشدد “روحاني” على أهمية دور “المجلس الأوروبي” في تحديد التوجهات السياسية العامة ورسم أولويات “الاتحاد الأوروبي”، قائلاً: إن “الاتحاد الأوروبي”، بصفته لاعبًا مهمًا في الساحة العالمية، ينبغي أن يؤدي دورًا مناسبًا في مواجهة الأحادية الأميركية.
واعتبر الرئيس الإيراني، “الاتفاق النووي”، إنجازًا مهمًا للدبلوماسية متعددة الأطراف، موضحًا أن مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، بصفته المنسق لـ”الاتفاق النووي”، يمكنه أن يلعب دوره في رسم الخطوات.
صفقة جديدة مع إيران..
ويأتي ذلك؛ بينما حث مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، “جون بولتون”، رئيس الوزراء البريطاني، “بوريس غونسون”، على قيادة صفقة جديدة مع “إيران”، وشكك في جدوى العودة إلى “الاتفاق النووي”.
وقال “بولتون” – في مقال كتبه لصحيفة (التلغراف) البريطانية – إن العالم تغير بشكل كبير منذ انسحاب “أميركا” من “الاتفاق النووي”، عام 2018. واتهم “البيت الأبيض” بالفشل في فهم الواقع الجديد في المنطقة. مضيفًا أن حماسة “إيران” الإيديولوجية تظل على توهجها … وإدارة “بايدن” لا تفهم هذه النقطة.
وتابع قائلاً: إن “حكومة غونسون ستؤدي لنفسها ولبايدن؛ خدمة كبيرة من خلال التفكير بطريقة إستراتيجية بشأن إيران، وليس مجرد تكرار أخطاء الماضي”. معتبرًا أن رغبة “بايدن”، في العودة إلى “الاتفاق النووي” مع “إيران”، كارثة للشرق الأوسط، وأنه لابد لـ”غونسون” أن يشير عليه بطريق آخر.
خطوات فارغة..
تعليقًا على ذلك التطور، قال “محمد غروي”، المحلل السياسي الإيراني، إن: “هذه الخطوة وغيرها من الخطوات التي يقوم بها بايدن؛ ما هي إلا خطوات فارغة المضمون وليست هي المطلوبة إيرانيًا، ما تطلبه طهران يُعد أمرًا واضحًا وصريحًا، لكن الإدارة الأميركية تحاول المراوغة في تحركاتها السياسية، لإيهام العالم بأن أميركا تراجعت واتخذت خطوات جدية، لكن إيران هي من تعرقل التفاوض”.
مضيفًا، في تصريحات لموقع (سبوتنيك) الروسي، أن: “الحقيقة عكس ذلك، إيران منذ بداية خروج إدارة ترامب، من الاتفاق النووي، وكان كلامها صريحًا وواقعيًا، وهو عودة أميركا للاتفاق النووي ورفع العقوبات التي فرضتها على طهران، ولا تزال تطالب بهذه الخطوات منذ 5 سنوات”.
وتابع: “ما تقوم به أميركا، سواء بهذه الخطوة أو بخطوات أخرى؛ لن تنفع في هذا الصدد، يمكن أن تعطي جوًا إيجابيًا، لكنها لن تحل المشكلة، العودة للاتفاق سهلة لأميركا، لكنها تريد العودة لمفاوضات تشمل مواد وشروط جديدة كالصواريخ، أو موضوع النفوذ الإيراني في المنطقة، وهي شروط لا تقبلها إيران”.
واستطرد: “ما زالنا بعيدين عن الاتفاق النووي وعودة أميركا للاتفاق، ونحن أمام مرحلة عض أصابع لإجبار إيران على الدخول في مفاوضات جديدة على اتفاق أوسع وأشمل”.
وأكد أن: “إيران، التي كانت ترفض هذه الشروط رغم الظروف والعقوبات في حقبة ترامب، هي نفسها الآن ترفض أيضًا ما تسمى بسياسة تخفيف الضغوط على إيران، المجال بات واضحًا أمام كل الأطراف وعلى أميركا أن تعمل على حل الأزمة لا على المراوغة والكذب والتدليس”.
قد تتخذ مواقف رمزية..
فيما قال الدكتور “عماد إبشناس”، المحلل السياسي الإيراني، إن: “طلب تفعيل بند الزناد في الاتفاق النووي، الذي طالبت به الإدارة الأميركية بقيادة، دونالد ترامب، تم رفضه من قِبل مجلس الأمن”.
مضيفًا أن: “إلغاء الولايات المتحدة الأميركية، إعلان ترامب، فرض كل عقوبات الأمم المتحدة على إيران، كانت خطوة محروقة من الناحية العملية، وهذه الخطوة رمزية لا أكثر، مجرد مراوغة أميركية”.
وتابع: “بالنسبة لإيران؛ هي تريد خطوات عملية كي تقابلها بخطوات عملية أخرى، وسبق أن أعلنت عن هذه الخطوات المطلوبة، وإلا فإن إيران سوف تتخذ مواقف رمزية فقط هي الأخرى”.
فشل سياسة إيران..
الخبير في الشؤون الإقليمية، “ناجي الزعبي”، اعتبر أن سياسة الضغوطات، التي مارستها الإدارات الأميركية المتعاقبة، ضد “إيران”، أثبتت فشلها، ولم يتبقى أمام “واشنطن” إلا إدراك أن سياساتها لم تفشل فقط مع “إيران”، بل زادتها قوة.
مشيرًا إلى أن سياسة “العقوبات الأميركية”، ضد “طهران”؛ أضرت بالمصالح الأوروبية وبعلاقات “واشنطن” مع “روسيا” و”الصين”، وبعض حلفاءها الغربيين، فضلاً عن فشلها في إرغام “إيران” على التفاوض تحت سقف العقوبات.